عكست تصريحات مسؤولين إسرائيليين خلال الساعات الأخيرة صورتين متباينتين لتطورات الحرب في قطاع غزة، ما بين حديث عن صعوبة العملية العسكرية وحاجتها لوقت أطول، وآخر عن قرب انتهاء المهمة في الشمال، وهو ما اعتبره خبراء ومحللون انعكاسا لتخبط واضطراب واختلاف حول الأولويات لدى إسرائيل.

فبينما اعترف المتحدث باسم جيش الاحتلال، جوناثان كونريكوس، بأنهم لم يتمكنوا من إلحاق الهزيمة بمقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في شمال القطاع، وتحدث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن حاجة الحرب لوقت أطول، صرح قائد سلاح المدرعات هشام إبراهيم، بأن مهمة القوات البرية على وشك الانتهاء في شمال غزة.

وأرجع الدكتور محمد هلسة الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيلي، ذلك بشكل أساسي لاتساع دائرة التباين في المواقف داخل القيادة السياسية والمجتمع الإسرائيلي، ما بين الذهاب إلى الحرب حتى منتهاها، أو التركيز على هدف الإفراج عن المحتجزين لدى قوى المقاومة في قطاع غزة.

ويرى هلسة في حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟" أنه لا يمكن تناول الأمر من وجهة نظر عسكرية فحسب، لأن الحرب هي "صوت السياسة العالي" على حد تعبيره، وبالتالي ينبغي قراءة المشهد عبر اعتبارات مختلفة تتضمن حالة التناقض الظاهرة في المواقف داخل فريق إدارة الحرب واعتبارات المنظومة الدولية والموقف الأميركي.

تخبط "مجنون"

ووصف التخبط المتصاعد داخل إسرائيل بشأن أهداف العملية العسكرية في غزة بـ"المجنون"، حيث يرى فريق أن الذهاب إلى الحرب بقوة يعني التخلي عن الأسرى، وهو ما يأتي في وقت تتعاظم فيه المواجهة من ذوي الأسرى لمؤيدي هذا الأمر، والذين يسعون في هذه المرحلة للقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

ومن ثم، فإن الخبير بالشأن الإسرائيلي يرى أن الأولويات باتت تتقدم وتتأخر، ولم تعد هناك قناعة أو موقف مطلق حتى داخل الكابينت فهناك تغيرات بين لحظة وأخرى بشأن تلك الأولويات.

وأشار إلى أن جزءا مما يضخ في الفضاء العام الإسرائيلي مؤخرا يتحدث عن أن هدف هذه المواجهة هو تحسين ظروف واشتراطات المقاومة في موضوع المفاوضات على الأسرى، لافتا إلى أن الخلافات المتصاعدة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع تعكس بشكل واضح هذا الاضطراب المتزايد.

ويرى كذلك أن هذا الصراع موجود حتى داخل المجتمع الإسرائيلي، بين من يريد الذهاب في هذه المواجهة إلى حدها الأقصى، ومن يريد اعتبار قضية الأسرى هي الملف الأساسي الأوحد الذي يجب أن تلتف حوله المواقف الإسرائيلية واعتبار الحرب هدفا ثانويا.

وفي هذا السياق، يشير هلسة إلى أن نقادا من العالم الغربي ومحللين إسرائيليين يرون أن الغضب وشهوة القتل التي تحرك إسرائيل في حربها لن يقودا للانتصار، وأنه من المهم التركيز على أهداف قابلة للتحقيق وأن يكون ذلك من خلال قيادة سياسية قادرة على الأمر، وهو ما يثار تشكك كبير بشأنه.

افتقار للحقائق

ومن وجهة نظر عسكرية، يرى الخبير والمحلل العسكري والإستراتيجي فايز الدويري، أن تضارب هذه التصريحات يعكس عدم بنائها على حقائق من أرض الواقع، ووجود خلل واضطراب لدى قيادة الاحتلال الإسرائيلي.

ويرى الدويري أن الانسحاب الذي قامت به قوات الاحتلال من الشمال جاء بعد قراءة للمشهد وتوصل إلى قراءة بأن الاستمرار في المعركة بالشمال مضيعة للوقت ورهان خاسر، ومن ثم فكان الرأي هو خوض التجربة في مكان آخر، حيث الجنوب.

ويرجح الخبير العسكري أن ترتكز العملية البرية في جولتها الثانية على 3 مراحل، لكنه يرى أن المرحلة الثانية ليست واضحة بعد وستتشكل بناء على ما سيتمخض عن المرحلة الأولى من نتائج، وهذا حسب تقديره، نوع من "التخبط الأعمى"، ويظهر أن جيش الاحتلال يعيش ضبابية في المشهد.

ويرى الدويري أن المرحلة الثانية ستكون أوسع إطارا وأكثر إجراما ودموية، معتبرا الحديث الإسرائيلي عن إيجاد منطقة عازلة كما الحال في بعض الدول، هو حديث غير منطقي وغير ممكن، لأن المساحة في القطاع لا تسمح بتنفيذ هذا المقترح.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

بعد تصريحات مسؤول إسرائيلي.. مصدر سعودي يؤكد لـCNN سفر وزير الخارجية إلى الضفة الغربية الأحد

(CNN)-- قال مسؤول سعودي لشبكة CNN، السبت، إن وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، سيسافر إلى الضفة الغربية، الأحد، ويخطط للقاء رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس.

ويأتي تأكيد المسؤول السعودي بعد تصريحات مسؤول إسرائيلي لشبكة  CNN، الجمعة، قائلا إن إسرائيل "لن تتعاون" مع خطط السلطة الفلسطينية لاستضافة وفد وزراء خارجية بقيادة سعودية في رام الله بالضفة الغربية.

ووصف المسؤول الإسرائيلي الاجتماع بأنه "استفزازي"، مضيفا أن "إسرائيل لن تتعاون مع مثل هذه التحركات التي تهدف إلى الإضرار بها وبأمنها"، لافتا إلى أن على السلطة الفلسطينية "التوقف عن انتهاك اتفاقياتها مع إسرائيل على جميع المستويات".

 ولم يتضح بعد أي اتفاقيات يشيرون إليها.

وعلمت شبكة CNN أن المملكة العربية السعودية تشعر بالإحباط من رفض إسرائيل إنهاء الحرب في غزة، وتبذل جهودًا دبلوماسية مكثفة لإقناع الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتثق المملكة بأن فرنسا ستكون من بين الدول التي ستفعل ذلك في يونيو/ حزيران، كما تعمل الرياض على دعم السلطة الفلسطينية، إذ لا ترى بديلاً عمليًا لدورها كممثل سياسي للشعب الفلسطيني.

وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي يسعى فيه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، مع استمرار الحرب في غزة، وتراجع احتمالات التطبيع السعودي- الإسرائيلي.

وصرح السفير الفلسطيني لدى المملكة العربية السعودية، مازن غنيم، لقناة الإخبارية السعودية الحكومية بأن مصر والأردن و"دولًا أخرى" سترسل وزراء خارجيتها أيضًا.

ونقلت الإخبارية عن غنيم قوله: "الزيارة الوزارية... تُعتبر رسالة واضحة، القضية الفلسطينية قضية مركزية للعرب والمسلمين".

وأكدت السلطة الفلسطينية انعقاد اجتماع لوزراء خارجية عرب، الأحد، لكنها لم تُحدد هوية الحضور، وتواصلت شبكة CNN مع حكومات المملكة العربية السعودية ومصر وقطر لتأكيد النبأ.

وفي يونيو/ حزيران، من المتوقع أن ترأس المملكة العربية السعودية بالاشتراك مع فرنسا مؤتمرًا رفيع المستوى في نيويورك حول حل الدولتين، الذي ينص على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.

وفي حديثه في سنغافورة، الجمعة، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إن الاعتراف النهائي بدولة فلسطينية "ليس واجبًا أخلاقيًا فحسب، بل ضرورة سياسية أيضًا"، مضيفا: "ما نبنيه خلال الأسابيع المقبلة هو بلا شك استجابة سياسية للأزمة (في غزة). نعم، إنها ضرورة. لأنه اليوم، وفوق المأساة الإنسانية الحالية، أصبح مجرد إمكانية قيام دولة فلسطينية محل تساؤل".

وحذر من أن إسرائيل لديها "ساعات أو أيام" لتحسين الوضع الإنساني في غزة أو مواجهة موقف أوروبي "أكثر صرامة".

ويذكر أن الرياض عيّنت، نايف السديري، سفيرًا غير مقيم لدى الأراضي الفلسطينية عام 2023، قبل أسابيع من شن حماس هجومًا مميتًا على إسرائيل أسفر عن مقتل 1200 شخص وأشعل فتيل الحرب الدائرة في غزة.

وزار السديري الضفة الغربية في سبتمبر/ أيلول 2023 لتقديم أوراق اعتماده لعباس، في زيارة كانت الأرفع مستوىً بين الزيارات السعودية الرسمية منذ عقود.

تاريخيًا، زار ملكان سعوديان القدس، وهما الملك سعود عام 1954، والملك فيصل عام 1966.

وقال شاؤول أرييلي، رئيس مركز T-Politographyوهو مركز أبحاث يُعنى بدراسة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إن هذه أول زيارة لوفد رفيع المستوى للضفة الغربية المحتلة منذ احتلال إسرائيل للمنطقة عام 1967.

وأضاف لشبكة CNN أن الزيارة ستكون "غير مسبوقة"، وتُبرز تنامي الدعم السعودي للسلطة الفلسطينية الذي برز بعد بدء الحرب على غزة.

وتابع أرييلي: "إنه تغيير جذري"، فقد أوضح السعوديون منذ بدء الحرب أنهم "يدعمون حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، ويدعمون إقامة عاصمة للدولة الفلسطينية في القدس الشرقية، وأنهم مستعدون لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية".

مقالات مشابهة

  • "حاميها حراميها".. كيف تجنّد إيران جواسيس إسرائيليين من داخل الدولة العبرية؟
  • بعد تصريحات مسؤول إسرائيلي.. مصدر سعودي يؤكد لـCNN سفر وزير الخارجية إلى الضفة الغربية الأحد
  • انهيار حماس.. الكشف عن تفاصيل اجتماع نتنياهو مع مسؤولين إسرائيليين
  • فتوج يدين تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي
  • شاهد: استهداف مستعربين إسرائيليين شرقي رفح
  • القسام تبث فيديو لاستهداف مستعربين إسرائيليين شرقي رفح
  • محللون إسرائيليون: لهذه الأسباب فشلنا في تحقيق أهداف حرب غزة
  • إصابة جنديين إسرائيليين أحدهما جروحه خطيرة في معارك جنوبي غزة
  • اليوم الـ 600 من العدوان الإسرائيلي.. نداء دولي عاجل لوقف جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة
  • محللون: غزة لن تتبخر وإسرائيل خسرت أمورا لا يمكن تعويضها