عرض عسكرى مُحكَم فى الإحتفال بتخَرُج دُفعات جديدة من الأكاديمية والكليات العسكرية ثم إجتماع مجلس الأمن القومى ثم مؤتمر القاهرة للسلام ثم لقاءات مع عدد كبير من كبار المسئولين الأوروبيين والأمريكان والعرب، تصريحات واضحة وصريحة ولا تحتمل التأويل أو التحوير أو الشك بأن مصر ترفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، ثم تبعها تصريحات شديدة اللهجة بأن مصر لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية، ثم مظاهرات فى ربوع مصر ترفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم على حساب مصر، ثم توافد شاحنات المساعدات المصرية أمام معبر رفح وطلب "ممر إنسانى" لدخول المساعدات لقطاع غزة، ثم تفتيش حرب بالفرقة الرابعة مدرعة بالجيش الثالث الميدانى ثم تواجد "أنطونيو جوتيريش" فى "مصر" وذهابه لمعبر رفح ورؤية الوضع أمام المعبر على أرض الواقع، الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن يُثنى على الموقف المصرى الداعم للقضية الفلسطينية ويعلنها صراحة بأن الشعب الفلسطينى لن يرحل من آراضيه ولن يوافق على التهجير، إسماعيل هنية يُثنى أيضًا على الموقف المصرى الداعم للقضية الفلسطينية ويخرج ويقول: سنظل فى آراضينا ولن نرحل، ثم زيارة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى وبصحبته عدد من الوزراء والمسئولين والإعلاميين لشمال سيناء وزيارة الكتيبة ١٠١ ومعبر رفح كل هذا يؤكد بأن الموقف المصرى تجاه الأحداث فى غزة موقف صلب وقوى ولا يُستهان به لأن مصر تُدرك جيدًا بأن الأمن والإستقرار والسلام فى الشرق الأوسط مُرتبط إرتباطًا كُليًا بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وِفق قرارات الشرعية الدولية والتى أكدت على وجوب حل الدولتين وإعادة الحقوق المشروعة الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية على آراضى ما قبل ٥ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
تحركات مصر على المستوى العربي والإقليمى والدولى "مُدروسة" ولم تأت من فراغ، فـ"مصر" تمتلك ثلاثة صفات تُميزها عن أى دولة أخرى فى المنطقة وهذه الصفات الثلاثة هى (المكانة والقيمة والقُدرة)، "المكانة" التاريخية لمصر بِحُكم التاريخ العريق والجغرافيا المُتفردة، "القيمة" والثِقَل الدولى المعروف عن مصر لا يُنكِره أحد ولا يغفله أحد، أما "القدرة" فتأتي من قوة مصر نتيجة إمتلاكها قوة بشرية هائلة وجيش قوى مُدَرَب ومُسلَح وله ترتيب عالمى وإنتصر فى حرب أكتوبر ١٩٧٣ وأعاد أرضه المَسلوبة.
نعم التحركات المصرية خلال تلك الأحداث كانت على أعلى مستوى، وتحركات الرئيس عبدالفتاح السيسي نالت إستحسان الشارع المصرى كله، وحجم المساعدات التى قدمتها مصر وعملت على دخولها قطاع غزة يدل على أن مصر لن تترك الأشقاء فى غزة وحدهم، فقد دخلت ١١٧ شاحنة حتى الآن ومازالت الجهود متواصلة لإدخال مساعدات أكثر وأكثر من دواء وغذاء وكساء ومساعدات طبية.
أثبتت مصر أنها دولة مُستقلة، لا يستطع أحد فرض رأيه عليها، لا تقبل بالضغوط، وترفض الإملاءات، وقرارها مُستقل ومصالحها مَصونة وأرضها خط أحمر، ودعمها للقضية الفلسطينية لا يتوقف ولن يتوقف ولن يتغير، وجيشها يمثل عمود فقرى لكيان الدولة، ودبلوماسيتها عريقة ومؤثرة دوليًا، وما تقوم به من مجهودات وتحركات لخدمة القضية الفلسطينية لا تستطع أى دولة أخرى القيام به، لدينا رؤية واضحة للدفاع عن الأشقاء الفلسطينيين ولن نتركهم وحدهم وسنظل نقف بجانبهم حتى تعود الحقوق لأصحابها.
بـلال الـدوى: كاتب صحفى
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الفلسطينيين مصر التحركات المصرية الرئيس عبدالفتاح السيسي قوة مصر حرب أكتوبر الموقف المصري للقضیة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
من أوزيريس إلى المتحف المصرى الكبير.. مصر تعيد تعريف الاستدامة كما عرفها الأجداد
أعلن الرئيس التنفيذي لمعهد الاستدامة والبصمة الكربونية ورئيس كرسي البصمة الكربونية والاستدامة بمنظمة الألكسو، بجامعة الدول العربية والمراقب باتفاقية باريس للمناخ بالأمم المتحدة الدكتور مصطفى الشربيني، إنه في لحظة تاريخية ينتظرها العالم أجمع، تستعد مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير، أضخم متحف حضاري في العالم مخصص لحضارة واحدة، غير أن ما يميز هذا الافتتاح ليس فقط ضخامة المبنى أو عظمة الآثار التي يحتويها، بل الفلسفة البيئية العميقة التي تقف وراءه، والتي تمثل امتدادًا مباشرًا لفكر الاستدامة الذي وضع أسسه المصري القديم قبل أكثر من سبعة آلاف عام.
وأضاف الشربينى، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم بمناسبة قرب افتتاح المتحف المصري الكبير، أن المتحف المصري الكبير ليس مجرد متحف، وأنه صرح الوعي الإنساني الذي يربط الماضي بالمستقبل، ويعيد صياغة دور مصر كمنارة حضارية وبيئية للعالم فكما علمت مصر العالم الكتابة والهندسة والطب، فإنها اليوم تعلمه كيف تكون الاستدامة أسلوب حياة لا شعارًا ومن أوزيريس رمز البعث والخلود، إلى المتحف الكبير رمز التجدد والنهضة ستظل مصر حارسة التوازن بين الإنسان والطبيعة، وراعية الاستدامة منذ فجر التاريخ وحتى حاضرها ومستقبلها.
وأضاف الشربينى لقد أدرك المصري القديم، منذ فجر التاريخ، أن الحياة لا تستقيم إلا في انسجام مع الطبيعة، وأن التوازن بين الإنسان والبيئة هو جوهر العدالة والخلود، فكانت حضارته أول حضارة خضراء في التاريخ حضارة بنت اقتصادها على موارد محلية، واحترمت النيل كمصدر حياة، وابتكرت أنظمة زراعية وهندسية ومعمارية تتسم بالكفاءة والاستدامة، واليوم، ومع توجه العالم كله نحو التحول الأخضر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة SDGs، تأتي مصر لتؤكد من جديد أن الاستدامة ليست فكرة حديثة مستوردة، بل جذور ضاربة في عمق حضارتها.
الحضارة المصرية القديمة: أول مدرسة للاستدامةوقال الشربينى حين نتأمل في عمارة المصري القديم، نرى أنها لم تكن مجرد مبانٍ حجرية، بل أنظمة بيئية متكاملة تعكس احترامه لقوانين الكون، لقد بنى بيئته اعتمادًا على الطاقة الشمسية والمواد الطبيعية، وابتكر أنظمة تهوية وإضاءة تقلل استهلاك الموارد وتزيد من العمر الافتراضي للبناء — وهي نفس المبادئ التي تسعى إليها اليوم معايير المباني الخضراء، وفي الوقت الذي تتحدث فيه الأمم المتحدة اليوم عن تغير المناخ والحد من الانبعاثات الكربونية، كان المصري القديم يمارس الحياد الكربوني عمليًا، فقد كانت معظم وسائط نقله تعمل بطاقة الرياح، واعتمد في حياته اليومية على الطاقة الشمسية، والتهوية الطبيعية، والمواد العضوية المتجددة، ولم تكن الاستدامة عند المصري القديم مجرد ممارسات، بل قيمة أخلاقية وروحية فكان يؤمن أن من يلوث النيل أو يقطع شجرة دون سبب إنما يخلّ بتوازن الكون وكان النظام البيئي في نظره نظامًا مقدسًا يجب أن يُحترم، وهو ما جعل حضارته تصمد آلاف السنين دون أن تترك خلفها دمارًا بيئيًا أو نفايات سامة.
المتحف المصري الكبير: صرح يعيد صياغة العلاقة بين الماضي والمستقبلوأوضح الشربيني أن المتحف المصري الكبير يأتى اليوم ليُجسد هذا الفكر المصري الأصيل في قالب معماري معاصر فهو ليس مجرد مكان لعرض الآثار، بل صرح للاستدامة المعمارية والبيئية.. مشيرا الى أن المتحف يقع في موقع يربط بين الهرم والنيل والصحراء، وهو مثلث البيئة المصرية التاريخية، وتم تصميمه بحيث يتكامل مع اتجاهات الرياح وحركة الشمس لتقليل استهلاك الطاقة، كما اعتمد في بنائه على مواد محلية صديقة للبيئة، وأنظمة تهوية وتبريد موفرة للطاقة، ليكون نموذجًا للمباني المستدامة الحديثة المستلهمة من عبقرية الأجداد.
وتمامًا كما ربط المصري القديم بين العمارة والطبيعة، يربط المتحف بين التراث والحداثة، وبين التاريخ والمستقبل، وبين الإنسان وبيئته، وتروي كل قطعة أثرية فيه قصة استدامة، وكل جدارية تشهد على وعي بيئي سبق عصره.
وتابع الشرببنى اليوم، حين تتحدث مصر عن التحول الأخضر، والطاقة المتجددة، والاقتصاد الدائري، فإنها في الحقيقة تستدعي ذاكرة الأجداد وتعيد بعث روح ماعت في سياساتها الحديثة.
وذكر الشربينى فى ختام تصريحه أن المتحف المصري الكبير سيكون منصة عالمية لتعليم هذا الدرس للبشرية بأن الاستدامة ليست ترفًا، بل هي فلسفة حياة عرفها المصري القديم بالفطرة، وها هي مصر الحديثة تعيد إحياءها بالعلم والتكنولوجيا من برامج تدوير المخلفات والطاقة الشمسية إلى مشروعات “حياة كريمة” وتنمية الريف، ومن المبادرات الرئاسية في المناخ إلى الحياد الكربوني في المدن الجديدة، تسير مصر بخطى ثابتة على طريق الاستدامة — مستلهمة جذورًا ضاربة في التاريخ.
من خبيئة وادي الملوك إلى قاعات المتحف المصري الكبير.. رحلة الفرعون الذهبي عبر العصورالوزراء: حريصون على أن يكون افتتاح المتحف المصري الكبير يليق بمكانة مصر
إطلاق الموقع الإلكتروني لـ المتحف الكبير.. خطوة لتعزيز التفاعل مع التراث المصري العريق