بقلم/ عبدالرحمن الراشد
حركة «حماس» ليست حالةً استثنائيةً في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ولو كانَ التباهي بالعمليات فإنَّ تنظيماتٍ فلسطينيةً أخرى قد سبقتها وأذهلت زمنَها بعمليات لم تقلّ ضخامةً، الفارق أنَّ وسائلَ التصوير كانت محدودةً، ونوافذَ الإعلام مغلقة.
«الفتح الثوري»، المعروفة باسم قائدها «أبو نضال»، قتلت نحو ألفي شخص في عشرين بلداً، خطفت طائراتٍ وسفناً، واغتالت سياسيين.
أبو نضال والشعبية اندثرا في سوريا والعراق، أمَّا حركة «فتح» فمستمرة وصارت على أرضها الفلسطينية. كان نشاطُها الحركي والمسلّح جزءاً من مشروعٍ وطني سياسي. أمَّا أبو نضال فقد انتهى بندقية عند «البعث» العراقي، وحبش تابعاً لـ«البعث» السوري.
«حماس» قد لا تنجو بعد هجماتِ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الكبيرة. وأتصوَّر أنَّ قيادة الحركة كانت تدرك ذلك، عندما اعتمدت مشروعَ الهجوم؛ لأنَّ الصراعَ عادةً محكومٌ بميزان الخسائر. ولم يكن ينقصُ «حماس» في الماضي المتطوعون المتدربون على القتال، مع هذا كانت العمليةُ لا يتجاوز عددُ منفذيها أصابعَ اليدين فقط. كان التوازن جزءاً من حسابات الصراع الذي يتحمَّله ويتعايش معه الطرفان. كذلك، إسرائيل، رغم كثرة الاشتباكات الصغيرة، لا تهاجم «حزبَ الله» تقريباً إلا بعد كل عقد من الزمن، عندما ترى أنَّ قدراتِه البشريةَ والتسليحية قد نَمَت بما تعتبره خطراً عليها.
لا تحسم محطات الصراع الميليشيات المسلّحة، ومهما تردَّد صداها في العالم سرعان ما يطويها النسيان. السلطة الفلسطينية، عندما كانت «منظمة التحرير»، بقيادة «فتح»، عاشت في المنافي وأدارت الشأنَ الفلسطيني سياسياً وعسكرياً واجتماعياً. بعد نفيها من بيروت، عادت عبر مؤتمر مدريد، ثم تحوَّلت إلى سلطةٍ شرعيةٍ عبر «اتفاق أوسلو»، وعلى ترابِها الموعود، الضفة الغربية. اليوم قد تكون الأمل عند الإنسان الفلسطيني الذي يريد الاثنين؛ إنقاذ وضعِه المعيشي اليومي الصعب، ودولة فلسطينية مستقلة.
الإسرائيليون يرفضون بذريعة أنَّ السلطة عاجزة عن أن تتحمَّلَ مسؤوليتَها، وأنَّ قيادتَها، «أبو مازن» ورفاقَه، قد شاخوا، وليسوا بكفاءة كبارِ قياديي المنظمة الراحلين. في المقابل، يمكننا القولُ، إسرائيل خَلَت من أمثال القادة التاريخيين؛ رابين. رئيس الوزراء الحالي، نتنياهو، ينظر إليه كثير من الإسرائيليين كشخصيةٍ فاسدة وانتهازية، ولم يكن شريكاً في السلام في كل المساعي السابقة. وهو من أجلِ إنقاذ نفسِه من السجن يعيش في صراعٍ مع منافسيه ورفاقه في الحزب.
المنطقة أمام أزمة في غايةِ الخطورة، قد تكبر وتتَّسع. إضافةً إلى غزة، قد يطول الدمار الضفة، وتنشب حربٌ في لبنان، وربَّما تمتدّ النيران إلى أبعد من ذلك جغرافياً، ولفترة طويلة.
أرى شبهاً بين هذه الحرب وحرب بيروت عام 1982 عندما غزاها شارون، بعد محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن، المفارقة أنَّ الفاعلَ كان من جماعة «أبونضال»، واتّهمت بها دمشق. لكن الذي دفع الثمنَ كانت «منظمة التحرير»، أجبرها الإسرائيليون على الرحيل إلى تونس والسودان واليمن. عملياً انتهت «فتح» كحركة نضال مسلّح.
العمليات والتصريحات الإسرائيلية تقول إنَّها تنوي التخلّص من التنظيم ومعظم مسلّحي «حماس»، بما في ذلك إخراجهم من القطاع عبر مصر.
شمالاً، من المستبعد أن يتورَّط «حزب الله» في الحرب؛ لأنَّ ذلك سيعني عودة الجيش الإسرائيلي إلى جنوب لبنان. يعي أن تدميرَ قدراتِه سيُضعفه في سوريا، التي أصبحت أكثرَ أهمية له عسكرياً وسياسياً، وقد يفقد هيمنتَه الكاملة على لبنان نفسه.
نعود ونتساءل: لماذا نفّذت «حماس» هذا الهجومَ الضخم، أو كما يسميه البعض «11 سبتمبر الإسرائيلية»؟ هل هو عملية انتحارٍ جماعية أم حسمٌ لمأزق توازن القوة؟ «القاعدة» بعد هجماتِها تحوَّل أفرادها من تنظيم يحكم دولةَ أفغانستان إلى العيش في الكهوف، وانتهى بابن لادن مختبئاً في باكستان، وأولاده في إيران. لكن «القاعدة» تختلف عن «حماس»، إن مشروعها كان دولة الخلافة، فانتازيا تاريخية، لا محلّ لها في العصر الحديث، في حين أنَّ المشروع الفلسطيني حقيقي وله أملٌ كبير.
مع هذا، نحن أمام فرصةٍ سانحة، كما قال تشرشل في «الأمم المتحدة»، بعد دمار الحرب العالمية الثانية: «لا تدَعوا الأزمات تذهب سُدى».
«حماس» اختارت هذا الطريق. وإسرائيل قرَّرت تغييرَ واقع غزة بالقوة وإنهاء «حماس». وكلا الطرفين لن يحسم الصراع، لن تحرر «حماس» فلسطين بطائراتها الشراعية، ولن يقضي نتنياهو على عزيمة الفلسطينيين في إقامة دولتهم.
نقلاً عن الشرق الاوسط
المصدر: سام برس
إقرأ أيضاً:
مع الهندى كرت كانت في الدامر
كرت(بكسر الكاف) كانت قولابداس دوشي هندى/ هندوسي من أعمدة وأعلام مدينة الدامر ذهبت إليه في دكانه العتيق -تاج محل – بالسوق القديم أبحث عن نظارة قراءة فكانت هذه الموانسة
——-
(١)
اسكن الدامر منذ عقود واشتريت فيها بيت وبعد هذا العمر لن اذهب الى اي مكان فالجيران هنا أصبحوا لنا أهل
(٢)
اعمل في هذا الدكان منذ سنين طويلة -نظر للسقف -المروحة هذه مدورة منذ أكثر من أربعين سنة وانا ماكل وشارب منه وفي ثقافتنا ما تغير العتبة البخيتة -!
(٣)
نعم اذهب للهند زيارات في المناسبات ونحن من قجرات واغلب هنود السودان منها وجاءوا في الأصل تجار وصاغة ولهم تاريخ طويل في سواكن تشهد له اقفال (طبل)الدكاكين القديمة الضخمة
(٤)
كثيرة هي المشتركات بين الهند والسودان في الثقافة والعادات مثل الزي -العراقي والسروال خاصة عند الرعاة والثوب الأبيض عند المرأة الكبيرة وتفاصيل المطبخ واستخدامات الزينة مثل الحنة والمحلب والصندل
(٥)
بالنسبة للهنود المهاجرين مافي مثل السودان والسودانيين الناس قلوبها بيضاء وكريمة
وانا مثلا لم اذهب المحكمة إلا مرة واحدة شاهد وكل من رآني فيها اول مره استغرب!
(٦)
نعم عندى صداقات كبيرة في الدامر واغلبهم للأسف رحلوا رجال مثل عبدالله طالب الذي كان عمدة حقيقي وعمنا النجار الذي اشتهر بشنبه الكبير وفاروق النجار وعمر ابراهيم نصار وبابكر عوض درملي وأحمد عبدالله حسن ومجذوب وعزالدين برسي وعلى المطبعجي وأولاده وعوض الكريم خالد والشيخ الاحمدى
(٧)
انا هندوسي ولكن الله واحد وعندي مثل كل هنود وأهل الدامر عقيدة في الشيخ المجذوب واذكر أن رجل صالح في الهند قال لي عندكم رجل صالح في بلدكم بالسودان- يقصد المجذوب -عليكم بزيارة ضريحه هو والشيخ قمر الدين وكانت زوجتى قبل ذلك لا تزور الشيخ المجذوب ولكنها أصبحت مواظبة على زيارته وانا احتفظ ببركة من تراب الشيخ المجذوب في دولابي
(٨)
هنود الدامر الذين يأتون من امريكا وكندا وأوروبا وغيرها يحرصون على زيارة الشيخ المجذوب وله معنا كرامات كثيرة
(٩)
نعم نحن هندوس وعندنا بيت لله في ام درمان وفي غيره نمارس العبادة في بيوتنا
(١٠)
ولدى ينيش أسلم وتزوج مسلمة في الدامر وقلت له خليك معانا في البيت ناكل سواء وكل واحد يعبد لوحده والحمدلله حافظت عليه وعلى الأسرة
(١١)
استأذنت العم كرت للحاق بمباراة السهم -الدامر وهلال كريمة وسألته في الختام عن فريقه بالدامر فقال لي أنا بشجع السهم موت منذ أن كنت صبي -قالها وقد قام من مجلسه وهو يتخير أفضل عطر وبخور هندى ويهديه لي وقد بلغت منى المشاعر الحنجرة وانا أطالع جغرافيا وتاريخ بلدى في وجه هذا الرجل الهندى الأصل الهندوسي الديانة المجذوبي الطريقة والسهمابي موت!!
بكري المدنى