كيف ستتعامل إيران مع إعلان أمريكا بدء ردع هجمات الحوثي على السفن؟
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن اعتزام البنتاغون إجراء عملية في البحر الأحمر ضد الحوثيين اليمنيين ستشارك فيها القوات البحرية لعشر دول، بما في ذلك بريطانيا وكندا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن استهداف الحوثيون السفن المتجهة نحو إسرائيل عبر مضيق باب المندب الذي يبلغ عرضه 30 كيلومترا تقريبا، عامل يهدد التجارة العالمية.
ونتيجة لذلك، رفعت شركات التأمين الأسعار 10 مرات، بينما قامت أكبر شركات الشحن بالفعل بتعليق حركة سفن الحاويات. لذلك، شُلّ حوالي 15 بالمئة من نشاط الشحن.
وأعلن البنتاغون بدء عملية في البحر الأحمر تحت رعاية القوة البحرية المشتركة (شراكة عسكرية غير رسمية تضم 39 دولة تحت قيادة الولايات المتحدة) تشرف عليها مجموعة العمليات 153. والهدف المزعوم من عملية تحالف حارس الازدهار ضمان الملاحة الآمنة في البحر الأحمر وسط "الهجمات المتهورة من قبل الحوثيين في اليمن".
وحسب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، فإن هذه الهجمات تهدد حرية الملاحة والبحارة الأبرياء وتنتهك القانون الدولي. وإلى جانب الولايات المتحدة، ستشارك في العملية بريطانيا وكندا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وهولندا والنرويج وسيشيل والبحرين. وتعتزم الدول "معالجة القضايا الأمنية بشكل مشترك في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن".
ذكرت الصحيفة أن الحوثيين يهاجمون السفن المتجهة إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر بطائرات دون طيار وصواريخ منذ شهر ردا على القصف الإسرائيلي لقطاع غزة وتضامنا مع الفلسطينيين. وقد أصبحت جميع السفن التجارية، سواء كانت ترفع علم إسرائيل أو متجهة نحوها عرضة للهجوم، خاصة في مضيق باب المندب.
ومجموعة العملية، التي تتخذ من البحرين مقرا لها، هي وحدة صغيرة مسؤولة عن مكافحة الإرهاب في المنطقة تفتقر إلى الإمكانات العسكرية الخطيرة. ولوقف تهديدات الحوثيين، يجب تعزيز القوات البحرية بشكل جدي.
ونقلت الصحيفة عن الباحث في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إيليا كرامنيك، أن تحالف حارس الازدهار سيكون عملا نبيلا من دون عملية برية، لكنه غير واعد.
ويستبعد كرامنيك اتخاذ قوات الناتو قرار إطلاق عملية برية في اليمن تهدف إلى تدمير الإمكانات العسكرية للجماعة، بل ستقتصر فقط على حماية السفن المدنية في البحر الأحمر وشن ضربات صاروخية وجوية على أهداف الحوثيين الساحلية وتعزيز السيطرة الرادارية على البحر الأحمر. وستكون قاعدة إمداد المجموعة هي سيشيل، حيث توجد كل البنية التحتية العسكرية اللازمة لذلك.
وأوردت الصحيفة أن قائد المجموعة البحريّة لحلف الناتو ستكون سفينة هجومية برمائية تابعة للبحرية الأمريكية، وهي موجودة بالفعل في المنطقة، وسيتم توزيع ما بين 10 و15 سفينة سطحية مجهزة بالدفاع الجوي والأسلحة الصاروخية في جميع أنحاء منطقة الشحن التي تغطيها صواريخ الحوثيون. كما تتواجد القوات البحرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية بالفعل في منطقة الدوريات.
وحسب صحيفة "بوليتيكو" فإن مجموعة حاملة طائرات تابعة للبحرية الأمريكية بقيادة حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت أيزنهاور" وصلت إلى منطقة خليج عدن. وقد سمح البنتاغون لقيادة الجماعة بتنفيذ ضربات ضد الحوثيين دون موافقات إضافية.
وفي الوقت الراهن، تمتلك جماعة أنصار الله صواريخ متوسّطة وقصيرة المدى وطائرات مقاتلة وطائرات دون طيار تحت تصرفها. ووفقاً لكرامنيك، لن يفوّت الإيرانيون فرصة اختبار أنظمة الأسلحة الجديدة الخاصة بهم ضد السفن الأمريكية من الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.
وقال كرامنيك "مع أخذ تناوب القوات بعين الاعتبار، يمكن للمجموعة البحرية "حارس الازدهار" العمل في البحر الأحمر لفترة طويلة تتجاوز العام بالتأكيد" ـ مع العلم أن الحوثيين هدّدوا بمهاجمة سفن تلك الدول التي تنضم إلى التحالف الأمريكي لحماية السفن في البحر الأحمر.
أين تكمن أهمية مضيق باب المندب؟
ذكرت الصحيفة أن التهديد الذي يشكله الحوثيون في اليمن أدى إلى إغلاق الطرق التجارية عبر البحر الأحمر، وهي أهم منطقة نقل في الشرق الأوسط، نظرًا لصعوبة تجنب هجمات الحوثيين. ويؤمّن البحر الأحمر مرور ما بين 10 إلى 12 بالمائة من التجارة العالمية، بما في ذلك 30 بالمئة من حركة الحاويات العالمية.
يؤمّن هذا الشريان 40 بالمئة من التجارة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي تجمعها مصالح مع كل من الولايات المتحدة والدول الأخرى التي انضمت إلى العملية، بما في ذلك كندا وفرنسا. وقد أثبت حادث آذار/ مارس من سنة 2021 عندما علقت السفينة "إيفر جيفن" التي يبلغ طولها 400 متر في قناة السويس مما أدى إلى شلل الاقتصاد العالمي، أن التأخر يمكن أن يؤدّي إلى انقطاع كبير في الإمدادات.
وأوردت الصحيفة أن الوضع الجاري أثر بالفعل على الاقتصاد، حيث ارتفعت تكلفة التأمين على السفن على الفور. وفي أوائل كانون الأول/ ديسمبر، بلغت الرسوم الإضافية المفروضة على شركات التأمين مقابل المرور عبر هذه المناطق 0.07 بالمئة من تكلفة السفينة، بينما تضاعفت الرسوم في الأيام الأخيرة 10 مرات. ونتيجة لذلك، أصبح نقل البضائع عبر البحر الأحمر أكثر تكلفة بعشرات الآلاف من الدولارات.
كما ارتفعت تكلفة الهيدروكربونات، إذ يمر حوالي 10 بالمئة من إجمالي النفط بحرًا عبر مضيق باب المندب. وبعد الهجوم على الناقلة النرويجية، ارتفعت أسعار النفط بنسبة 0.2 بالمئة في 12 كانون الأول/ ديسمبر. ومنذ بداية الحرب على غزة، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة 13 بالمئة لهذا السبب أخذت تكلفة المنتجات النهائية في الارتفاع أيضًا.
رغم امتلاك الحوثيين جيشا صغيرا، إلا أنهم يستخدمون الصواريخ والأسلحة الأخرى لتهديد الشحن التجاري، مما زاد في تكلفة التأمين، بما في ذلك التأمين على السفن الإسرائيلية. كما أن 40 بالمئة من التجارة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ تمر عبر البحر الأحمر. وفي ظل إنتاج معظم المنتجات في آسيا، بما في ذلك الصين، من شأن ذلك تعطيل إمدادات السلع الأساسية إلى أوروبا.
وقال الباحث الروسي في مركز الدراسات الشرقية دانيلا كريلوف إن الخبراء يرون أن حوالي 15 بالمئة من نشاط الشحن لا يزال مشلولاً بسبب بدء الشركات في إعادة النظر في الخدمات اللوجستية. وبشكل غير مباشر، يؤكد هذا الوضع أيضًا أن الطريق التجاري عبر قناة السويس لا يعتبر فعالاً بما فيه الكفاية من حيث الوقت والوقود والتكلفة النهائية. وقد باتت أهمية مشروع الطريق البحري الشمالي الذي اقترحته روسيا، والذي دعمه الصينيون كجزء من فرعهم في القطب الشمالي "حزام واحد، طريق واحد"، واضحة.
وحسب المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف فإن كيفية تسليم البضائع من آسيا إلى أوروبا سؤال يطرح نفسه ويصوب الأنظار نحو مشروع "حزام واحد، طريق واحد". وأوضح أونتيكوف أن دخول الأميركيين إلى اليمن جزء من لعبة كبيرة لا تهدف إلى معاقبة الحوثيين أو إيران فحسب، بل إلى منع الصين من احتكار السوق وتوريد السلع من آسيا إلى أوروبا.
إلى ماذا ستؤدي العملية الأمريكية المقبلة في الشرق الأوسط؟
يقع اليمن على ساحل البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن في وقت واحد، مما يسمح للحوثيين المتمركزين هناك بمهاجمة ممر النقل بأكمله بشكل أساسي. تغذي التأثيرات الخارجية الحرب الأهلية المستمرة في اليمن. وفي هذا الصدد، حذرت طهران واشنطن من أن القوات العملياتية المنتشرة بناء على طلب الولايات المتحدة ستواجه "مشاكل غير عادية".
وحسب الأكاديمي والمحلل السياسي رولاند بيجاموف فإنه فيما يتعلق بإيران، ومن وجهة نظر جيوسياسية، فإن هذا قد يوسع نطاق الصراع أو على الأقل يخلق مصدرًا قويًا آخر للتوتر. ولكن في حال انخفضت حدة الصراع بين إسرائيل وفلسطين، فلن يحتاج الحوثيون إلى الهجوم بعد الآن لأن الأسباب الجيوسياسية والحضارية - أي مشكلة الشرق الأوسط التي لم يتم حلها - هي الدافع وراء الهجوم.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحوثيين اليمنيين غزة روسيا غزة اليمن روسيا الحوثي طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة عبر البحر الأحمر مضیق باب المندب فی البحر الأحمر الصحیفة أن بما فی ذلک بالمئة من فی الیمن
إقرأ أيضاً:
إثيوبيا والوصول إلى البحر الأحمر
يعد البحر الأحمر أهم نقطة اختناق بحرية تربط اقتصادات آسيا، وأفريقيا، وأوروبا، ويشكل طريقا اقتصاديا عالميا تمر عبره ما بين 12% و15% من إجمالي التجارة الدولية، فضلا عن كونه ممرا حيويا للبنية التحتية الرقمية.
ومن المتوقع أن تتزايد أهمية هذا الممر البحري والتجاري في المستقبل، مما يعزز من مكانته الإستراتيجية على الصعيد العالمي.
غير أن انزلاقه مؤخرا نحو حالة من عدم الاستقرار، نتيجة للصراعات بالوكالة والتنافسات الإقليمية الكامنة، يشكل تهديدا جوهريا لسلاسل الإمداد العالمية، وللأمن والاستقرار الدوليين.
ولتأمين هذه الساحة الحيوية، لا بد من التخلي عن الديناميكيات الصفرية الراهنة، لصالح توازن إقليمي جديد ومستقر.
يتناول هذا المقال العوامل الحاسمة التي تعرفها ساحة البحر الأحمر: أهميتها العالمية، وتأثير هشاشة الدول، والاحتياجات الوجودية لأكبر دولة في القرن الأفريقي، ويطرح أن تسوية سياسية تدمج حاجة إثيوبيا الحديثة ومتسارعة النمو إلى منفذ بحري دائم ومتوقع، تمثل المسار الأكثر واقعية نحو الاستقرار طويل الأمد ومستقبل تعاوني مستدام.
البحر الأحمر: شريان اقتصادي ورقمي عالميتعد القيمة الإستراتيجية للبحر الأحمر غير قابلة للتفاوض. فهو لا يمثل مجرد شريان للتجارة العالمية، بل يعد أيضا ممرا رقميا لا غنى عنه، إذ يحتضن قاعه البحري كثافة هائلة من كابلات الألياف الضوئية التي تمكن من إجراء معاملات مالية ومعلوماتية تقدر بتريليونات الدولارات يوميا. وأي اضطراب في هذا الممر لا يعد مجرد عائق تجاري، بل هو هجوم مباشر على الاتصال العالمي والأمن المالي.
هذا الموقع الجغرافي، الذي يربط ثلاث قارات، منها آسيا، وأفريقيا الأسرع نموا، ويقطنهما أكثر من نصف سكان العالم، يضع المنطقة في قلب إسقاط القوة العالمية، لا سيما من خلال مبادرات مثل "الحزام والطريق" الصينية، التي تعتمد بشكل كبير على المرور الآمن عبر شمال البحر الأحمر. لذا، يعد البحر الأحمر كيانا جيوسياسيا تتحول فيه الاضطرابات المحلية فورا إلى مخاطر نظامية عالمية.
إثيوبيا وسعيها للوصول إلى البحرتواجه إثيوبيا، الدولة التي يزيد عدد سكانها عن 130 مليون نسمة (ومن المتوقع أن يصل إلى 200 مليون خلال عقود)، وواحدة من أسرع الاقتصادات نموا في أفريقيا، عبئا اقتصاديا وجوديا، كونها أكبر دولة غير ساحلية في العالم.
وسياستها المعلنة- ضرورة الوصول إلى البحر- ليست نزعة إمبراطورية، بل ضرورة جغرافية للنمو الوطني المستدام والأمن القومي.
تعتمد إثيوبيا حاليا على ميناء واحد مزدحم (غالبا جيبوتي)، ما يضطرها إلى إنفاق نحو ملياري دولار سنويا على رسوم العبور والخدمات اللوجيستية، وهو رقم يستنزف من احتياطاتها من العملات الصعبة وعائدات التصدير، ويعد بمثابة ضريبة هيكلية على الاقتصاد بأكمله، تعيق التصنيع وتحدّ من جهود الحد من الفقر.
تسعى إثيوبيا للوصول إلى البحر عبر ثلاثة مسارات:
المسار القانوني والسياسي والدبلوماسي: عبر اتفاقيات ثنائية طويلة الأمد تحظى باعتراف دولي. المسار التجاري: من خلال عقود تأجير موانئ أو ملكية جزئية، استنادا إلى الحقوق القانونية الدولية للدول غير الساحلية. الخيار العسكري: وهو ما يعكس شعورا عميقا بالهشاشة والتصميم الوطني على حل هذه المسألة، وهو تهديد يجب احتواؤه عبر حل إقليمي شامل.إن مطلب إثيوبيا مبرر ليس فقط تاريخيا، بل أيضا بحجمها الاقتصادي والديمغرافي الهائل، ما يجعل الوصول إلى البحر ضرورة وجودية لا يمكن تجاهلها في أي تصور للاستقرار الإقليمي.
هشاشة الدولة والعامل الإريتريعلى الجانب الآخر، تشكل البنية السياسية الداخلية لإريتريا عنصرا حاسما في الهشاشة غير المتوقعة في معادلة البحر الأحمر. فرغم ادعاءات الاستقرار، تعد إريتريا دولة عسكرية استبدادية، تفتقر إلى مؤسسات سياسية فاعلة، وتدار عبر جهاز أمني واسع. ذا الغياب للقدرة على امتصاص الصدمات- اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا- يجعلها شديدة الهشاشة أمام الاضطرابات الداخلية والضغوط الخارجية.
تحكمها طموحات زائدة، وتتبنى سياسات تؤدي إلى:
كلا الخيارين يعد مصدرا دائما لعدم الاستقرار، بما يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي الإثيوبي. فالبحر الأحمر قضية أمن قومي لإثيوبيا، ولا يمكن ترك إدارته لقوى أخرى. لذا، لن تقبل إثيوبيا نتائج السياسات الإريترية الحالية، ويجب إيجاد خيار ثالث يضمن السلام والأمن بين البلدين وفي ساحة البحر الأحمر الأوسع.
إضافة إلى ذلك، تواجه إريتريا انقسامات داخلية بين سكان الساحل والمرتفعات، وتغيرات ديمغرافية نتيجة هجرة جماعية للشباب.
وقد يؤدي رحيل أو خلافة "الدكتاتور الحالي" إلى فوضى سياسية، تفتح الباب لتدخلات خارجية، وتحول البلاد إلى ساحة صراع بالوكالة على حدود أحد أهم الممرات البحرية في العالم. فالدولة الساحلية الهشة تعد تهديدا مباشرا للملاحة المستقرة.
خطر التنافس الجيوسياسيتغري هشاشة دول القرن الأفريقي الساحلية القوى الدولية بالتدخل. وقد تحولت منطقة البحر الأحمر إلى مسرح لصراعات بالوكالة، تقودها دول قوية في الإقليم.
يتوزّع النفوذ على الضفتين الشرقية والغربية للبحر الأحمر بين قوى إقليمية ذات امتدادات ساحلية واسعة وأخرى تمتلك حضوراً فاعلاً عبر أطراف محلية متحالفة معها. وفي المقابل، تشهد الضفة الغربية للأقليم انتشاراً مكثفاً لقواعد عسكرية تابعة لقوى دولية متعددة، ما يعكس الأهمية الجيوسياسية المتصاعدة للمنطقة بوصفها نقطة تنافس محوري بين الفاعلين الإقليميين والدوليين.
هذا النشاط بالوكالة يفاقم التوترات المحلية، ويحول النزاعات الداخلية والخلافات الحدودية إلى صراعات دولية ضخمة.
المنطقة الساحلية المتنازع عليهاوهي منطقة في جنوب البحر الأحمر، يسكنها شعب العفر، الذي تربطه روابط ثقافية وعشائرية بإثيوبيا. وتمتد هذه المنطقة من جنوب ميناء مصوع إلى ميناء عصب، بطول 600 كيلومتر وعرض 60 كيلومترا من الحدود الإثيوبية، وتعرف باسم "منطقة دنكاليا" في إريتريا. وهي منطقة قليلة السكان، وتعد امتدادا طبيعيا لإثيوبيا.
استمرار سياسة حرمان إثيوبيا من منفذ بحري دائم ومتوقع، سيؤدي إلى صراعات داخلية مستمرة، وحروب إقليمية، وعدم استقرار دائم.
وفي هذا السياق، يمكن النظر إلى الحملة التي تقودها مصر للحدّ من تمدد النفوذ الإثيوبي نحو البحر بوصفها جزءًا من التفاعلات الإقليمية الحسّاسة.
الطريق نحو توازن جديد وسلام مستداميتطلب تحقيق السلام والاستقرار الإقليمي ترتيبا سياسيا يعترف بضرورة تمكين إثيوبيا ومنحها وصولا متنوعا إلى البحر، لتكون ركيزة أساسية في هيكل الأمن الإقليمي.
فإثيوبيا، بحجم اقتصادها وسكانها وجغرافيتها، تعد شريكا أكثر موثوقية من دول صغيرة وهشة واستبدادية، ومرساة استقرار وتعاون إقليمي.
كما لا يمكن لدولة بحجم إثيوبيا وتنوعها الثقافي أن تحكم إلى الأبد بنظام مركزي استبدادي. عوامل النمو ستدفع نحو اللامركزية، وهي عنصر أساسي في الحكم الديمقراطي، وتهيئ لتوزيع عادل للثروة وتقدم اقتصادي مستدام.
ولتكون إثيوبيا مرساة للسلام في ساحة البحر الأحمر، يجب أن تحل تحدياتها الأمنية الداخلية سلميا، وتركز على التنمية الاقتصادية والحكم الديمقراطي. ويجب إعطاء الأولوية القصوى لحل قضية تيغراي وفق اتفاق بريتوريا لوقف الأعمال العدائية، ومنع الحكومة الإريترية من أي إمكانية لشن حرب بالوكالة.
نتيجة رابحة للجميعمن خلال دمج احتياجات إثيوبيا في ترتيب متبادل المنفعة، يضمن وصولا دائما إلى البحر يحظى باعتراف دولي، يمكن للمنطقة أن تنتقل من التنافس إلى التعاون.
وبذلك تحصل إثيوبيا على شريان الحياة الذي تحتاجه؛ وتكسب الدول الساحلية مليارات الدولارات من الاستثمارات ورسوم العبور والتنمية الاقتصادية المشتركة؛ بينما تنعم الأسرة الدولية ببحر أحمر أكثر أمنا واستقرارا.
إن إثيوبيا المسالمة، ذات الحكم الديمقراطي، والمتكاملة اقتصاديا، تمتلك القدرة على إرساء توازن جديد ودائم في ساحة البحر الأحمر، وترسيخ أجندة السلام والأمن في البحر الأحمر لعقود قادمة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline