وفي إطار مخططات الإحتلال والتقسيم التي يواصل تنفيذها تحالف دول العدوان السعودي - الإماراتي تسعى دول العداء هذه - وداعميها الأمريكان والبريطانيين والصهاينة - إلى الاستمرار في تنفيذ أجنداتها الاستعمارية ومطامعها التي لم ولن تتحقق إلا من خلال خلق الفوضى ودعم الفصائل المسلحة الموالية لها ضد بعضها البعض وجعلها تتناحر من وراء حجاب ليسهل تنفيذ تلك المساعي الشيطانية لدول الشر ضد اليمن أرضا وإنسانا.

ولا شك ان من ضمن أولويات تلك الأطماع والمخططات السعودية - الإماراتية هو الاستيلاء على محافظة حضرموت أكبر المحافظات اليمنية مساحة والتي تعادل مساحتها تلث مساحة اليمن كاملة، كما تعد المحافظة الأغنى بالمخزون النفطي والسمكي والمعادن الثمينة.

ووفق المعلومات الموثقة: تمتلك حضرموت موقعاً مترامي الأطراف، وتمثل 36% من مساحة اليمن، وتكتنز 70% من ثروات اليمن، وترتبط جغرافياً بمأرب وشبوة والمهرة، وتمتد إلى الحدود الدولية مع سلطنة عمان والسعودية، وتمتلك مخزوناً استراتيجياً كبيراً من النفط، إضافةً إلى إطلالتها على البحر العربي، وصولاً إلى أعالي البحار.

وبحسب مراقبين فإن هذه المقومات الطبيعية والجغرافية والطاقوية تجعل من حضرموت محطة يسيل لها لعاب دول العدوان على اليمن، أبرزها السعودية والإمارات، ومن ورائهما أميركا وبريطانيا، وهذا ما يفسر الحرب الباردة بين الإمارات والسعودية عبر خطواتهما المتوالية، وخصوصاً الأخيرة منها. 

وبحسب سياسيين وعسكريين فإن ثمة تهديدات محدقة بمحافظة حضرموت، بعضها من وجهة نظر سعودية، والبعض الآخر من وجهة نظر محلية، تتلخص على النحو التالي:

التهديد الأول: الوجود العسكري الأميركي في مطار الريان وغيره من المواقع الاستراتيجية، وتردد المسؤولين العسكريين والسياسيين والدبلوماسيين الأميركيين إلى المحافظة، وهو، في اعتقاد خبراء عسكريين، من أهم التهديدات وأخطرها.

 التهديد الثاني: مساعي الإمارات لتوسيع نفوذ ذراعها مايسمى ب (الانتقالي) عسكريا وسياسياً وديموغرافياً تمهيداً لإعلان فصل الجنوب عن الشمال، ولأنَّ (الانتقالي) هو الذي يحمل طموح الإمارات وأطماعها وأجندتها في السيطرة على الموانئ والمطارات والجزر الاستراتيجية في المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن، وهو تهديد خطر أيضاً.

التهديد الثالث: التهديد السعودي بقضم حضرموت وضمّها أو في أقل الأحوال تأسيس فيدرالية حضرموت، على أن يتم تسييد الشخصيات ذات الميول الوهابي من الشخصيات ورجال المال والأعمال الحضارم الذين يحملون الجنسية السعودية لخدمة أهدافها وأطماعها التي أشرنا إليها سابقاً، وهو تهديد خطر قديم ومتجدد.

وبين تلك التهديدات تشهد محافظة حضرموت اليمنية تنافسًا حادًا بين السعودية والإمارات للسيطرة على مواردها الغنية واستراتيجيتها الجيوسياسية، فيما تشير تقارير محلية ودولية أن هذا الصراع المعقد والمشكلات الداخلية بالمحافظة سببه الأطماع المتزايدة لدول العدوان (السعودية والإمارات).

وتتميز حضرموت بأهمية استراتيجية لكل من السعودية والإمارات بالنسبة للسعودية، تعد حضرموت حيوية لأمنها القومي بفضل الحدود الطويلة التي تربطها بالسعودية، بالإضافة إلى العلاقات القبلية والاقتصادية التي تجمعها مع العديد من القبائل الحضرمية الكبيرة المقيمة في السعودية.

أما الإمارات، فقد رأت في حضرموت فرصة لزيادة نفوذها في اليمن، خاصة بعد تدخلها وعدوانها العسكري ضمن دول العدوان في عام 2015. رغم أن الإمارات لم يكن لها تاريخ طويل في حضرموت قبل هذا التدخل، إلا أنها استغلت العدوان لتعزيز وجودها السياسي والعسكري. وقد ركزت استراتيجيتها على السيطرة على السواحل والموانئ والجزر الاستراتيجية جنوب اليمن، وذلك لتعزيز نفوذها في المحيط الهندي والقرن الأفريقي. كما أنشأت الإمارات مليشيات محلية مثل مايسمى ب “قوات النخبة الحضرمية” للسيطرة على مناطق مثل المكلا، وقدمت الدعم اللوجستي والعسكري لهذه القوات لضمان ولائها وتثبيت نفوذها.

ووفق تقارير وإحصائيات فقد تبنت السعودية والإمارات استراتيجيات متعددة لتعزيز نفوذهما في حضرموت، حيث عملت كل منهما على دعم فصائل محلية وإقامة تحالفات مع القوى المؤثرة على الأرض.

في المقابل، تبنت الإمارات سياسة تهدف إلى تعزيز سيطرتها على الأرض من خلال تأسيس فصائل عسكرية محلية ذات ولاء قوي لها. وقد ركزت الإمارات على تشكيل مليشيات مثل مايسمى ب“قوات النخبة الحضرمية” التي أصبحت أداة رئيسية لفرض سيطرتها في المكلا والمناطق المحيطة.

إلى جانب ذلك، دعمت الإمارات ما يسمى ب“المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي يرفض بشكل علني تشكيل ما يسمى ب“مجلس حضرموت الوطني” المدعوم من السعودية، ونظمت فعاليات واحتجاجات استفزازية تهدف إلى تعزيز موقفها في مواجهة النفوذ السعودي.

ويرى مهتمون بالشأن المحلي أن الخيار الأخطر في التنافس السعودي الإماراتي بحضرموت يتمثل في تصاعد التنافس بين السعودية والإمارات إلى مستوى يؤدي إلى مواجهات مباشرة بين الفصائل المدعومة من الطرفين في حال تحقق هذا السيناريو، فإن الوضع قد يتفاقم بشكل سريع، مما يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاستقرار في حضرموت واليمن ككل.

كما أن الصراع المباشر بين الفصائل المدعومة من السعودية والإمارات - بحسب مراقبين - قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع الأمنية في المنطقة، وهو ما سيكون له تأثير سلبي على جهود تحقيق الاستقرار في اليمن.

وتؤكد معطيات الواقع أن حضرموت أصبحت ساحة للصراع الجيوسياسي بين السعودية والإمارات، مع سعي كل منهما لتعزيز نفوذهما في المحافظة دون الإهتمام بتبعات ذلك الصراع على المواطن الذي تتفاقم جراحه يوما بعد يوم بسبب العدوان الغاشم الذي اصبح يحتل مناطق الجنوب اليمني ومنها حضرموت، فقد أصبح الاحتلال السعودي الإماراتي لجنوب اليمن وشرقه أمراً واقعاً، وصارت هاتان الدولتان تعبثان بكل شيء هناك، فأعاقتا حركة الموانئ والمنشآت الغازية والنفطية والمطارات واحتلتا الجزر ورفضتا تشغيل مصافي عدن وسيطرتا على واردات النفط والغاز وتم تحويلها إلى بنوك الرياض، وأنشأتا الميليشيات المسلحة وغذّتا الصراع فيما بينها وأصبحتا تتبعان السياسة الاستعمارية نفسها التي كانت بريطانيا تتبعها أثناء احتلالها لجنوب الوطن "فرق تسد".

والمؤسف أن العالم كله يعرف جيداً حقيقة الأوضاع المأساوية التي تعيشها الجمهورية اليمنية في ظل الاحتلال السعودي الإماراتي، لكن الشيء الأكثر أسفا وألما أننا نعيش في وقت بلغ الانهيار القيمي والأخلاقي أقصى مدى له، وباتت المبادئ السامية تباع وتشترى بالدولار وأصبح البعض يبرر لتواجد الإحتلال بصور عدة دون خوف من الله ولا وازع من ضمير.

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: السعودیة والإمارات دول العدوان فی حضرموت

إقرأ أيضاً:

اليمن يوسع نطاق الردع.. بئر السبع في دائرة القصف

في جديد الإسناد العسكري، نفذت القوات المسلحة اليمنية اليوم عملية نوعية استهدفت موقعًا حساسًا للعدو الإسرائيلي في منطقة "بئر السبع" جنوبي فلسطين المحتلة، باستخدام صاروخ باليستي من طراز "ذو الفقار".

وتمثل هذه العملية، التي وُصفت بالناجحة والدقيقة، مرحلة متقدمة من التصعيد اليمني ضد كيان العدو الإسرائيلي، كما أنها تثبت للجميع أن اليمن وفيٌّ بعَهده ووعده، ولن يتوقف عن إسناد غزة طالما استمر العدوان والحصار الصهيوني على القطاع.

وفي هذا الشأن، يؤكد الخبير العسكري العقيد أكرم كمال سيروي أن الضربات الصاروخية التي تنفذها القوات اليمنية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة تشكل تحولًا نوعيًا في معادلة الصراع، بعدما أظهرت عجزًا متزايدًا في منظومات الدفاع الجوي التابعة للعدو الإسرائيلي، رغم الدعم الأمريكي المتواصل.

وفي حديثه يرى سيروي أن استمرار الصواريخ اليمنية، بالتوازي مع الهجمات التي شهدها العدو الإسرائيلي مؤخرًا من إيران، ألحق خسائر مادية ومعنوية كبيرة في عمق الكيان، مؤكدًا أن هذه الصواريخ لم تعد حدثًا عابرًا، بل أصبحت واقعًا متكررًا يفرض تداعيات أمنية واقتصادية كبيرة.

ويشير إلى أن الأثر الكبير لا يقتصر على الخسائر المباشرة، وإنما يتمثل في ضرب ثقة المستوطنين الصهاينة بالأمن الداخلي، وانعدام القدرة على التنبؤ بمواقع سقوط الصواريخ أو توقيتها، وهو ما أسفر عن موجة هجرة عكسية غادر خلالها أكثر من 11 ألف مستوطن الأراضي المحتلة، بحسب مصادر غير رسمية.

وحول هذه الجزئية، يقول سيروي: "منظومات الدفاع الجوي التابعة للكيان، وفي مقدمتها القبة الحديدية، تعاني من استنزاف كبير وفقدان الفاعلية، خصوصًا أمام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة الدقيقة"، مضيفًا: "ثغرات كبيرة ظهرت في أداء هذه المنظومات، ما أدى إلى وصول عدد من الصواريخ إلى أهدافها الحيوية، بما في ذلك محيط مطار اللد، حيث خلف أحد الصواريخ حفرة بعمق 25 مترًا".

وينوه إلى أن الكيان منهك على أكثر من جبهة، كونه يعيش حالة إرباك استراتيجي، مشيرًا إلى أن الحديث المتكرر عن "استراحة مؤقتة" في العدوان على غزة قد يرتبط جزئيًا بالحاجة إلى إعادة تزويد منظومات الدفاع الجوي التي استُنزفت خلال الأسابيع الأخيرة.

وخلص إلى أن عمليات الإسناد اليمني، إلى جانب صمود المقاومة الفلسطينية، تمثل رسالة استراتيجية مزدوجة بأن الرد على العدوان الإسرائيلي بات يأتي من أكثر من محور، وبوسائل أصبحت أكثر دقة وتأثيرًا، في ظل صمت دولي عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في غزة.

ويأتي الهجوم الذي استهدف بئر السبع، وهي واحدة من أكثر المدن تحصينًا في الجنوب المحتل، بعد أيام من وقف العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ما يشير إلى أن الجبهة اليمنية لا تزال فاعلة ومباغتة، وترتبط أولًا وأخيرًا بسقف العدوان على غزة، لا بتفاهمات خارجية. 

وصاروخ "ذو الفقار" المستخدم في الهجوم هو سلاح باليستي بعيد المدى، معروف بدقته وقدرته التدميرية العالية، مما يجعل استهدافه لمواقع حساسة داخل كيان الاحتلال تحولًا نوعيًا في معادلة التهديد اليمني. 

ويشدد الخبير العسكري العميد عمر معربوني على أن استمرار العمليات اليمنية الداعمة لغزة يسهم بشكل فعّال في إضعاف الكيان الصهيوني من عدة جوانب: أمنيًا، وعسكريًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا. 

وفي حديثه يشير معربوني إلى أن البعد الهجومي الذي ظهر في اليمن كان لافتًا في هذه الجولة، موضحًا أن اليمن دخلت بشكل ميداني وواضح على خط الرد، بصواريخ ومسيّرات فرضت معادلة جديدة من جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة. 

ويلفت إلى أن الردع اليمني ليس حالة رد فعل فقط، بل بات جزءًا عضويًا من معادلة أمنية إقليمية تعيد صياغة النفوذ والتوازنات، مشيرًا إلى أن الكيان المؤقت في مأزق وجودي يصعب الخروج منه. 

وحول القدرات الدفاعية للكيان، ينقل معربوني عن تقارير استخباراتية وإعلامية تأكيدها وجود نقص حاد في الذخائر الاعتراضية ضمن القبة الحديدية ومقلاع داوود، نتيجة تعدد الجبهات والضربات من إيران واليمن ولبنان.

وعلى الرغم من التكتم الشديد في الأوساط الصهيونية حول الخسائر الناجمة عن الحرب وعجز حكومة العدو عن تأمين المستوطنات، تظهر الأهداف المقصوفة في العديد من المغتصبات الصهيونية حجم الأضرار المادية والمعنوية التي خلفتها تلك الضربات، والتي أدت إلى فقدان المغتصبين الصهاينة الثقة تماماً في مسؤوليهم.

ويقول معربوني: "ما لم يعلنه الاحتلال الإسرائيلي قالته مؤسسته العسكرية والأمنية: لا قدرة على حماية الجبهة الداخلية بعد الآن، لا ماليًا ولا لوجستيًا"، مؤكداً أن المستوطنين الصهاينة بدأوا يدفعون الثمن النفسي والسياسي.

أما عن الدور الأمريكي، فيرى معربوني أن "واشنطن ليست في وضع أفضل، فمصانعها تنتج ما بين 600 إلى 700 صاروخ اعتراضي سنوياً، وهي خاضت مواجهات موازية في اليمن، سوريا، لبنان، العراق، والبحر الأحمر"، لافتاً إلى أن هذا الاستنزاف الواسع لم يعد قابلاً للاستمرار في ظل تصاعد كلفة الحروب وتعدد الخصوم".

وينوه بأن المنطقة تسير نحو نهاية مرحلة وبداية أخرى، لافتاً إلى أن ما بعد معركة الردع الأخيرة ليس كما قبلها، مؤكداً أن الكيان الصهيوني لم يعد قادراً على فرض الشروط كما كان سابقاً، لا سيما وأن حليفته الاستراتيجية أمريكا أصبحت عاجزة عن توفير الحماية الكاملة لحلفائها في المنطقة.

 

 

المسيرة

 

مقالات مشابهة

  • تفاهمات عسكرية بين السعودية وإيران بخصوص المجال الدفاعي وأوضاع المنطقة
  • اختيار تضامن حضرموت لتمثيل اليمن في بطولة دوري أبطال الخليج للأندية
  • السعودية وإيران تبحثان التطورات بالمنطقة والتعاون الدفاعي
  • نادي تضامن حضرموت يمثل اليمن في دوري أبطال الخليج للأندية للموسم 2025 /2026
  • ترشيح نادي تضامن حضرموت لتمثيل اليمن في بطولة أبطال الخليج للأندية للموسم 2025 /2026
  • تمرد إماراتي لإطاحة بـ العليمي جنوب اليمن
  • اليمن يوسع نطاق الردع.. بئر السبع في دائرة القصف
  • السعودية تفرض الإقامة الجبرية على محافظ حضرموت تمهيداً لإعلان البديل (الإسم المنصب)
  • مصر والإمارات.. استحواذ في الداخل وتطويق في الخارج
  • العلمي يدعو إلى استحضار حجم التحديات التي تواجهها المنطقة الأورومتوسطية جراء الأوضاع المقلقة