بالفيديو..المنتخب المغربي يودع كان كوت ديفوار بعد هزيمة مخيبة أمام جنوب إفريقيا
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
أخبارنا المغربية ـــ الرباط
توقف مشوار المنتخب المغربي لكرة القدم ،اليوم الثلاثاء، في دور ثمن نهاية كأس إفريقيا للأمم (كوت ديفوار- 2023)، عقب تعثره أمام منتخب جنوب إفريقيا (0-2 )، في اللقاء الذي جمعهما على أرضية ملعب لورون بوكو بمدينة سان بيدرو الإيفوارية.
وسجل هدفي المنتخب جنوب الإفريقي سيكوتوري ماكوبا (د 57) وتيبوهو مكوينا (90+5).
وعرفت المباراة، التي قادها الحكم السوداني محمود علي، إشهار البطاقة الحمراء في وجه لاعب المنتخب المغربي ،سفيان أمرابط (د 90+4) ، وتضييع أشرف حكيمي لضربة جزاء.
وانطلقت المباراة بحماس وندية كبيرين وفي مستوى التوقعات بين المنتخبين المغرب وجنوب الإفريقي الذي كشر عن أنيابه مبكرا، وحاول فرض أسلوبه الهجومي من خلال الضغط على الدفاع المغربي، الذي نجح في التصدي لأول محاولة للخصم في حدود الدقيقة الثالثة.
في المقابل، بحث أسود الأطلس بشكل حثيث عن منفذ للعبور نحو مرمى الحارس العميد ، رونوين وليامز، فاعتمد على التسربات عبر الأجنحة عن طريق أمين عدلي الذي كان نشيطا في الجهة اليمنى وعبد الصمد الزلزولي، ونجح أكثر من مرة في اختراق الدفاع الجنوب إفريقي.
واعتمد منتخب جنوب إفريقيا على عياراته المعروفة بداية من خوليسو موداو في مركز الظهير الأيمن ، وقلب خط الوسط الذي يوفر لاعب الإيقاع ،تيمبا زوان ، صلابة دفاعية وتمريرات محكمة فيه.
وكادت الدقيقة ال17 أن تقلب اللقاء رأسا على عقب إثر قذفة جانبية لثبوهو مكوينا لكن الحارس بونو منع البافانا بافانا من تسجيل الهدف الأول وحول الكرة إلى ضربة زاوية انبرى لها برأسية بيرسي تاو لكن الكرة مرت بجوار القائم الأيسر لحارس عرين أسود الأطلس.
وفطن "أسود الأطلس" بسرعة لخطة "الأولاد" التي كانت ترتكز على السرعة في تنفيذ العمليات الهجومية وعمدوا إلى تكسير ايقاعهم في محاولة لامتصاص حماسهم واندفاعهم وبالتالي فرض إيقاع بطيء نسبيا يناسب بدون شك خطتهم التي اعتمدت على التسلل عبر الأجنحة والتمرير في العمق.
وكان بإمكان أمين عدلي تمكين المنتخب المغربي من إنهاء الشوط الأول متقدما بهدف مباغث يبعثر أوراق المدرب هوغو بروس، إثر مرتد هجومي خاطف توغل على إثره في مربع عمليات الحارس الجنوب إفريقي، لكن لحاق المدافع الجنوب إفريقي به أرغمه على إخراج الكرة خارج المرمى، قبل أن يهدر فرصة حقيقية ثانية للتسجيل في الوقت بدل الضائع للشوط الأول.
وأمام اندفاع لاعبي منتخب جنوب إفريقيا عمد منتخب "أسود الأطلس" إلى تحصين دفاعه وملء وسط الميدان فيما اكتفى برأس الحربة يوسف النصيري والظهيرين عدلي والزلزولي في خط الهجوم الذي ضربت عليه حراسة مشددة، لينتهي الشوط الأول بلا غالب ومغلوب.
وعلى نفس المنوال نسج الفريقان منذ بداية الجولة الثانية وكاد عز الدين أوناحي أن يوقع هدف السبق مع إنطلاقة هذه الجولة (د 47) بعد تلقيه كرة من تمريرة مركزة في العمق، لولا التدخل الموفق للدفاع الذي أرغمه على التسديد فوق المرمى.
وواصل المنتخب المغربي ضغطه على مرمى المنتخب الجنوب إفريقي معتمدا على مخزون خبرة لاعبيه الذين لعبوا بإصرار وعزيمة كبيرين فدانت لهم السيطرة على الدقائق الأولى من الجولة الثانية .
وكان "أسود الأطلس" قاب قوسين أو أدنى من غزو شباك الفريق جنوب الإفريقي من خلال العملية الهجومية التي قادها الزلزولي الذي تمت مضايقته وإسقاطه في مربع العمليات (د 50) ، دون الإعلان عن أي خطأ.
وفي الوقت الذي كان الفريق المغربي يحاول إدراك الهدف "المفتاح" ، وضد مجريات اللعب تتلقى شباك الحارس ياسين بونو هدفا في الدقيقة 57 سجله اللاعب ماكوبا من تسديدة قوية.
وأمام تبادل الحملات الهجومية خاصة من قبل المنتخب الجنوب إفريقي الذي كان أحسن انتشارا على المستطيل الأخضر وأكثر دقة في التمرير، وهذه المرة أشد إصرارا على مضاعفة الغلة ، عمد الناخب الوطني إلى إدخال بعض التغييرات على تركيبته البشرية لزرع روح جديدة في جسد الأسود باشراكه أمين حارث وإسماعيل الصيباري على التوالي بدل سليم أملاح وأمين عدلي، ثم أيوب الكعبي مكان عبد الصمد الزلزولي .
وأمام صعوبة تجاوز خط وسط ميدان "الأولاد" ، ثاني خط دفاعي، لجأت عناصر الفريق الوطني إلى التمريرات العالية أملا في بلوغ معترك الحارس رونوين وليامز ، لكن محاولاتها كانت تصطدم بطول قامات اللاعبين جنوب الإفريقيين ، لتلجأ إلى الاعتماد على المهارات الفردية ، التي لم تسفر بدورها عن أي نتيجة، غير السقوط في فخ التمريرات الخاطئة وتضييع أكثر من فرصة للتسجيل.
وبما أن مباريات ثمن النهاية لا تقبل القسمة على اثنين ولا أنصاف الحلول ويبقى الخيار الوحيد فيها هو الفوز لم يتوان منتخب "أسود الأطلس" عن التمسك بهذا الخيار أشد ما يكون التمسك لبلوغ ربع النهاية، وتحركت الآلة المغربية من جديد وخلق اللاعبون أكثر من فرصة للتسجيل من أبرزها محاولتي أيوب الكعبي.
وتنفس الفريق المغربي الصعداء في الدقيقة 81 بعدما أعلن الحكم السوداني ،محمود علي، عن ضربة جزاء بعد لمس الكرة يد مدافع جنوب إفريقيا ،موتوبي امفالا، وكانت فرصة لفك اللغز المحير "الأولاد"، بيد أن لاعب فريق باريس سان جيرمان لم يتوفق في تجسيدها إلى هدف التعادل بعد تسديد الكرة أمام اندهاش الجميع فوق مرمى وليامز.
وفي الوقت الذي كان فيه المنتخب المغربي يجد في البحث عن هدف التعادل ،يعيد به الأمور إلى نصابها ، تلقى ضربة قاسية بعد إشهار الحكم السوداني محمود علي، الورقة الحمراء في وجه سفيان أمرابط بدعوى عرقة مهاجم في مربع عمليات الخصم.
ولما كانت المصائب لا تأتي فرادى، وضد مجريات اللعب وفي وقت غير متوقع (الدقيقة 90+5) تمكن المنتخب الجنوب إفريقي من إضافة هدف ثان بعد مرتد هجومي خاطف قاده تبوهو مكوينا ، الذي سدد بقوة في مرمى الحارس ياسين بونو الذي لم يجد حيلة لصدها .
واجتاز خط الدفاع المغربي فترات حرجة في اللحظات الأخيرة من المباراة لاسيما وأن هامش المناورة كان ضيقا جدا والحصة غير مطمئنة بتاتا، ومن الصعب إدراك فارق الهدفين في وقت وجيز، قبل أن يعلن الحكم عن نهاية المباراة ومعها مشوار أسود الأطلس في نهائيات كأس إفريقيا للأمم.
ورقة تقنية:
الملعب : لوران بوكو بسان بيدرو
الأرضية : ممتازة
الحكم : محمود إسماعيل (السودان)
الأهداف : (0-2)
- المغرب: صفر
- جنوب إفريقيا: إيفيدنس ماكغوبا (د 57) - تيبوهو موكيانا (د 95).
البطاقات الصفراء :
المغرب: سفيان أمرابط (د 64)
جنوب إفريقيا: أوبري مافوسا موديبا (د 29) - غرانت كيكانا (د 36) - موتوبي مفالا (د 83).
البطاقات الحمراء :
المغرب: سفيان أمرابط (د 92)
تشكيلتا المنتخبين :
المغرب : ياسين بونو - أشرف حكيمي - نصير مزراوي - يحيى عطية الله (د 75) - سفيان أمرابط - نايف أكرد -غانم سايس(عميد) - عز الدين أوناحي - سليم أملاح -اسماعيل صيباري (د 59) - عبد الصمد الزلزولي - أيوب الكعبي (د 69) - يوسف النصيري- أمين عدلي- أمين حارث (د 59).
المدرب: وليد الركراكي
جنوب إفريقيا: رونوين هايدن ويليامز (عميد)- تيبوهو موكوينا - أوبري مافوسا موديبا - إيفيدنس ماكغوبا - زاخيلي ليباسا (د 72) - بيرسي موزي تاو - ثيمبا زواني - تابيلو ماسيكو (د 70)- سفيفيلو سيتولي - ثابانج موناري (د 87) - موتوبي مفالا (د 83) - غرانت كيكانا - خوليسو جونسون موداو.
المدرب: هوغو بروس
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: المنتخب المغربی الجنوب إفریقی جنوب إفریقیا سفیان أمرابط أسود الأطلس منتخب جنوب أمین عدلی الذی کان
إقرأ أيضاً:
احتلال يدفع وتهجير يتسلّل..الوجه الخفي لرحلات الغزيين إلى جنوب إفريقيا
لم يكن «محمود سالم» يتخيّل أن جراح ابنه الصغير ستفتح أمامهما بابًا جديدًا من المعاناة، بعد أسابيع طويلة من محاولات العلاج الفاشلة داخل مستشفيات قطاع غزة. كان طفله «عدنان» قد أصيب بشظايا متعددة في ساقه إثر قصف استهدف محيط المنزل في دير البلح، ومع غياب الأدوية وتوقّف غرف العمليات ونقص الكوادر، بدأ الأطباء يكررون الجملة ذاتها التي حفرت أثرها في ذاكرته: «لا نملك ما نقدّمه هنا... ابحثوا عن فرصة للعلاج في الخارج».
وكان محمود يسأل نفسه في كل مرة: «كيف أبحث عن علاج خارج غزة وأنا لا أعرف أصلًا طريق الخروج؟».
رحلة اضطرارية غامضة
في الليلة التي غادر فيها، كان يحمل يقينًا بأن الرحلة شرعية وإنسانية بالكامل، خاصة أنه تلقّى وعودًا بأن منظمة خيرية ستتكفّل بتسهيل الإجراءات. لكنه يعترف: «صدّقت كل ما قيل لي... كنت أبحث عن أي بارقة أمل لعدنان، ولم أتخيّل للحظة أن الجهة الوسيطة غير واضحة». لم يخطر بباله أن يكون خروجه من غزة بلا ختم رسمي، ولا أن يجد نفسه في مطار جوهانسبرغ محتجزًا اثنتي عشرة ساعة داخل الطائرة مع أكثر من مئة وخمسين فلسطينيًا، وكأنهم – كما يقول – «وصلوا من مكان لا يعترف به أحد».
ومع مرور الساعات الثقيلة داخل الطائرة، بدأ محمود يشعر بأن ما قيل له قبل السفر لم يكن الحقيقة. يضيف لـ«عُمان»: «في تلك اللحظة أدركت أن الأمر أكبر من مجرد رحلة علاج... هناك شيء غير مفهوم». وحين علم لاحقًا أن رحلة أخرى سبقتهم بأيام قليلة وبالطريقة نفسها، بدأ يربط بين التفاصيل.
يوضح: «وقتها سألت نفسي... لماذا كان السفر بلا ختم؟ من هي الجهة التي تدير الرحلات؟ ولماذا لا يظهر اسم منظمة ‹المجد› التي حدثوني عنها في أي سجل رسمي؟ هل سافرنا ضمن رحلة تهجير لا علاج؟».
وفي أيامه الأولى في جوهانسبرغ، وبين تنقّله بين المستشفى ومكان الإقامة المؤقت، بدأ يشعر بأنه لم يغادر بإرادته الكاملة. يقول بصوت يعلوه الأسى: «لم أغادر لأنني اخترت ذلك... غادرت لأن غزة لم تعد مكانًا نستطيع أن نعيش فيه بكرامة». كان ابنه الجريح هو بوابة الرحلة، لكن الباب الذي فُتح أمامهما اتّسع لأكثر مما توقّع، إذ بات يدرك اليوم أن ما واجهه لا يخصه وحده، بل يمسّ فئة كاملة من الفلسطينيين الذين أصبح السفر بالنسبة لهم خلاصًا اضطراريًا، يخفي في جوهره خطرًا أكبر مما يبدو.
خفايا التهجير الطوعي القسري
تتكشف في الآونة الأخيرة تفاصيل مثيرة للقلق حول رحلات تحمل فلسطينيين من غزة إلى جنوب أفريقيا، رحلات وُصفت رسميًا هناك بأنها «مريبة» و«غير منسقة» وتثير شبهات حول وجود مخطط تهجير صامت. القصة التي بدأت بوصول 153 فلسطينيًا دون ختم خروج من إسرائيل، لم تكن مجرد حدث عابر؛ بل كانت إشارة واضحة على وجود عملية تتم في الخفاء، تعمل عبر منظمات مجهولة ووسطاء لا يُعرف عنهم الكثير.
خصوصًا أن طائرة أخرى كانت قد وصلت قبل ذلك بأيام وعلى متنها 176 فلسطينيًا، ما جعل السلطات الجنوب أفريقية تتحرك لفتح تحقيق واسع، وفقًا لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية.
هذه الرحلات لم تكن ثمرة صدف متكررة، بل ارتبطت باسم منظمة غامضة تُدعى «المجد – Al-Majd Europe»، وهي جهة لا تظهر لها سجلات واضحة في أوروبا، وتتواصل مع الفلسطينيين عبر أرقام واتساب، وتطلب مبالغ مالية كبيرة، وتؤكد للمسافرين أنهم سيصلون إلى دول آمنة للعلاج أو الإقامة. كثيرون لم يعرفوا وجهتهم إلا عند وصولهم إلى الطائرة.
وفي خلفية المشهد، ظهر اسم COGAT، وهي وحدة عسكرية–مدنية تابعة لوزارة الحرب الإسرائيلية، مسؤولة عن كل ما يتعلق بتصاريح الفلسطينيين، والتنقل، والمعابر، وتنسيق خروج المدنيين من غزة.
التصريح الذي نقلته صحيفة هآرتس عن مسؤول بارز في COGAT كان كاشفًا للغاية: «نحرص دائمًا على وجود دولة تقبل الغزيين المغادرين». هذه الجملة وحدها كافية لفهم أن هناك سياسة تعمل على دفع الفلسطينيين نحو الخارج، عبر خلق ظروف داخلية خانقة، ثم توفير بوابات مغادرة تبدو إنسانية لكنها تحمل نوايا سياسية واضحة.
كل هذه التفاصيل دفعت محللين وخبراء -استطلعت «عُمان» آرائهم- إلى وصف ما يجري بأنه شكل جديد من «التهجير الطوعي القسري»، حيث لا يُجبر الناس على الرحيل بشكل مباشر، لكنهم يُدفعون إليه عبر الضغوط ومن خلال منظمات وسيطة، ثم يُقدّم خروجهم لاحقًا كدليل على أنهم «اختاروا» المغادرة، وهو أخطر ما في الأمر.
هندسة ديموغرافية صامتة
يرى الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية «سعيد زياد» أن ما يجري ليس حدثًا منفصلًا، بل يأتي في سياق تاريخي طويل من محاولة تفريغ غزة من سكانها عبر «الهجرة الناعمة». ويؤكد أن استخدام الأزمات الإنسانية كمدخل لإخراج السكان ليس جديدًا، لكنه يتخذ الآن شكلاً أكثر تنظيمًا، مستفيدًا من واقع القطاع الذي بات شبه غير قابل للحياة.
يقول زياد: «حين يُدفع السكان قسرًا إلى نقطة اللاعودة، يصبح السفر قرارًا يبدو طوعيًا... لكنه في الحقيقة ليس كذلك».
يضيف زياد أن بروز منظمة «المجد» الغامضة، ووجود مؤشرات على تنسيقها مع COGAT، يشيران إلى أن هناك حلقة سياسية تربط بين المعاناة الإنسانية والهدف الاستراتيجي بإعادة هندسة الواقع الديمغرافي. فالاحتلال يسعى منذ سنوات لخلق واقع يجعل الغزيين يبحثون بأنفسهم عن أبواب الخروج.
ويرى زياد أن جنوب أفريقيا كانت محقّة في وصف الرحلات بأنها «مريبة»، خاصة أن وصول طائرتين دون تنسيق رسمي، وبلا أختام خروج، ليس مجرد خلل إداري، بل إشارة إلى أن هناك جهة تسعى لإخفاء مصدر الرحلات حتى اللحظة الأخيرة.
ويؤكد أن الدول التي تستقبل الفلسطينيين دون علم مسبق قد تصبح لاحقًا جزءًا من مشهد سياسي يُستخدم لإظهار أن الرحيل «طوعي».
ويحذّر زياد من أن تكرار هذه الرحلات قد يشكل مقدمة لمسارات أشد خطورة، قد يتم فيها استخدام معاناة المدنيين لبناء رواية سياسية جديدة، تُظهر أن «الغزيين يريدون الرحيل»، وهي رواية وصفها بأنها «جريمة مضاعفة على المستوى السياسي والإنساني».
رفض غزي للخروج المشبوه
«محمد أبو جودة» كان من أوائل من عُرضت عليهم فرصة السفر عبر المنظمة ذاتها، لكنه رفض بعد أن اكتشف أن الكثير من التفاصيل غامضة، وأن الرحلة لا تشبه إجراءات السفر الطبيعية. كان محمد قد تلقّى رسالة عبر واتساب تدعوه للتسجيل، وتعده بأن المستندات جاهزة، وأن وجهته ستكون إحدى الدول التي توفر فرص لجوء أو علاج.
لكنه حين سأل عن الجهة الراعية للرحلة، لم يحصل على إجابة واضحة، ما دفعه للقلق.
يقول محمد: «الظروف في غزة لا تطاق، وكلنا نبحث عن بارقة أمل... لكن حين تتحول الحاجة إلى فرصة تُدار في الظلام، يجب أن نقف ونفكر». شعر بأن السفر خارج إجراءات رسمية قد يفقده مستقبلًا حق العودة، وأن الخروج دون ختم قد يستغل لاحقًا لخلق روايات سياسية خطيرة، فاختار أن يبقى رغم الألم، متمسكًا ببيته وذكريات أهله.
وفي الأيام التي تلت قرار الرفض، بدأت السلطات الجنوب أفريقية تعلن عن شكوكها، وبدأت الصحف تتحدث عن «مخطط تهجير صامت»، ما جعل محمد يشعر بأن حدسه كان صائبًا. يوضح: «لو خرجنا بهذه الطريقة، سنكون أداة في مخطط أكبر... وهذا ما لن أقبله مهما كانت الظروف».
تفكيك المكان
من جهته، يرى المحلل السياسي عاهد فروانة أن المسألة ليست إنسانية فقط، بل استراتيجية تتعلق بإعادة ترتيب الملف الفلسطيني برمته. ويقول إن «الهجرة غير المشروطة» التي تُقدم للفلسطينيين اليوم، عبر منظمات غامضة، هي في حقيقتها جزء من مشروع يُراد له أن يقود إلى «تفكيك الهوية المكانية»، بحيث يصبح الفلسطينيون موزعين على دول عدة، بعيدًا عن أرضهم الأصلية.
يُشير فروانة إلى أن منظمة «المجد» لم تكن معروفة قبل هذه الرحلات، وأن غياب سجل رسمي لها، مع استخدام أرقام واتساب فقط، يجعل منها جهة مشبوهة يمكن استخدامها لتبرير خروج جماعي دون أن تكون هناك جهة رسمية متورطة بشكل مباشر.
ويوضح: «هذه الطريقة تمنح الأطراف المسؤولة القدرة على الإنكار، وتسمح بتمرير التهجير دون ضجيج».
ويرى فروانة أن تصريح COGAT الذي تحدث عن «البحث عن دول تستقبل الغزيين» ليس تصريحًا عابرًا، بل هو اعتراف ضمني بوجود استراتيجية تعمل منذ أشهر على خلق بدائل سكانية، تبدأ من تقديم السفر كحل إنساني وتنتهي بتحويله إلى واقع سياسي جديد.
ويضيف: «حين تصبح الطائرات بديلاً عن البقاء، فنحن أمام شكل جديد من أشكال التهجير القسري».
ويؤكد فروانة أن مواجهة هذا المسار تتطلب وعيًا فلسطينيًا جماعيًا، وتدخلًا عربيًا ودوليًا، لأن ترك الفلسطينيين يغادرون بلا أختام وبلا ضمانات هو بداية لمرحلة قد يصعب وقفها لاحقًا، خاصة إذا تم البناء عليها سياسيًا بوصفها «خيارًا شخصيًا».