خلال زيارة لإسرائيل، الاثنين، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنشاء "قوة عمل بحرية"، وأكد مجددا أن العدد المتزايد من هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر يمثّل مشكلة دولية تتطلب حلا دوليا.

 

وقال أوستن، "هذه الهجمات متهورة وخطيرة، وتنتهك القانون الدولي، ولذا فإننا نتخذ إجراءات لبناء تحالف دولي لمواجهة هذا التهديد".

 

ويعتقد أن المسلحين الحوثيين في اليمن نفّذوا قرابة 12 هجوما على الشحن التجاري في جنوب البحر الأحمر، بما في ذلك الشركات التي يعتقدون أنها مرتبطة بإسرائيل، ردا على العدوان على قطاع غزة بعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

وكإجراء احترازي للسلامة، قالت شركات شحن دولية عدة، إنها أبلغت سفنها بعدم دخول مضيق باب المندب الذي يفصل بين البحر الأحمر وخليج عدن. وعلّقت 4 من أكبر 5 شركات للحاويات في العالم، وتمثل 53% من تجارة الحاويات العالمية، عملياتها في البحر الأحمر، ما مثّل صدمة كبيرة للاقتصاد العالمي.

 

رفع تكلفة الصراع

 

وفي حوار مع الجزيرة نت، رأى تشارلز دان، المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية والخبير بالمعهد العربي بواشنطن، أن "مهاجمة السفن في البحر الأحمر ترفع من تكلفة الصراع في غزة على المجتمع الدولي، مع إدراك التعرض للانتقام المباشر الكبير من إسرائيل والولايات المتحدة".

 

ومثّل إعلان البنتاغون عن إنشاء فرقة عمل بحرية متعددة الجنسيات لحماية السفن التجارية من هجمات الحوثيين الصاروخية والطائرات دون طيار في البحر الأحمر وخليج عدن، التي تصاعدت في أعقاب الحرب بين إسرائيل وحماس، مفاجأة للمراقبين الأميركيين.

 

وقال مسؤولون، إن فرقة العمل ستعرف باسم "عملية حماية الرخاء"، وتشمل الدول المشاركة في الجهد الجديد للولايات المتحدة: بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا، وستسهم كلٌّ منها بالسفن والموارد الأخرى.

 

من جانبه، غرّد تريتا بارسي، نائب رئيس معهد "كوينسي للسياسات"، والمحاضر بجامعة جورج تاون في واشنطن، على منصة "إكس" بالقول "لم توافق دولة واحدة في البحر الأحمر على الانضمام إلى التحالف الأميركي لحمايته. وانضمت دولة عربية واحدة فقط، البحرين. ماذا يخبرنا ذلك عن جاذبية دبلوماسية الرئيس جو بايدن؟ كيف كان سيبدو التحالف لو أيّد بايدن وقف إطلاق النار في غزة؟".

 

وبدا واضحا غياب أي من الدول المطلة على البحر الأحمر؛ وهي: المملكة العربية السعودية ومصر والسودان وجيبوتي، وإريتريا وإسرائيل.

 

في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تولّت البحرية المصرية قيادة فرقة بحرية جديدة شكّلها الأسطول الخامس الأميركي تحت اسم "قوة المهام 153" وتأسست في 2019 من 34 دولة لحماية الشحن البحري من هجمات إيران.

 

وتقود مصر دوريات في البحر الأحمر والمياه قبالة ساحل اليمن لتعزيز نشاطات المراقبة وحظر نقل الأسلحة والمخدرات. ووفق خطط البنتاغون، أصبحت القاهرة في وضع جيد للمشاركة في جهد جماعي بقيادة أميركية ضد إيران وحلفائها.

 

 أهم الطرق

 

ويُعدّ البحر الأحمر أحد أهم الطرق في العالم لشحنات النفط والغاز الطبيعي المسال، وكذلك للسلع الاستهلاكية.

 

وأوقفت شركة النفط العملاقة، BP بريتيش بيروليم، جميع عمليات شحن النفط عبر البحر الأحمر بعد الهجمات الأخيرة على السفن من قبل الحوثيين. وألقت الشركة باللوم على "الوضع الأمني المتدهور"، كما علّقت العديد من شركات الشحن رحلاتها مع استمرار الهجمات.

 

كما أعلنت، أمس الاثنين، شركة إيفرغرين لاين، وهي واحدة من أكبر شركات الشحن في العالم، أنها لن تنقل بعد الآن شحنات إسرائيلية عبر البحر الأحمر. وأوضحت، "من أجل سلامة السفن والأطقم العاملة عليها، قررنا التوقف مؤقتا عن قبول البضائع الإسرائيلية بأثر فوري، وأوعزنا لسفن الحاويات التابعة لنا بتعليق الملاحة عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر".

 

وبدلا من استخدام مضيق باب المندب، سيتعين على السفن الآن أن تسلك طريقا أطول للتنقل حول جنوب أفريقيا، مما قد يضيف حوالي 10 أيام إلى الرحلة ويكلف ملايين الدولارات، ويقدّر خبراء أن حوالي 30% من تجارة الحاويات العالمية تمر عبر قناة السويس.

 

وارتفعت أسعار النفط والغاز الطبيعي بشكل حاد أمس الاثنين، وسجل النفط مكاسب حادة على الأخبار. وارتفع خام برنت، أهم مؤشر عالمي، بنسبة 2.7 % إلى 78.64 دولارا للبرميل، في حين ارتفع النفط الأميركي بنسبة 2.8% إلى 73.44 دولارا للبرميل.

 

وأصدرت القيادة الوسطى الأميركية CENTCOM، التي يمتد نطاقها الجغرافي من باكستان شرقا إلى مصر غربا، بيانا نشر على منصة "إكس"، أكدت فيه وقوع هجمات أمس على سفن بالبحر الأحمر.

 

وقالت، إنه "في 18 ديسمبر/كانون الأول، حوالي الساعة التاسعة صباحا (بتوقيت صنعاء)، وقع هجومان مسلحان حوثيان على الشحن التجاري في جنوب البحر الأحمر. وتعرضت السفينة الكيميائية ناقلة النفط صوان أطلنتيك SWAN ATLANTIC لهجوم بطائرة دون طيار هجومية أحادية الاتجاه، وصاروخ باليستي مضاد للسفن أُطلق من مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن".

 

وأضافت أن جزر كايمان التي ترفع علم صوان أطلنتيك أبلغت عن تأثر السفينة وطلبت المساعدة، واستجابت لها أقرب سفينة حربية أميركية، لتقييم الأضرار.

 

وتابعت القيادة الوسطى "وفي الوقت نفسه تقريبا، أبلغت سفينة البضائع "إم إف كلارا " عن انفجار قرب موقعها. وهذا الهجوم منفصل عن الهجوم على صوان أطلنتيك. ولم يكن هناك طلب دعم أو تقرير عن الأضرار. ولم يبلغ عن وقوع إصابات خلال أي من الحادثين".

 

وتحدثت تقارير عن بدائل تبحثها إدارة بايدن للرد على الحوثيين بعد هجماتهم على سفن بالبحر الأحمر، ونقل موقع أكسيوس الإخباري عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن "إدارة بايدن بعثت مؤخرا برسائل إلى الحوثيين في اليمن عبر قنوات عدة تحذّرهم فيها من عواقب عدم وقف هجماتهم على السفن وضد إسرائيل".

 

تهديد واضح

 

وعدّ الباحث مايكل نايتس، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أنه خلال حرب غزة، برز الحوثيون كونهم "العضو الأكثر تقبلا للمخاطر في محور المقاومة الإيراني، خاصة مع تشكيلها تهديدا واضحا لحرية الملاحة الدولية".

 

ورجح تشارلز دان، المسؤول السابق بالبيت الأبيض، أن يكون هناك "تنسيق تكتيكي بين طهران والحوثيين، وربما بعض الاتفاق على الإستراتيجية، وهي اتهامات ليست بعيدة المنال".

 

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، تعهد الحوثيون بدعم المقاومة الفلسطينية بكل السبل الممكنة، وبالفعل أُطلقت صواريخ عدة متوسطة المدى، أُسقطت قبل أن تصيب أهدافها في إسرائيل.

 

في 9 ديسمبر/كانون الأول الحالي، هدّد الحوثيون باستهداف جميع السفن المتجهة إلى تل أبيب، بغض الطرف عن جنسيتها، وحذّروا جميع شركات الشحن الدولية من التعامل مع المواني الإسرائيلية.

 

وقبل أسابيع، أسقط الحوثيون طائرة أميركية دون طيار من طراز MQ-9 Reaper، وفي 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، "نجري محادثات مع دول أخرى حول فرقة عمل بحرية  تضم سفنا من الدول الشريكة، إلى جانب الولايات المتحدة لضمان المرور الآمن في البحر الأحمر".

 

وقد دعا بعض أعضاء الكونغرس إدارة بايدن إلى إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية. وأصدر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايكل ماكول بيانا جاء فيه، "من خلال إعطاء الأولوية للسياسة على الأمن، شجعت هذه الإدارة الحوثيين، ومكنتهم من تطوير أسلحة أكثر تقدما، ومكنتهم من تعميق العلاقات مع إيران، وترسيخ سيطرتهم على ملايين اليمنيين الأبرياء".

 

وأضاف "من الواضح أن الحوثيين يشكلون تهديدا لليمن، ولشركائنا في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وللجنود والمواطنين الأميركيين في المنطقة، ولحرية الملاحة والتجارة العالمية. يجب أن ننهي سياسة الاسترضاء هذه وأن نكون جادّين في الرد الفعلي على تهديد الحوثيين، من خلال تصنيفهم منظمة إرهابية أجنبية، بدلا من تمكينهم".

 

وفرضت واشنطن مؤخرا عقوبات جديدة على الأشخاص الذين يدعمون الحوثيين ماليا، حيث ألقى البيت الأبيض باللوم على إيران لتزويدهم بالأسلحة وتدريبهم على استخدامها.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن امريكا البحر الأحمر الحوثي الملاحة الدولية دیسمبر کانون الأول فی البحر الأحمر على السفن

إقرأ أيضاً:

حميد الأحمر يدعو للتحقيق في تمكين الحوثيين من طائرات اليمنية ومحاسبة المتورطين

دعا الشيخ حميد الأحمر، إلى التحقيق في تمكين جماعة الحوثي من طائرات شركة الخطوط الجوية اليمنية الأربع التي دمرتها الغارات الجوية الإسرائيلية على مطار صنعاء.

 

وطالب الأحمر -في بيان نشره عبر موقعه الرسمي- بإقالة المسؤولين المتورطين والمتواطئين، وذلك في سياق تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الذي قال إن جماعة الحوثي هددت بقصف مطار عدن وبقية المطارات الأخرى المحررة في البلاد، في حال تم رفض عودة طائرة اليمنية إلى مطار صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة.

 

وقال الأحمر وهو عضو في مجلس النواب "استمعت إلى توضيح رئيس مجلس القيادة حول ملابسات قرار استئناف رحلات اليمنية إلى مطار صنعاء، وبغض النظر عن اتفاقي مع القرار من عدمه، فإنّي أشكر له توضيحه وشفافيته، وأثق في أن اجتهاده نابع من حرصه على الصالح العام، إلا أن هذا التوضيح لا يُغني عن التوجيه بفتح تحقيق شفاف حول كيفية تمكين عصابة الحوثي العام الماضي من الاستيلاء على ثلاث من طائرات الخطوط الجوية اليمنية، وكذا تمكينهم من تشغيلها".

 

وكشف الأحمر عن تواطؤ مسؤولين مع جماعة الحوثي وتسليمهم ثلاث طائرات من أسطول اليمنية العام الماضي.

 

وأضاف "بلغني من شخصية وطنية موثوقة أنه تواصل العام الماضي بالمدير التجاري في اليمنية محسن حيدرة، وأبلغه بأن عصابة الحوثي تنوي الاستيلاء على طائرات اليمنية، وحذّره من أن يتم تسيير أكثر من رحلة في نفس الوقت إلى مطار صنعاء، وعدم السماح بهبوط أي طائرة إلا بعد مغادرة الطائرة التي قبلها، ومع ذلك قام حيدرة بإرسال ثلاث طائرات متجاهلًا التحذير الصريح".

 

وتابع "للأسف لم يُتخذ أي إجراء ضد هذا الشخص، ومثل هذه الفضيحة لو كنا في دولة تحترم نفسها كافٍ أن يبادر الوزير ورئيس اليمنية إلى تقديم استقالاتهم دون الانتظار لقرار الإقالة المتوجب اتخاذه بعدما حدث".

 

وأردف "بعد الاستيلاء على الطائرات الثلاث، كان بإمكان الوزارة ورئاسة اليمنية مخاطبة اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) وإبلاغهم بما تم من استيلاء الحوثيين على الطائرات، ومطالبتهم بعدم إصدار أي تراخيص لرحلات بهذه الطائرات المنهوبة، وهو ما لم يتم".

 

واستدرك "كما كان بإمكان الوزارة واليمنية مخاطبة الأشقاء في الأردن وغيرها من الدول بعدم السماح باستقبال رحلات بهذه الطائرات، وهذا أيضًا لم يتم، وكان بإمكان الوزارة واليمنية أيضًا مخاطبة شركتي بوينغ وإيرباص بعدم تزويد هذه الطائرات بأي قطع غيار أو صيانة، وهذا لم يتم" حد قوله.

 

وتساءل النائب البرلماني بالقول: أوليس كل ما سبق يؤكد أن تمكين عصابة الحوثي من الطائرات كان مسرحية تستوجب التحقيق والمسائلة؟

 

وأكد الأحمر أن وزارة النقل التي لم تقم بواجبها إزاء فضيحة نهب وتدمير طائرات الخطوط اليمنية، هي ذات الوزارة التي لم تقم حتى الآن بمخاطبة خطوط الملاحة البحرية وتحذيرها من التعامل مع عصابة الحوثي، وتحذيرها من إرسال سفنها إلى ميناء الحديدة إلا بتصريح من الوزارة الشرعية، حتى يتم تمكين الشرعية من استئناف تصدير النفط الذي يوقفه الحوثي بالقوة، وتقف الشرعية عاجزة أمام بلطجته حتى بمثل هذه الإجراءات البسيطة.

 

وزاد "اطلعت على مراسلات رسمية بين اليمنية ووزارة النقل وبين السلطات الأعلى، تؤكد أن الطائرة الرابعة التي تم تدميرها مؤخرًا كان قد تم الاستيلاء عليها من قبل جماعة الحوثي، ولم تعد تحت سيطرة اليمنية، فمن بادر بإهدائها لهم؟ وسأقدّم هذه الوثائق للجنة التحقيق التي من المفترض تشكيلها".

 

وختم الشيخ الأحمر بيانه بالقول إن "الحل إزاء كل ما سبق يكمن في أهمية تحرير البلاد من هذه العصابة الكهنوتية، وهذا لن يتم إلا بحل عسكري ناجز، وعجز مجلس القيادة عن القيام بذلك يعني فشله في القيام بمهمته الأساسية المتمثلة في إنهاء الانقلاب".


مقالات مشابهة

  • حميد الأحمر يدعو للتحقيق في تمكين الحوثيين من طائرات اليمنية ومحاسبة المتورطين
  • "أسبيدس": فرقاطة فرنسية تستكمل مهمة جديدة ضمن عملية حماية الملاحة في البحر الأحمر
  • صحيفة بريطانية: الضربات اليمنية أجبرت واشنطن ولندن على الانسحاب وترك “إسرائيل” تواجه مصيرها منفردة
  • لجنة بيئية تتفقد المجازر وشوادر الأضاحي استعدادًا لعيد الأضحى بالبحر الأحمر
  • «موانئ البحر الأحمر» تنجح في تنظيم سفر 16 ألف راكب من عمالة موسم الحج
  • ناقلات نفط تختفي قبالة ماليزيا مع تزايد الرقابة على شحنات إيران
  • رجال الشرطة يشاركون في حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر
  • حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر
  • التلغراف :أمريكا أطلقت صواريخ دفاع جوي خلال 18 شهرًا بالبحر الأحمر أكثرمما أطلقته خلال 30 عامًا
  • مركز أفريقيا للدراسات: توسع العلاقات بين الحوثيين وحركة الشباب بالصومال يُفاقم التهديدات الأمنية لمنطقة البحر الأحمر (ترجمة خاصة)