جنيف - صفا

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي لم تكتف بتجويع الفلسطينيين في شمالي وادي غزة، بل قتلت العشرات منهم خلال محاولتهم الحصول على مساعدات محدودة وصلت هناك، في تكريس لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد السكان المدنيين في القطاع منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر من العام الماضي.


 
وأضاف المرصد الأورومتوسطي في بيان له، وصل وكالة "صفا"، أنه "وثق شهادات صادمة عن قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي عشرات الفلسطينيين وإصابة آخرين خلال تجمعهم يوم الخميس 11 كانون ثانٍ/يناير الجاري على شارع الرشيد غربي مدينة غزة لتلقي مساعدات إنسانية، محملاً وكالات الأمم المتحدة المسؤولية عن عجزها عن ضمان آليات مناسبة لإيصال المساعدات للسكان".
 
وبيّن أن المعلومات التي تلقاها تشير إلى "استشهاد ما يقرب من 50 فلسطينيًّا وإصابة عشرات آخرين، بعدما استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي طائرات "كوادكابتر" لإطلاق النار تجاه فلسطينيين تجمعوا لاستلام كميات من الطحين عبر شاحنات تتبع للأمم المتحدة".
 
ووفق الشهادات التي جمعها الأورومتوسطي، فإن "عشرات السكان تجمعوا على شارع الرشيد غربي مدينة غزة الذي دمرته الجرافات الإسرائيلية في الأسابيع الماضية، بانتظار وصول الشاحنات التي تقل الطحين، قبل أن يفاجأ الجميع بقدوم طائرات مسيرة من نوع "كوادكابتر" بدأت بإطلاق النار تجاههم وأوقعت عددًا كبيرًا من الشهداء والجرحى في صفوفهم".
 
وبيّن أن "السكان هربوا من المنطقة ونقلوا من استطاعوا من الجرحى، فيما بقي الشهداء في المكان. وفي وقت لاحق من اليوم ذاته، وصلت الشاحنات ليعود مئات السكان للتجمع مجددًا لمحاولة استلام حصة من الطحين، في وقت يعاني مئات الآلاف شمالي وادي غزة من الجوع للشهر الرابع على التوالي".
 
ووفق الشهادات التي وثقها المرصد، فإن السكان "اضطروا لقطع مسافات تصل إلى 10 كيلومترات للوصول للمنطقة، فيما لم يكن هناك أي نظام عند استلام المساعدات، وبناءً على الشهادات التي تلقاها الأورومتوسطي، فإن هناك تخوفات من وجود ضحايا سقطوا نتيجة الازدحام الشديد الذي حصل في المنطقة بعد وصول الشاحنات".
 
وبين الأورومتوسطي أن "السكان نقلوا الشهداء على عربات تجرها حيوانات من المنطقة بعد مضي ساعات على استشهادهم".
 
وقال أ. ف (27 عامًا) لفريق الأورومتوسطي (فضّل عدم الكشف عن اسمه): "توجهت أنا وشقيقي مع عدد من الجيران إلى شارع الرشيد صباح 11 يناير، بعد أن قطعنا مسافة لا تقل عن 5 كيلومترات، ثم وجدنا الناس تتجمع وتتجه نحو الجنوب، فمشينا معهم باتجاه الطريق الذي يفترض أن تأتي منه الشاحنات التي تحمل الطحين، فجأة ظهرت طائرات كوادكابتر وبدأت تطلق النار تجاهنا بشكل عشوائي، شاهدت العديد من الأشخاص يقعون على الأرض، شعرت بحرارة الرصاصات بجواري، وبدأت أركض لمغادرة المنطقة، ولاحقًا وصل جيراني وتبين أن اثنين منهم أصيبا بجروح."
 
وأضاف: "نحن نعاني من جوع حقيقي، لا يوجد طحين أو أي مواد غذائية، كيس الطحين الذي كان سعره بحدود 40 شيكلًا (نحو 10.8 دولارات أمريكية) أصبح يباع إن توفر غالبًا بأكثر من 600 شيكل (نحو 162 دولارًا أمريكيًّا)".
 
وقال م.د (27 عامًا) للأورومتوسطي (فضل عدم الكشف عن اسمه): "توجهت الساعة 9 صباحًا مع اثنين من أبناء عمي إلى شارع الرشيد بعدما سمعت أن شاحنات طحين ستصل، وصلنا بعد ساعة لأن الشوارع مدمرة، وبعد أن قطعنا 5 كيلومترات، كان شارع الرشيد فيه مئات من الناس تمشي وتنتظر، وصلنا بعد دوار النابلسي، قريب من نقطه الساحل، فجأة ظهرت دبابة لجيش الاحتلال الإسرائيلي من خلف تلة رمليه وبدأت بإطلاق نيران بشكل عشوائي.

وتابع: في الوقت نفسه "هاجمتنا طائرات كوادكابتر، أنا شاهدت اثنتين منها، جميع من كانوا في المقدمة استشهدوا أو أصيبوا، لا يقل عن 50 شخصًا استشهدوا في لحظات، وكان هناك إصابات كثر، فورًا بدأنا نجري، ونعبر في الشوارع الضيقة التي بين البيوت في شارع الرشيد أو في المحلات التجارية المهدمة، أو أي مكان نقدر أنه آمن من إطلاق النار".
 
وأضاف: "تقريبًا الساعة 11:30 قبل الظهر، عدت مع آخرين، شاهدنا الشاحنات وبدأنا نركض باتجاهها، كانوا أربع شاحنات تحمل طحين ومعلبات وأدوية، هجم الناس على الشاحنات وهي تمشي، وبعضهم كان يقع، شاهدت شخصين يقعان تحت إطارات الشاحنة ويدهسان.. لو كان هناك نظام لتوزيع الطحين كان أفضل من الفوضى والموت الذي نعيشه، بعد ذلك، أنا غير مستعد لأعود آخذ الطحين لأني رأيت الموت بعيني."
 
وتكرر تجمع السكان في الأيام التالية مع تردد أنباء عن قدوم شاحنات إضافية تحمل المساعدات، حيث يتجمع المئات منذ الساعة السابعة صباحًا وسرعان ما تأتي طائرات مسيرة إسرائيلية تستهدفهم بإطلاق النار.
 
المواطن م. د (38 عامًا) قال لفريق الأورومتوسطي (فضل عدم الكشف عن اسمه): "تجمع الناس على شارع الرشيد من الساعة السابعة صباح يوم الإثنين 14 كانون ثانٍ/يناير، وعند الساعة الحادية عشرة وصلت طائرات كوادكابتر واستمرت في إطلاق النار لمدة ساعة ونصف، ما أدى إلى عدد من الشهداء والمصابين، ولم تصل حتى حينه أي مساعدات."
 
وذكر أن "نجله (18 عامًا) توجه للمنطقة أيضًا وبقي ينتظر لساعات حتى وصلت شاحنة واحدة، وحاول مع مئات المواطنين الوصول لها حتى داسته الأقدام وأغمي عليه، ولم يتمكن من الحصول على أي كمية طحين، لأن طريقة التوزيع فيها خلل وغير آدمية".
 
وأوضح بناءً على الشهادات والتصريحات الرسمية الإسرائيلية، إلى جانب المعطيات التي وثقها فريق الأورومتوسطي على الأرض، فإن "إسرائيل" تستخدم التجويع كأداة من أدوات الحرب والضغط السياسي ضد المدنيين الفلسطينيين، وهو ما يندرج ضمن جريمة الإبادة الجماعية، ويتطلب تدابير عاجلة لتمكين الفلسطينيين من الحصول على الطعام والشراب ومجمل احتياجاتهم الأساسية دون عوائق ودون استهداف أو ترهيب".
 
وحمّل الأورومتوسطي الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية المسؤولية عن "القصور والعجز في توصيل المساعدات الإنسانية بشكل لائق ومناسب لمئات آلاف السكان الذين يعانون جوعًا حقيقيًّا للشهر الرابع على التوالي، وكذلك صمتها إزاء قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي مدنيين خلال محاولتهم استلام المساعدات".
 
وأشار الأورومتوسطي إلى "إعلان المتحدث باسم الأمم المتحدة، "ستيفان دوجاريك" أن ثلاث شحنات فقط من أصل 21 شحنة مساعدات منقذة للحياة تمكنت من الوصول إلى شمالي وادي غزة، في الفترة ما بين 1 و10 كانون ثانٍ/ يناير الجاري".
 
وقال دوجاريك أن "هذه البعثات كان مخططًا لها إيصال الإمدادات الطبية والوقود لمرافق المياه والصرف الصحي في مدينة غزة وشمال القطاع، فيما رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي السماح بدخولها".

وأشار دوجاريك إلى "تقلّص قدرة الأمم المتحدة على الاستجابة للاحتياجات واسعة النطاق في الجزء الشمالي من غزة، بسبب الرفض المتكرر لوصول المساعدات الإنسانية وغياب الوصول الآمن المنسق من سلطات الاحتلال الإسرائيلين ونبه إلى أن رفض التصاريح والقيود الشديدة على الوصول تشلّ قدرة الشركاء في المجال الإنساني على الاستجابة بشكل هادف ومتسق وعلى نطاق واسع".
 
وشدد الأورومتوسطي على أن "هذا التصريح لا يعفي الأمم المتحدة من المسؤولية عما يجري، من خلال رضوخها لشروط جيش الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته، بما في ذلك تمرير محاولاته الدعائية التي ظهرت خلال مرافعة الفريق الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، حين ادعى تسهيل مرور المساعدات الإنسانية وتسهيل وصول وفد أممي لشمالي وادي غزة".
 
وأعاد المرصد التذكير بأن "القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل صارم استخدام التجويع والتعطيش كوسيلة من وسائل الحرب، واعتبرها انتهاكًا جسيمًا وعقابًا جماعيًا محظورًا، إلى جانب ذلك، تشكل تلك الممارسات مخالفة للالتزامات المترتبة على عاتق "إسرائيل" بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال لقطاع غزة، ولواجباتها وفقًا للقانون الإنساني الدولي بتوفير احتياجات سكان غزة وحمايتهم".
 
وينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن تجويع المدنيين عمدًا من خلال حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية، يعتبر جريمة حرب.
 
ويذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن "الحرمان الشديد والمتواصل للسكان المدنيين في قطاع غزة من الطحين والمواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب بالكميات الكافية يعتبر شكلًا من أشكال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضدهم منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر من العام الماضي، كونه يلحق أضرارًا جسيمة بالسكان المدنيين الفلسطينيين في القطاع، ويخضعهم لأحوال معيشية يقصد بها تدميرهم الفعلي، وذلك وفقًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والأحكام القضائية الدولية ذات الصلة".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: طوفان الأقصى جیش الاحتلال الإسرائیلی جریمة الإبادة الجماعیة الأمم المتحدة شارع الرشید وادی غزة

إقرأ أيضاً:

مقرر الأمم المتحدة المعني بالفقر: إسرائيل تستخدم المجاعة كسلاح حرب

قال أوليفييه دي شوتر، مقرر الأمم المتحدة المعني بالفقر وحقوق الإنسان، إن المحكمة الجنائية الدولية طالبت في عام 2024 بالقبض على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي، بسبب استخدام المجاعة كسلاح في الحرب على غزة، مشيرًا إلى أن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.

تُفاقم الأزمة الإنسانية

وأكد دي شوتر، خلال مداخلة له عبر قناة القاهرة الإخبارية، أن الوضع في غزة لا يزال يتدهور يومًا بعد يوم، وأن سياسات الاحتلال تُفاقم الأزمة الإنسانية عمداً.

غزة تشهد كارثة إنسانية كبيرة وسط نقص المساعدات الغذائيةحقوق الإنسان: مقتـ.ل 615 فلسطينيا أثناء الحصول على المساعدات في غزة

واعتبر «دي شوتر» أن ما قامت به إسرائيل مؤخرًا، من تقديم 75 لترًا فقط من الوقود كمساعدة رمزية، هو أمر «سخيف للغاية»، ولا يمكن اعتباره حلًا للأزمة، بل هو مجرد استجابة شكلية لضغط دولي متزايد.

وقال: «الحكومة الإسرائيلية تقدم بعض التنازلات البسيطة فقط لتخفيف الضغط، لكنها لا تستجيب فعليًا لمتطلبات القانون الدولي أو الحاجة الإنسانية»، مشددًا على أن الوضع يتطلب فتح الحصار بشكل كامل والسماح بدخول المساعدات دون قيود.

وأشار «دي شوتر» إلى أن الحكومة الإسرائيلية بأكملها تضم مسؤولين يُعتبرون داعمين لاستخدام المجاعة كسلاح، وهو ما وصفه بـ «جريمة حرب مكتملة الأركان»، مؤكدًا أن المجتمع الدولي مطالب باستخدام كل الوسائل، بما في ذلك العقوبات والمسار الدبلوماسي، لوقف هذه الانتهاكات فورًا.

ولفت «دي شوتر» مداخلته بالتأكيد على أن الحصار المفروض على غزة يجب أن يُرفع فورًا، وأن أي تقاعس دولي عن فرض الضغوط سيُعتبر تواطؤًا مع جريمة إنسانية مستمرة، داعيًا إلى تطبيق القانون الدولي بكل أدواته لوقف الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين في غزة.

https://www.youtube.com/watch?v=jzBKAnQmrjM

طباعة شارك غزة الاحتلال قوات الاحتلال جيش الاحتلال فلسطين

مقالات مشابهة

  • مجزرة جديدة في غزة.. الاحتلال الإسرائيلي يقتل 27 فلسطينيًا ويصيب 180 آخرين أثناء انتظار المساعدات
  • عاجل| مصادر للجزيرة: خريطة إعادة التموضع التي عرضها الوفد الإسرائيلي في المفاوضات تبقي كل مدينة رفح تحت الاحتلال
  • مسؤولة بالاتحاد الأوروبي: توصلنا لاتفاق مع إسرائيل بشأن المساعدات الإنسانية
  • مقرر الأمم المتحدة المعني بالفقر: إسرائيل تستخدم المجاعة كسلاح حرب
  • يونيسف: القانون الدولي يُنتهك بالكامل في غزة على يد إسرائيل
  • رواية جيش الاحتلال تنهار أمام كاميرات القسام.. الجندي لم يقاوم بل هرب
  • الاتحاد الأوروبي يكشف تفاصيل الاتفاق مع إسرائيل على إدخال المساعدات إلى غزة
  • 5 أسئلة تفسر تمسّك إسرائيل بالمساعدات الأميركية وإصرار حماس على رفضها
  • رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي: حرب غزة من أكثر حروب إسرائيل تعقيدا وصعوبة
  • الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل مقتل جندي أثناء "محاولة أسره"