رحلة استمرت لساعات طويلة، مشاهد لم ولن ينساها الدكتور زاهر كحيل، رئيس جامعة فلسطين الأسبق، عيناه رأت ووثقت، واحتفظ بما رآه في ذاكرته، حتى يرويه عند عودته لمصر، وهو ما رواه لـ«الوطن»، في حديث وثق من خلاله انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، ورحلته من منزله، حتى مصر.

أصوات الصواريخ لا تتوقف والنيران لا تهدأ، كل منزل يأخذ دوره ويسقط بضربة واحدة دون إنذار، بينما أجساد الشهداء مُلقاة في الحارات والشوارع، والعديد منها أسفل أنقاض المنازل والمنشآت، هكذا يعيش قطاع غزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي، ومع مرور أيام العدوان، تحولت غزة إلى مدينة أشباح، يكسوها الركام وصوت الهواء وفقط.

من غزة إلى مصر بعد 40 يوماً تحت القصف

الدكتور زاهر كحيل، يمتلك جواز سفر بريطانياً، استطاع المرور والسفر إلى مصر بعد نحو 40 يومًا في قطاع غزة منذ بداية العدوان، كان يعيش في شمال غزة، وهو منزله الأساسي، وبعد 5 أيام بعد 7 أكتوبر، تضرر المنزل، فانتقل إلى منزل آخر مجاور له، ولكن تضرر هو الآخر، فقرر البقاء رفقة أسرته في منطقة البلدة القديمة، بجوار المستشفى المعمداني في منطقة «السامر»، وظل هناك 35 يوماً تحت قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي.

يصف «زاهر» المشهد خلال الأيام التي قضاها بجوار المستشفى المعمداني، بقوله: «مشهد مرعب، ما فعله الاحتلال لا يمكن أن يوصف ولا حتى في الخيال، ضرب عشوائي بدون أي رحمة، قصف عشوائي لا يتوقف، وكل متر في داخل غزة مستهدف».

بعد الأسبوع الأول من العدوان الإسرائيلي، انقطعت الفواكه والخضراوات بالكامل، ثم الدقيق، ولحقه الأرز والمكرونة: «أصعب ما في هذه التجربة هو عدم وجود الطعام، طب واللي عنده أولاد كيف يطعمهم؟».

من السابعة صباحًا حتى الوصول لمعبر رفح مساءً

سار زاهر كحيل وأسرته لمسافات طويلة على عربة كارو، حيث خرج من المنزل مع أسرته في السابعة صباحًا، ووصلوا معبر رفح مع حلول المساء، وساروا على أقدامهم لمسافة تصل إلى 4 كيلومترات: «كنا في منطقة ممنوع السير فيها إلا على الأقدام، وكانت رحلة صعبة جدًا».

على جانبي الطريق: غزة تحولت إلى ركام

أثناء رحلة رئيس جامعة فلسطين الأسبق وأسرته على عربة الكارو، كان ينظر يمينه ويساره، لا يجد سوى منازل مهدمة، ومساجد وكنائس تحولت إلى ركام، ووجد صعوبة كبيرة في العبور نتيجة كثرة مخلفات المنازل في الطرقات: «كنت أتألم وأنا ماشي من المشاهد اللي أشوفها بعيني، أتألم على المباني وأتألم أكثر على المساجد، في مساجد عمرها عشرات السنين ومساجد تاريخية معمارية كلها أصبحت على الأرض».

ممر الموت.. من الناجي؟

«ممر الموت»، هو طريق يقع بين شمال مدينة غزة والجنوب، مر به «زاهر»، وهي تجربة لا يتمنى تكرارها مرة أخرى، ولا لخياله أن يرسمها له، ولا أن يحلم بها أثناء نومه، يحكي مشاهد الممر: «ممر الموت هو مجموعة مُرتزقة من الجنود والدبابات، مئات الجنود والدبابات، لازم لكي يمر فلسطيني ينظر لكاميرا موجودة، يشوفوا هو مطلوب ولا لا، ولهم أن يختاروا أي شخص يشكون فيه، سواء رجل أو قتاة، يعني لو فتاة تعجبهم يقولوا لها اجلسي ولا نعرف مصيرها بعد ذلك».

حفرة خلف ممر الموت

خلف «ممر الموت» حفرة كبيرة، توصف بأنها إعدام ميداني، على حد ما رآه رئيس جامعة فلسطين الأسبق، يتخلص فيها قوات الاحتلال من الفلسطينيين بالعشرات: «مثلًا لو اختاروا شخص، يطلبون مه أن يخلع ملابسه، والنوم على بطنه، أنا عديت بممر الموت، ومشيت أنا وعائلتي، ولازم كنا نبص على الكاميرا سواء كبار أو صغار»، وأثناء السير بالممر، كان خوف «زاهر» على أسرته أكبر من خوفه على نفسه، فالناجي منه أفراد قليلة، بينما الشهداء بالعشرات والمعتقلين بالمئات.

وصوله إلى مصر

وصل أخيرًا «زاهر» إلى رفح، ووجدت اسمه على قائمة الخروج كبريطاني، واستطاع دخول مصر مع أسرته، بعد أن عاش جحيمًا لمدة 40 يومًا تقريبًا: «أثناء ما كنا داخلين علىمصر، قابلت دكتور أعرفه في المستشفى المعمداني، وبلغني إنهم وصلوا لمرحلة إن ما في عقاقير التخدير، وقلبه لا يستطيع إجراء أي عملية والمريض مستيقظ، قالي دوري انتهي».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: غزة قطاع غزة أخبار غزة إلى مصر

إقرأ أيضاً:

من فرنسا إلى مكة.. غيث البربوشي يروي قصة إتمامه حفظ القرآن في عامين

في أجواء روحانية تعبق بنفحات الحرم المكي الشريف، يشارك المتسابق غيث البربوشي من الجمهورية الفرنسية في منافسات مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره، التي تنفذها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، حاملاً معه قصة ملهمة عن رحلته مع كتاب الله.
بدأ غيث مشواره القرآني في سن الثانية عشرة، والتحق بحلقات التحفيظ بدعم وتشجيع مستمر من والده الذي كان حريصًا على غرس حب القرآن في قلبه، ولم يمضِ سوى عامين حتى أتم حفظ كتاب الله كاملاً بفضل الله تعالى، ثم بتوجيه معلميه ومتابعة أسرته.
ويصف غيث رحلته مع القرآن بأنها من أجمل محطات حياته، مؤكدًا أن لحظات الحفظ والمراجعة كانت مليئة بالسكينة والبركة، وأن الفضل بعد الله يعود لوالده الذي لم يتوانَ عن توفير البيئة المناسبة وإلحاقه بالبرامج القرآنية التي صقلت قدراته.
وأعرب البربوشي عن امتنانه العميق لكل من ساعده ورافقه في هذه المسيرة المباركة، موجهًا شكره الخاص للقائمين على المسابقة لما وفرته من بيئة تنافسية راقية بين حفظة كتاب الله من مختلف دول العالم، متمنيًا أن يحظى بفرصة العودة للمشاركة في الدورات القادمة، وأن يظل القرآن رفيق دربه ونور حياته.
وتشهد المسابقة مشاركة واسعة من حفظة القرآن الكريم يمثلون عشرات الدول، مما يجسد مكانة المملكة في خدمة كتاب الله، ودورها الرائد في دعم مشاريعه التعليمية والمنافسات القرآنية العالمية.

مقالات مشابهة

  • رحيل الشاعر والناقد والباحث كريم الحنكي
  • رزيق يستقبل رئيس نيجيريا الأسبق
  • محافظ الدقهلية يشارك أولى جلسات مجلس أمناء جامعة المنصورة الجديدة بعد إعادة تشكيله بمقر وزارة التعليم العالى
  • وفاة الفريق ركن سلطان المطيري نائب رئيس هيئة الأركان العامة الأسبق
  • النسيان.. نعمة أم نقمة؟
  • من فرنسا إلى مكة.. غيث البربوشي يروي قصة إتمامه حفظ القرآن في عامين
  • وقفة لكوادر مستشفى فلسطين في الأمانة تضامناً مع غزة
  • رشوان توفيق: أنا ابن دعاء أمي وحياتي كلها رضا وذكريات لا تنسى
  • صورة الوطن حاضرة في أشعاره.. الروائية عزة بدر: الشاعر محمود درويش عبر عن قضية فلسطين
  • جامعة بريطانية تفصل ناشطة طلابية بارزة بسبب تضامنها مع فلسطين (شاهد)