تأملات ورؤى في تدمير وتخريب العواصم السودانية (مقاربة تاريخية) .. اعداد: بروفيسور عادل علي وداعه عثمان (جامعة سنار)
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
بدعوة كريمة من زميلي وصديقي الدكتور أحمد فرج سعد استاذ الأدب الانجليزي بجامعة سنار وعضو رابطة سنار الأدبية تشرفت بحضور المنتدى الاسبوعي للرابطة أمسية الثلاثاء ٢٠٢٣/١١/٧،وفي مداخلة تحدث الأستاذ حسن محمد شاعر قصيدة سنار أنا والتاريخ بدأ من هنا عن حرب الخرطوم واثارها قائلا بأن هذا ليس أول تخريب لعاصمة البلاد فقد خربت سنار في عام ١٨٢١،فكان حديثه هذا دافعا ومحفزا لكتابة هذا المقال والذي يهدف إلى رصد وتطور العاصمة السودانية وتنقلها ونهاياتها الماساوية، فالدولة السودانية اليوم مهددة بالتمزق والتفكك والزوال ما لم يتدارك العقلاء أمرها ويتوافقوا على بناء دولة سودانية مدنية ديمقراطية تستوعب التنوع الدينى والاثني والثقافي واللغوي لمجتمعنا، فالدولة كما هو معلوم نتاج لتطور حركة المجتمع وما ينجم عنه من فرز طبقي.
يعد قيام مملكة مروي في عام ٧٥٠ق.م تطورا كبيرا في مسار الدولة السودانية، ففيها تجسد الاستقلال الحضاري والثقافي واللغوي والديني، ونهضت الحركة الصناعية بفضل تطور صناعة الحديد فيها، وكان من نتاج ذلك التطور ظهور الطبقات الاجتماعية المتملكة والتي من أهم وظائفها حماية الامتيازات التجارية وبسط الأمن مما هيأ الشروط الضرورية لظهور الجيش ليقوم بتلك المهام، وتحت ظل هذه الدولة شهدت البلاد قيام ونشوء المدن وكانت مروي الواقعة على الضفة الشرقية لنهر النيل قرب البجراوية وعلى بعد نحو ٢٠٠كلم تقريبا شمال شرق الخرطوم عاصمة لتلك الدولة، فقد ذكرها هيرودوت في كتابه(التاريخ) وذلك أثناء تجواله في العالم القديم عندما قدم إلى اسوان فوصف مروي بأنها عاصمة الاثيوبيين والسود، وايضا ذكرها ديدور الصقلي واسترابو عندما اشارا إليها في كتاباتهم بإسم جزيرة مروي بحسب موقعها الجغرافي إذ يحفها النيل من جهة الغرب ونهر عطبرة من جهتي الشرق والشمال الشرقي.
وفي منتصف القرن الثالث الميلادي بدأت المقاطعات الإدارية التابعة للدولة المروية التمرد على السلطة المركزية محاولة الانفصال عنها، فاستغل النوبيون في أقصى الشمال والبلميون في الشرق هذا الضعف والتفكك وشنوا هجمات متتالية عليها انهكتها بطبيعة الحال، وكانت الضربة القاضية للدولة المروية حملة عيزانا ملك مملكة اكسوم في الحبشة والتي أدت إلى(تدمير وتخريب)العاصمة مروي ونهاية الدولة في عام ٣٥٠م.
دخلت المسيحية إلى مصر في منتصف القرن الأول الميلادي ومنها تقدمت إلى بلاد السودان، وكان الدين أحد العوامل التي أدت إلى وحدة القبائل السودانية لتتجلى الصورة بعد ذلك عن قيام ثلاث ممالك مسيحية مملكة نوباطيا في أقصى الشمال وعاصمتها فرس، ومملكة المقرة وعاصمتها دنقلا العجوز، ومملكة علوة والتي امتدت جنوبا إلى مناطق سنار وجبل مويا وكوستي وعاصمتها سوبا، وكانت النواة لهذه الممالك الثلاث المقاطعات الإدارية المتبقية من دولة مروي حيث اتسعت وتكاملت مع بعضها البعض تكاملا انتج هذه الممالك والتي اصطبغت بالصبغة المروية خاصة في نظام الحكم الوراثي وتقديس الملكة الام. وكان المجتمع المسيحي السوداني من أرقى المجتمعات المعاصرة له وأن لم يخل من بعض مظاهر القصور،ففي مجال المعمار بنوا منازلهم من طابقين،كما اعتنوا بقواعد الصحة العامة في مدنهم وقراهم، ونتيجة لعوامل سياسية واجتماعية اتحدت دولتا المقرة ونوباطيا في دولة واحدة عاصمتها دنقلا العجوز والتي وصفت بأنها مدينة كبيرة تقع على النهر المبارك وفيها كثير من الكنائس والبيوت الكبيرة وشوارعها واسعة وبيت الملك محاط بعدد من القباب المشيدة من الحجر وشبهت منازل حكامها بمنازل ملوك العراق مما يدل على عظمة ورقي المعمار. أما(سوبا)فهي تقع على الضفة الشرقية للنيل الأزرق جنوبي الخرطوم ووصفت بأن بها المباني الجميلة والدور المليئة بالذهب، وتزين المدينة الحدائق الغناء، ويقول المؤرخون بأن حاكم علوة اثرى من حاكم المقرة لأن بلاده أوسع وأكثر خصبا واعظم ريعا واوفر ثقافة لانتشار الكتب والمؤلفات الاغريقية فيها،وعاصمة بكل هذا الرونق والجمال تم(تدميرها وتخريبها )في حرب مفصلية في عام ١٥٠٤م عندما تقدم الفونج وحلفاؤهم ودخلوها وخربوها خرابا تاما أضحى مضربا للمثل.
وبعد ذلك حدث تحول كبير في السودان ترجع جذوره التاريخية عندما تم عقد اتفاقية البقط في عام ٦٥٢م وهي الاتفاقية التي شكلت محور العلاقات الواجب اتباعها بين المسلمين واهالي البلاد السودانية إذ حدث الاختلاط والتزاوج بين العرب والأسر الحاكمة في السودان فورثوا العرش،وهذا بدوره فتح الطريق لتغلغل الإسلام ونشاة الدويلات الإسلامية لا سيما مملكة الفونج وعاصمتها(سنار) والتي وصفها كاتب الشونة بأنها مدينة كبيرة بها قصر السلطان المكون من خمسة طوابق كل طابق به عدد من البنايات والمحال والقصر محاط بسياج من الصاج وخشب الابنوس وبه مكاتب المسؤولين ،ووصفها الرحالة الفرنسي جاك بونسيه والذي زارها في عام ١٧٧٠م بأنها بلدة كبيرة ماهولة بالسكان، ووصفها الاسكتلندي جيمس بروس في عام ١٧٧٢م بأنها مدينة تدل معالمها انها كبيرة ولكن بسبب الإهمال بدأت تعاني لانشغال الحكام عن تاهيلها بسبب الصراعات السياسية بينهما.
ومما تقدم يتبين لنا أن سنار عاصمة المملكة ومن خلال وصف الرحالة انها مدينة كبيرة ماهولة بالسكان، فضلا عن أهميتها السياسية والتجارية لوقوعها في الطريق بين مصر والحبشة ووسط أفريقيا حيث وصلتها البضائع من هذه البلدان فازدهر سوقها وانعكس ذلك خيرا على اهلها ومكانتها، وفي عام ١٨٢١م دخلها اسماعيل بن محمد علي باشا غازيا وقضى على استقلالها ومعالمها الاثارية والتاريخية وقد صور أحد الشعراء وضع سنار قائلا:
اه على بلدة الخيرات منشؤنا
أعني بذلك دار الفنج سنارا
اه عليها واه من مصيبتها
لم نسلها أين ما حللنا اقطارا
فاوحشت بعد ذاك الانس وارتحلت
عنها الاماثل بدوانا وحضارا
وصار عمرانها المحسون مندرسا
يصيح به في الليل صرارا
اضحت تعاينها من بعد بهجتها
كأنها لم تذق الخير اثارا
ولا شك أن هذه الأبيات الشعرية فيها صدق ولوعة وآسف على ضياع المدينة والدولة والحرية، على الرغم من عدم جودتها من الناحية الأدبية إلا أنها وضحت النهاية الماساوية لمملكة الفونج وعاصمتها سنار.
وفي فترة الحكم التركي_المصري ١٨٢١-١٨٨٥ ظهر السودان الحديث وأخذ موقعه السياسي والجغرافي وبدأت تتشكل ملامحه بعد القضاء على الدويلات والكيانات الجهوية واقامة دولة مركزية وبروز نمط الإنتاج الراسمالي في المجال الإقتصادي والارتباط بالتجارة العالمية، كما شهد السودان بداية تكوين الدولة المدنية والتعليم الحديث،فنقل الأتراك العاصمة إلى الخرطوم في عام ١٨٢٥م (كعاصمة إدارية )ومن ثم بدأ العمل في تعميرها لتواكب العهد الجديد، وتضافرت العوامل السياسية والاقتصادية التي أدت لتطور مدينة الخرطوم فحدث التوسع في المباني والمرافق الحكومية وتزايد عدد سكانها بوصفها مركزا تجارية مهما وغدت الخرطوم عاصمة تضاهي العواصم الأفريقية انذاك. وبعد اندلاع الثورة المهدية في عام ١٨٨١م واستراتيجيتها الرامية إلى تحرير البلاد من قبضة الغزاة، وبعد الانتصارات المتتالية للثوار وتحرير اقليم كردفان قرر المهدي فرض الحصار على الخرطوم وكانت خطته تهدف إلى اجبارها على التسليم فقررت الحكومة المصرية تحت الضغط البريطاني إخلاء السودان والانسحاب منه واوفدت شارلس غردون لتنفيذ هذه المهمة،وبعد وصوله الخرطوم قال ان اخلاءها لن يكون في المصلحة إذ ان سقوطها الحتمي سيتعذر بعده سحب الجنود والموظفين من مناطق كسلا وسنار وجنوب السودان فغير مهمته دون الالتزام بتعليمات الحكومة المصرية،وكانت خطة المهدي فرض الحصار على الخرطوم وممارسة حرب استنزاف بطيئة تجبر غردون على التسليم، ونجحت هذه الاستراتيجية المجربة ففي صبيحة ٢٦ يناير ١٨٨٥م بدأ الهجوم الشامل على الخرطوم وقتل غردون مع عددكبير من جنوده،وبطبيعة الحال فقد اثر الحصار والهجوم على( الخرطوم وعلى عمرانها وبنيتها التحتية وتركيبتها الاجتماعية )ولم يبق المهدي في الخرطوم طويلا فغادرها إلى أم درمان لتصبح عاصمة لدولته حتى عام ١٨٩٨م ،كانت أم درمان قرية صغيرة تحولت إلى مدينة استوعبت كما كبيرا من القبائل السودانية المتعددة هياها لتكون عاصمة وطنية للدولة المستقلة. غير أن ذلك لم يدم طويلا إذ تكالب عليها الأعداء بفعل التسابق الاستعماري الأوربي فقررت بريطانيا احتلال السودان وارسلت كتشنر على رأس حملة عسكرية هزمت الأنصار في كرري واستبيحت العاصمة أم درمان علاوة على التدمير الممنهج لمعالم الدولة المهدية.
وفي عهد الحكم البريطاني للسودان ١٨٩٨-١٩٥٦م تطورت المدن السودانية تطورا ملحوظا وأخذت المدينة طابعها المدني فلم تعد الثكنات العسكرية هي المسيطرة على مجريات الأمور في المدينة،وأعاد البريطانيون تعميروتحديث الخرطوم وجعلها عاصمة للبلاد، ولعب كتشنر دورا كبيرا في ذلك فقام باعادة تخطيطها على أسس هندسية حديثة وجدد بناء وترميم قصر الحاكم العام(القصر الجمهوري )وشيد دواوين الحكومة ومباني الوزارات التي تحفها البساتين الخضراء. وبالجملة صارت الخرطوم مركزا تجاريا وثقافيا مهما، وجغرافيا تكونت العاصمة من ثلاث مدن الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، ولكل مدينة سماتها ومميزاتها الخاصة بها فشكلت أم درمان بوتقة الوعي القومي والذي انصهر فيها متخذا ابعادا اجتماعية وثقافية ورياضية، فتاسس فيها نادي الخريجين في عام ١٩١٨م الذي اصبح مركزا للنشاط الوطني القومي ثم تأسست في حواريها جمعيات المثقفين الفكرية(ابوروف والموردة)والتي هيأت السبيل لظهور الأحزاب السياسية، وكانت أم درمان مركزا للتعليم الاهلي ورائدة له،وفي أم درمان تأسست الأندية الرياضية القومية الهلال والمريخ. وكونت الخرطوم بحري الضلع الثالث للعاصمة متخذة الطابع الصناعي والعمالي في تكوينها. وحافظت النظم السياسية الوطنية بعد الاستقلال على عاصمة البلاد مع العمل على رفعتهاوالعناية بتقدمها.
إلى أن اندلعت الحرب في ١٥ أبريل ٢٠٢٣م بين الجيش وقوات الدعم السريع فانهارت العاصمة بمدنها الثلاثة بسرعة ودكت مبانيها وحرقت منشاتها بفعل قوة الضربات وعشوائية الهجمات والتي لم تفرق بين المحال العامة والسكنية والمواقع العسكرية، فجاءت هذه الحرب لتدمير البنى التحتية التي دفع الشعب السوداني ثمنها غاليا وتحولت الخرطوم الى شبح مخيف فتم افراغها من سكانها في أول سابقة في تاريخ السودان الحديث بعد اعملت فيهم آلة الدمار والتي أدت إلى قتل أكثر من تسعة آلاف شخصا بين مدني وعسكري وتشريد أكثر من خمسة مليون نازح داخل وخارج السودان فضلا عن تدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية لكل السودانيين وتوقف عجلة الإنتاج واتساع رقعة الحرب وتمددها مع الغياب التام للسلطة ومؤسساتها. ولمواجهة هذا الواقع الأليم تظل المعركة هي معركة الجماهير الواعية من أجل إيقاف الحرب واسترداد بريق الثورة وزخمها وهزيمة المخططات الرامية لتصفيتها، ويظل شعار لا للحرب الهدف الأساسي من اجل استنهاض حركة جماهيرية تنتصر للثورة وتوقف الحرب.
adilali62@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التی أدت أم درمان فی عام
إقرأ أيضاً:
القذائف غير المنفجرة.. أفخاخ الموت في الخرطوم
الخرطوم"رويترز": خرج عبد العزيز علي بنظارته ولحيته الرمادية من مدرسة ابتدائية في حي العمارات في العاصمة السودانية الخرطوم وهو يرتجف من الصدمة.وعاد الرجل، مثل آلاف آخرين، لتفقد المباني التي استعاد الجيش السيطرة عليها بعد عامين من الحرب الأهلية، ليجد تهديدا جديدا كامنا بين أنقاض المدينة. وفي حالته كان التهديد قذيفة غير منفجرة تحت كومة من القماش القديم.وكان علي (62 عاما) يعمل إداريا في المدرسة قبل اندلاع الحرب في أبريل 2023 واجتياح قوات الدعم السريع شبه العسكرية للمدينة.
وقال وهو يقف خارج المدرسة "كيف ما بخاف؟!"، مشيرا إلى أن القذيفة طولها حوالي 40 سنتيمترا وتبدو مثل القذائف المضادة للدروع.وأضاف "دي مدرسة بتاعة أطفال يعني لازم كل الحاجات دي تتشال.. ما نقدر نشيل أي حاجة حتى ييجوا ويشيلوا الحاجات دي كلها".
وتنتشر الذخائر والصواريخ في الشوارع والمنازل والمدارس والمتاجر في جميع أنحاء المدينة حيث بدأت العائلات بالعودة إلى المباني التي كانت قوات الدعم السريع تسيطر عليها.
وتتفقد فرق تطهير سودانية وأخرى تابعة للأمم المتحدة الوضع، وتسعى إلى تأمين الأماكن. لكنهم يقولون إنهم بحاجة إلى مزيد من الموظفين والتمويل، لا سيما بعد خفض المساعدات الأمريكية.وفي حي العمارات بالخرطوم، أشار علي إلى قذائف أخرى على الطريق الترابي بين المدرسة وروضة أطفال. وشوهدت عدة صواريخ في مركبات محطمة.
وقال حارس مبنى آخر إن السلطات عثرت على ذخائر وطائرات مسيرة في القبو وأزالتها. لكن الصواريخ المضادة للدبابات لا تزال موجودة.وأضاف "نخشى أن يؤدي انفجار واحد إلى تدمير المكان بأكمله".
وعاد أكثر من 100 ألف شخص منذ استعادة الجيش السيطرة على الخرطوم ومعظم مناطق وسط السودان في خضم الصراع الذي بدأ بسبب خطط لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة.
ولا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على مساحات شاسعة بغرب السودان، وغيرت أساليبها القتالية من التوغلات البرية إلى الهجمات بطائرات مسيرة على البنية التحتية في المناطق التي يسيطر عليها الجيش.
* انفجرت "بدون مقدمات"
أعلن المركز القومي لمكافحة الألغام في السودان تدمير أكثر من 12 ألف جسم متفجر منذ بدء الحرب. وقال مدير المركز اللواء الركن خالد حمدان إنه جرى اكتشاف خمسة آلاف جسم آخر منذ توسيع نطاق العمليات لتشمل الأراضي التي استعيدت في الآونة الأخيرة.
وذكرت تقارير أن 16 مدنيا على الأقل قُتلوا وأُصيب العشرات جراء انفجارات لذخائر خلال الأسابيع القليلة الماضية. وهناك مخاوف من أن يكون العدد الحقيقي للقتلى أعلى من ذلك.
وقال مدير مكتب المركز القومي لمكافحة الألغام في الخرطوم جمال البشرى "لدينا خمس فرق عمل فقط في الخرطوم حاليا". وتركز الجهود في العاصمة على الطرق الرئيسية والمباني الحكومية والمراكز الطبية في وسط الخرطوم، وهي المنطقة التي شهدت أعنف المعارك.
وقال حمدان إن بدء عمليات إزالة الألغام والمسح على النحو الأمثل يحتاج إلى 90 مليون دولار.
وتلتقط فرق العمل القذائف يدويا وتضعها بعناية في حقائب وصناديق قديمة أو جنبا إلى جنب فوق طبقة عازلة من التراب على ظهر شاحنة صغيرة ذات جوانب معدنية لحمايتها.
وتولت مجموعات تطوعية بعضا من هذه الجهود.
وقال حلو عبد الله الذي يرأس أحد الفرق العاملة في حي أمبدة بمدينة أم درمان المجاورة للخرطوم "في اليوم بيكون عندنا حكاية (حوالي) عشرة بلاغات إلى 15 بلاغا، وبنحاول نزيل العدد اللي نستطيع إزالته في اليوم".
وكان برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام أغلق أبوابه تقريبا في مارس آذار بعد خفض التمويل الأمريكي، إلى أن تدخلت كندا لدعمه.
وقال صديق راشد رئيس البرنامج في السودان "نحتاج إلى مئات الفرق. ليس لدينا سوى عدد قليل منها". وأضاف أن مشاكل في الحصول على تصاريح السفر تعرقل العمل أيضا.
وأضاف "الأمر مقلق للغاية لأن هذه المناطق تحتاج إلى فحص من فريق متخصص" قبل أن يعود الناس.
وقال رشيد إن فرق إزالة الألغام لم تقم بعمليات مسح إلا على السطح، لاسيما في المناطق الواقعة خارج الخرطوم التي تضررت بشدة أيضا.
وإذا لم تكن هناك عمليات مسح مناسبة، سيكون السكان متروكين لحماية أنفسهم بأنفسهم.
وفقد فتى يبلغ من العمر ستة عشر عاما ذراعه اليسرى وأصيب بجروح بالغة عندما انفجرت قذيفة بينما كانت أسرته تزيل الأنقاض في منزلها بجزيرة توتي، حيث يلتقي النيلان الأزرق والأبيض في الخرطوم.
وقال عمه وهو يقف بجانب سرير الصبي في المستشفى بأم درمان "خلال النضافة العادية في البيت يوم السبت حوالي الساعة 11 ونص 12 واحنا قاعدين فجأة سمعنا صوت انفجار لكن أنا شايف انه كان في طلقة بتاعة مضاد 23... كان في الكرسي، بدون مقدمات بدون أي حاجة قامت الطلقة".