الانتخابات الباكستانية.. اللاعبون الرئيسيون الحاضرون والغائبون؟ (صور)
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
يتوجه الباكستانيون إلى صناديق الاقتراع يوم الخميس في أعقاب حملة انتخابية طغت عليها معارك قضائية واتهامات بأن التصويت لم يتم على قدم المساواة، فمن هم المتنافسون الرئيسيون؟
اللاعب الأول: نواز شريف
من المتوقع أن يفوز حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح شريف، الذي يطلق عليه اسم "أسد البنجاب"، بعدد كاف من المقاعد ليحكم بمفرده أو يشكل ائتلافا حاكما، مما يسمح له بأن يصبح رئيسا للوزراء للمرة الرابعة.
ومع ذلك، لم يكمل قط فترة ولايته الكاملة، وبين فتراته في السلطة أو في المعارضة أمضى سنوات في السجن أو في المنفى في الخارج بعد إدانته في قضايا فساد متعددة.
ويعد الرجل البالغ من العمر 74 عاما واحدا من أغنى الرجال في البلاد، وينحدر من عائلة كونت ثروتها في تجارة الصلب وتقاسمت السلطة لعدة عقود. وينظر إليه على أنه محافظ مالي، ومدافع عن التحرير الاقتصادي والأسواق الحرة، كما أنه حريص على تحسين العلاقات مع الهند.
اللاعب الثاني: الجيش
ويحكم الجيش، الذي يعتبر أقوى مؤسسة في البلاد، باكستان لمدة نصف تاريخها الذي يبلغ نحو 76 عاما تقريبا، ويعتقد على نطاق واسع أنه يسيطر على السياسة الخارجية والدفاعية حتى خلال فترات الحكم المدني.
وهم أيضا حراس مخزون الأسلحة النووية في البلاد منذ أن أصبحت باكستان قوة نووية في عام 1998، بعد أسابيع من إعلان الهند ذلك.
ومع ما يقرب من 1.5 مليون من أفراد الخدمة الفعلية والاحتياط، فإن الجيش يحتل المرتبة العاشرة في العالم، وفقا لمعهد الدراسات الاستراتيجية. وتشهد الأحزاب السياسية وقادتها صعودا وهبوطا بدعم من الجنرالات، على الرغم من أن الجيش ينفي بشكل روتيني التدخل في الانتخابات.
الجيش هو أكبر مالك للأراضي في البلاد، ورئيس أركانه عضو في مجلس تسهيل الاستثمار الخاص، أعلى هيئة لصنع القرار الاقتصادي في البلاد، ويهيمن الضباط المتقاعدون على مجالس إدارة الجمعيات الخيرية والجمعيات الرياضية والمؤسسات الحكومية والمؤسسات شبه الحكومية.
اللاعب الثالث: عمران خان
رئيس الوزراء السابق الذي تم طرده من منصبه من خلال تصويت بحجب الثقة في أبريل 2022، سيغيب عن هذه الانتخابات بسبب سلسلة من أحكام السجن، بما في ذلك 14 عاما بتهمة الكسب غير المشروع، و10 أعوام بتهمة الخيانة، وسبعة أعوام لما وصفته المحكمة بالزواج غير القانوني في ظل الشريعة الإسلامية. كما تم استبعاده من السياسة لمدة عشر سنوات.
ومع ذلك، فإن نفوذه سيظل يلوح في الأفق بشكل كبير، وعلى الرغم من تعرضه لإعاقات شديدة من قبل المؤسسة العسكرية، إلا أن حزبه، حركة الإنصاف الباكستانية، لا يزال بإمكانه تقديم عرض جيد هذا الأسبوع.
وتمتع خان بدعم شعبي حقيقي عندما أصبح رئيسا للوزراء في عام 2018، لكنه اختلف مع المؤسسة العسكرية التي غذت صعوده. ثم شن حملة محفوفة بالمخاطر وغير مسبوقة من التحدي ضد المؤسسة العسكرية، ولكن عندما قام أنصاره بمهاجمة مقر قيادة الجيش في شهر مايو الماضي بعد اعتقاله للمرة الأولى، كانت تلك بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
اللاعب الرابع: شهباز شريف
أصبح شقيق نواز الأصغر والأقل جاذبية، شهباز، رئيسا للوزراء في عام 2022 بعد إقالة خان في تصويت بحجب الثقة في الجمعية الوطنية. ويقول محللون إنه لن يتخذ أي قرار مهم دون استشارة شقيقه أولا، المنفي في لندن هربا من عقوبة السجن، لكن من المعروف أنهما يختلفان حول بعض القضايا، بما في ذلك الجيش.
وكان شهباز في طليعة الحملة الانتخابية الباهتة لحزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، جناح نواز، وكثيرا ما كان يقود المسيرات في غياب شقيقه. ويشير المراقبون إلى أنه سيحصل على دور كبير في أي حكومة قد يشكلها شقيقه، ومن المرجح أن يكون مسؤولا عن وزارة التخطيط الرئيسية.
اللاعب الخامس: بيلاوال بوتو زرداري
ذات يوم كانت عائلة بوتو زرداري تحتل مركز الصدارة في السياسة الباكستانية، حيث كانت ثرواتها ترتفع وتنخفض في ملحمة شكسبيرية من المأساة والسلطة. وهو ابن بينظير بوتو، أول زعيمة مسلمة في العالم، والتي انتخبت رئيسة للوزراء مرتين واغتيلت في عام 2007. وأطيح بجده ذو الفقار علي بوتو، الذي كان أيضا رئيسا للوزراء، في انقلاب وأعدم في عام 1979.
وكان والده آصف علي زرداري رئيسا سابقا لباكستان، ويلقبه الكثيرون في باكستان بـ"السيد 10 بالمائة" بسبب اتهامات عديدة بالفساد.
ويدخل البالغ من العمر 35 عاما انتخابات يوم الخميس بأول تجربة له في الحنكة السياسية، بعد أن شغل منصب وزير الخارجية في الائتلاف الذي أطاح بخان في عام 2022. ورغم أنه من غير المرجح أن يفوز حزب الشعب الباكستاني الذي يتزعمه بالقدر الكافي من الدعم ليتمكن من الحكم بمفرده، فإن هيمنته على إقليم السند الجنوبي تمنحه النفوذ لدى أي شخص يسعى إلى تشكيل ائتلاف.
المصدر: "أ ف ب"
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: إسلام آباد انتخابات شهباز شريف عمران خان نواز شريف رئیسا للوزراء فی البلاد فی عام
إقرأ أيضاً:
دروس الاتفاق اليمني – الأمريكي والمواجهة الباكستانية – الهندية
لا يمكن فهم جزء كبير من التطورات السياسية في العالم، بمعزل عن التطورات الجارية في المجال العسكري، من تقدم في الأسلحة النوعية، خاصة لدى دول الجنوب وروسيا والصين، لأن كل خلل في ميزان القوى العسكري يعني خريطة جيوسياسية جديدة ستأخذ في التبلور. وفي هذا السياق، تشكّل الأحداث الأخيرة في اليمن، إلى جانب المناوشات العسكرية بين الهند وباكستان، مؤشرات تتجاوز الطابع الرمزي، لتعبّر عن تحولات واقعية وملموسة، ذات تأثير متصاعد على المشهد الإقليمي والدولي.
وفي البدء، نستعرض عددا من التطورات السياسية، التي حصلت في هذا الشأن، ما اضطر الولايات المتحدة إلى التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين في اليمن، من أجل وقف الهجمات المتبادلة، أي وقف الحوثيين استهداف السفن التجارية والعسكرية الأمريكية، مقابل تجميد البنتاغون الهجمات ضد اليمن. وكان هذا الاتفاق الذي جرى بواسطة سلطنة عمان، لافتا لسببين، الأول، أنه لم يشمل السفن الإسرائيلية بالحماية، وثانيا استثنت الولايات المتحدة من الاتفاق باقي السفن الغربية، أي اقتصر على السفن الأمريكية. وهذا الموقف يتعارض مع فلسفة انتشار الأساطيل العسكرية الأمريكية في العالم، التي تؤكد أن هدفها الرئيسي هو تأمين التجارة عبر العالم، خاصة في المعابر الاستراتيجية.
ويتجلى التطور الثاني في سرعة إيقاف المواجهات العسكرية بين الهند وباكستان، بطلب من الغرب، خاصة واشنطن، في وقت كان الرأي السائد هو استمرار هذه المواجهات لمدة أطول، والانتقال من مناوشات إلى حرب حقيقية. لماذا هذا الانتقال؟ لأن الغرب أناط بالهند مسؤولية تقزيم باكستان، كقوة عسكرية ومحاولة إذلالها لوقف تنسيقها العسكري مع الصين ومع تركيا، وربما مستقبلا مع إيران. ويجب فهم جزء من تحرش الحكومة الهندوسية بالمسلمين الهنود والباكستانيين ضمن هذا المخطط. وفي هذا الركن من الجريدة عالجت يوم 27 يناير/كانون الثاني الماضي، التعاون العسكري بين باكستان وتركيا من جهة، وبين الصين وباكستان من جهة أخرى، والقلق الذي يشكله للغرب والهند. وعلاقة بالاتفاق اليمني – الأمريكي، لا يمكن فهمه بمعزل عن فشل البنتاغون، بل الغرب برمته، في القضاء على عملية إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة من طرف الحوثيين. يشرف الغرب على عمليتين لضمان مرور السفن وهي «حارس الرفاهية» بزعامة البنتاغون، وقوة «أسبيديس» بقيادة فرنسا وألمانيا. ولنتأمل ما قاله قائد القوات البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط الأدميرال براد كوبر، خلال مارس/آذار 2024 حول العمليات الأمريكية ضد الحوثيين بأنها «أكبر معركة تخوضها البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، سفننا الحربية منخرطة في القتال. وعندما أقول منخرطة في القتال، فهذا يعني أننا نطلق النار عليهم، وهم يطلقون النار علينا ونحن نرد عليهم». لقد نجح الحوثيون في إسقاط أكثر من عشر طائرات مسيرة من نوع إم كيو 9، التي تعتبر تاج الدرونات الأمريكية، ستة منها خلال الشهرين الأخيرين. ومنذ الحرب العالمية الثانية لم تعترض البنتاغون تحديات عسكرية في أي حرب ومنها العراقية، في عامي 1991 و2003، مثل الحرب ضد اليمن بقيادة الحوثيين. لقد كان الرئيس دونالد ترامب يهدد بأقسى الردود العسكرية ضد الحوثيين، وانتهى أمام الواقع إلى الرهان على الحوار.
لقد نجح الحوثيون، رغم عنف القصف الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، في جعل البوارج العسكرية الأمريكية تتمركز بعيدا جدا عن سواحل اليمن، وفق الخرائط التي ينشرها المعهد البحري الأمريكي، المتخصص في البحرية الأمريكية، ليكون لها وقت أكبر للمناورة عندما يطلق الحوثيون صواريخهم. ويوجد غموض حول إسقاط الحوثيين مقاتلات إف 18، بينما يقدم البنتاغون تفسيرات غير مقنعة حتى الآن في هذا الشأن. وبدأت أنظمة الدفاع الجوي الأمريكي والإسرائيلي تفشل في اعتراض الصواريخ فرط صوتية اليمنية، علما أن اليمن الآن يجد صعوبة في إطلاق الصواريخ، بسبب المراقبة الدقيقة للرادارات والأقمار الاصطناعية، لكن التكهن العسكري يؤكد أنه كما ينجح الحوثيون الآن في إسقاط إم كيو 9 بسهولة، فسينجحون في تسديد ضربات دقيقة بالصواريخ فرط صوتية بعد إصلاح الخلل في التصويب، وطريقة تفادي كثرة الصواريخ الاعتراضية. كما تبرز هذه الحرب أنه رغم الخسائر التي يتكبدها اليمنيون في الوقت الراهن، فهم سيؤمنون مستقبلا قادرا على الوقوف في وجه الاعتداءات لعقود طويلة. ويمكن الاستشهاد بالتاريخ الغربي، فقد خسر الغربيون كثيرا في الحرب العالمية الثانية، منها ملايين من الأرواح والتدمير في المدن، وذلك لكي ينعموا بعقود من الاستقرار. والآن يعتقدون أنه يجب التضحية كثيرا في الحرب الأوكرانية – الروسية لكي يتجنبوا الخطر الروسي لعقود مقبلة.
علاقة بملف الهند وباكستان، يتحدث الخبراء والمهتمون بالخسائر الهندية في المواجهة مع باكستان ومنها، إسقاط الجيش الباكستاني لمجموعة من الطائرات المسيرة من صنع إسرائيلي، ثم إسقاط ما بين واحدة إلى ثلاث مقاتلات رافال الفرنسية التي تعتبر من أهم المقاتلات العالمية. ونجح الباكستانيون في إسقاطها بفضل المقاتلة الصينية تشنغدو 10 وصاروخ PL-15E ويمكن تلخيص آراء الخبراء، فيما نشره موقع «ذي أفيونيست» المتخصص في الطيران الحربي، بأن إسقاط رافال هو تنبيه إلى الصناعة العسكرية ليس الفرنسية وإنما الغربية برمتها، من التقدم الصيني المذهل في مجال تصنيع الأسلحة. ويبرز موقع «أرمي ريكونيشن» كيف أن باكستان تلعب بذكاء بالاستثمار في الصواريخ الدقيقة والحرب الإلكترونية، وكيف أن هذه المواجهة تكشف مسبقا من سيهيمن على أجواء آسيا مستقبلا.
إن التطورات الأخيرة، بدءاً من الاتفاق الأمريكي – اليمني، مروراً بنتائج المواجهة العسكرية بين الهند وباكستان، تمثل مؤشرات قوية على أن التقدم في صناعة السلاح، واقتناءه بذكاء، أصبحا من أهم عوامل الصمود في خريطة جيوسياسية بات فيها القانون الدولي مسألة ثانوية، ليحل محله منطق القوة العسكرية. وفي ظل هذه التحولات، أصبحت المواجهات العسكرية من هذا النوع تدفع العديد من دول العالم، لاسيما دول الجنوب ذات الميزانيات المحدودة، إلى المراهنة على السلاح، الذي يحمل العلامات التركية، الصينية، الإيرانية، أو الباكستانية، بدلاً من الاعتماد على السلاح الغربي الباهظ الثمن، الذي غالباً ما يكون مشروطاً بشروط استخدام مجحفة.
(القدس العربي)