المقاومة الفلسطينية في غزة تجني أول ثمار عملية طوفان الأقصى.. اليمن في متن الانتصار
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
بعد قرابة الشهر والنصف استطاعت المقاومة الفلسطينية فرض شروطها على قادة كيان العدو الصهيوني والوصول إلى هدنة مؤقتة اضطر العدو الصهيوني للقبول بها بعد أن أصيب بنكسة تاريخية كبيرة وعجز عن تحقيق أي انتصار عسكري ، وتحرير أي من أسراه المتواجدين في قبضة المقاومة الفلسطينية من خلال توغله العسكري في قطاع غزة ليوافق أخيراً على إجراء صفقة تبادل للأسرى خلال أيام الهدنة .
الثورة / محمد الروحاني
لم ترفع المقاومة الفلسطينية الراية البيضاء ولم تخسر الكثير، ومازالت على مواقفها الصلبة ولم تنفذ أي مطلب للعدو الذي أكد ان عدوانه على غزة لن يتوقف حتى القضاء على حماس واسترجاع جميع الأسرى ، ورغم ذلك قِبل العدو الصهيوني بصفقة لتبادل الأسرى مع المقاومة والدخول في هدنة ، وان كانت مؤقتة فهي وفق المحللين انتصار لحركة المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها وخسارة كبيرة لكيان العدو الصهيوني حتى وان حاول هذا العدو إظهار الأمر على انه خلاف ذلك فموافقة حكومة كيان العدو اليمينية المتطرفة على الهدنة وقبول وقف إطلاق النار دون تحصيل أي من أهدافها المعلنة منذ بداية العدوان ، بتدمير حماس واستعادة المختطفين عسكريًا ، تؤكد ثبوت انتصار حركة المقاومة الفلسطينية في ميادين المواجهة المسلحة وإرغام قادة كيان العدو على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، دون الحصول على هدفهم الرئيسي بتفكيك كتائب القسام .
العدو قِبل الهدنة مرغماً
منذ بداية عملية طوفان الأقصى، والعدوان الصهيوني على قطاع غزة رفعت المقاومة الفلسطينية شعار ” انه لجهاد نصر أو استشهاد ” وطبقت هذا الشعار على الميدان من خلال ما بات يعرف بتكتيك المسافة صفر متسلحة بأسلحة قريبة المدى أظهرت قدرة عناصر المقاومة ، في مواجهة ترسانة القوات البرية الصهيونية المدججة بالمدرعات والدبابات والقصف الجوي، ليقارب عدد أليات، ودبابات جيش العدو التي تم تدميرها منذ بداية العدوان الأربعمائة ، ما اضطر كيان العدو الصهيوني وفق تقارير نشرتها صحف نيويورك تايمز، ونيوزوييك، وهآرتس، بطلب معدات عسكرية هائلة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، غالبيتها آليات برية، لتعويض الخسائر في ميادين القتال داخل قطاع غزة، دون كشف الخسائر في صفوف كتائب القسام، ما يعني أن حماس لا زالت تدير المواجهة العسكرية في وجه قوات العدو بشكل كبير .
ورغم ان العدو الصهيوني ينشر أرقاماً لعدد قتلاه في العدوان على غزة والتي قاربت السبعين ، الا ان حجم الدبابات والآليات العسكرية المدمرة تؤكد ان العدو يخفي الرقم الحقيقي لقتلاه ، والذي قد يصل إلى أضعاف هذا الرقم ، نظراً لحجم الأليات والدبابات التي تم تدميرها ، فمن غير المعقول ان عدد الدبابات والأليات العسكرية تقارب الأربعمائة في حين أن عدد القتلى لا يتجاوز السبعين ، وبالتأكيد ان قتلى جيش العدو الصهيوني بالألاف .
ووفق مراقبين فمن الممكن اعتبار الانتصار العسكري لفصائل المقاومة الفلسطينية سبباً من الأسباب التي دفعت كيان العدو لقبول الهدنة؛ حيث إن حكومة كيان العدو، التي زعمت معرفتها الجيدة بغزة منذ بدء العدوان، عجزت عن تحقيق أي انتصار ملموس بعد بدء عمليتها البرية في غزة. وعجز جيش العدو عن العثور على أي أنفاق أو مسؤولين من حماس طيلة أيام ، ولا شك أن قبول كيان العدو بالهدنة بعد أيام قليلة من قراره بالتحرك نحو الجنوب، بعد بدء الغزو البري، هو أمر يُظهر أن مواقف الكيان الصهيوني بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
وعلى الجانب الآخر، بدأت معنويات جيش العدو في التراجع مع تزايد الخسائر العسكرية، بينما يواجهون صعوبات شديدة في التوغل إلى عمق غزة. وحققت المقاومة انتصاراً عسكرياً ، فيما استمر أهل غزة أيضاً في المقاومة رغم سقوط الضحايا ، وهو انتصار لا يقل عن انتصار المقاومة .
على الجانب الأخر وجد الكيان الصهيوني نفسه في مواجهة أخرى مع المقاومة الإسلامية في لبنان «حزب الله» الذي أدخل العدو الصهيوني في حرب استنزاف جعلته بالفعل على حافة الخسارة الحقيقة للحرب .
كذلك وجد كيان العدو الصهيوني نفسه أمام جبهات أخرى من العراق واليمن ، ووفق مراقبين فأن دخول اليمن على خط مواجهة العدو الصهيوني ضمن عمليات طوفان الأقصى كان لها التأثير الأكبر على مجريات الأمور في قطاع غزة ، وقد تكون سبباً رئيسياً في قبول كيان العدو بالهدنة المؤقتة ، والدخول في صفقة تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية ، خصوصاً بعد استيلاء القوات المسلحة اليمنية على سفينة إسرائيلية في مياه البحر الأحمر الأسبوع الماضي ، وخوف الأمريكي من اتجاهات الأمور في مضيق باب المندب وتأثير عمليات اليمن العسكرية على اقتصاد أمريكا في ظل عدم قدرة الأمريكيين على منع هذه العمليات لمعرفتهم ما يمكن ان يجلبه تدخلهم من تأثيرات كارثية قد تنتهي بوقف مرور السفن من مضيق باب المندب ، وهو أمر لا يستطيع الكيان الصهيوني تحمله ، ولا حتى أمريكا نفسها والتي ضغطت على كيان العدو لقبول صفقة تبادل الأسرى والدخول في هدنة مؤقتة قد تكون مقدمة لهدن قادمة وصولاً إلى إيقاف العدوان على غزة .
إضافة إلى ما سبق هناك عامل آخر أجبر كيان العدو في الدخول في الهدنة وقبول صفقة لتبادل الأسرى وهو الضغط الداخلي التي يتعرض له رئيس وزراء كيان العدو نتنياهو من أهالي الأسرى، ولا شكَّ أن حقيقة عدم اتخاذ حكومة الكيان لأي خطوات في ملف الرهائن طيلة أسابيع، وتصعيدها في المقابل لحربها دون حل مشكلة الرهائن، وتهديدها لحياة الرهائن أنفسهم هي أمور زادت توتر الأجواء السياسية الداخلية داخل الكيان ، ويُمكن القول باختصار إن الهدنة محاولةٍ من نتنياهو لإنقاذ حكومته على الساحة السياسية ، لكن المؤكد هو أن هذا ليس سوى سبب واحد فقط لموافقة كيان العدو على الهدنة .
هدنة بشروط المقاومة
الإنتكاسة العسكرية المدوية أمام المقاومة ووحدة الساحات بين محور المقاومة، والضغط الداخلي أرغمت قادة كيان العدو على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والقبول بهدنة مؤقتة وصفقة تبادل للأسرى دخلت حيز التنفيذ في السابعة صباح يوم الجمعة الماضية .
لماذا الهدنة انتصار للمقاومة
وفق مراقبين لم تبرهن المقاومة الفلسطينية على انتصارها العسكري فحسب بهذه الهدنة، بل أثبتت انتصارها السياسي أيضاً؛ إذ نص أحد شروط الهدنة على ضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهو أمر بالغ الأهمية لصمود سكان غزة، ومن خلال هذه الهدنة سيتمكن الفلسطينيون في غزة من التنفس بسهولةٍ أكبر نسبياً خلال الأيام التالية لاتفاق الهدنة.
كما ستتيح أيام الهدنة الـ 4 لكتائب القسام أفضلية عسكرية من خلال إعادة ترتيب القوات وتموضعها في ميادين القتال، استعدادًا لما بعد انتهاء الهدنة، حيث يتم مراقبة تموضع القوات الصهيونية من خلال الأقمار الصناعية لحظة بدء الهدنة، وفقًا للأعراف والقوانين الدولية، وهو ما يصعب تطبيقه على كتائب القسام كونها تتنقل باستخدام الأنفاق بطول قطاع غزة، ما يعطيها الأفضلية في استخدام فترة الهدنة للاستعداد لمواصلة القتال، على عكس قوات العدو الصهيوني .
معارضة داخل كيان العدو
لم يكن من السهل على الكيان الصهيوني الموافقة على الهدنة المؤقتة وصفقة تبادل الأسرى، فوفق إعلام العدو صوت 50 % فقط في حكومة كيان العدو على الهدنة وصفقة تبادل الأسرى فيما امتنع 30 % عن التصويت ، وصوت 20 % ضد .
ومن ضمن المعارضين وزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير وكتلته داخل الحكومة الصهيونية التي اعتبرت قرار الهدنة بالكارثة على الكيان الصهيوني .
كذلك قدمت جمعية ما تسمى “الماغور” الأربعاء الماضي التماسًا إلى المحكمة العليا في كيان العدو ضد تنفيذ الاتفاق، لكن المحكمة صادقت على صفقة تبادل الأسرى، وهذا يكشف ضعف الكيان الصهيوني وعدم قدرته على الرفض في ظروف أوصلته إلى حافة الهزيمة .
صفقة الأسرى
تضمن اتفاق الهدنة على صفقة لتبادل الأسرى تضم نحو خمسين من الأسرى الصهاينة لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس تُنفذ على دفعات.. حيث يتم تبادل ثلاثة أسرى فلسطينيين مقابل أسير صهيوني وهو ما مثل انتصاراً آخر للمقاومة الفلسطينية، باعتبار ان العدو راهن على الحل العسكري على استعادة أسراه رافضاً الحديث عن صفقة لتبادل الأسرى، وهو مالم يستطع تحقيقه في توغله البري في غزة طيلة الثمانية والأربعين يوم الماضية، ما أجبره على الرضوخ لشروط المقاومة والدخول في صفقة تبادل للأسرى مع المقاومة ووفق ما تحدده المقاومة .
ومن المعلوم ان تحرير الأسرى من السجون الصهيونية كان ضمن الأهداف الرئيسية لعملية طوفان الأقصى التي أعلنت عنها حركة المقاومة الإسلامية حماس في الـ 7 من أكتوبر الماضي، حيث أسرت فصائل المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها كتائب القسام وقتها من مستوطنات ونقاط عسكرية للعدو في محيط غزة نحو 239 صهيوني بينهم عسكريون برتب رفيعة، بهدف مبادلتهم بأكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني في سجون كيان العدو .
وبالنظر إلى عدد الصهاينة الذين سيتم تبادلهم خلال هذه المرحلة سنجد ان العدد لا يتضمن جميع أسرى العدو وان المقاومة الفلسطينية مازالت تحتفظ بعدد كافِ من الأسرى لتفاوض عليهم كيان العدو الصهيوني عقب انتهاء أيام الهدنة الأربعة، ومن المتوقع ان تطلب الافراج الكلي عن جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون كيان العدو .
الأطفال والنساء أولوية لدى المقاومة
عملية طوفان الأقصى بدأت تعطي أكلها حيث تم الافراج في أول أيام الهدنة الافراج عن تسعة وثلاثين أسيرة وأسيراً قاصراً في عملية تبادل الأسرى مع كيان العدو وفق ما نشره نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى كالتالي :-
الأطفال المحررون
من رام الله: روان نافز محمد أبو مطر، يوسف محمد مصطفى عطا، أحمد نعمان أحمد أبو نعيم، ليث خليل عثمان عثمان، محمد محمود أيوب دار درويش، ومن الخليل، محمد أحمد سليمان أبو رجب، براء بلال محمود ربعي، معتز حاتم موسى أبو عرام، ومن نابلس، جمال يوسف جمال أبو حمدان، محمد أنيس سليم ترابي .
قلقيلية: جبريل غسان إسماعيل جبريل، أبان إياد محمد سعيد حماد، ومن القدس: إياد عبدالقادر محمد خطيب، عبدالرحمن عبدالرحمن سليمان رزق.. بالإضافة إلى قصي هاني علي أحمد، من بيت لحم. ومن أريحا، جمال خليل جمال براهمة.
الأسيرات المحررات
القدس: مرح جودت موسى بكير، ملك محمد يوسف سليمان، أماني خالد نعمان حشيم، نهاية خضر حسين صوان، فيروز فايز محمود البو، أزهار ثائر بكر عساف، فاطمه نعمان علي بدر، سميرة عبدالحرباوي، زينه رائد عبدو .
نابلس: تحرير عدنان محمد أبو سريه، فلسطين فريد عبداللطيف نجم، مريم خالد عبدالمجيد عرفات، أسيل منير إبراهيم الطيطي، سارة أيمن عبدالعزيز عبدالله السويسه، فاطمة بكر موسى أبو شلال، نور محمد حافظ الطاهر ومن طولكرم، رغد نشأت صلاح الفني، ولاء خالد فوزي طنجه .
بيت لحم روضة موسى عبدالقادر أبو عجمية، فاطمة إسماعيل عبدالرحمن شاهين، بالإضافة إلى سماح بلال عبد الرحمن صوف، من قلقيلية، وحنان صالح عبدالله البرغوثي، من رام الله، إضافةً إلى فاطمة نصر محمد عمارنه، من جنين .
المعتقلون في سجون العدو
تؤكد حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية إن ما لديها من أسرى كفيل بـتبيض السجون الصهيونية من كافة الأسرى الفلسطينيين ، ووفق إحصائيات “نادي الأسير الفلسطيني ” فأن كيان العدو يعتقل في سجونه نحو 7 آلاف أسير، بينهم 200 طفل و78 سيدة ومئات المرضى والجرحى .
وبحسب بيانات “نادي الأسير”، فإن جيش العدو اعتقل 3000 فلسطيني منذ 7 أكتوبر الماضي، في الضفة الغربية وحدها .
وتمثل صفقات التبادل الوسيلة الأشهر والأكثر جدوى عبر محطات الصراع مع العدو الصهيوني ، منذ إعلان قيام كيان العدو على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م، حيث حاول الفلسطينيون والحكومات العربية تحرير أكبر عدد من الأسرى من السجون الصهيونية عبر إجراء مثل هذه الصفقات .
أبرز صفقات التبادل
ومع صفقة التبادل الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية وكيان العدو يمكن التعريج على أبرز صفقات تبادل الأسرى التي جرت مع كيان العدو الصهيوني وهي كالتالي:
الصفقة التي تمت في يوليو 1986م، وهي أول عملية تبادل للأسرى بين منظمة التحرير الفلسطينية وكيان العدو، بعد نجاح مقاتلين فلسطينيين من “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، بقيادة “يوسف الرضيع” و”ليلى خالد”، في تنفيذ أول عملية اختطاف لطائرة تابعة لشركة طيران “العال” العبرية، بينما كانت متجهة من العاصمة الإيطالية روما إلى تل أبيب، حيث أجبروها على التوجه والهبوط في الجزائر، وعلى متنها أكثر من 100 راكب .
ولاحقًا، أطلقت “الجبهة” سراح الركاب مقابل إفراج الاحتلال عن 37 أسيرا فلسطينيا من ذوي الأحكام العليا، بينهم أسرى اعتقلوا قبل عام 1967م، وذلك بوساطة “اللجنة الدولية للصليب الأحمر .
وفي العام 1969م اختطفت مجموعة من “الجبهة الشعبية”، بقيادة “ليلى خالد” طائرة للكيان أخرى؛ للإفراج عن أسرى فلسطينيين داخل سجون كيان العدو، حطت الطائرة في بريطانيا، لكن عملية الاختطاف فشلت، ولقي أحد منفذيها حتفه، واعتقلت السلطات البريطانية “ليلى خالد”، بعدها اختطفت “الجبهة” طائرة بريطانية، وأجرت صفقة تبادل أطلق بموجبها سراح ” ليلى خالد ” .
وفي يناير 1971م جرت صفقة تبادل أسرى بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح ” وكيان العدو ، بوساطة “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، أطلق بموجبها سراح الأسير “محمود بكر حجازي”، مقابل إطلاق سراح الجندي الصهيوني شموئيل فايز، الذي اختطفته “فتح” أواخر 1969م.
وفي مارس 1979م جرت عملية تبادل باسم “النورس” بين كيان العدو ومنظمة التحرير الفلسطينية، أطلقت بموجبها “الجبهة الشعبية – القيادة العامة”، وهي أحد فصائل المنظمة، سراح الجندي، أبراهام عمرام، الذي كانت قد أسرته يوم 5 أبريل 1978م في عملية الليطاني، مقابل إفراج كيان العدو عن 76 أسيراً من عدة فصائل فلسطينية، بينهم 12 فلسطينيّة .
وفي منتصف فبراير 1980م قرر كيان العدو إطلاق سراح الأسير الفلسطيني مهدي بسيسو، مقابل إطلاق سراح المواطنة الأردنية “أمينة داود المفتي”، التي عملت لصالح جهاز المخابرات الخارجية (الموساد)، حيث كانت محتجزة لدى حركة “فتح”، وجرت عملية التبادل في قبرص، تحت إشراف “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” .
وفي نوفمبر 1983م، جرت عملية تبادل بين حكومة العدو و”فتح”، أطلق كيان العدو بموجبها سراح جميع أسرى “معتقل أنصار” في الجنوب اللبناني، وهم 4700 أسير فلسطيني ولبناني، إضافة إلى 65 أسيراً من السجون الصهيونية، مقابل إطلاق سراح ستة جنود صهاينة من قوات “الناحل” الخاصة كانوا قد أسروا في منطقة بحمدون جنوب لبنان يوم 4 سبتمبر 1982م.
وفي مايو 1985م أجرى كيان العدو عملية تبادل مع “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، سميت بعملية “الجليل”، أطلقت فيها سراح 1155 أسيرا فلسطينيا ولبنانيا من سجونها، مقابل ثلاثة جنود صهاينة كانوا في قبضة “الجبهة” .
وفي عام 1997م تمت عملية تبادل بين الحكومة الأردنية والعدو، أطلقت تل أبيب بموجبها سراح الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ومرافقين اثنين له، مقابل إطلاق سراح رجلي “الموساد”، اللذين اعتقلتهما أجهزة الأمن الأردنية في محاولة اغتيال فاشلة لرئيس المكتب السياسي لحماس في حينه، خالد مشعل .
وفي مطلع أكتوبر 2009م، أفرج كيان العدو عن 20 أسيرة فلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة، مقابل الحصول على مقطع مصور حديثا مدته دقيقتان يظهر فيه الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، الذي أسرته فصائل مقاومة فلسطينية يوم 25 يونيو 2006م.
وفي أكتوبر 2011م أنجزت صفقة كبيرة لتبادل الأسرى، حيث أطلق كيان العدو سراح 1027 أسيرا فلسطينيا، مقابل إطلاق حماس سراح الجندي شاليط، في عملية أسمتها حماس “وفاء الأحرار”، وأطلقت عليها تل أبيب اسم “إغلاق الزمن ” وكان ضمن المفرج عنهم يحيى السنوار المطلوب الأول لكيان العدو اليوم في غزة .
اعتقالات جديدة
ويبدو ان العدو الصهيوني حريص على اعتقال المزيد من الفلسطينيين .. ففي الوقت الذي كان يتم فيه الحديث عن الاتفاق على صفقة تبادل الأسرى اعتقلت قوات العدو الصهيوني، مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية وعددًا من الطواقم الطبية والمصابين، خلال إجلائهم القسري في رحلة استغرقت 20 ساعة إلى جنوب قطاع غزة .
وكان مدير مجمع الشفاء قد عمل طوال الأسابيع الماضية على عقد مؤتمرات صحفية والإدلاء بتصريحات حول نتائج العدوان الصهيوني على غزة، وعرض تفاصيل حصار مجمع الشفاء الطبي واقتحامه وتداعياته، وهو الأمر الذي قد يحول دون الافراج عنه من العدو الصهيوني وقد يضمه العدو ضمن الأسرى الذي قد يفاوض عليهم في صفقات التبادل .
وعلى خلفية هذا الاعتقال قررت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، وقف التنسيق الكامل مع منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بإخلاء باقي الجرحى والطواقم الطبية من مجمع الشفاء الطبي، إلى حين الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء والكوادر الطبية الذين تم اعتقالهم خلال إجلائهم القسري من المستشفى وتقديم تقرير يوضح ما حدث معهم .
وأكدت ان وجود الأمم المتحدة وطواقمها والخروج تحت رايتها غرر بطواقمنا الطبية وجعلها تثق بتنسيقها لإخلاء الجرحى والطواقم الطبية”، محملة الاحتلال الإسرائيلي المسئولية الكاملة عن حياة الزملاء المعتقلين وسلامتهم.. محملة الأمم المتحدة، المسئولية الكاملة عن هذا الحدث.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى: 10 تحولات جيوسياسية تعيد رسم خرائط القوى العالمية
لم تكن عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 مجرد مناوشة عسكرية عابرة، بل كانت بمثابة ضربة قاصمة، وزلزال جيوسياسي اهتزت على إثره أركان المنطقة والعالم، معيدا تشكيل موازين القوى والاستراتيجيات الدولية. في هذا المقال، نستعرض عشرة محاور رئيسة توضح كيف أدت هذه العملية إلى تحولات عميقة ومستمرة، كشفت النقاب عن وجه جديد للعالم العربي بتحولاته الجيوسياسية، وأنظمته الهشة المتفككة.
1- سقوط "صفقة القرن" وإحياء القضية الفلسطينية
كان "طوفان الأقصى" بمثابة المسمار الأخير في نعش ما سُمِّي بـ"صفقة القرن" التي كانت تهدف إلى تهميش القضية الفلسطينية. لقد كشفت عملية طوفان الأقصى أكذوبة الوطن الصهيوني الآمن، ونجحت في تحطيم أسطورة "الجيش الذي لا يُقهَر"، وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الدولية، وكأنها نفضت عنها غبار سنوات من التهميش. تصاعد الضغط الشعبي العربي بشكل غير مسبوق، مما قيَّد بشكل كبير أي خطوات نحو التطبيع الحكومي مع الكيان الصهيوني، وظهر ذلك جليا في مواقف دول مثل تونس والأردن والمغرب والسودان.. إلخ. كما انهارت محاولات "شرعنة" الاحتلال الصهيوني، مع تزايد الإدانات الدولية لجرائم الحرب الصهيونية، وتقديمها للمحاكم الدولية. هذا ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار أخلاقي أعاد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، نحو قضية ما زالت حية في وجدان الشعوب.
انهارت محاولات "شرعنة" الاحتلال الصهيوني، مع تزايد الإدانات الدولية لجرائم الحرب الصهيونية، وتقديمها للمحاكم الدولية. هذا ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار أخلاقي أعاد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، نحو قضية ما زالت حية في وجدان الشعوب
2- الإطاحة بنظام الأسد ورجوع السنة لحكم سوريا بعد أكثر من 100 عام من حكم الأقليات
لقد كانت "طوفان الأقصى" بمثابة المسمار الأخير في نعش ما كان يُسمى بـ"محور المقاومة" الإيراني. بينما انشغلت طهران و"حزب الله" بالجبهة الفلسطينية الملتهبة، تضاءل دعمهما لنظام بشار الأسد في سوريا. تزامنت هذه الانشغالات مع تصعيد ضربات الكيان الصهيوني الموجعة ضد مواقع "الحرس الثوري" الإيراني، والتي استنزفت قدراته العسكرية والبشرية بشكل كبير. في هذا الفراغ المروع، شنت فصائل المعارضة السنية السورية، وفي مقدمتها "هيئة تحرير الشام"، هجوما منسقا بدعم تركي مكثف وتأييد شعبي واسع، مما أدى إلى سقوط دمشق وحلب. تلا ذلك انسحاب روسي جزئي، حيث قلصت موسكو وجودها العسكري في سوريا لتركيز جهودها على حرب أوكرانيا، مما فتح الباب أمام تشكيل حكومة سورية جديدة ذات أغلبية سنية، مُغَيِّرا جذريا في التركيبة السياسية للبلاد. هذا التحول، الذي كان في مخيلة الكثيرين ضربا من ضروب المستحيل، بعد أن ظلت سوريا في يد الأقليات منذ سقوط الخلافة العثمانية، بات اليوم حقيقة دامغة، تعكس فشل مشروع الاستبداد والمحاور الخارجية في الحفاظ على أنظمة فقدت شرعيتها.
3- احتضار المشروع الإيراني في الشام والعراق
كانت العملية بمثابة ضربة قاسية للمشروع الإيراني في المنطقة. ففقدان إيران لسيطرتها على الجسر البري عبر سوريا، الذي كانت تستخدمه لنقل الأسلحة والدعم اللوجستي إلى "حزب الله"، قيَّد بشكل كبير قدرتها على التأثير في الشام. كما أدت الاغتيالات المتتالية لقادة عسكريين بارزين في "الحرس الثوري" وحزب الله، بمن فيهم قاسم سليماني سابقا وحسن نصر الله وقيادات الصف الأول في حزب الله في ضربات الكيان الصهيوني الأخيرة، إلى إضعاف بنيتها القيادية في الشام. أما في العراق، فقد تراجعت حدة أنشطة المليشيات الموالية لإيران مثل "الحشد الشعبي"، التي باتت تتخوف من التورط في صراعات إقليمية أوسع. فقدت طهران جزءا كبيرا من قوتها الإقليمية، مما قلل من رغبة الدول في التعاون معها بعد انكشاف هشاشة مشروعها القائم على المليشيات. لقد تبين أن وهْم القوة المبنية على المليشيات يمكن أن يتبخر سريعا أمام ضربات استراتيجية تغير المشهد.
4- إعادة تشكيل الاستراتيجيات العسكرية العالمية
لقد أثبت "طوفان الأقصى" أن التفوق التكنولوجي العسكري وحده لم يعد كافيا لضمان النصر. فقد نجحت التكتيكات غير التقليدية، مثل استخدام الصواريخ البدائية والطائرات المسيرة، في اختراق أنظمة دفاعية متطورة مثل "القبة الحديدية" للكيان الصهيوني. هذا الإنجاز فرض إعادة تقييم شاملة للاستراتيجيات العسكرية في جميع أنحاء العالم. دفعت هذه الدروس دولا مثل الولايات المتحدة وروسيا إلى توجيه استثمارات ضخمة في تعزيز أنظمتها الدفاعية ضد التهديدات غير المتماثلة، والتفكير في تطوير تكتيكات جديدة للتعامل مع هذا النوع من الحروب. لقد أثبتت المعارك الحديثة أن العقول المبدعة التي تملك الإرادة يمكنها أن تتفوق على أعتى الترسانات العسكرية، وهذا ما يجب أن تعيه الجيوش حول العالم.
5- حل حزب العمال الكردستاني (PKK) واستقرار حكم العدالة والتنمية في تركيا
بعد طوفان الأقصى، استغلت تركيا ببراعة تهاوي أحجار الدومينو نتيجة حالة الفوضى الإقليمية والضعف الإيراني والسوري؛ لتكثيف حملاتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني (PKK). كانت عمليات مثل "نبع السلام" التي نفذتها أنقرة سابقا، أدت إلى تفكيك البنية العسكرية للحزب بشكل كبير، لكن مع تراجع الدعم الإيراني والسوري بعد سقوط الأسد، بدأ تحالف "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية) بالتفكك. هذا التطور تزامن مع تقليص الدعم الأمريكي للأكراد، مما تركهم في موقف ضعيف وأدى إلى حل الحزب فعليا. إنها قصة جديدة من قصص التخلي عن حلفاء الأمس، حين تتغير حسابات القوى وتتبدل الأولويات، تاركة وراءها فراغاتٍ يُعاد ملؤها بخرائط سياسية جديدة.
6- ظهور القوى الإقليمية الصاعدة
شهدت المنطقة صعود قوى إقليمية جديدة تستغل الفراغ الذي أحدثه التغيير. عززت تركيا نفوذها بشكل كبير في سوريا عبر تحالفات استراتيجية مع الفصائل السنية. في المقابل، برز دور كل من قطر ومصر كوسيط إقليمي رئيسي، حيث تصدرت الدوحة والقاهرة جهود الوساطة في الصراع الفلسطيني الصهيوني بعد تدهور العلاقات الخليجية-الصهيونية، مما منحهما وزنا سياسيا متزايدا، ساعد في ذلك دعم التحالف الأمريكي في المنطقة للنظام المصري؛ بعد أن كان على شفا الانهيار نتيجة الأزمات الاقتصادية التي تسبَّب فيها. المشهد الإقليمي يتغير، وتظهر وجوه جديدة على الساحة، بعضها يصعد ليملأ الفراغ، وبعضها الآخر يحاول أن يجد موطئ قدم في هذه الفوضى الخلّاقة.
7- إعادة تشكيل التحالفات الدولية
حدثت تحولات جذرية في التحالفات الدولية في المنطقة. بعد انهيار ما كان يُعرف بـ "محور الاعتدال العربي" (الذي كان يضم دولا عربية متحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية ومتصالحة مع الكيان الصهيوني)، ترك ذلك فراغا استغلته الصين ببراعة. فقد عززت بكين تواجدها المتنامي من خلال مشاريع اقتصادية ضخمة مثل مبادرة "الحزام والطريق"، مما يشي بتحولات في موازين القوى العالمية. إن العالم يتغير، والقوى الكبرى تعيد ترتيب أوراقها، بينما تتفكك تحالفات الأمس لتفسح المجال لتحالفات جديدة، بعضها غير متوقع.
8- اضطرابات اقتصادية عالمية وتحولات في الطاقة
كانت تداعيات "طوفان الأقصى" الاقتصادية واسعة النطاق. أدت هجمات الحوثيين المتكررة على الملاحة في البحر الأحمر إلى اضطرابات حادة في سلاسل التوريد العالمية، وارتفعت تكاليف البضائع التي تمر عبر البحر الأحمر بأكثر من 30 في المئة، مما أثر على التجارة الدولية. كما دفعت هذه الاضطرابات -بالإضافة لأسباب أخرى- الاتحاد الأوروبي إلى تسريع تحوله نحو مصادر الطاقة المتجددة، لتقليل اعتماده على النفط والغاز، الذي أصبح أكثر عرضة للتقلبات الجيوسياسية. إن التكاليف الاقتصادية للصراعات لم تعد تقتصر على ساحات المعارك، بل تمتد لتضرب شرايين الاقتصاد العالمي، دافعة الدول الكبرى إلى إعادة التفكير في مصادر طاقتها وأمنها الاقتصادي.
9- تصاعد النضالات الشعبية وحقوق الإنسان
أثبتت هذه العملية أن الصراعات الحديثة لم تعد تُحسم بالجيوش التقليدية وحدها، بل عبر تفاعل معقد بين العسكر والسياسة والاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا. هذا الواقع الجديد يفرض على الدول تبني استراتيجيات مرنة ومتعددة الأوجه، تستجيب لهذا المشهد الجيوسياسي المتغير باستمرار
لقد أعادت "طوفان الأقصى" حقوق الإنسان والقانون الدولي إلى واجهة النقاش العالمي. تزايدت الإدانات الدولية للكيان الصهيوني، وصدرت تقارير من منظمات حقوقية عالمية تتهمه بارتكاب "جرائم حرب". كما شهدت حركة المقاطعة العالمية (BDS) زخما غير مسبوق، وأثرت اقتصاديا على العديد من الشركات التي تتعاون مع الكيان الصهيوني، وأثرت أيضا على الصورة العالمية للكيان خاصة في الداخل الأمريكي وأوروبا، مما يظهر قوة الرأي العام العالمي في التأثير على السياسات. إن صوت الشعوب، حين يرتفع موحدا، يصبح قوة لا يستهان بها، قادرة على تغيير المعادلات وقلب الطاولات على رؤوس من ظنوا أنهم فوق القانون.
10- تحوُّلات تكنولوجية واستخباراتية
كشفت "طوفان الأقصى" عن ثغرات أمنية واستخباراتية هائلة في الكيان الصهيوني، وفشل أجهزة مثل "الشاباك" و"الموساد" في توقع الهجوم أثار تساؤلات جدية حول قدراتها. في المقابل، برز دور الحرب الإلكترونية والهجمات السيبرانية، مما يؤكد أن ساحة المعركة لم تعد تقتصر على الأرض والجو، بل امتدت إلى الفضاء السيبراني. لقد تبين أن التكنولوجيا الحديثة، بقدر ما هي قوة، يمكن أن تكون نقطة ضعف قاتلة لمن يعتمد عليها دون فهم حقيقي لأبعاد التهديدات الجديدة.
خلاصة: "طوفان الأقصى" كنموذج لصراعات القرن الحادي والعشرين
لقد شكَّل "طوفان الأقصى" نقطة تحول جيوسياسية شاملة، حيث أعاد تعريف مفاهيم الردع والتكتيكات العسكرية. أثرت العملية على الاقتصاد العالمي من خلال اضطرابات في الطاقة والتجارة، وفككت تحالفات قديمة وبنت أخرى جديدة على المستوى السياسي. كما برز الدور المتزايد للرأي العام في صنع القرار، وشهدت التحولات التكنولوجية والاستخباراتية تغيرات عميقة. لقد أثبتت هذه العملية أن الصراعات الحديثة لم تعد تُحسم بالجيوش التقليدية وحدها، بل عبر تفاعل معقد بين العسكر والسياسة والاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا. هذا الواقع الجديد يفرض على الدول تبني استراتيجيات مرنة ومتعددة الأوجه، تستجيب لهذا المشهد الجيوسياسي المتغير باستمرار. فهل وعينا الدرس؟ وهل أدركنا أن ما بعد "طوفان الأقصى" ليس كما قبله؟