الشرق الأوسط الجديد كذبة إسرائيل الدائمة
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
"الشرق الأوسط الجديد" كذبة إسرائيل الدائمة
لن تسلم أمريكا لإسرائيل مهمة إعادة تشكيل الشرق الأوسط، لأن ذلك من شأنه تفجير جميع الترتيبات التي كلفت أمريكا كثيرا.
تدرك أمريكا أن الشرق الأوسط الراهن مناسب لها وبذلت جهودا كبيرة لتحافظ على صورته الراهنة، وأنها قادرة على إدارته بأثمان بسيطة.
لم يعد الشرق الأوسط ملك يدها لكن أمريكا نفسها باتت مستنزفة بعد حروب فاشلة وتغيرات هائلة شهدها العالم في العقدين الأخيرين.
هل إسرائيل قادرة على خوض حرب طويلة وتحمّل أعداد كبيرة من الخسائر في صفوف جيشها؟ الجواب بالتأكيد لا، وذلك ما تراهن عليه المقاومة الفلسطينية.
يقصد نتنياهو التغيير الأيديولوجي، أي الشرق الأوسط الذي تشكل إيران مركزه، فهل الغرب مستعد لمواجهة معها؟ وما هي قدرات إسرائيل على تحقيق تحوّل كبير؟
صناعة أمريكا نخب متأمركة تتجاوز قضايا شعوبها جعل إيران وصيا شرعيا على قضايا المنطقة، هذا هو التغير الحقيقي بالشرق الأوسط وسيستمر بعيدا عن خزعبلات نتنياهو ويمينه المتطرف.
رؤية النخبة الإسرائيلية لشرق أوسط جديد لم تتحول لحقيقة صلبة، وهو إنهاء المقاومة، بل قامت على مؤشرات دعم من أمريكا وبريطانيا والغرب مما لا يؤسس شرق أوسط جديد بمقاس إسرائيل.
* * *
ما هو الشرق الأوسط الذي صرح نتنياهو بأنه سيغيره؟ جيوسياسيًا، تغير الشرق الأوسط كثيرا بسبب المشاريع الجيوسياسية العديدة التي اخترقته، وسياسيا، الشرق الأوسط في حالة سيولة نتيجة صراعات الفواعل الداخلية والخارجية وما نتج عنها من تغيير ديمغرافي واسع.
ومن المؤكد أن ما يقصده نتنياهو هو التغيير الأيديولوجي بالدرجة الأولى، أي الشرق الأوسط الذي تشكل إيران مركزه، فهل الغرب مستعد لمواجهة معها؟ والأهم من ذلك، ما هي قدرات إسرائيل على تحقيق مثل هذا التحوّل الكبير؟
في كل الحروب التي خاضتها إسرائيل، الصغيرة منها والكبيرة، حتى وإن لم تعلن، كان هدفها بالفعل خلق شرق أوسط يتناسب مع حساباتها وتصوراتها ومصالحها في السيطرة والبقاء، وحتى ضمن ما يسمى مشروع السلام الذي انتعش في تسعينيات القرن الماضي، كان الهدف تغيير الشرق الأوسط لا تغيير إسرائيل، لكن لا الشرق انصاع للرغبة الإسرائيلية، ولا إسرائيل قدمت ما يمكنه تسهيل حصول هذا التحوّل.
المؤكد أن النخبة الإسرائيلية الحالية تعتمد في رؤيتها للشرق الأوسط الذي ستقوم بتغييره على معطى لم يتحول حتى اللحظة إلى حقيقة صلبة، وهو إنهاء المقاومة في غزة، والأرجح أنه تم البناء على مؤشرات الدعم والإسناد التي تلقتها إسرائيل من أمريكا وبريطانيا، والدعم المعنوي من بقية دول الغرب، لكن ذلك لا يكفي بالفعل لتأسيس شرق أوسط جديد حسب مقاسات إسرائيل؛ لأسباب عديدة:
أولا: إذا كانت إسرائيل تستطيع من خلال قوّة النيران الهائلة تدمير أجزاء من غزة، فإن ذلك لا يعني بأي شكل من الأشكال القدرة على تحقيق السيطرة على القطاع، فذلك له حسابات مختلفة.
ففي التجربة السورية استطاعت فصائل المعارضة الصمود في داريا وشرق حلب لعدة سنوات، رغم فارق الخبرة والتنظيم ونوعية التسليح التي هي بالقطع لصالح المقاومة الفلسطينية، بالإضافة إلى مواجهة الفصائل السورية لخصم لا يتأثر بالخسائر البشرية في صفوفه، فهل إسرائيل قادرة على خوض حرب طويلة وتحمّل أعداد كبيرة من الخسائر في صفوف جيشها؟ الجواب بالتأكيد لا، وذلك ما تراهن عليه المقاومة الفلسطينية.
ثانيا: في ظل الصراع الدولي والاستقطاب الحالي، لن يكون من الصعب على المقاومة الفلسطينية إيجاد داعمين إقليميين ودوليين يرغبون في إغراق واشنطن وتل أبيب في مستنقع يستنزفهما طويلا، وقد تكون روسيا أو الصين.
ثم إن واشنطن نفسها واعية لهذا الاحتمال، لذا سيكون دعمها لإسرائيل ضمن حدود ومهل زمنية معينة، لأن من شأن انشغالها في حرب الشرق الأوسط منح روسيا فرصة عظيمة للتمدد في أوروبا، وفي حين أن واشنطن تستطيع ضمان تحقيق مكاسب من حرب خاطفة في غزة، أيا تكن نتائجها، فإن أي تراجع في أوروبا ستكون أثمانه الجيوسياسية مرتفعة على الغرب.
ثالثا: تدرك أمريكا أن الشرق الأوسط الراهن مناسب لها، وقد بذلت جهودا كبيرة لتحافظ قدر الإمكان على صورته الراهنة، وأنها قادرة على إدارته بأثمان بسيطة، صحيح أنه لم يعد ملك يدها، لكن أيضا أمريكا نفسها باتت مستنزفة إلى حد ما بعد حروب فاشلة وتغيرات هائلة شهدها العالم في العقدين الأخيرين.
وبالتالي فهي لن تسلم لإسرائيل مهمة إعادة تشكيل الشرق الأوسط، لأن ذلك من شأنه تفجير جميع الترتيبات التي كلفت أمريكا كثيرا لموضعتها في السياق الشرق أوسطي.
رابعا: ثمّة قاعدة ذهبية في الحروب، وهي أنه يمكن لطرف ما بدء الحرب ولكن لا يمكنه لا تحديد توقيت إنهائها ولا التحكم بمآلاتها، وبالتالي لا يستطيع أي طرف تحديد النتائج التي ستخلص لها الحرب ولا معرفة مكاسبه منها، مهما كانت قوته وأيا يكن الاختلاف في موازين القوى في الميدان.
وإسرائيل التي لا تستطيع تقدير حجم خسائرها في هذه المغامرة سيكون من المغامرة الحديث عن قدرتها على إحداث تحوّل في الشرق بالصورة التي تناسبها.
وبالعودة للنفوذ الإيراني الواسع في المنطقة، فقد تحقّق في جزء كبير عبر مساعدات، غير مباشرة أو مقصودة، من إسرائيل نفسها ومن الغرب، إذ أن محاولات أمريكا صناعة نخب متأمركة تتجاوز قضايا شعوبها بمنطقة مضطربة؛ حوّل إيران إلى وصي شرعي على قضايا المنطقة، وربما هذا هو التغير الحقيقي الذي أصاب الشرق الأوسط، وسيستمر بعيدا عن خزعبلات نتنياهو ويمينه المتطرف.
*غازي دحمان كاتب وباحث سياسي
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيران أمريكا إسرائيل نتنياهو الشرق الأوسط منطقة مضطربة طوفان الاقصى المقاومة الفلسطينية المقاومة الفلسطینیة الشرق الأوسط الأوسط الذی قادرة على ل إیران
إقرأ أيضاً:
تتويج بنك ظفار بجائزة "الأفضل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"
مسقط- الرؤية
توّج بنك ظفار بلقب "أفضل بنك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2025" من مجلة جازيت الدولية "Gazet International"، وهي مطبوعة دولية تعمل على توفير أحدث المعلومات والأخبار حول العالم، وتهتم بتكريم المؤسسات العالمية على إنجازاتهم في مختلف المجالات.
ولقد كرُم بنك ظفار من "Gazet International Global"نظرًا لإسهاماته البارزة في القطاع المالي والمصرفي، خاصة في مجالات الابتكار المرتكز على الزبون، والتحوُّل الرقمي، والشمول المالي، إذ يضع هذا الفوز بنك ظفار في طليعة القطاع المصرفي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويعزز مكانته كأبرز مؤسسة مالية في سلطنة عُمان.
ويُعدُّ برنامج الجوائز الخاص بـ"Gazet International" احتفاءً بالتميُّز العالمي في مجالات الأعمال والتمويل والتكنولوجيا والقيادة المؤسسية؛ حيث يتمُّ اختيار الفائزين بناءً على معايير تشمل: الابتكار، والإستراتيجية، والنمو، والقدرة على إحداث تغيير إيجابي ومستدام في القطاعات المختلفة.
ويُواصل بنك ظفار إعادة تشكيل تجربة الخدمات المصرفية في سلطنة عُمان؛ من خلال حلول رقمية متطورة؛ حيث أسهم تطبيق الخدمات المصرفية عبر الهاتف النقال من بنك ظفار في إعادة تعريف مفهومي الراحة والأمان للزبائن من الأفراد، في حين توفِّر منصة الخدمات المصرفية التجارية عبر الإنترنت للشركات وظائف متقدمة لا مثيل لها. كما يقود البنك مسيرة التحول نحو أنظمة الدفع الرقمية مثل: Dhofar Pay، وApple Pay، وSamsung Pay، واضعًا معايير جديدة للخدمات المالية الرقمية.
وتعكس حلول أجهزة الصراف الآلي والخدمات المالية الموثوقة التزام بنك ظفار بالكفاءة وسهولة الوصول والتفوق التكنولوجي؛ مما أسهم في تحسين تجربة الزبائن وترسيخ مكانة البنك كمبتكر رقمي في المنطقة.
وتشكِّل الاستدامة محورًا أساسيًّا في إستراتيجية بنك ظفار طويلة الأمد؛ حيث يدعم البنك التوجه الوطني باتجاه اقتصاد نظيف ومحايد كربونيًّا بحلول عام 2050؛ من خلال الاستثمار في التمويل الأخضر، وكفاءة الطاقة، والحفاظ على المياه، وتقليل النفايات. وتتماشى هذه المبادرات مع التزام البنك بالممارسات المصرفية المسؤولة واتفاقية "باريس للمناخ".
كما يُواصل بنك ظفار تعزيز مبادئ التنوع والشمول المالي؛ من خلال مبادرات تهدف إلى زيادة تمثيل المرأة في المناصب القيادية ودمج ذوي الإعاقة في القوى العاملة. ويُعزز البنك نسب التعمين العالية من خلال الاستثمار المستمر في الكفاءات الوطنية، لبناء كوادر مستقبلية تُمثِّل المجتمع العُماني.
ولقد وسَّع بنك ظفار شبكته المصرفية بافتتاح العديد من الفروع الجديدة ليصل الإجمالي إلى أكثر من 130 فرعًا في مختلف أنحاء سلطنة عمان؛ بما فيها ظفار الإسلامي. وبذلك يُعد بنك ظفار ثاني أكبر بنك في سلطنة عمان من حيث شبكة الفروع، مع توفير مرافق حديثة تهدف لتقديم تجربة مصرفية متميزة. وتُعد هذه التوسعة ترجمة حقيقية لإستراتيجية البنك القائمة على الجمع بين سهولة الوصول والتفوُّق الرقمي؛ لتلبية احتياجات قاعدة زبائنه المتنامية والمتطورة.