صحيفة التغيير السودانية:
2025-12-08@21:58:35 GMT

دموع في صالة السينما

تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT

دموع في صالة السينما

 

دموع في صالة السينما

حمور زيادة

حتى كتابة هذا المقال، حصد فيلم “وداعاً جوليا” 14 جائزة من مهرجانات سينمائية دولية مختلفة، أولها كان. وتنوعت جوائزه بين جوائز تمثيل وجوائز للإخراج.

لا يستند الفيلم إلى تاريخ ضخم من الإنتاج السينمائي السوداني. بل على العكس، تبدو صناعة السينما في السودان ناشئة، معتمدة على الشغف ومحبّة الفن السابع، أكثر من اعتمادها على خبرة وتراكم إنتاجي كبير.

لذلك تتصدّر الوجوه الجديدة عادة بطولة أفلام الموجة الجديدة من السينما السودانية.

شكّلت ظروف الحرب السودانية التي أجبرت حوالي مليوني سوداني على النزوح خارج البلاد، من جملة ستة ملايين نازح، بيئة جيدة لتسويق الفيلم لمئات الآلاف من المشاهدين السودانيين الذين ما كانوا لولا النزوح عن السودان قادرين على حضور عرض سينمائي، فقبل أعوام فشلت محاولات عرض فيلم “ستموت في العشرين” في الخرطوم، رغم عرضه في دول كثيرة وحصوله على جوائز عالمية. لكن حملة انتقادات على “السوشيال ميديا” لأحد مشاهد الفيلم كانت كافية ليرفض مدير دار العرض السينمائية الأكبر في السودان (واحدة من سينمات تعدّ على أصابع اليد الواحدة) عرض الفيلم، رغم حصوله على تصريح الرقابة، بحجّة أنه فيلم خادش للحياء ولا يناسب العادات السودانية. وهو انتقاد وُجّه بدرجة أخفّ إلى “وداعاً جوليا”. ومن المؤكّد أن الفيلم المقبل سيقابل برفض أقلّ، إذ إن سنوات حكم الحركة الإسلامية للسودان قطعت علاقة الجمهور بفن السينما أكثر من ربع قرن. ويعيد المشاهد السوداني، حاليا، التعرّف إلى صورة مجتمعه الفنية.

كانت مشاهدة “وداعاً جوليا” في صالة عرض سينمائي لكثيرين اللقاء الأول مع تصوّر فنّي للسودان. ولأننا ننتمي إلى بلادٍ أدمنت الحزن، فإن مصادفة تقارب موضوع الفيلم مع الواقع السياسي والاجتماعي السوداني لم تكن مستحيلة، فالسودان يدور في حلقة شيطانية من التعاسة، لا يبدو أنها ستنكسر قريباً.

يعرض فيلم “وداعاً جوليا” اللحظات الأخيرة للسودان القديم الذي وجد بين العامين 1956 و2011، بمساحة مليون ميل مربع، وشهد واحدةً من أطول الحروب الأهلية في القارّة الأفريقية، وانتهى إلى التقسيم إلى بلدين. وبعرضه في 2023 في أثناء الحرب السودانية الحالية، أعاد فتح جراحٍ كثيرة في نفوس السودانيين. إذ لم تشرّدهم الحرب فحسب، لكنها أيضاً تهدّد بلادهم بتقسيم جديد، بل ربما تفكّك كامل، فكأنما جاء الفيلم في لحظة حرجة ليذكّر الجميع أن العقلية المسيطرة على المجتمع السوداني، في أغلبه ومن دون تمييز بين عقلية صاحب الامتيازات وعقلية المهمّش، إقصائية صفرية، تعجز عن إنتاج واقع يسمح بالتعايش المشترك المتساوي لكل المواطنين.

قدّم الفيلم نموذجاً للتلاعب المتبادل بين الجلاد والضحية، والصراع بين التقدّمي والرجعي. بل إنه، في حبكة فنية بارعة، يخلط الأوراق، حتى يحتار المشاهد في “من يتلاعب بمن”، وهل الرجعي رجعي حقاً أم هو مجرّد شخص متصالح مع واقع ورثه، وهل التقدّمي تقدّمي حقيقي أم هو مجرّد رجعي يجيد الادّعاء؟

من الصعب وضع تلقّي كل المشاهدين في خانة واحدة، فالفنون تمتاز بإمكانية تأويلها وتلقّيها على أكثر من وجه. في أحد عروض فيلم “أوبنهايمر” الذي يحكي صراع عالم الفيزياء النظرية روبرت أوبنهايمر، الأب الشرعي للقنبلة الذرّية، مع نفسه ومع الحكومة الأميركية، لمحاولة منع انتاج مزيد من أسلحة الفناء، صادفتُ نموذجاً جيداً لاختلاف التلقي الفني. في التصاعد الدرامي الذي صنعه كريستوفر نولان، كانت لحظة تجربة أول قنبلة ذرية في الصحراء مخيفة، قدّمها الفيلم بمشاهد صامتة وشاحبة، لكن بعض المشاهدين صفّقوا فرحاً بنجاح التجربة، بينما وجم أغلب من في صالة العرض. بالنسبة لمن صفّقوا، كان الفيلم مجرّد فيلم لطيف عن عالِم لديه مشروع طموح لإنجاز شيء ما، تصادف أنه قنبلة. وقد نجح العالم في مسعاه، لذلك صفّقوا ابتهاجاً. ولآخرين كان الفيلم يعرض لحظة الكارثة التي لم يعد العالم بعدها كما كان. ولذلك يمكن لمئات الالاف الذين شاهدوا “وداعاً جوليا” أن يقدّموا عشرات القراءات والتأويلات. لكن ما غلب على الجمهور السوداني كان الدموع، لأن الفيلم جاء في لحظة استثنائية ليعيد تذكيرهم بما فقدوه، دولة واحدة متنوّعة وتعددية. وينبههم إلى ما قد يفقدونه الآن، وجود الدولة ذاتها.

الوسومجوائز حمور زيادة دموع فيلم وداعا جوليا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: جوائز حمور زيادة دموع فيلم وداعا جوليا

إقرأ أيضاً:

الجالية السودانية في الإمارات تحتفي بعيد الاتحاد الـ 54

احتفلت الجالية السودانية بعيد الاتحاد الـ 54 لدولة الإمارات، وذلك في مقر النادي الاجتماعي السوداني بأبوظبي، وسط حضور كثيف من أبناء الجالية، وبمشاركة لافتة لعدد من الأدباء والشعراء والفنانين الإماراتيين.

حضر الاحتفال الشيخ منصور بن سرور بن محمد الشرقي، إلى جانب عدد من رؤساء الأندية السودانية في دولة الإمارات، في أجواء احتفالية مهيبة أحياها فنانون وشعراء من السودان والإمارات، عكست عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين.

وتضمنت فعاليات الاحتفال الفقرات التراثية الإماراتية والسودانية، إضافة إلى تقديم أغنيات وطنية من البلدين وعروضاً فلكلورية جمعت بين الرقصات التراثية الإماراتية والسودانية.

وفي كلمة له، عبّر محمد بهاء الدين، رئيس النادي السوداني، عن امتنانه وتقديره لدولة الإمارات قيادةً وشعباً، مهنئاً إياهم بعيد الاتحاد الـ 54، مشيرا إلى أن دولة الإمارات كانت ولا تزال الحضن الدافئ الذي استقبل مئات الآلاف من السودانيين، ووفرت لهم بيئة آمنة لتحقيق آمالهم وتطلعاتهم.

وأضاف أن دولة الإمارات تمثل نموذجاً فريداً ونادراً في التسامح والتعايش والمواقف الإنسانية وتعد من أكثر الدول عطاءً في المجالات الإنسانية والإغاثية.

أخبار ذات صلة «الأعمال الأردني الإماراتي» يحتفي بعيد الاتحاد سباقات «قُرى الإمارات للجري» تختتم الفعاليات في الشويب

وجدّد أبناء الجالية في هذا اليوم، فخرهم واعتزازهم بما حققته الدولة من نهضة شاملة وإنجازات رائدة معربين عن عظيم امتنانهم للمواقف الأصيلة التي ظلّت دولة الإمارات تبديها تجاه الشعب السوداني خلال المحنة القاسية التي تعصف ببلاده، بتقديمها دعماً إنسانياً كريماً للملايين من اللاجئين الذين شرّدتهم الحرب خارج البلاد.

كما أقام النادي السوداني في مقره بمنطقة المعمورة برأس الخيمة احتفالا بعيد الاتحاد الـ 54 للدولة، استضاف النسخة الثانية من مهرجان "سحر التراث ما بين العراقة والحداثة" 2025 الراعي الرسمي والمنظم للحدث.

تضمن المهرجان عروضا موسيقية سودانية وبازارا مصاحبا تضمن 28 جناحا للأسر المنتجة ومسابقات قدمت جوائز للفائزين.

وأشاد خالد الشاذلي مدير اللجنة الثقافية بالنادي بدعم الإمارات الأصيل للشعب السوداني في كافة الظروف.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • عودة سيد الخواتم إلى السينما.. ثلاثية بيتر جاكسون بنسختها المطولة
  • وداعا للفوضى.. كيف تعيد ترتيب خزانتك لفصل الشتاء؟
  • سبب انقطاع الكهرباء عن السودان - الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء
  • وداعاً للمس.. إطلاق أول هاتف في العالم يعمل ذاتياً دون أي تدخل بشري
  • "جمعية السينما" تشارك في مهرجان "IFFA" بأستراليا
  • آخر إيرادات فيلم أوسكار في دور السينما
  • آخر إيرادات فيلم السلم والثعبان في دور السينما
  • الجالية السودانية في الإمارات تحتفي بعيد الاتحاد الـ 54
  • عودة فيلم Avengers: Endgame إلى دور السينما قبل إطلاق Doomsday
  • بعدما لقطتها كاميرات القناة الناقلة للمباراة.. شاهد ماذا قالت مشجعة صقور الجديان الحسناء عن لقطة إنهيارها بالبكاء: (راسنا مرفوع وما دموع انكسار)