الأسطول الأمريكي يتعاظم في البحر المتوسط.. ماذا بعد؟
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
شرح القائد الأعلى الأسبق لحلف شمال الأطلسي الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس أسباب توجه السفن الأمريكية إلى الحوض الشرقيّ للبحر الأبيض المتوسط واختصاص القوات التي تحملها على متنها. وكتب في شبكة "بلومبرغ" أنه بعد أيام على وصول أسطول أمريكي إلى قبالة سواحل إسرائيل، انطلقت من الكويت الخميس وبشكل عاجل ثلاث سفن حربية أخرى ووحدة من مشاة البحرية في الاتجاه نفسه ويمكن أن تصل إلى هناك بحلول منتصف الأسبوع المقبل.
وبما أن هناك بالفعل تركيزاً هائلاً للقوة النارية المتمركزة حول حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية يو أس أس جيرالد فورد، تثير القوات الإضافية تساؤلات حول القدرات التي ستكون متاحة وكيف يمكن استخدامها في حرب غزة.
خطر حقيقي
السبب الرئيسي للنظر في الإسراع بها إلى موقع الأزمة هو وجود عدد كبير جداً من المواطنين الأمريكيين في منطقة حرب. يوجد ما يقرب من 200 ألف أمريكي في إسرائيل ومعظمهم من مزدوجي الجنسية. وبالإضافة إلى احتمال الوقوع في مرمى النيران المتبادلة بين إسرائيل وحماس في الجنوب، ثمة خطر حقيقي للغاية يتمثل في نشوب صراع أوسع نطاقاً إذا قرر حزب الله، بضوء أخضر محتمل من إيران، الانضمام إلى القتال من الشمال.
زسترغب الإدارة بما هو أكثر من القوة القتالية المباشرة للمجموعة الهجومية التي تقودها حاملة الطائرات يو أس أس جيرالد فورد. قد يفسر ذلك سبب صدور أوامر للسفن الحربية ومشاة البحرية بوقف التدريبات التي كان من المقرر أن تستمر حتى 22 أكتوبر (تشرين الأول) بسبب ما أسماه البنتاغون "أحداثاً ناشئة".
‼️???????????????????????????????? The second American aircraft carrier with its strike group has set sail for the eastern part of the Mediterranean Sea.
USS Dwight D. Eisenhower with 8,000 sailors, 4 ships, and 70+ aircraft will join "Gerald Ford." pic.twitter.com/p3RIuifeyd
سفن أخرى
إن يو أس أس باتان التي يبلغ وزنها 40 ألف طن وطولها أكثر من 800 قدم (244 متراً)، هي نسخة أصغر من حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية. مع دفع تقليدي، هي تتمتع بجناح هوائي قوي يتضمن عادة ست مقاتلات هجومية من طراز أف-35 ذات قدرة على الإقلاع العمودي، إلى جانب عشرات من مروحيات الدعم الهجومي من طراز أم في-22 أوسبريز لإيصال مشاة البحرية بسرعة إلى الشاطئ خلال أزمة.
تمتلك السفينة أيضاً أنظمة دفاع صاروخية ذات قدرات كبيرة ورادارات مراقبة وطاقم يزيد عن 1200 بحار. ثمة منشأة عمليات طبية وجراحية كاملة، إلى جانب مساحة لاستيعاب ما يقرب من 2000 عنصر من مشاة البحرية. لقد تولى ستافريديس قيادة هذه السفن كقائد لحلف شمال الأطلسي وسابقاً في القيادة الجنوبية للولايات المتحدة، حيث استخدمتها أمريكا في الدبلوماسية الطبية في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ولكن الغرض الحقيقي منها هو دعم مشاة البحرية في القتال كما أوضح.
يو أس أس كارتر هال هي أيضاً جزء من المجموعة البرمائية. إنها أصغر إلى حد ما حيث يبلغ وزنها 16 ألف طن وطولها 600 قدم (183 متراً)، لكنها تحمل مجموعة قوية من المركبات الهجومية البرمائية ومراكب الإنزال. السفينة الثالثة في المجموعة، يو أس أس ميسا فيردي، هي نسخة أحدث وأكبر من كارتر هال، ويبلغ حجمها نحو 25 ألف طن.
????JUST IN: A top U.S. military official confirmed that a group of American warships, including the USS Dwight D. Eisenhower, recently left Norfolk, Virginia.
They're heading to the Eastern Mediterranean, near Israel and Lebanon, to meet up with other ships from different… pic.twitter.com/RYzbam0HkS
القوة الهجومية الحقيقية
بالإضافة إلى الطائرات الهجومية الموجودة على السفن، القوة الهجومية الحقيقية هي وحدة مشاة البحرية السادسة والعشرون والتي تضم ما يزيد عن ألفي عنصر من مشاة البحرية. تم تصميم هذه الوحدة للعمليات الخاصة، من ضمنها عنصر كبير من المشغلين البحريين الخاصين الذين يشبه تدريبهم تدريب جنود البحرية نيفي سيل أو القبعات الخضراء.
وبشكل عام، تضم الوحدة ما يزيد عن ألفي عنصر من مشاة البحرية المدربين على القتال، ويتم تنظيمهم في كتيبة مشاة، وجناح جوي لنقلهم، ودعم لوجستي مدمج يوفر كل العناصر بدءاً بأنظمة تنقية المياه إلى الشاحنات التكتيكية الكبيرة وعربات الهمفي السريعة.
ومع وجود بضعة آلاف من مشاة البحرية في منطقة قريبة، ستشمل خيارات الرئيس تأمين المطارات للإجلاء العسكري والتجاري المستأجر للأمريكيين وحراسة نقاط تجميع المواطنين الذين يستعدون للإجلاء وتأمين القواعد الساحلية إذا أصبح الإجلاء الجوي خطيراً للغاية وتقديم الدعم الطبي في حالات الطوارئ.
Biden says the US is sending more fighter jets to the Middle East
U.S. Defense Secretary Lloyd Austin announced that he has ordered American military ships aircraft carrier to move closer to the eastern Mediterranean in response to Hamas unprecedented fronted attack on Israel pic.twitter.com/927PEgpE2D
إثارة للجدل
قبل كل شيء، يمكن لعناصر العمليات الخاصة في الوحدة السادسة والعشرين أن يكونوا جزءاً من عملية العثور على الرهائن الأمريكيين وإنقاذهم. ومن البديهي أن يتم هذا بالتنسيق الكامل مع القوات الخاصة الإسرائيلية، مع الإقرار بأن مثل هذه العمليات خطيرة بطبيعتها وغالباً ما تنتهي بنتائج مأسوية للرهائن الأبرياء. ومن المرجح أن تشمل القوات الخاصة الأمريكية من الدرجة الأولى، وقوات النخبة من البحرية والقبعات الخضراء العاملة على مستوى العالم من فورت ليبرتي في ولاية نورث كارولاينا.
سيكون كل هذا مثيراً للجدل من حيث احتمال نشر قوات أمريكية فعلية على الأرض وطائرات مقاتلة ومروحيات في السماء فوق القتال في غزة. لكن أعلى التزام على الرئيس هو حماية حياة الأمريكيين، وإذا تصاعدت الأحداث إلى مستوى أعلى من العنف في إسرائيل، فسيمنح وجود مشاة البحرية الأمريكية الإدارة خيارات أكثر وأفضل للرد. وختم ستافريديس: أرسِلوا مشاة البحرية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل من مشاة البحریة یو أس أس
إقرأ أيضاً:
عليّ وعلى أعدائي.. ما منطق حرب المسيرات عند حميدتي؟
مع بداية ربيع هذا العام، وتحديدا في مارس/آذار الماضي، كان الجيش السوداني قد دحر قوات الدعم السريع التابعة لمحمد حمدان دقلو (حميدتي) من الخرطوم. استعادت القوات المسلحة السودانية القصر الجمهوري، وكان هذا تكليلا لسلسلة من هزائم قوات حميدتي، والتي استمرت حتى بعد استعادة السيطرة على الخرطوم.
لكن هذا لم يعن أن حميدتي اعترف بالهزيمة بعد، فعلاقاته الإقليمية وتحالفاته القبلية العابرة لحدود السودان، والموارد التي يسيطر عليها وتمنحه قدرة مالية غير عادية، كلها مكنته من نقل الحرب في السودان إلى مرحلة جديدة وخطيرة، يمكن عنونتها بحرب الطائرات المسيرة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عدوى الانفصال.. لماذا ينقسم أرض الصومال إلى كيانين؟list 2 of 2تسجيل نادر يهز الأسطورة.. متى فاوض عبد الناصر إسرائيل في السر؟end of listفقد شرعت قوات الدعم السريع، التي هُزمت على الأرض، في استخدام الطائرات المسيرة في هجمات مكثفة غير مسبوقة على مناطق كانت تُعد آمنة سابقًا، الأمر الذي قد يغير من شكل الحرب الحالية، أو ينقلها لمرحلة جديدة، ربما تكون الأخيرة على الأرجح.
فما بين 4 و7 مايو/أيار الجاري، استمرت قوات الدعم السريع في قصف بورتسودان يوميًّا بالطائرات المسيرة. وقد أصابت هذه الطائرات أهدافًا في الشرق البعيد عن معاقلها، مستهدفةً مواقع إستراتيجية تتضمن خزانات وقود، ومستودع ذخيرة، وقاعدة عسكرية، ومحطة الكهرباء الرئيسية في المدينة، إضافة إلى المطار. تعد بورتسودان العاصمة الفعلية للحكومة السودانية على ساحل البحر الأحمر.
إعلانوقد تسببت بعض هذه الهجمات في حرائق هائلة وانقطاع في التيار الكهربائي في جميع أنحاء المدينة، مما أجبر السلطات على تعليق الرحلات الجوية لبعض الوقت كإجراء احترازي، مما اثار صدمة وسط السكان.
توسع الهجوملم يقتصر استخدام قوات الدعم السريع للطائرات المسيّرة على بورتسودان. ففي الأشهر الأخيرة، ومع إنهاء القوات المسلحة السودانية نفوذ قوات حميدتي وسط السودان، وجّهت تلك القوات مسيّراتها بشكل متزايد إلى البنية التحتية الحيوية التي تخدم السودانيين، فضلًا عن الأهداف العسكرية في العديد من المناطق التي استعادتها أو يسيطر عليها الجيس السوداني.
تتصرف قوات الدعم السريع باعتبارها مليشيا متمردة تستهدف مقدرات السودانيين إلى جانب نقاط قوة الجيش فقط. ومن أبرز الحوادث التي تدلل على ذلك ما حصل في سد مروي في يناير/كانون الثاني الماضي حينما قصفت مسيرات تابعة لقوات الدعم السريع أكبر سد كهرومائي في البلاد، مما أدى إلى إتلاف المحولات وانقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة من شمالي السودان.
يُنتج سد مروي ما بين 40% و60% من كهرباء السودان، لذا كان لتعطيله آثار فورية على المستشفيات ومحطات المياه والحياة المدنية في المناطق.
وبالمثل، في 25 أبريل/نيسان الماضي قصفت طائرات مسيرة محطة كهرباء عطبرة الفرعية في ولاية نهر النيل، وتسبب ذلك في اندلاع حريق كبير وقطع للتيار الكهربائي عن ولايتي نهر النيل والبحر الأحمر، وقد زاد ذلك من إجهاد السكان الذين يعانون بالفعل.
وبين أواخر عام 2024 ومارس/آذار 2025، سُجل ما يقرب من 50 هجومًا بطائرات بدون طيار على البنية التحتية والمواقع اللوجستية في شمالي السودان، وركز نحو نصف هذه الغارات على سد مروي ومطار دنقلا ومطار عطبرة.
تُسلط كل حادثة من هذه الحوادث الضوء على إستراتيجية قوات الدعم السريع الناشئة المتمثلة في استخدام الطائرات المسيرة لضرب مقدرات السودانيين والقوات المسلحة حتى تكون أقل جاهزية، ولإفقاد السودانيين الثقة في الجيش وقدرته على حمايتهم.
إعلانفمن خلال مهاجمة البنية التحتية الحيوية، مثل شبكات الكهرباء ومستودعات الوقود والقواعد النائية، تسعى قوات الدعم السريع إلى تقويض قدرة الحكومة المركزية على الحكم وشن الحرب، أو بمعنى أوضح، فإن الهدف هو جعل المناطق الامنة غير قابلة للحياة.
ومن ثم تهدف قوات الدعم السريع إلى إثبات أنه حتى لو سيطرت القوات المسلحة السودانية على مدن مثل الخرطوم أو بورتسودان، فإنها لا تستطيع تأمينها بالكامل من هذه الهجمات.
إذن، نحن أمام صورة من صور الحرب النفسية التي تهدف لزعزعة استقرار شرقي وشمالي السودان، وبالتالي تحاول قوات الدعم السريع أن تقول إنه حتى لو خسرت الخرطوم، فإن القوات المسلحة السودانية لا يمكنها الادعاء أنها انتصرت في الحرب.
أضف إلى ذلك جانبا آخر مهما، فبضرب المطارات والمستودعات البعيدة عن خطوط المواجهة، سعت قوات الدعم السريع إلى استنزاف دفاعات القوات المسلحة السودانية، وتقويض قدرتها على تعزيز أو إعادة إمداد القوات.
إلى جانب ذلك، تتناسب حرب المسيرات مع الوضع الحالي لقوات الدعم السريع. فبعد طردها من وسط السودان إلى قاعدتها الغربية، قد تجد صعوبة في شن عمليات تقليدية واسعة النطاق في الشرق. ولذلك تُتيح الطائرات المسيرة وسيلة لمواصلة العمل الهجومي عن بُعد، وبالتالي دخل السودان بالفعل مرحلة حرب المسيرات.
في النهاية، يُعدّ اعتماد قوات الدعم السريع على الطائرات المسيّرة اعترافًا بمحدودية قوتها البشرية وقدرتها الجوية مقارنةً بالجيش الوطني، في سعي لتوظيف التكنولوجيا لتحقيق التوازن في الصراع.
في الواقع، تُعطي المسيرات قوات الدعم السريع ضربةً بعيدة المدى لتعويض خسارتها للأرض، مما يسمح لها بإلحاق أضرار إستراتيجية، ونشر الخوف إلى ما هو أبعد من خطوط المواجهة التقليدية.
إعلانوبشكل أساسي، تستخدم قوات الدعم السريع ما يُعرف بالذخائر المتسكعة في هذه المعارك، وهي مسيرات صغيرة الحجم نسبيا، تحلق فوق منطقة الهدف، وحينما تجد فرصة تُوجّه إليه ضربة وكأنها قذيفة. هذه الطائرات بدون طيار منخفضة التكلفة نسبيًا، ويمكن استخدامها في أسراب منسقة.
وُصفت المسيّرات الانتحارية التي تستخدمها قوات الدعم السريع بأنها طائرات ذات أجنحة دلتا مزودة بمحركات مكبسية وهياكل صندوقية، وهو تصميمٌ مُحسّن لمهام الهجوم في اتجاه واحد، ولاحظ المحللون أن الإصدارات الحديثة من هذه الطائرات المسيرة المتسكعة تبدو ذات أشكال أو ميزات مُحسّنة (مثل بصمات رادار أصغر أو سرعة أعلى) تجعلها أكثر قدرة على اختراق الدفاعات الجوية.
تحمل كل طائرة مسيرة حمولة محدودة، لكن السرب المنسق يمكن أن يلحق أضرارًا جسيمة، كما حدث في هجمات بورتسودان والتي أشعلت النيران في خزانات الوقود وألحقت أضرارا بالبنية التحتية.
وإلى جانب ذلك، تستخدم هذه المسيرات بتكتيك عسكري واضح. في بورتسودان، على سبيل المثال، أطلقت قوات الدعم السريع موجةً أولى من 11 طائرة مسيرة انتحارية في هجومٍ سربي على قاعدة عثمان دقنة الجوية ومواقع أخرى.
أُسقطت معظم هذه الطائرات الصغيرة من قبل قوات الجيش، لكنها كانت بمثابة تشتيت تكتيكي، لأنه بينما كانت الدفاعات الجوية منشغلة بالتصدي للسرب، انطلقت هجمة ثانية بطائرةٍ مسيّرةٍ واحدة "إستراتيجية" أكبر حجمًا، والتي استطاعت اختراق التحصينات، وضربت الهدف ذا القيمة العالية في القاعدة العسكرية.
يسلّط هذا التكتيك، المتمثل في إغراق الدفاعات بمسيرات انتحاريةٍ متعددة قبل إرسال مسيرة أكثر فتكًا، الضوء على إستراتيجية الطائرات المسيّرة المتطورة نسبيا لقوات الدعم السريع.
إلى جانب المسيرات الانتحارية، رصدت طائرات مسيّرة قتالية أكبر حجمًا وبعيدة المدى يُعتقد أنها صينية الصنع، حيث كشفت صور الأقمار الصناعية في أواخر عام 2024 وأوائل عام 2025 عن وجود طائرات مسيّرة متطورة في مطار نيالا، الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع في جنوب دارفور.
إعلانوحدّد محللو الدفاع من مؤسسة "جاينز" هذه الطائرات المسيّرة، ووجدوا على الأرجح أنها من طراز "سي إتش-95" (CH-95) التابعة لشركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية، وهي طائرات متطورة قادرة على المراقبة والضربات الدقيقة على مسافات تصل إلى 200 كيلومتر أو أكثر، مع مدة تحليق من 6 إلى 12 ساعة، ومدى ارتفاع أقصى 7 آلاف متر، وسرعة الانطلاق أكثر من 200 كلم/ساعة.
يعني ذلك أن المسيرة متوسطة الارتفاع وطويلة الأمد، ويبلغ طول جناحيها حوالي 12 مترًا، وقادرة على حمل أنظمة استطلاع كهروضوئية نهارية وليلية، ورادار متخصص، وذخائر موجهة بدقة، ووسائل اتصالات، ومعدات حرب إلكترونية.
من الناحية الفنية، يمكن لهذه الطائرات المسيرة الأكبر حجمًا أن تحلق على ارتفاعات عالية لفترات طويلة وتحمل حمولة أثقل بكثير من ذخائر قوات الدعم السريع الانتحارية. على سبيل المثال، يمكن لطائرة بدون طيار من طراز "سي إتش-95" إطلاق قنابل موجهة أو صواريخ جو-أرض ضد أهداف نقطية، أو حتى استخدامها كقاذفة متسكعة لتنفيذ هجوم انتحاري بحد ذاتها.
يمنح مداها وقدرتها على التحمل؛ قوات الدعم السريع القدرة على ضرب البنية التحتية الإستراتيجية مثل مستودعات الوقود في بورتسودان أو شبكة مروي، دون الحاجة إلى وجود فعلي في مكان قريب. ومع ذلك، فإن تشغيل مثل هذه الطائرات المسيرة المتطورة يتطلب تدريبًا ودعما لوجستيا وربما خبرة خارجية، وهي عوامل تشير إلى التدخل الأجنبي في تعزيز برنامج الطائرات المسيرة لقوات الدعم السريع.
رد فعل الجيشيتعيّن على الجيش السوداني الآن تحويل وحداته المضادة للطائرات وأنظمة المراقبة لحماية البنية التحتية في قلب البلاد، مما قد يحد مما يمكن توفيره لهجمات الخطوط الأمامية في كردفان أو دارفور، وقد يُؤخّر هذا خطط شنّ هجوم كبير في غربي السودان الذي تسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من غرب السودان، وهو هدف القوات المسلحة السودانية بعد استعادة الخرطوم.
إعلانفي مواجهة تهديد مسيرات قوات الدعم السريع، لجأت القوات المسلحة السودانية بالفعل إلى التكيّف مع هذا التهديد من خلال دفاعات وتكتيكات خاصة بها لمواجهة الطائرات المسيرة.
على المدى القريب، ردت وحدات القوات المسلحة السودانية حول بورتسودان على هجمات مايو/أيار الجاري باستخدام نيران مضادات الطائرات لاعتراض وإسقاط العديد من الطائرات المسيرة القادمة.
ويرجح أن القوات المسلحة السودانية قد أعادت نشر أنظمة دفاع جوي قصيرة المدى (مثل المدافع المضادة للطائرات ووحدات الصواريخ المحمولة) في مواقع مُستهدفة مُحتملة في الشمال والشرق لتعزيز قدراتها على اعتراض الطائرات المسيّرة.
كما تُشير تقارير إلى أن الجيش يستخدم تدابير الحرب الإلكترونية، مثل تشويش الإشارات وأجهزة كشف الترددات الراديوية لتعطيل توجيه الطائرات المسيّرة.
إلى جانب الدفاعات الميدانية، اتخذت القوات المسلحة السودانية خطوات أوسع للتخفيف من خطر الطائرات المسيّرة. ومن بين هذه الخطوات توجيه ضربات استباقية لقواعد الطائرات المسيّرة التابعة لقوات الدعم السريع، إذ قصف سلاح الجو السوداني مرارا مطار نيالا الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع في جنوب دارفور، والذي يُعتقد أنه نقطة إطلاق أو تخزين بعض طائرات الدعم السريع الأكبر حجمًا.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية أن مطار نيالا تعرض لقصف متكرر في أوائل عام 2025، حيث أدت الغارات الجوية إلى تدمير مدارج الطائرات وحظائر الطائرات المبنية حديثًا والتي يُعتقد أنها تحتوي على مسيرات.
وفي أوائل فبراير/شباط الماضي، أفادت التقارير بأن غارة جوية شنتها القوات المسلحة السودانية على نيالا أسفرت عن مقتل العشرات وتدمير جزء كبير من البنية التحتية للمسيّرات الخاصة بالدعم السريع. ويُعد القضاء على الطائرات بدون طيار على الأرض أو اعتراضها قبل وصولها إلى أهدافها جزءًا أساسيا من إستراتيجية القوات المسلحة السودانية.
إعلانكما تستخدم القوات المسلحة السودانية أسطولها الخاص من الطائرات المسيرة في مواجهة التهديدات. وبفضل تزويدها بطائرات بيرقدار التركية، وربما طائرات مسيرة أخرى، يُمكنها إجراء عمليات مراقبة جوية لرصد أنشطة إطلاق طائرات الدعم السريع، بل ومحاولة إسقاطها أثناء تحليقها بصواريخ دقيقة يُمكن استخدامها ضد أهداف جوية بطيئة الحركة، مع أن دورها الرئيسي كان ضرب الأهداف الأرضية.
وخلال هجمات بورتسودان، أوقف الجيش مؤقتًا حركة الطيران المدني، وفرض مناطق حظر طيران لتجنب أي تصادمات عرضية ولإطلاق العنان للدفاعات الجوية في التصدي للطائرات المسيرة. يُؤكد هذا الإجراء التفاعلي على مدى جدية القوات المسلحة السودانية في التعامل مع التهديد فور ظهوره.
تطور قدرات الجيشيعني ذلك أن الجيش يطور من قدراته على مواجهة حرب السلاح المسير، والتي تعد بالأساس أحد اعترافات الدعم السريع بالهزيمة (عن طريق الضرب من بعد).
ومن الناحية الإستراتيجية، تخاطر حملة الطائرات المسيرة بتوسيع البعد الإقليمي للصراع، حيث لاحظ جيران السودان والداعمون الدوليون قدرة قوات الدعم السريع على ضرب مدينة ساحلية على البحر الأحمر.
ويحذر المحلل العسكري آلان بوسويل قائلاً لواشنطن بوست إن هذا تصعيد دراماتيكي يُوسّع النطاق الجغرافي والإستراتيجي للحرب، مضيفًا أن مثل هذه الضربات تعمّق التوترات الإقليمية بنقلها الحرب حرفيا إلى أبواب دول مثل المملكة العربية السعودية ومصر عبر البحر الأحمر.
في أسطورة شمشون الجبار، يقف البطل التوراتي على حافة الخراب أسيرًا بين أعدائه بعد أن سُلبت منه قوته. لكنه في لحظة غضب ويأس أخيرة، يستجمع آخر ما تبقى من جبروته ويدفع أعمدة المعبد ليسقطه فوق رؤوس الجميع.
هل تشبه قوات الدعم السريع في السودان، في جانب من سلوكها اليوم، شمشون وقد فقد بوصلته؟ ربما يمثل ذلك جانبًا من حرب قوات الدعم السريع بالمسيرات، فجزء مهم منها يضغط عن عمد على حياة السودانيين أنفسهم، وبعد أن تشكّلت قوات الدعم السريع، وبدأت الحرب قبل عامين بدعوى حماية الدولة والهوية، ها هي تضرب المدن والقرى.
إعلانوكأنها، بعد أن هُزمت واستُبعدت من مركز السلطة ويئست من العودة، قررت أن لا تبقي شيئًا ولا تذر، وكانت المسيّرات هي السلاح الذي استخدمته قوات حميدتي في محاولة منها لهدم المعبد على رؤوس الجميع، لكن سلوك الجيش السوداني في المقابل من ذلك يتطوّر بالتوازي مع شكل المعركة، ويتكيّف مع متغيراتها على الأرض، مما يعني أنه يدرك نوايا الدعم السريع، ويعمل على تحييدها.