الخليج الجديد:
2024-06-02@22:00:08 GMT

الحرب على غزّة والمواطنة الأوروبية

تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT

الحرب على غزّة والمواطنة الأوروبية

الحرب على غزّة والمواطنة الأوروبية

هدّدت دول أوروبية بسحب جنسيات مواطنين من أصول أجنبية، في حال مخالفة مواقف رسمية تجاه الحرب الإسرائيلية على غزّة.

التهديد بسحب الجنسية يقتصر على المجنّسين العرب والمسلمين مما يثير إشكالات تعكس خللا في معنى المواطنة بحيث تُصنف لمراتب ومستويات.

تعكس السياسات الأوروبية نفسها عبر تعطيل الديمقراطية التمثيلية، وهي في أحد وجوهها، تمثيل المواطنين بشكل متساوٍ في المؤسّسات المنتخبة، وخاصة البرلمانات.

عدّلت ألمانيا قوانينها لوضع شرط الاعتراف بإسرائيل في قانون الجنسية، كأي واجب على من يريد أن يصبح مواطنا ألمانيا، ما يتعارض بصورة واضحة مع حرية الرأي.

هناك مواطن درجة أولى وثانية وثالثة، ولكل منهم حقوق مختلفة. ومن يقع في أسفل السلم هو المواطن الذي تم التكرّم عليه بجواز سفر يمكن سحبه منه لدى أي مخالفة للتعليمات.

* * *

هدّدت بعض الدول الأوروبية بسحب جنسيات مواطنين من أصول أجنبية، في حال مخالفة بعض المواقف الرسمية الخاصة بالحرب الإسرائيلية على غزّة.

وهذه ليست المرّة الأولى، ولا الأخيرة، التي يجري فيها التلويح بهذا السلاح، من سلطات بعض دول أوروبا، رغم أن تأثيره سيئ، ومفعوله سلبي على ملايين، اكتسبوا المواطنة الأوروبية منذ عدة عقود، بوصفها حقّا شرعيا، تجيزه قوانين هذه الدول، وهم استحقّوها لأنهم استوفوا جملة من الشروط، خصوصاً الواجبات، ولم تمنح لهم هدية أو مكرمة من حاكم.

ومن بين قواعد هذه المسألة اعتماد مبدأ المساواة، بين المتقدّمين للحصول على الجنسية، الأمر الذي يعني عدم التمييز الهويّاتي بين مواطن وآخر، من أبناء البلاد الأصليين، أو الذين وفدوا إليها من بلدانٍ أخرى، إلا أن الواقع يحفل بأمثلةٍ تخالف القوانين والأعراف.

بل إن التهديد بسحب الجنسية لا يشمل كل المواطنين من أصول أجنبية، بل يقتصر على المجنّسين من بلدان عربية وإسلامية، وهو ما يثير جملة من الإشكالات، تعكس خللا في النظر إلى المواطنة، بحيث يمكن تصنيفها إلى مراتب ومستويات.

ثمّة من يعتبر المواطنة جواز سفر، يسهل سحبه من شخصٍ يخالف القانون، وطرده إلى خارج الحدود، حتى لو كان قد ولد على أرض البلد الذي يحمل جنسيته، ولم يسبق له أن وطئت قدماه أرض الآباء والأجداد.

وهذا تفسيرٌ تعسّفي، وغير أخلاقي، وانتقائي، وتمييزي للقوانين، ويعبّر عن استخدام السلطات أساليب قمعية في التعامل مع أشخاصٍ أصبحوا مواطنيها، وباتت مسؤولة عنهم قانونيا وأخلاقيا، حتى لو ارتكبوا جرائم.

ولا يحق لها، تحت أي ظروف، حسب شرعة حقوق الإنسان، أن تجرّدهم من حقّ المواطنة، التي استحقّوها بجدارة. ويعكس هذا التمييز نظرة إلى مستويات مختلفة من المواطنة، فهناك مواطن درجة أولى، وثانية، وثالثة، ولكل منهم حقوق مختلفة عن الآخر. ومن يقع في أسفل السلم هو المواطن الذي تم التكرّم عليه بجواز سفر يمكن سحبه منه لدى أي مخالفة للتعليمات.

تعكس هذه السياسات نفسها من خلال تعطيل الديمقراطية التمثيلية، والتي تعني، في أحد وجوهها، تمثيل المواطنين على نحو متساوٍ في المؤسّسات المنتخبة، وخصوصا البرلمانات.

وهو أمر غير متحقّق في ما يخصّ العرب والمسلمين في أوروبا، وهذا لا يقتصر على بلد أوروبي واحد، بل ينسحب على غالبية الدول التي تستقبل أعدادا كبيرة من الأجانب، مثل فرنسا وألمانيا، حيث علت أصوات تطالب بمعاقبة العرب والمسلمين الذين تضامنوا مع غزّة من خلال سحب الجنسية.

وذهبت ألمانيا بعيدا، عندما عدّلت قوانينها لتضع شرط الاعتراف بإسرائيل في صلب قانون الجنسية، مثله مثل أي واجب على من يريد أن يصبح مواطنا ألمانيا، ما يتعارض بصورة واضحة مع حرية الرأي والموقف السياسي.

لا يمكن تبرير التعامل مع المواطنين حسب سلّم الدرجات، غير أن هذا لا يعفي أصحاب الشأن من قسطٍ من المسؤولية، وذلك لعدّة أسباب، منها أن هناك تيارا واسعا، يتعاطى مع قضية المواطنة بخفة، وينظر إليها كجنسية، ومكتسبات يحصل عليها من هذا البلد الأجنبي، لكن انتماءه الفعلي للبلد الأصلي.

وعلى هذا الأساس، لا يتم التعامل بجدّية مع قضايا المواطنة السياسية التي تعني الانخراط في الحياة الحزبية للبلد، وممارسة الحقوق الانتخابية من خلال المشاركة في التصويت، وهذا ما يفسّر ضعف تمثيل هذه الكتلة الكبيرة في البرلمانات والحكومات.

وبالتالي، تعرّضها إلى تمييز وتنميط يضعانها خارج الحسابات السياسية، ويحوّلها إلى كتلة بلا وزن أو دور أو تأثير، ويجرّدها من حقها في الدفاع عن نفسها وإيصال صوتها ومطالبها إلى باقي مكونات البلد، وللذين يتولّون المسؤولية.

*بشير البكر كاتب صحفي وشاعر سوري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أوروبا ألمانيا قانون الجنسية حرية الرأي حقوق الإنسان الحرب على غزة على غز ة

إقرأ أيضاً:

ألمانيا تعلن دعمها مقترح بايدن.. بصيص أمل للخروج من مأزق الحرب بغزة

قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك "إن المقترح الإسرائيلي الذي شرحه الرئيس الأميركي جو بايدن، بصيص أمل ويمكن أن يؤدي إلى طريق للخروج من مأزق الحرب في غزة".

وأكدت بيربوك أن الوساطة الأمريكية القطرية المصرية تحظى بدعمنا الكامل وعلى حماس إثبات سعيها لإنهاء الصراع.

وأضافت "من المهم للغاية اغتنام فرصة وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية يليه وقف دائم لإطلاق النار".



وسبق أن أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، مساء الجمعة، دعمه خارطة طريق أعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن، لوقف "دائم" للحرب على قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى وإعادة إعمار القطاع.

وقال بوريل وفي منشور على منصة إكس، "كل دعمنا لخارطة طريق بايدن لوقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن التي تؤدي إلى وقف دائم للأعمال العدائية وانسحاب الجيش الإسرائيلي وبدء جهود إعادة الإعمار" في القطاع.

وشدد بوريل على أن "الحرب يجب أن تنتهي الآن".

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن كشف مساء الجمعة، عن  تفاصيل مقترح إسرائيلي جديد شامل، يهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح جميع الأسرى.

وقال بايدن في كلمة بالبيت الأبيض، إن المقترح "جديد تماما"، ويحتوي على ثلاث مراحل.

وتابع: "المقترح الإسرائيلي هو خارطة طريق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن وتم نقله من قطر إلى حماس"، فيما ذكر أن المقترح يتضمن إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، دون تفاصيل إضافية حول المشمولين في الصفقة المحتملة.

وأضاف أن "المقترح الإسرائيلي يتضمن عودة الفلسطينيين في غزة إلى منازلهم مع وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع"، وهو فيما يتعلق بالمرحلة الأولى.

وحول المرحلة الثانية، قال بايدن: "من المفترض أن يتم خلالها تبادل كل الأسرى الأحياء بما في ذلك الجنود الإسرائيليون".

وأضاف أن "المرحلة الثالثة تشمل إعادة إعمار كبيرة لقطاع غزة".



ونوه بايدن إلى أن "إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ هجوم آخر على غرار 7 أكتوبر"، وهو ما يعني إقرارا ضمنيا بالفشل في هزيمة المقاومة.

وحث بايدن قيادة الاحتلال الإسرائيلي على التمسك بالمقترح، ومحاولة إنجاحه.
اقرأ أيضا:
اجتماع ثلاثي في باريس لإحياء مفاوضات وقف إطلاق النار بغزةوبحسب بايدن فإن "الاتفاق سيسمح لإسرائيل بالاندماج في المنطقة والتوصل لاتفاق تطبيع تاريخي مع السعودية".

وقال: "إذا رفضت حماس المقترح الإسرائيلي الجديد فإن إسرائيل ستواصل حربها في غزة".

ولم يخف بايدن مخاوفه من "مخاطر من أن تزيد عزلة إسرائيل على مستوى العالم"، قائلا "آن الأوان لبدء مرحلة جديدة يعود فيها الرهائن إلى بيوتهم ولهذه الحرب أن تنتهي ولليوم التالي أن يبدأ".



وكانت إدارة بايدن دعت إلى اجتماع ثلاثي مع مصر وإسرائيل في القاهرة خلال الأيام المقبلة لمناقشة إعادة فتح معبر رفح، وبحث جهود التهدئة ووقف إطلاق النار.

يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه الوحشي على قطاع غزة منذ نحو 8 شهور، ما تسبب باستشهاد أكثر من 36 ألف فلسطيني جلهم من النساء والأطفال.

مقالات مشابهة

  • هل تكشف مبادرة بايدن حقيقة القوة الأمريكية ؟!
  • الواقع يختلف عن القانون.. مثليون حائرون بشأن وجهات السفر
  • صحيفة تركية: ماكرون يحاول إغراق ألمانيا في مستنقع الحرب أكثر
  • خطاب غاضب يصل السفير التركي في ألمانيا بخصوص دميرطاش
  • راهن الحرب السودانية
  • الكتابة في زمن الحرب(25)
  • ألمانيا والاتحاد الأوروبي يرحّبان بخارطة الطريق لإنهاء الحرب في غزة
  • المفوضية الأوروبية: اقتراح بايدن لإنهاء الحرب في غزة متوازن وواقعي
  • ألمانيا تعلن دعمها مقترح بايدن.. بصيص أمل للخروج من مأزق الحرب بغزة
  • لقجع يجيب عن أسئلة الرأي العام ويستعرض وضعية المالية العمومية في مقهى المواطنة