عربي21:
2025-05-10@00:48:23 GMT

ملكة غزة في الأسر

تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT

منذ إعلان الهدنة في غزة، ودخولها حيز التنفيذ، وبرز على سطح الأحداث السياسية ملف وحيد هو الأبرز سياسيا، وإعلاميا، وشعبيا، وهو ملف: الأسرى، سواء الإسرائيليين، أو الفلسطينيين، رغم أهمية الملفات الأخرى وخاصة ما يتعلق بالإغاثة، ومداواة الجرحى، وغيره من الملفات المهمة لما ترتب على العدوان على غزة، بهذا الشكل غير المسبوق.



إلا أن ملف الأسرى، هو الأكثر تناولا، والأكثر تعليقا من الجميع، وبخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، ومع بدء تبادل الأسرى بين الجانبين، وخروج أسرى إسرائيليين، بدأت تتوالى على وسائل الإعلام صور ورسائل مباشرة وغير مباشرة، عن أهداف تحققها المقاومة، سواء ما يتعلق بإدارة الملف، والرسائل العسكرية والسياسية التي تصل للعدو، وتصل للحاضنة الشعبية للمقامة.

لكن الحديث الآن وهو اللافت للنظر، عن الرسائل المعنوية التي تصل عبر صور الأسرى، وكيفية الوداع بينهم وبين آسريهم، ومقارنتها بصور أخرى للأسرى الفلسطينيين وما يجري معهم على يد الاحتلال، وما يجري داخل السجون، وهو حديث ذو شجون، يحتاج لسياق مفصل.

ثم كانت الرسالة الأبرز والأهم، للأسيرة الإسرائيلية إميليا ومعها ابنتها، وقد كتبت رسالة تعبر بكل صدق عما لاقته من معاملة حسنة في أسرها، حتى قالت عن معاملة المقاومة لابنتها، أنها كانت تعاملها كملكة لغزة، وأنها كانت تسعد بصحبتهم، ولم تشعر بأنها أسيرة، وقد شاركوها في الفاكهة والحلوى إن وجدت وقتها.

الرسالة التي نشرت على مواقع التواصل، وعلى مواقع الإعلام المختلفة، راجت وانتشرت بسرعة مذهلة، وحققت أهدافا في مرمى العدو، وأهمها: تكذيب ما يختلقه إعلامهم وساستهم، سواء نتنياهو أو بايدن، من أكذوبة قتل الأطفال، واغتصاب النساء، فها هي امرأة وطفلتها، تخرجان، وتكتبان رسالة بمحض إرادتهما، تقول شعرا وغزلا في المقاومة، وفي معاملتهم لها ولغيرها من الأسرى.

ولأن أثر الرسالة كان قويا، ومربكا ومزلزلا للكيان الصهيوني والإعلام الغربي، سلط أذرعه في محاربة وجود الرسالة، ففوجئ مرتادو التواصل الاجتماعي، وبخاصة موقع الفيس بوك، بأن كل من ينشر الرسالة، يهدد بحذف حسابه، ويقيد الحساب لمدة زمنية، رغم أن الرسالة لا تحتوي على أي مضمون عنف، ولا تحريض عليه، ولا إساءة لأديان، أو كلام عنصري، بل إشادة بأخلاق عالية وراقية!!

منذ بداية أحداث غزة، وكان السؤال الذي يثير إعجاب الغربيين من غير المسلمين: كيف ثبت وصبر هؤلاء على كل هذه المجازر والمحن، ورؤية أقرب الناس إليهم يستشهدون، بل يفقد الإنسان عددا كبيرا من ذويه أمام عينه؟ وقد كانت الإجابة: إنه الإيمان الذي تحلى به هؤلاء.

لكن الاختبار الأكبر أخلاقيا، يكون لمن بيده السلاح، وتحت يده أسرى من عدوه، وفي مكان يكون فيه مع الأسرى في الأنفاق، أو في أماكن مستهدفة من العدو، فلك أن تتخيل أن بيدك أشخاص قد يكون أحدهم قريبا من الدرجة الأولى لعسكري يحلق بطائرته الحربية في الأعلى، ويقتل ذويك وأهلك، وبين يديك بعض أهله أسرى، ومع ذلك لا يحكمك الانتقام، ولا الاعتداء، بل تحكمك قيمك ودينك.

منذ بداية أحداث غزة، وكان السؤال الذي يثير إعجاب الغربيين من غير المسلمين: كيف ثبت وصبر هؤلاء على كل هذه المجازر والمحن، ورؤية أقرب الناس إليهم يستشهدون، بل يفقد الإنسان عددا كبيرا من ذويه أمام عينه؟ وقد كانت الإجابة: إنه الإيمان الذي تحلى به هؤلاء.لقد أثبتت المقاومة للعالم كله ليس نجاحها عسكريا على الأرض، فهذا ميدان آخر، لكن النجاح الأكبر لمن بيده السلاح، وفي ساحة الوغى، أن يظل متمسكا بأخلاقه، قبل وأثناء وبعد الحرب، ورغم الدمار الهائل، والخسائر الكبرى، إلا أنهم ظلوا مصرين على أن تكون الخسائر في الماديات فقط، ولا تطال دينهم وأخلاقهم.

كانت الأكاذيب التي تروج غربيا، أنهم: يقتلون الأطفال، ويغتصبون النساء، وكل المشاهد التي برزت هي لنساء تلوح بيدها بالتوديع الحار، وإذ برسالة واحدة تهدم هذا كله، فالرسالة بينت أنهم كانوا يعطون ابنتها من الفاكهة والحلوى على ندرة ذلك وقلته، وللإنسان أن يتخيل أشخاصا ليس معهم مخزون من الطعام، يجودون به على طفلة مأسورة، كيف هي الرسالة التي تدل على الخلق والكرم العربي والإسلامي لديهم.

لم يجد الاحتلال في أسراه المحررين، أسيرا أو أسيرة واحدة، تخرج للإعلام لتقول كلمة واحدة تسيء بها للمقاومة، ولو وجد ما تأخر ثانية في إبرازهم وخروجهم والتشنيع عليهم، وقد حاو من قبل مع امرأة مسنة وقد كانت أول أسيرة تخرج، ولما شهدت لصالح المقاومة، حاول نتنياهو ومعاونوه أن يثنوها عن ذلك، أو تقول كلاما يسيء ولم تقبل.

في بداية الحرب، كنت أعول كثيرا في النظر لملف الأسرى، فعلى مدار التاريخ الإسلامي في كل الحروب الدائرة بين المسلمين وأعدائهم، وجدنا كثيرا من الأسرى، إما أنهم أسلموا، أو تغيرت فكرتهم عن الإسلام، وأصبحت إيجابية، وهذه ملاحظة تاريخية، منذ عهد النبوة، وقد كان أول أسير يسلم بسبب حسن العشرة: ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه، وقد ذهب لقتل النبي صلى الله عليه وسلم، في قصة طويلة، ليس مجال حديثنا.

وأعتقد أن من خرجوا من الأسرى رجالا ونساء، سواء كانوا من الصهاينة أو من غيرهم، فإن المشاهد التي عاشوها بين أهل المقاومة وأهل غزة، كفيلة بتحقيق مساحات من النصر الأخلاقي والمعنوي، لا يقل عن النصر العسكري والسياسي، وهو رصيد إيماني كذلك، يكون زادا للنصر، فلا قيمة لنصر ينفصل عن الخلق.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينيين العدوان اسرى فلسطين غزة عدوان رأي مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة صحافة سياسة صحافة صحافة رياضة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

لأول مرة في جامعة قناة السويس.. مناقشة أول رسالة ماجستير حول «الطب الدفاعي»|صور

شهدت كلية الطب بجامعة قناة السويس مناقشة أول رسالة ماجستير من نوعها في تاريخ الجامعة تتناول موضوع "الطب الدفاعي" تحت عنوان مدى انتشار الطب الدفاعي بين الأطباء في مستشفيات جامعة قناة السويس"، قدمتها الطبيبة إسراء جمال أحمد دياب، بعنوان "مدى انتشار الطب الدفاعي بين الأطباء في مستشفيات جامعة قناة السويس".

مناقشة رسالة ماجستير عن الطب الدفاعي الرسالة الأولى من نوعها

أقيمت المناقشة وسط حضور أكاديمي وطبي رفيع المستوى، تقدمه الدكتور أسامة عبدالحي، نقيب أطباء مصر وأستاذ التخدير بجامعة الأزهر عضو لجنة المناقشة، في إشارة إلى أهمية الرسالة وموضوعها المستحدث في الأوساط الطبية.

ويُعد هذا البحث هو الأول من نوعه الذي يتناول هذا التخصص الدقيق داخل الجامعة، ما يعكس تطور اهتمامات البحث العلمي بكلية الطب وقدرتها على طرح موضوعات تمس واقع المهنة وتشكل مرجعية مستقبلية في مجالات الطب المجتمعي والإداري.

حضر المناقشة عدد من رموز المهنة، من بينهم الدكتور سعيد الشربيني، نقيب أطباء الإسماعيلية السابق وعضو مجلس نقابة الأطباء، والدكتور مصلح عبدالرحمن، رئيس قسم طب الأسرة بكلية الطب جامعة قناة السويس، والدكتور نادر النمر عميد كلية طب جامعة قناة السويس السابق، وعدد من أعضاء هيئة التدريس والطلاب، والشيخ عبدالخالق العطيفي وكيل وزارة الأوقاف بالإسماعيلية، والشيخ محمد الروبي مسؤول إعلام مديرية الأوقاف بالإسماعيلية، وعدد من قيادات محافظة الإسماعيلية.

تكوّنت لجنة المناقشة من الدكتور أسامة عبدالحي، والدكتور وائل زيد، أستاذ مساعد طب الأسرة بكلية الطب جامعة قناة السويس، والدكتور حازم الجمل، أستاذ مساعد طب الأسرة أيضًا بذات الكلية.

وقد أثنت اللجنة على الجهد البحثي المبذول في إعداد الرسالة، التي ناقشت موضوعًا حساسًا يمس علاقة الطبيب بالمريض، ويعكس تحديات المهنة في ظل الظروف القانونية والمجتمعية الراهنة.

كما تألفت لجنة الإشراف على الرسالة من الدكتور وائل زيد، أستاذ مساعد طب الأسرة بكلية طب جامعة قناة السويس، والدكتورة سمر فرج، أستاذ مساعد طب الأسرة بجامعة قناة السويس، والدكتورة خديجة عبدالرحمن، مدرس الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية بكلية الطب بالجامعة، والذين قدموا دعمًا علميًا وإشرافيًا كبيرًا للطبيبة الباحثة خلال إعدادها للدراسة.

قرارات طبية مدفوعة بالخوف من المساءلة القانونية أو العقوبات التأديبية

تناولت الرسالة مفهوم "الطب الدفاعي" والذي يُقصد به لجوء الطبيب إلى اتخاذ قرارات طبية مدفوعة بالخوف من المساءلة القانونية أو العقوبات التأديبية، وليس بالضرورة من منطلق الحاجة العلاجية للمريض.

وقد سلطت الباحثة الضوء على مدى شيوع هذه الممارسات بين الأطباء في مستشفيات جامعة قناة السويس، وأثرها على جودة الخدمة الصحية وممارسة الطب المبني على الأدلة.

كما ناقشت الرسالة العوامل التي تدفع الأطباء إلى هذا النوع من الممارسات، مثل القوانين المنظمة للعمل الطبي، وضعف الثقافة القانونية لدى الأطباء، والخوف من الشكاوى الكيدية، فضلًا عن تأثير وسائل الإعلام والرأي العام.

وأظهرت النتائج أن نسبة ليست بالقليلة من الأطباء تمارس الطب الدفاعي بدرجات متفاوتة، ما يستوجب إعادة النظر في منظومة الحماية القانونية والمهنية للأطباء.

في مداخلته خلال جلسة المناقشة، أكد الدكتور أسامة عبدالحي أهمية البحث في هذا التوقيت، مشيدًا بجهود الطبيبة إسراء دياب ولجنة الإشراف، ومعتبرًا أن الدراسة تمثل إضافة حقيقية للمكتبات الطبية، لما لها من صلة مباشرة بالممارسة اليومية للطبيب، ولما تطرحه من تساؤلات حول مستقبل المهنة بين الواجب الإنساني والضغوط القانونية، مشيدا بكلية بقسم طب الأسرة  

كما دعا الدكتور سعيد الشربيني إلى ضرورة عقد ورش عمل ودورات تدريبية للطواقم الطبية لزيادة الوعي بالمسؤوليات القانونية، والعمل على خلق بيئة عمل داعمة للطبيب والمريض على حد سواء.

وأشار إلى أن نقابة الأطباء تضع هذا الملف ضمن أولوياتها، وتسعى لتعديل بعض التشريعات لحماية الطبيب دون الإخلال بحقوق المريض.

من جانبها، عبرت الطبيبة إسراء دياب عن امتنانها لكل من ساندها خلال إعداد الرسالة، موجهة شكرًا خاصًا إلى لجنة الإشراف والمناقشة، مؤكدة أن اختيارها لهذا الموضوع نبع من حرصها على خدمة زملائها الأطباء ولفت النظر إلى القضايا التي تمس استقرار المهنة ومصلحة المرضى.

وفي ختام الجلسة، أوصت اللجنة بطباعة الرسالة وتعميم نتائجها على المستشفيات التعليمية، للاستفادة من التوصيات التي خلصت إليها الدراسة، والتي شملت ضرورة دعم الأطباء نفسيًا وقانونيًا، وتشجيعهم على ممارسة الطب بمعايير علمية ومهنية، بعيدًا عن الخوف من العقوبة أو الاتهام.

وقد قُوبلت الرسالة بإشادة واسعة من الحضور، وسط أجواء علمية مفعمة بالحوار المثمر والاهتمام الحقيقي بالقضايا الواقعية التي يواجهها الأطباء في مصر، ما يعكس الدور الفاعل لجامعة قناة السويس في طرح قضايا الطب والمجتمع من خلال البحث العلمي الجاد.

طباعة شارك الإسماعيلية اخبار الاسماعيلية محافظة الاسماعيلية

مقالات مشابهة

  • وصونا..هكذا بدت ملكة جمال لبنان ندى كوسا برحلتها إلى الهند
  • وزير خارجية الاحتلال يعترف: استمرار الحرب يشكل خطرا على حياة الأسرى لدى المقاومة 
  • حماس: شعبنا لن يسمح للاحتلال بالتمادي والعربدة مهما كانت التضحيات
  • تأملات قرآنية
  • بعد فشل كل المسارات التي اتبعها السودان، يكون قطع العلاقات هو بداية للحل
  • معاريف: أسيرة إسرائيلية سابقة كانت أكثر أمانا لدى حماس
  • لأول مرة في جامعة قناة السويس.. مناقشة أول رسالة ماجستير حول «الطب الدفاعي»|صور
  • معركة الحسم العسكري في غزة
  • معركة الحسم العسكري
  • “حماس”: المقاومة الفلسطينية تصر على اتفاق شامل لإنهاء الحرب وخارطة لليوم التالي