نازحات برفح: نتنقل بين مربعات الموت ونخشى عملية برية
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
"التنقل بين مربعات الموت"، هكذا وصفت مجموعة من النازحات الفلسطينيات اللواتي وصلن مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، في رحلة نزوح للمناطق التي ادعى الجيش الإسرائيلي أنها "آمنة"، خلال حربه التي دخلت شهرها الخامس.
وقالت النازحات، في أحاديث منفصلة مع الأناضول، إن مدينة رفح التي ادعى الجيش أنها "منطقة آمنة"، ليست إلا "واحدة من مربعات الموت"، وذلك وسط تصاعد الهجمات الجوية العنيفة فيها والتي تسفر عن مقتل مدنيين.
وفي ظل تواتر الأنباء عن نية إسرائيلية لتنفيذ عملية عسكرية برية في رفح التي باتت تضم نحو 1.4 مليون نسمة أغلبهم من النازحين، قالت الفلسطينيات إنهن "يتخوفن من حدوث ذلك فعليا".
كما كشفت النازحات عن قلقهن من احتمالية أن "يتم تهجير العائلات الفلسطينية من رفح إلى مدينة سيناء المصرية، في حال تم تنفيذ عملية برية، حيث باتت مخيمات النزوح ملاصقة للمنطقة الحدودية الفلسطينية المصرية، بفعل الاكتظاظ".
يأتي ذلك في ظل أوضاع معيشية متردية للغاية يعيشها السكان والنازحون بمدينة رفح، في ظل انخفاض أعداد شاحنات المساعدات الإنسانية الواصلة إلى القطاع.
ويعتمد سكان القطاع، منذ بدء الحرب، على المساعدات الإنسانية بشكل كامل حيث تفرض إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حظرا على دخول البضائع وإمدادات المياه والكهرباء والوقود.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، فإن عدد الشاحنات الإنسانية التي تدخل غزة انخفض 40 بالمئة منذ نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، ما تسبب في وصول أزمة الاحتياجات الأساسية والأدوية والمستلزمات الصحية إلى أعلى مستوياتها في القطاع.
والأربعاء، قال رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحفي بالقدس، "وجهت الجيش بالعمل في رفح ومخيمين وسط القطاع (لم يذكرهما)، آخر معاقل حماس المتبقية".
فيما قال وزير الدفاع يوآف غالانت، مطلع فبراير/ شباط الجاري، إننا "نحقق مهمتنا في (مدينة) خانيونس (جنوبي غزة)، وسنصل أيضا إلى رفح".
وشهدت رفح، خلال الأسبوع الماضي، تصاعدا في الهجمات الجوية التي استهدفت منازل مدنيين أغلبها تؤوي نازحين، ومواقع قريبة من مراكز الإيواء وخيام النزوح قرب الحدود المصرية.
** رفح: منطقة غير آمنة
الشابة ديانا صيام، النازحة من منطقة الكتيبة بمدينة غزة إلى رفح، قالت إنها تركت منزلها قسرا منذ الأسبوع الأول للحرب، تحت تهديدات الجيش الإسرائيلي التي وجهها عبر مناشير ورقية أو اتصالات هاتفية.
وأضافت للأناضول: "تم إجلاؤنا حينها إلى منطقة شمال وادي غزة، عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بسبب الهجمات الجوية في تلك الفترة".
ومن هناك، توجهت العائلة إلى مدينة رفح التي أعلنها الجيش "منطقة آمنة"، لكنها تحولت اليوم تحت الضربات الجوية العنيفة وأنباء العملية البرية إلى "مربع للموت"، وفق قولها.
واستكملت: "نحن نتنقل بذلك بين مربعات الموت، ورفح ليست منطقة آمنة، فهي تتعرض للاستهداف والقصف المتكرر".
وتساءلت صيام: "إلى أين سنذهب لو نفذوا عملية برية؟ كافة المحافظات عبارة عن مربعات للموت، لا توجد منطقة آمنة".
وعبرت عن رفضها للانتقال والنزوح لأي منطقة جديدة، قائلة: "نرفض أن يتكرر السيناريو الذي أرغمنا على النزوح من منازلنا ومدينة غزة".
وطالبت المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية الدولية بـ"العمل على إعادتنا لمنازلنا حتى وإن كانت مدمّرة ومهدمة".
** مصير مجهول برفح
بدورها، أعربت الشابة الثلاثينية دعاء مصلح، والتي وصلت إلى رفح منذ 4 شهور، عن تخوفها من تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية برية في المدينة.
وقالت للأناضول: "نعيش حالة خوف وترقب بعد الحديث عن قرب العملية العسكرية البرية برفح".
وأوضحت أنه في حال نفذ الجيش تهديداته بشأن العملية البرية فإن "مصيرنا سيكون مجهولا".
وتساءلت: "ماذا سيحل بنا حينها؟ هل سنعود إلى منازلنا؟ سننزح إلى مناطق أخرى، أو إلى سيناء؟".
وأشارت إلى أن أكثر ما يثير تخوفاتها هو حديث مسؤولين إسرائيليين عن نية للسيطرة على منطقة "محور فيلادلفيا"، حيث تتواجد فيها خيام النزوح.
وزادت: "نحن بأمسّ الحاجة للعودة إلى منازلنا، أي مخطط للتهجير مرفوض، نموت على أرضنا ولا نخرج منها".
وبشأن الأوضاع الإنسانية برفح، قالت مصلح إنها "سيئة للغاية حيث ينعدم توفر أبسط الاحتياجات اليومية".
ولفتت إلى أن الحياة داخل الخيام التي تم تأسيسها بمكونات بسيطة كالأقمشة والنايلون، "صعبة جدا حيث لا تقي من برودة الأجواء أو مياه الأمطار".
ونهاية يناير الماضي، قال رئيس هيئة الاستعلامات المصرية الرسمية ضياء رشوان، في بيان، إن "أي تحرك إسرائيلي في اتجاه احتلال ممر فيلادلفيا أو صلاح الدين في قطاع غزة سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية الإسرائيلية، وإمعان إسرائيل في تسويق هذه الأكاذيب محاولة منها لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا أو ممر صلاح الدين".
وذكرت هيئة البث العبرية الرسمية، أن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا مصر، أنهم يخططون لتنفيذ عملية عسكرية في منطقة محور فيلادلفيا، وهي المنطقة الحدودية بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية.
** سيناريو النزوح الجديد وارد
من جانبها، قالت العشرينية مها عصفور، إنها عاشت تجربة النزوح مرتين فيما عاشها فلسطينيون آخرون لأكثر من ذلك وصلت في بعض الأحيان إلى 8 تجارب أو أكثر.
وأضافت في حديث للأناضول: "نزحنا من خانيونس إلى المنطقة التي قال الجيش الإسرائيلي إنها آمنة حيث مدينة رفح، والآن ربما سنعيش نفس سيناريو النزوح في حال نفذوا العملية البرية".
وأعربت عن تخوفها من تكرار هذا السيناريو، في ظل عدم وجود مناطق آمنة في القطاع.
وتابعت: "هذه الحرب ورحلات النزوح أرهقتنا ولم يعد بوسعنا تحمل المزيد".
كما أنها تتمنى ألا يتم الدفع بهم برحلة نزوح جماعية باتجاه سيناء المصرية، وفق قولها.
وقبل أسبوع، أعلن زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المعارض أفيغدور ليبرمان، "دعم نقل الفلسطينيين إلى سيناء المصرية".
ومنذ بداية الحرب الدائرة بغزة، تواترت أنباء إسرائيلية بشأن فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية، عبر عملية "نزوح جماعية".
ونهاية أكتوبر الماضي، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، أعدت دراسة تضمنت 3 بدائل، لما بعد الحرب في قطاع غزة، بينها ترحيل سكانه إلى سيناء المصرية، وفق إعلام عبري.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: فلسطين غزة رفح نازحون الاحتلال الاسرائيلي الجیش الإسرائیلی سیناء المصریة عملیة بریة منطقة آمنة مدینة رفح إلى سیناء قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
إنشاء إدارة مختصة لرعاية وتنظيم شؤون النازحين يعكس اهتمام الدولة بهذه الفئة
تقرير /يحيى جابر
في ظل التحديات التي أفرزتها سنوات العدوان على اليمن، وزيادة عدد النازحين، أنشأت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إدارة متخصصة لرعاية وتنظيم شؤون النازحين، كخطوة تعكس التزام الدولة بتوفير الحماية والرعاية لهذه الفئة، وتنظيم جهود الإغاثة وتسهيل عودتهم إلى مناطقهم.
وتأتي هذه الخطوة ضمن إجراءات حكومية تهدف إلى وضع هيكل مؤسسي فعّال قادر على إدارة ملف النزوح بشكل متكامل، بعيدًا عن العشوائية، بحيث تعنى الإدارة الجديدة بإعداد الخطط والبرامج اللازمة، وتنفيذ حملات الإغاثة والإيواء، وإنشاء المخيمات والمراكز النموذجية بالتنسيق مع الجهات المحلية والدولية ذات العلاقة.
وبحسب وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن هذه الإدارة ستعمل أيضًا على تحديث قاعدة بيانات شاملة للنازحين، تتضمن تصنيفًا دقيقًا للفئات والأوضاع الاجتماعية، بما يُسهل تقديم المساعدات الطارئة وتحديد الاحتياجات الفعلية، كما ستُسهم في تنظيم عمليات النزوح وتحديد المناطق الآمنة، وضمان تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للنازحين.
وبيّنت دراسة أعدتها الوزارة حول مهام واختصاصات هذه الإدارة أنها ستضطلع بمهام التنسيق مع الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني، بهدف تعزيز التكامل والتشارك في المسؤولية، واستيعاب الموارد المتاحة وتوجيهها نحو تحسين حياة النازحين.
وأشارت إلى أهمية دور القطاع الخاص والمبادرات المجتمعية في دعم برامج هذه الإدارة، عبر تعزيز التكافل الاجتماعي والمشاركة في تقديم المساعدات، وإعادة دمج النازحين في مجتمعاتهم، وتأهيلهم لسوق العمل، والتخطيط لعودتهم الآمنة والطوعية.
وتشير تقارير إلى وجود أكثر من 227 ألف أسرة نازحة في اليمن تعيش في أكثر من 1778 تجمعا عشوائيا ومراكز إيواء بإجمالي مليونا و482 ألف نازح، بينهم 222 ألف طفل، و712 ألفا من الإناث، و131 ألف نازح من كبار السن، يعاني الكثير منهم نقصا في الخدمات الأساسية، وهو ما يجعل من تأسيس هذه الإدارة خطوة ضرورية لتجاوز هذه المعاناة.
وتؤكد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن الاهتمام بالنازحين يعد التزامًا وطنيًا وأخلاقيًا.. داعية جميع الجهات الحكومية والخاصة إلى التفاعل الجاد والتعاون في هذا الجانب، بما يحقق العدالة الاجتماعية ويعزز الصمود في مواجهة الظروف الصعبة.
وبهذا الصدد أكد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل سمير باجعالة، أن إنشاء إدارة خاصة بتنظيم شؤون النازحين يمثل خطوة استراتيجية وذات أثر عميق، تعكس تحولًا مؤسسيًا في التعامل مع واحدة من أكبر الأزمات الاجتماعية في البلد، كما تفتح الباب لتكامل الجهود بين الحكومة والمنظمات والمجتمع المدني، نحو معالجة النزوح كقضية تنموية، لا مجرد استجابة طارئة.
وأشار إلى أن اهتمام قيادة الوزارة بتقييم أوضاع مخيمات النزوح وتحديد احتياجاتها، والتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للوفاء بالتزاماتها تجاه اليمن، يؤكد اهتمام الدولة بملف النازحين، رغم التحديات الاقتصادية.
وبين باجعالة أنه سيتم نقل ملف النزوح من الاستجابة الطارئة إلى التخطيط التنموي عبر هذه الإدارة المختصة، وتكريس ثقافة التضامن المجتمعي، وإشراك القطاع الخاص في تقديم الدعم، والتأكيد على أهمية الاستجابة المستدامة بدلًا من الاعتماد الكامل على المساعدات الخارجية المتذبذبة.
سبأ