في محل حانوتي «الجبروني».. أكفان ودفاتر وفيات بخط اليد من 100 سنة
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
جدران محل صغير بهت لون طلائها من أثر الزمن، تحوي بين جنباتها دفاتر ورقية صفراء لونها تكاد تتمزق من لمسها، تضم شهادات وفاة تعود عمرها إلى أكثر من مائة عام، باتت تاريخًا توثق مهنة كادت أنّ تنتهي، تصارع التكنولوجيا وما آلت إليه من تطور سريع، يحتفظ بها عجوز ماهر أحب مهنته وأفنى فيها عمره، رائحة الأكفان التي اختلطت بالمسك الأبيض، تفوح من المكان وتكسر تفاصيل المشهد المزدحم في عين الناظر إليه، لوحات مدون عليها آيات القرآن يجاورها صورا لأصحاب المحل الأصليين تتوسط واجهة المكان، في مشهد يزدوج فيه حب المهنة والإخلاص لإرث العائلة.
بعد مسافة تقدر بنحو ربع ساعة سيرًا على الأقدام من مدخل منطقة الناصرية بحي السيدة زينب في القاهرة، حفظ الأهالي محل «الجبروني لتكريم الإنسان»، إذ يرجع عمر المكان إلى أكثر من مائة عام، حين أسسه الجد الأكبر وتوارثه من بعده الابن والحفيد حسني الجبروني، الذي اختار- دونا عن أشقائه- العمل بتلك المهنة، لا يزال محتفظًا بدفاتر توثيق الوفيات، إذ كان «الحانوتي» قديمًا يتولى توثيق شهادات الوفاة بالتواصل مع الصحة وإدارة الجبانات بالمحافظة، حسب رواية الحفيد الوريث لأقدم محل «حانوتي» بمنطقة السيدة زينب.
نسمة هواء عابرة مرت تناثرت معها رائحة الأكفان المركونة في أرفف المكان، وتناثرت معها ذكريات «الجبروني»، الذي أراح ظهره إلى الخلف وجلس يرويها لـ«الوطن»، إذ كان العاملون في مهنة «الحانوتي» قديمًا يتولون حصر التركة والورثة والمعاش الخاص به وسبب الوفاة، أي بمثابة إعلان وراثة مصغر يتم توثيقه والاحتفاظ به لحين احتياج أهل المتوفى له مرة أخرى.
ليس فقط المعاملات الورقية التي تغيرت في آلية عمل «الحانوتي»، بل قديمًا كانت تلجأ العائلات إلى تمييز نوع المتوفى من خلال وضع «هلال» فوق النعش في إشارة إلى أنّ الميت أنثى، وأيضًا توارثت الأجيال عادة قديمة تمثلت في اختيار غطاء للنعش لتمييز سن الميت: «كل ما كان الميت سنه أكبر كنا بنحط غطا لونه أغمق والعكس»، إلا أنّ ذلك اندثر وظل «الجبروني» محتفظًا بتلك الأغطية في محل أجداده ووالده.
سجلات تفتيش الجبانات المتواجدة في محل «الجبروني»، حل محلها الكمبيوتر لتوثيق الوفيات إلكترونيًا، ولم يعد في حاجة إلى توثيقها يدويًا في سجلات ورقية، حتى أنّ عملهم بات مقتصرًا على أمور محددة كأن يطلبهم أحد أقارب الشخص المتوفى للتغسيل فقط دون حاجة إلى توثيق شهادة الوفاة: «بيطلبونا أونلاين دلوقتي نغسل الميت بس، المهنة اتغيرت عن زمان»، حسب قول الحفيد الذي أكد أن التطور التكنولوجي غيّر ملامح المهنة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: تكريم الإنسان شهادة الوفاة الوفيات السيدة زينب
إقرأ أيضاً:
إنقاذ شاب وانتشال جثمان والدته في حادث سقوط سقف منزل قديم بطنطا
انتقل اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية، يرافقه اللواء تامر السمري مساعد وزير الداخلية لمنطقة وسط الدلتا، واللواء أسامة نصر مدير أمن الغربية، والدكتور محمود عيسى نائب المحافظ، إلى موقع حادث سقوط سقف الدور الثاني على سقف الدور الأول بمنزل قديم مكوَّن من طابقين، مقام على حوائط حاملة ومونة طينية، وتغطيه أسقف من العروق الخشبية، وذلك بشارع الساحة الشعبية بحي ثان طنطا، فور ورود بلاغ إلى مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة بديوان عام المحافظة.
وتابع المحافظ ومرافقوه من موقع الحادث جميع الإجراءات التي تم اتخاذها لحماية السكان المحيطين، وضمان سرعة التعامل مع الموقف بأقصى درجات الكفاءة والتنسيق، مشددين على ضرورة اتخاذ كل التدابير التي تكفل تأمين المواطنين في محيط العقار.
وأوضح محافظ الغربية أن البلاغ تم التعامل معه على الفور، حيث جرى إخطار جميع الجهات المعنية، وشملت: رئاسة حي ثان طنطا، مرفق الإسعاف، الحماية المدنية، مديرية الصحة، وشركات الغاز والكهرباء والاتصالات، إلى جانب إدارة المرور، للتحرك العاجل إلى الموقع.
وقد تم الدفع بعدد (2) لودر من معدات حي ثان طنطا، وحفار وجرار تابعين للمقاول السنوي بالحي، بالإضافة إلى سيارة إنقاذ بري تابعة للحماية المدنية، وسيارة إسعاف، مع فرض كردون أمني بمحيط العقار لتأمين المنطقة، وفصل جميع المرافق (الكهرباء - الغاز - الاتصالات) كإجراء احترازي.
كما تم تحرير محضر بالواقعة بقسم شرطة ثان طنطا، مع تكليف لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بحي ثان طنطا بمعاينة العقار واتخاذ الإجراءات اللازمة، حيث أظهرت المعاينة أن المنزل لم يكن صادرًا بحقه قرار إزالة. وعلى الفور، تم استصدار قرار “خطر داهم” للعقار، وبدأت الأجهزة التنفيذية بالفعل في تنفيذ أعمال الإزالة الكاملة، حفاظًا على الأرواح والممتلكات، وتحت إشراف ميداني مباشر من السيد المحافظ والأجهزة المعنية.
وأسفرت جهود فرق الحماية المدنية، خلال أعمال الرفع والبحث، عن إنقاذ الابن من داخل المنزل، حيث تم نقله على الفور بسيارة إسعاف إلى مستشفى طنطا الجامعي، وحالته مستقرة ويتلقى الرعاية الطبية اللازمة. كما تم، عقب ساعات من العمل المتواصل، العثور على جثمان والدته أسفل الأنقاض، وجرى استخراجها وتسليمها إلى الجهات المختصة وفق الإجراءات القانونية والطبية المتبعة.
وأكد اللواء أشرف الجندي أن “سلامة المواطن على رأس الأولويات، وأن المحافظة لا تدّخر جهدًا في التدخل الفوري بكامل إمكاناتها عند حدوث أي طارئ”، موجهًا الشكر لرجال الحماية المدنية على سرعة الاستجابة، ودقة تنفيذ أعمال الإنقاذ ورفع الأنقاض، مثمنًا دورهم البطولي والمهني في التعامل مع الحادث.
وتؤكد محافظة الغربية أن جميع الأجهزة التنفيذية والأمنية والصحية تواصل أداء مهامها بكل التزام ومهنية، تحت إشراف مباشر من المحافظ، لحين استكمال الإجراءات والتأكد التام من تأمين الموقع. كما تهيب المحافظة بالمواطنين استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، وعدم الالتفات إلى الشائعات أو المعلومات غير الدقيقة، مؤكدة استمرار جهودها في متابعة ملف المباني القديمة، واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه أي منشآت تُشكّل خطرًا على الأرواح.