المحاضرون بالجامع الأزهر يفندون مزاعم المشككين في المعجزة الربانية
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
واصل ملتقى "شبهات وردود" بالجامع الأزهر الشريف، فعالياته الأسبوعية، تحت عنوان: "شبهات حول الإسراء والمعراج"، وذلك تحت رعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
وحاضر في ملتقى هذا الأسبوع كل من : الدكتور عبدالفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين الأسبق، ود. مجدي عبد الغفار حبيب، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور علي مهدي أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، وأدار اللقاء د. عبد الله الحسيني، الباحث برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف.
العواري: معجزة الإسراء والمعراج جاءت تسريةً وتسليةً للنبي عما أصابه من الأذى ورداً عملياً على أهل الكفر والظلم والعدوانوفي بداية الملتقى ، قام الدكتور عبد الفتاح العواري، بالتأصيل لحادثة الإسراء والمعراج من خلال الحديث عن شهر رجب وعن حرمته وعما فعل كفار الجاهلية به من تغيير لموعده من أجل انتهاك حرمته بالقتال ونحوه، ثم نزَّل ذلك على أرض الواقع، فشبه انتهاك اليهود لحرمة الشهر الفضيل في هذه الأيام بانتهاك مشركي العرب لحرمته؛ حيث انتهك اليهود حرمة الشهر الحرام وحرمة المسجد الأقصى، وحرمة الأنفس المعصومة.
وبين عضو مجمع البحوث الإسلامية ، بعض حِكَم الإسراء والمعراج من كونها تسريةً وتسليةً للنبي ﷺ عما أصابه من الأذى، ورداً عملياً على أهل الكفر والظلم والعدوان، وأن الله تعالى ناصرٌ دينه ونبيه وعباده المؤمنين ، مؤكداً أن صلاة النبي ﷺ بالأنبياء في المسجد الأقصى كان إيذاناً بانتقال القيادة الروحية من ولد إسحق إلى ولد إسماعيل، وهذا إرث تركه النبيﷺ لأمته؛ فهل حفظته أم ضيعته!!!
مجدي عبد الغفار: الرد العملي للشبهات يكون بحفاظنا على إرث نبينا الكريم و سيادتنا بالعلوم حتى تعود الأمة إلى سابق عهدها المجيدمن جانبه، أوضح الدكتور مجدي عبد الغفار، أن الوحي لا بد أن يكون معه وعي؛ لأن الوحي بلا وعي تعطيل، وأما الذين يريدون إعمال العقل دون الوحي فنقول لهم: وعي بلا وحي تضليل ، فنحن نقدس المنقول ونُعمِل فيه العقول، وإسراء النبي ﷺ ومعراجه، قد وقف فيه الواقفون ممن وقفت عقولهم عن فهم المنقول، وصار كل منهم يعمل عقله بمقاييس البشر، فالرحلة بمقاييس رب البشر لا بمقاييس البشر، فالله - سبحانه وتعالى - هو الذي أسرى.
وتابع أن الرحلة لم تكن منامية أو روحية بل كانت بدنية، وإذا كان الله - سبحانه وتعالى - هو من أسرى؛ فعندئذ لا يُحسب الأمر بالمقاييس البشرية ، عندها تُفنذ كل الشبهات ، موضحا كيف يكون الرد العملي للشبهات وذلك بحفاظ المؤمن على نبيه ﷺ، ومن خلال سيادتنا بالعلوم وقيادتنا بالشهادات حتى تعود الأمة إلى سابق عهدها المجيد.
علي مهدي: حادثة الإسراء والمعراج وردت عن أكثر من عشرين صحابياً وذلك يجعلها حادثة يقينية وليست منامية كما يدعي البعضمن جهته قام الدكتور علي مهدي، بالرد بالتفصيل على شبهات المنكرين للإسراء والمعراج، ففنّد شبهة تعارض الروايات في هذه الحادثة؛ حيث جاء في بعض الروايات أن النبي ﷺ كان في بيت أم هانئ، وفي رواية أنه أُسري به من الكعبة، فأوضح فضيلته، أنه لا يوجد تعارض بين الروايات، حيث من الممكن أن يكون تلك الليلة في بيت أم هانئ وأُسري به من الكعبة.
وتابع: إن حادثة الإسراء والمعراج وردت عن أكثر من عشرين صحابياً وذلك يجعلها حادثة يقينية، فشبهة كون الإسراء والمعراج رؤيا منامية كما يقول بعض المشككين مستدلّين بقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] ، أن الله تعالى يقول في أول السورة : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى ُ } [الإسراء: 1] وذلك يعني أن ما بعد ذلك معجزة ، تحتاج لإيمان من أجل تصديقها ، أما الرؤيا في المنام فهي أمر عادي، أيضا لو كانت رؤيا منامية لما أنكرها المشركون على النبي ﷺ، مستدلا بأن مصطلح الرؤيا في دواوين اللغة يطلق على رؤيا العين الحقيقية، ثم ختم فضيلته حديثه بتذكير المسلمين ببعض ما يجب عليهم فعله من التمسك بدينهم وطلبهم للعلم.
عبد الله الحسيني: أعداء الإسلام يحاولون الطعن في الإسلام عن طريق التلبيس على بعض ضعاف الإيمان أمور دينهم مستغلين في ذلك شبهاتٍ عقلية أو علمية أو لغويةبينما تحدث الدكتور عبدالله الحسيني، عن لمحة تاريخية حول الإسراء والمعراج وقال إن هذه الأيام تذكرنا بحادثة تاريخية، ومعجزة إلهية ، للحبيب المصطفى ﷺ، ألا وهي حادثة الإسراء والمعراج، وقال إن أعداء الإسلام بين الفينة والأخرى يطعنون في الإسلام، محاولة منهم للنيل من هذا الدين عن طريق التلبيس على بعض ضعاف الإٍيمان أمور دينهم، مستغلين في ذلك شبهاتٍ عقلية أو علمية ، أو لغوية ؛ فهذه المعجزة لطالما شكك فيها المشككون، وأثاروا حولها الشبه الواهية من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، لكن الله تعالى يُسَخِّر دوما لهذا الدين من يذب عنه ويقيم ما اعوَج منه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شبهات وردود الجامع الأزهر الإسراء والمعراج شيخ الأزهر الأزهر الشریف الدکتور عبد النبی ﷺ
إقرأ أيضاً:
ملتقى الجامع الأزهر: رسولنا حث على طلب الشفاء وعدم الاستسلام للمرض
عقد الجامع الأزهر اليوم، الاثنين، الملتقى الفقهي الثامن عشر بعنوان «رؤية معاصرة»، وذلك تحت عنوان: «فقه التداوي بين الشرع والطب»، برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات من فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف.
واستضاف اللقاء كلًّا من د. أحمد ربيع، أستاذ أصول اللغة ووكيل كلية اللغة العربية للدراسات العليا سابقًا بجامعة الأزهر، ود. إسلام شوقي عبد العزيز، أستاذ ورئيس قسم أمراض القلب بكلية الطب جامعة الأزهر بالقاهرة، وأداره الشيخ أحمد الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر، وذلك عقب صلاة المغرب بالظلة العثمانية.
ملتقى الأزهر يناقش إيجابيات وسلبيات شبكات التواصل الاجتماعي.. غدا
رسالة الأنبياء مستمرة.. سلامة داود: الأزهر حامل لواء الإصلاح في العالم
مفتي الجمهورية: الأزهر مصدر رائد في صناعة المجدّدين والمصلحين
البحوث الإسلامية يشارك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الأزهر وصناعة المصلحين
قال د. أحمد ربيع، أستاذ أصول اللغة، إنَّ الناظر في سلوك النبي ﷺ وتعاملاته يجدها تعاملات راقية واعية، تتلمس موطن الداء، ثم تشخص له الدواء، مستنيرةً بنور الوحي، ومستلهمةً من هدي الله تعالى الذي علّمه لنبيّه الكريم ﷺ. وقد سمعنا تلاوةً مباركة من كتاب الله، فيها قوله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾، وهي آية تؤكد أن للقرآن الكريم وظيفة علاجية روحية، تتكرر الإشارة إليها في مواطن متعددة، منها قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء﴾.
وأضاف فضيلته أنَّ القرآن الكريم يُعامل بوصفه وسيلة من وسائل الشفاء، والنبي ﷺ نفسه تعامل معه على هذا النحو، يعلمنا بذلك أن الله تعالى هو الشافي الحقيقي، وأن الطب وغيره من الوسائل إنما هي أسباب مأذون بها شرعًا للوصول إلى الشفاء، قال تعالى على لسان نبي الله إبراهيم: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾، فالنبي ﷺ كان إذا أتاه مريض، رقاه وقال: «اللَّهُمَّ ربَّ الناس، أذهب البأس، واشفِ أنتَ الشافي، لا شفاءَ إلا شفاؤك، شفاءً لا يُغادِرُ سقمًا».
وأشار د. ربيع إلى أن الطبيب ما هو إلا وسيلة سخّرها الله ليدلّ بها على الدواء، لكن الشفاء في حقيقته من عند الله وحده. وقد ورد إلى النبي ﷺ مرضى فقرأ عليهم ودعا لهم، كما في قصة المرأة التي كانت تُصرع فينكشف جسدها، فطلبت منه ﷺ أن يدعو الله لها، فخيّرها بين الصبر ولها الجنة، أو الدعاء بالشفاء، فقالت: بل ادعُ الله ألا أتكشف، فدعا لها بذلك.
وختم د. ربيع حديثه بالتنويه بدور علماء المسلمين في الطب، كابن سينا وابن النفيس وغيرهم، الذين أسهموا في النهضة الطبية، وكانت كتبهم تُدرّس في أوروبا قرونًا، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف لا يزال يحمل هذا الإرث في خدمة العلم والإنسانية.
من جانبه، قال الدكتور إسلام شوقي إن التداوي أمرٌ عظيم الشأن، بل هو في غاية الأهمية، لأنّه يمسّ صميم الإنسان، ويتعلق بصحّته وحياته. والتداوي كما بيّن أهل العلم: هو استعمال ما يكون به الشفاء بإذن الله تعالى، من علاجٍ أو دواءٍ أو رُقًى شرعية، أو اجتنابٍ لبعض الأطعمة، أو تناولٍ لأخرى، أو علاجٍ طبيعيٍّ كرياضةٍ أو نحوها. فكلّ ذلك يندرج تحت مفهوم التداوي المشروع. وهناك حديث أصيل في هذا الباب، وهو ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ قال: «ما أنزلَ اللهُ داءً إلّا جعلَ له شفاء»، وفي رواية مسلم عن جابر: «فإذا أصابَ الدواءُ الداءَ، برأ بإذن الله»، وزاد النبي ﷺ في الحديث: «علِمَه من علِمَه، وجهِله من جهِله».
وأضاف أستاذ ورئيس قسم أمراض القلب بالأزهر أنه قد ورد في «صحيح أبي داود» من حديث أُسامة بن شريك رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ قال: «تَداوَوا؛ فإنَّ اللهَ عزّ وجلّ لم يضعْ داءً، إلّا وضع له دواء، إلّا الهرَم»، أي التقدُّم في السن. وهذا يُبيِّن أن كل داءٍ له دواء، وأنه لا يُستثنى من ذلك إلا الشيخوخة؛ فإنها أمرٌ طبيعيٌّ جارٍ بقدر الله، لا يُعالج ولا يُرد. وفي هذا الحديث دعوةٌ واضحة إلى عدم الاستسلام للمرض، بل السعي في طلب الشفاء، فإنّ الطبّ والرُقية والدواء كلُّها أسباب مأذونٌ بها شرعًا.
وأشار د. إسلام إلى أن بعض الناس ـــ قديمًا وحديثًا ـــ يُعارضون التداوي بدعوى أنّ المرض من قَدَر الله، وأنّ ترك العلاج هو تسليمٌ ورضًا بالقضاء! وهذا فهمٌ فاسد، فإنّ النبي ﷺ ردّ على مثل هذا الفهم حين سُئل عن الرقى والدواء والتوقّي من المرض: هل يردّ ذلك من قدر الله شيئًا؟ فقال ﷺ كما في حديث ابن أبي خزامة عن أبيه: «هي من قدر الله». فما أعظم هذا الجواب، وما أفقهه! الدواء من قَدَر الله، كما أنّ المرض من قَدَر الله، والسعي في دفع البلاء لا يُنافي الرضا، بل هو من كمال التوكل.
وفي ختام هذا الملتقى المبارك، أشار الدكتور أحمد الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر، إلى أنّ ملتقى اليوم يجسّد بحقّ رسالة الأزهر في العناية بالإنسان جسدًا وروحًا، وأنّ الشريعة الإسلامية ما جاءت إلا لصيانة الإنسان وتهذيب فطرته وتوجيهه إلى سبل الخير والرشاد.
وأكّد أنّ ما طُرح من رؤى فقهية وطبية أصيلة إنما هو لبنة في بناء وعيٍ رشيد، يُحسن التعامل مع السنن الكونية، ويستمسك بجوهر التوكل مع تمام الأخذ بالأسباب، داعيًا إلى دوام مثل هذه اللقاءات التي تربط العلم الشرعي بالواقع، وتحفظ للإنسان كرامته في كل أحواله.