حوار بالفيديو والصور.. رئيس المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي لصدى البلد: الغذاء ليس سلاحًا
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
تعتبر المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي مؤسسة متخصصة تابعة لمنظمة التعاون الإسلامي تأسست في عام 2016 ومقرها في مدينة نور سلطان عاصمة كازاخستان.
وتهدف المنظمة الإسلامية إلى تزويد الدول الأعضاء بالخبرة والمعرفة التقنية فيما يتعلق بالزراعة المستدامة والتنمية الريفية والأمن الغذائي والتكنولوجيا الأحيائية، كما تجري تقييما ورصدا لحالة الأمن الغذائي في تلك الدول بالتنسيق معها لتحديد المساعدات الطارئة والإنسانية اللازمة وتقديمها وكان لموقع “صدى البلد” هذا الحوار مع مسعود الميري رئيس المنظمة للحديث عن الأمن الغذائي للدول وربط الغذاء بالصراعات السياسية وأثر التغيرات المناخية على أمن الدول.
ما هو دور المنظمة الذي تقدمه بالتعاون مع الدول الإسلامية والعربية؟
المنظمة الإسلامية تهتم بتعزيز منظومة الأمن الغذائي عن طريق توفير الغذاء وأن يكون هذا الغذاء بتكلفة ميسرة وذو جودة وسلامة وأن يكون مستداما، والأمر يتطلب من الدول رفع قدراتهم من حيث الإنتاج المحلي في ظل مواردها الطبيعية أو تأمين غذائها عن طريق التعاون مع الدول الإسلامية الأخري.
ما هي أهم أولويات المنظمة الإسلامية من أجل توفير الغذاء ؟المنظمة الإسلامية تسعى لتعزيز التبادل التجاري بين الدول الاسلامية والكثير من الدول الإسلامية لديها منتجات غير متداولة نسعى في المنظمة أن نجد الفرص لتعزيز التبادل بين البلدان، وهناك مستثمرين في الدول الاسلامية لديهم الرغبة في الاستثمار مما يتطلب الوصول لصناع القرار في الدول والمنظمة بحكم أنها ممثلة لصناع القرار تسهل التواصل بين القطاع الخاص والقطاع العام ، وتعقد اجتماعات سنوية يتم من خلالها بحث التحديات التي تواجه منظومة الأمن الغذائي في الدول الإسلامية ومن خلال هذه الاجتماعات يتم الوصول إلى توافقات وحلول.
كيف تؤثر التغيرات المناخية على الدول ؟أصبحت التغيرات المناخية ملموسة بعد تشكيك البعض في وجودها وكانوا يقولون أنها ظاهرة نظرية لكن أثبتت الأيام أنها حقيقية ، تحتاج إلى الاستعداد وأخذ الكثير من التدابير لمواجهتها سواء كان التكيف مع هذه الظاهرة أو التخفيف من آثارها .
كيف يمكن للدول مواجهة آثار التغيرات المناخية؟لمواجهة التغيرات المناخية نحتاج إلى أن نأخذ الكثير من الإجراءات بشكل جماعي لأن هذه الظاهرة لا نستطيع التصدى لها بشكل منفرد لأن هناك بعض الدول لديها القدرة المادية والبعض لديها القدرة العلمية والبعض لديه القدرة البشرية ومن خلال التكامل بين هذه الدول نستطيع مواجهة تحديات التغير المناخي .
ما أبرز المشاكل التي تواجه الدول الإسلامية؟
نقل التكنولوجيا لأنها حلقة مهمة في التغلب على التحديات ويحتاج الأمر إلى تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا بين الدول الإسلامية، وتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية الموجودة في الدول.
بلا شك الطاقة محرك أساسي وبالطبع تأتي الطاقة بعد المياه لكنه محرك يحتاج إلى الاهتمام لأن الصناعات الغذائية تحتاج إلى الطاقة وبالتالي لابد من تأمينها.
لابد من تحديد الأولويات في تحقيق الأمن الغذائي بداية من حصر الموارد الطبيعية والتعاون في تأمين ما يمكن استيراده من الدول الصديقة والدول الأعضاء خصوصا في المنظمات التي تشترك فيها كل دولة.
الغذاء لابد أن يكون منفصل عن أي صراعات سياسية وعسكرية، فهو مطلب أساسي من مطالب الحياة ويجب فصله عن المشاكل .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المنظمة الإسلامية الامن الغذائي التغيرات المناخية الغذاء التكنولوجيا المنظمة الإسلامیة التغیرات المناخیة الدول الإسلامیة الأمن الغذائی فی الدول من الدول
إقرأ أيضاً:
أين المجلس الاعلى للأمن الغذائي في توجيه البوصلة للحليب البودرة؟
صراحة نيوز- بقلم: الدكتور فاضل الزعبي
يحتدم في الأردن منذ سنوات نقاش واسع حول قضية تبدو في ظاهرها فنية، لكنها في جوهرها تمس صلب الأمن الغذائي الوطني، وهي قضية استخدام حليب البودرة في صناعة الألبان ومشتقاتها، وحدود استيراده وضوابط استعماله. قد يراها البعض مسألة تخص الصناعيين أو المستوردين، لكنها في الحقيقة تتجاوز ذلك لتطال مصير قطاع حيوي يشكل مصدر رزق لآلاف الأسر الريفية والبدوية، وركيزة من ركائز استدامة الغذاء المحلي.
فالأردن اليوم ينتج أكثر من 1200 طن من الحليب الطازج يوميًا، بعد أن كان هذا الرقم لا يتجاوز 900 طن قبل خمس سنوات فقط. هذا التحسن الملحوظ يعكس جهودًا متراكمة في تحسين السلالات، وتطوير أنظمة التغذية، وتطبيق ممارسات بيطرية متقدمة، إضافة إلى الرقابة المستمرة على جودة الإنتاج.
ويُقدّر أن عدد الأبقار المنتجة للحليب يزيد عن 90 ألف رأس، فيما يعتمد نحو 200 مصنع ومعمل على الحليب المحلي كمادة أولية أساسية. وتشير التقديرات إلى أن هذا القطاع يسهم بما يقارب 3% من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي، ويُشغّل آلاف العمال، ويدعم عشرات الأنشطة المرتبطة به من نقل وتبريد وتصنيع وتسويق.
لكن هذا الجهد الوطني مهدد اليوم بتحدٍّ متنامٍ، يتمثل في التوسع في استيراد حليب البودرة دون ضبط كافٍ للكمّيات والاستخدامات. فحين يكون الحليب البودرة أرخص من الحليب الطازج محليًا بنسبة تصل إلى 30 – 40%، يصبح إغراء الاعتماد عليه كبيرًا، خصوصًا لدى بعض المصانع التي تبحث عن تقليل كلفة الإنتاج. غير أن هذا التوجه – إن لم يُنظَّم بعناية – قد يؤدي إلى إغراق السوق، وانخفاض الطلب على الحليب الطازج، ومن ثم خسائر مباشرة لمربي الأبقار، قد تدفع البعض إلى الخروج من السوق تمامًا.
إن ما نخشاه ليس مجرد منافسة غير عادلة، بل تراجع تدريجي في الإنتاج المحلي للحليب، وهو ما شهدته دول عدة حين فُتح باب استيراد البودرة على مصراعيه. في الهند مثلًا، تسبّب ارتفاع الاستيراد في تراجع إنتاج الحليب الطازج بنسبة 18% خلال خمس سنوات، فيما عانت البرازيل من خسارة أكثر من 20 ألف مزرعة صغيرة بين عامي 2010 و2020 بسبب المنافسة غير المتكافئة.
في الأردن، ظلت وزارة الزراعة هي الجهة المسؤولة عن إدارة هذا الملف لعقود، من خلال لجنة فنية تضم ممثلين عن وزارات الصناعة والتجارة، والجمارك، والمؤسسة العامة للغذاء والدواء، وهيئة المواصفات والمقاييس، إضافة إلى ممثلين عن المزارعين والمصنعين. وقد نجحت هذه اللجنة في وضع معايير فنية واضحة لاستيراد الحليب البودرة، تنسجم مع مواصفات هيئة الدستور الغذائي (Codex Alimentarius)، وتحد من الغش التجاري وتضمن الشفافية في نسب الخلط بين الحليب البودرة والطازج.
لكن نقل هذا الملف مؤخرًا إلى وزارة الصناعة والتجارة أثار تساؤلات عديدة حول مدى توافق هذا القرار مع المنهجية الزراعية والإنتاجية التي يقوم عليها الأمن الغذائي. فالحليب, كما اللحوم والحبوب, ليس منتجًا صناعيًا فقط، بل هو مكوّن أساسي في سلسلة القيمة الزراعية والحيوانية، ويجب أن يُدار ضمن إطار إنتاجي يوازن بين مصلحة المزارع والمستهلك والمصنع.
وهنا يبرز التساؤل المشروع: أين المجلس الأعلى للأمن الغذائي من هذا الملف؟
لقد أُنشئ المجلس الأعلى للأمن الغذائي بموجب رؤية التحديث الاقتصادي ليكون المرجعية الوطنية العليا التي توحّد القرارات والسياسات بين القطاعات المعنية بالغذاء، وتربط ما بين الإنتاج والاستهلاك، والتجارة والتخزين، والزراعة والصناعة. وهو الإطار القادر على تقديم الرأي العلمي المستقل، بعيدًا عن التجاذبات القطاعية أو المصالح الجزئية.
إن المجلس يمتلك من خلال وحداته الفنية القدرة على تحليل الأثر الكمي والنوعي لأي قرار استيراد، وتقييم انعكاساته على مؤشر الاكتفاء الذاتي الوطني الذي لا يتجاوز في الحليب الطازج حاليًا 55% من حجم الاستهلاك المحلي. كما يمكنه تقديم مقترحات توازن بين دعم الإنتاج المحلي وضمان توفر السلع بأسعار مناسبة.
وبحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، فإن الدول التي تمتلك مجالس وطنية فعّالة للأمن الغذائي (مثل كندا، وهولندا، وفرنسا) استطاعت الحفاظ على نسب اكتفاء ذاتي بالحليب تتجاوز 85% بفضل التنسيق بين المؤسسات المنتجة والمصنّعة والمستوردة، وإدارة ذكية لمخزون الحليب البودرة في السوق المحلي.
تجاهل دور المجلس في قضية كهذه يعني إضعاف منظومة الحوكمة الغذائية في الأردن، وفتح الباب أمام قرارات جزئية قد تُحدث خللاً في سلاسل التوريد الزراعية. فالمسألة لا تتعلق فقط بمنتج صناعي، بل بمصدر بروتيني أساسي في سلة الغذاء الوطنية، له أثر مباشر على صحة المواطن وأمنه الغذائي والاقتصادي.
إن المطلوب اليوم ليس إغلاق الباب أمام استيراد حليب البودرة، بل إعادة توجيه البوصلة بيد المجلس الأعلى للأمن الغذائي ليقود حوارًا علميًا متوازنًا بين الأطراف كافة: المزارع، والمصنع، والمستهلك، والحكومة. الهدف هو بناء معادلة رابحة للجميع: حماية الإنتاج الوطني، وتطوير الصناعة المحلية، وضمان وصول الغذاء الآمن للمستهلك الأردني بسعر عادل.
لقد أثبت الأردن مرارًا أنه قادر على تحقيق التوازن بين مقتضيات السوق وحماية أمنه الغذائي، شرط أن تُتخذ القرارات الكبرى ضمن إطار مؤسسي جامع يستند إلى العلم والبيانات، لا إلى التجاذبات الآنية. فالأمن الغذائي ليس شعارًا، بل منظومة متكاملة من السياسات والحوكمة والوعي الوطني، والمجلس الأعلى للأمن الغذائي هو بوصلتها التي ينبغي ألا تغيب عن أي قرار يؤثر على غذاء الأردنيين، اليوم أو غدًا.
حتى لا يبقى الجدل في دائرة التجاذب، فإن التعامل مع ملف الحليب البودرة يحتاج إلى خطوات واضحة يقودها المجلس الأعلى للأمن الغذائي، أبرزها:
1. إعداد قاعدة بيانات وطنية تشمل الإنتاج المحلي من الحليب، والطاقة التصنيعية، وحجم الاستهلاك، لتكون مرجعًا لصنع القرار.
2. وضع سقف سنوي مرن لاستيراد حليب البودرة يرتبط بمستوى الإنتاج المحلي، على أن يُراجع كل ستة أشهر.
3. إطلاق نظام تتبع إلكتروني يربط المصانع بالمؤسسات الرقابية لتوثيق نسب استخدام الحليب البودرة في المنتجات النهائية.
4. تفعيل الدراسات الدورية للأثر الاقتصادي والاجتماعي لسياسات الاستيراد على المزارعين والمصانع والمستهلكين.
5. إشراك المجلس الأعلى للأمن الغذائي إلزاميًا في أي قرار أو تشريع يمسّ سلعًا أساسية في سلة الغذاء الوطني، وعلى رأسها الحليب.
بهذه الإجراءات يمكن للأردن أن يحافظ على استقلال قراره الغذائي، وأن يوازن بين مقتضيات السوق ومتطلبات الأمن الوطني، لتبقى سلة الغذاء الأردنية آمنة ومستدامة.
*الخبير الدولي في الأمن الغذائي