لم تتعظ المنظومات العسكرية الحاكمة في السودان من تجاربها الطويلة التي تعتمد على سياسة صنع شماعات بشرية لتنشر عليها سراويل فشلها المنتفخة بغائط الخذلان وعار الهزيمة والانكسار. فما ان تنهزم أمام خصومها في ساحات المعارك، حتى تلجأ لشن حملات انتقامية تستهدف مدنيين أبرياء لا ناقة فيما يجري ولا ورل… سوى أنهم ينحدرون من ذات الأقاليم التي تنتسب إليها بعض خصومهم.

* إن من نافلة القول، الحديث عن عدم جدوى مثل هذه الحملات الاعتباطية التي لن تأتِ إلا بنتائج عكسية تمامًا لما يريدها قادة تلك الحملات. فقد جربتها حكومةُ نميري عقب هجوم أمدرمان الرامي الى إسقاط حكومته في الثاني من يوليو من العام 1976 فيما سميت بغزوة "المرتزقة"، فنفذ حملات اعتقالات وتقتيل شملت الأبرياء من سكان الجزيرة ابا وغرب السودان وبعض الاسر التي ينتسب أبناءها الى الحزب الشيوعي، قبل ان يعمد الى ترحيل أبناء الولايات الغربية من عاصمتهم القومية الخرطوم والتي استمرت لعشر سنوات متتالية، بلا أي مبرر منطقي. إلى ان جاء العام 1985 واندلعت ثورة الجياع في مارس من العام نفسه، ليجن جنونه بتوسيع نطاق حملاته ضد من أسماهم ب(الفلاتة والغرابة والشماسة) لتكون النتجية استثارة غضب الشارع السوداني الذي لم يتراجع الا بعد إسقاط نميري وكنس نظامه. * بالطبع لم تتعلم حكومة البشير من تلك الدروس فنفذت منذ أيامها الأولى عدة حملات دامية طالت حتى بعضًا من رفاق دربه من الضباط المتحررين من أيدلوجية الهوس الجبهجي العنصري، لتمتد تلك الحملات الانتقامية ضد أبناء أقاليم بعينها… ابتداء من حوادث التقتيل المباشر والاعتقالات والاختفاءات القسرية التي شملت أعدادا كبيرة من أبناء دارفور وكردفان عقب مفاصلة الرابع من رمضان ، لتنتج عنها تكوين حركة مسلحة استطاعت لاحقًا ان تطرق أبواب القصر الجمهوري. حملة أخرى طالت أبناء جنوب السودان بعد مقتل الدكتور جون قرنق في يوليو 2005، وقبلها وأثناءها وبعدها حملات التطهير العرقي في جنوب السودان، جبال النوبة، دار فور والنيل الأزرق . وتلك التي استهدفت أبناء غرب السودان عقب دخول حركة العدل والمساواة لمدينة أمدرمان في مايو 2008، ثم حملات اغتيال الصحفي محمد احمد محمد طه . إضافة الى مسرحيات العمالة لصالح إسرائيل التي صُلِب على خشبتها المئات من أبناء دارفور من التجار والطلاب وعمال البناء والأفران، بصورة تعكس مدى التخبط العنصري في التعاطي مع الأزمات السياسية في البلاد وتكبيش الابرياء من أبناء هذا الوطن . *إن موجة الاعتقالات العرقية التي شهدتها مدينة ود مدني وبعض المدن في الولايات الشمالية والشرقية والتي وصلت في بعضها الى التصفية الجسدية، ووضعت حياة المئات من أبناء دارفور وكردفان في المحك بحجة احتمالية عملهم كخلايا نائمة تتبع للدعم السريع، ما هي الا ضرب من خنق الأعواد اليابسة وطعن ظلال الأفيال الذي لا يؤدي الا لمزيد من استعداء الشعب السوداني الذي لطالما ظل ولا يزال يقاسي من ويلات الجيش وجنجويده. إذ ليس في السودان أكثر عمالة وجاسوسية لصالح الجنجويد من قادة الصف الأول من الجيش نفسه. لذلك وجب على أجهزة البرهان الكف فورًا عن تلك الحملات العشوائية، وإلا فسوف يضطر أؤلئك الأبرياء للانضمام الى الدعم السريع انتقامًا من تلك الحملات الانتقامية الجارية ضدهم، حتى لو لم يكونوا على قناعة بما يقوم به الدعم السريع.

أحمد محمود كانم

٢٥ ديسمبر ٢٠٢٣
amom1834@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تلک الحملات من أبناء

إقرأ أيضاً:

أمنستي: الإمارات قدمت أسلحة صينية متطورة لقوات الدعم السريع

قالت منظمة العفو الدولية الخميس إن الإمارات زودت قوات الدعم السريع بأسلحة صينية تستخدمها في الحرب التي تخوضها منذ عامين ضد الجيش السوداني، في انتهاك لحظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة.

وأورد التقرير أن أسلحة متطورة تشمل قنابل موجهة ومدافع ميدانية أعادت الإمارات تصديرها من الصين "تمت مصادرتها في الخرطوم، إضافة إلى استخدامها في دارفور، في انتهاك فاضح لحظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة" بحسب المنظمة.

وكشفت أمنستي عن رصد "قنابل صينية موجهة من طراز جي بي 50 ايه وقذائف ايه اتش-4 من عيار 155 ميليمترا"، بالاستناد إلى تحليل صور لمخلفات عثر عليها بعد هجمات في الخرطوم وإقليم دارفور.

والثلاثاء، أعلنت الحكومة السودانية قطع العلاقات مع الإمارات التي تعتبرها "دولة عدوان" وتتهمها بتزويد قوات الدعم السريع بأسلحة متطورة تم استخدامها في الهجمات الأخيرة على بورتسودان.

ورغم نفي أبوظبي مد الدعم السريع بالأسلحة، إلا أن تقارير من خبراء أمميين ومسؤولين سياسيين أمريكيين ومنظمات دولية أفادت بعكس ذلك.

وأفادت "أمنستي" بأن الأسلحة الصينية التي تم رصدها في السودان "تصنعها مجموعة نورينكو (Norinco)" المعروفة باسم "تشاينا نورث إنداستريز غروب كوربورايشن ليميتد" (China North Industries Group Corporation Limited) وهي مجموعة دفاع مملوكة للدولة الصينية.



وأكدت أمنستي بالاستناد إلى بيانات معهد الأبحاث السويدي "ستوكهولم إنترناشونال بيس" أن "البلد الوحيد في العالم الذي استورد من الصين قذائف ايه اتش-4 من 155 ميليمترا هو الإمارات في العام 2019".

وأشارت إلى أن "ذلك يدل على أن الإمارات مستمرة في مساندة قوات الدعم السريع" تماشيا مع ما جاء في تقارير سابقة، أحدها للأمم المتحدة.

وذكرت المنظمة أنه سبق لها توثيق أن الدولة الخليجية مدت الدعم السريع بمسيرات صينية الصنع.

ورجح تحقيق منظمة العفو أن تكون قنابل "جي بي 50 ايه" التي "تستخدم للمرة الأولى استخداما نشطا في نزاع عالمي" في السودان "قد أعيد تصديرها بشكل شبه محتم" إلى السودان عبر الإمارات.

وهذه القنابل يمكن تحميلها على المسيرات الصينية الصنع "وينغ لونغ 2" و"فيهونغ-95" التي "تستخدم فقط في السودان من قبل قوات الدعم السريع.. وتوفر من الإمارات.

واعتبرت المنظمة أنه "من المخزي ألا يتمكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من تنفيذ الحظر القائم على الأسلحة في دارفور.. فالمدنيون يقتلون ويصابون بسبب التقاعس العالمي"، وفق وصفها.

مقالات مشابهة

  • مقتل 14 سودانيًا من عائلة واحدة في قصف للدعم السريع في دارفور
  • مسيّرات تهاجم بورتسودان لليوم السابع و14 قتيلا في شمال دارفور
  • الجيش السوداني يتهم «الدعم السريع» بقصف الفاشر في شمال دارفور .. سقوط قتلى وجرحى مدنيين
  • الجيش السوداني يتهم «الدعم السريع» بقصف الفاشر في شمال دارفور
  • السودان.. الجيش يواجه مسيّرات الدعم السريع ومجلس الأمن يطالب بوقف القتال
  • السودان.. مقتل 8 مدنيين بينهم أطفال بنيران الدعم السريع
  • السودان كان قاب قوسين أو أدني من التخلص من مليشيا الدعم السريع
  • أمنستي: الإمارات قدمت أسلحة صينية متطورة لقوات الدعم السريع
  • قوات الدعم السريع تكثّف استخدام المسيّرات ضد مناطق سيطرة الجيش في السودان
  • هكذا تتبنى الدعم السريع نموذج الإبادة الجماعية الإسرائيلي بالسودان