تخشى إيران إثارة مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وتحث المليشيات المرتبطة بها في منطقة الشرق الأوسط، على ضبط النفس لتجنب أي تصعيد مع الجيش الأميركي، وفق ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين.

وعندما شنت القوات الأميركية ضربات على الجماعات المدعومة من إيران في اليمن وسوريا والعراق، حذرت طهران "علنا" من أن جيشها مستعد للرد على أي تهديد، ولكن في السر، يحث كبار القادة الإيرانيين، المجموعات المرتبطة بهم بـ"توخي الحذر"، وفقا لمسؤولين لبنانيين وعراقيين تم اطلاعهم على المحادثات ولم تكشف "واشنطن بوست" عن أسمائهم.



ويقول مسؤولون أميركيون إن الرسالة ربما يكون لها "بعض التأثير". وفي السياق، تحدث مسؤول أميركي، شريطة عدم الكشف عن هويته : "ربما أدركت إيران أن مصالحها لا تخدم من خلال السماح لوكلائها بقدرة غير مقيدة على مهاجمة القوات الأميركية وقوات التحالف".

واتخذت إدارة الرئيس الأميركي، جو بادين، نهجاً حذراً مماثلا مع طهران، فقد استهدفت القوات الأميركية وكلاء إيران في العراق وسوريا، لكنها لم تضرب الداخل الإيراني.

رسائل لـ"محور المقاومة"
وللتأكيد على التوجيه الجديد، أرسلت إيران قادة عسكريين ودبلوماسيين في جميع أنحاء المنطقة للقاء المسؤولين المحليين وأعضاء المجموعات المسلحة.

وفي حديثه لـ"واشنطن بوست"، قال مسؤول عراقي له علاقات وثيقة مع القوات المدعومة من إيران هناك: "إن طهران تبذل قصارى جهدها لمنع توسع الحرب والتصعيد من الوصول إلى نقطة اللاعودة".

وبعد أيام من إعلان "كتائب حزب الله" مسؤوليتها عن الهجوم الذي أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين في الأردن على الحدود مع سوريا، وصل قائد عسكري إيراني إلى بغداد الشهر الماضي للقاء قادة الفصيل العراقي المسلح.

وضغط القائد على "كتائب حزب الله" لإصدار بيان للإعلان عن "تعليق الهجمات على الأهداف الأميركية".

وقال المسؤول العراقي إن زعماء الفصيل العراقي المسلح، لم يكونوا راضين عن التعليق، لكنهم استجابوا لطلب الدولة التي قامت بتدريب وتسليح قواتهم، في إشارة إلى إيران.

ومع ذلك، كشفت تغييرات لاحقة عن "حدود نفوذ طهران"، فبعد الضربات الأميركية، غيرت "كتائب حزب الله العراقية"، موقفها، وتعهدت "بضربات مؤلمة وهجمات واسعة النطاق".

وتشكل الجماعات المدعومة من إيران ما يسمى "محور المقاومة" الذي يضم حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وكتائب حزب الله في العراق وسوريا. 

وفي العلن، أشاد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بالمجموعات المقاتلة خلال زيارة قام بها مؤخرا إلى لبنان ووعد بمواصلة دعمهم.

لكن في السر، اعتمد المبعوثون الإيرانيون نبرة أكثر اعتدالا، فقد أشادوا بـ"تضحيات حزب الله"، لكنهم حذروا من أن الحرب مع إسرائيل ستقود لعواقب وخيمة في المنطقة.

وقال المسؤولون الإيرانيون لقادة حزب الله إن "محور المقاومة ينتصر"، لكنهم حذروا من أن هذه المكاسب قد تضيع إذا فتحت إسرائيل جبهة أخرى في لبنان. 

وكشف عضو حزب الله الذي تحدث لـ"واشنطن بوست" عن ملخص الرسالة الإيرانية التي وصلت إلى لبنان، وكان مفادها: "نتنياهو محصور في الزاوية الآن.. لا تعطيه مخرجاً.. دعونا لا نعطيه فائدة شن حرب أوسع نطاقا، لأن ذلك سيجعله منتصرا".

وفي العراق، كانت الرسالة مختلفة بعض الشيء، وقال المسؤولون الإيرانيون إن تجدد الصراع في البلاد يهدد بإضعاف الزخم وراء محادثات الانسحاب العسكري الأميركي من البلاد.    وتنتشر القوات الأميركية بواقع 2500 جندي في العراق ضمن إطار تحالف دولي تقوده واشنطن لمحاربة تنظيم داعش.

وسعت إيران منذ فترة طويلة إلى إخراج القوات الأميركية من المنطقة، وسوف تنظر طهران إلى الانسحاب من العراق باعتباره "نصرا كبيرا".

وأعرب المسؤولون الأميركيون عن انفتاحهم على سحب بعض القوات من العراق، لكنهم أضافوا سرا أن "الحكومة العراقية تبدو قلقة بشأن الانسحاب الكامل ويبدو أنها تريد استمرار المساعدة في مواجهة فلول تنظيم داعش".

ويبدو أن الرسائل الإيرانية "كانت فعالة"، ورغم الهجمات شبه يومية عبر حدود إسرائيل مع لبنان، فإن أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله، لم يصل إلى حد إعلان الحرب.    الحوثي "لم يتراجع"
ولم تعط إحدى الجماعات المدعومة من إيران أي إشارة عن التراجع، وعطلت جماعة الحوثي في اليمن، والتي تصنفها واشنطن كجماعة إرهابية، التجارة العالمية من خلال مضايقة السفن التجارية عبر البحر الأحمر.
  وتؤثر هجمات الحوثيين على الملاحة وتسببت بارتفاع كلفة التأمين لشركات الشحن، ما أجبر كثيرين إلى تجنب هذا الطريق الحيوي الذي تمر عبره 12 بالمئة من التجارة البحرية العالمية.

ومنذ 19 تشرين الثاني الماضي، ينفذ الحوثيون هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، ولمحاولة ردعهم، شنت القوات الأميركية والبريطانية ضربات على مواقع تابعة لهم منذ 12 يناير.

وينفذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات يقول إنها تستهدف مواقع أو صواريخ ومسيرات معدة للإطلاق.

وإثر الضربات الغربية، بدأ الحوثيون استهداف السفن الأميركية والبريطانية في المنطقة معتبرين أن مصالح البلدين أصبحت "أهدافا مشروعة"، وفق ما ذكرته وكالة "فرانس برس".

وقال كينيث فرانك ماكنزي، وهو جنرال متقاعد من مشاة البحرية أشرف على العمليات الأميركية في جميع أنحاء الشرق الأوسط كرئيس للقيادة المركزية الأميركية من عام 2019 إلى عام 2022: "بالتأكيد، أرحب بحقيقة أن الهجمات قد توقفت على ما يبدو".

وأضاف: "لكننا نعلم من التجربة الصعبة أن وضع الردع في الشرق الأوسط أمر يجب إعادة النظر فيه وتحديثه باستمرار".

وتساءل ماكنزي عما إذا كان من الممكن أن تحبط الولايات المتحدة بعض الهجمات إذا ردت عليها بشكل أسرع وبقوة أكبر. وبحسب حديثه، فإنه حتى لو وجهت طهران وكلاءها إلى "التراجع"، فهذا لا يعني أنهم يسيطرون على الجميع.

وكلما طال أمد الحرب في غزة، أصبح من الصعب على إيران والولايات المتحدة تجنب التصعيد، حسبما تقول "واشنطن بوست". (الحرة)        

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المدعومة من إیران القوات الأمیرکیة واشنطن بوست فی العراق حزب الله

إقرأ أيضاً:

واشنطن بوست: إدارة ترامب تعتزم تقليص عدد موظفي الاستخبارات الأميركية

كشفت صحيفة واشنطن بوست -أمس الجمعة- عن أن البيت الأبيض أبلغ أعضاء في الكونغرس بنيته خفض عدد الموظفين في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ووكالات استخباراتية أخرى، من بينها وكالة الأمن القومي.

وتشمل الخطة خفض عدد العاملين في وكالة الاستخبارات المركزية بنحو 1200 موظف على مدى عدة سنوات، إلى جانب تسريح آلاف الموظفين في وكالات أخرى، مثل وكالة الأمن القومي.

وأكد مصدر مطلع لوكالة أسوشيتد برس صحة تلك التغييرات، موضحا أن عمليات الخفض ستكون تدريجية عن طريق تقليص التوظيف الطبيعي، من دون الحاجة إلى تسريح جماعي، في حين أن مئات الموظفين في وكالة الاستخبارات المركزية اختاروا التقاعد المبكر.

طاقة متجددة

من جهتها، قالت وكالة الاستخبارات المركزية -في بيان- إن مديرها جون راتكليف يعمل على مواءمة مهام الوكالة مع أولويات الرئيس دونالد ترامب في مجال الأمن القومي، إذ إنه يقود خطة تهدف إلى "ضخ طاقة متجددة" في الوكالة وتوفير فرص للقادة الجدد للصعود، فضلا عن تحسين أداء الوكالة لتنفيذ مهامها في جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية.

وأضافت أن هذه التحركات جزء من إستراتيجية شاملة تهدف إلى تحسين كفاءة الوكالة وتعزيز جاهزيتها.

إعلان

وأوضح راتكليف -في تصريحات سابقة أمام الكونغرس- أن الوكالة ستواصل تقديم تحليلات "ثاقبة، وموضوعية، ومتعددة المصادر"، محذرا من السماح لأي انحياز سياسي أو شخصي بالتأثير على تقييماتها.

في المقابل، لم يصدر مكتب مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد أي تعليق فوري على طلب للتعليق. ويشرف مكتب غابارد على تنسيق أنشطة 18 وكالة تابعة لمجتمع الاستخبارات الأميركي.

وتأتي هذه الخطوة في ظل سياسة أوسع تنتهجها إدارة ترامب لتقليص حجم الحكومة الفدرالية، إذ كانت وكالة الاستخبارات المركزية من أوائل الوكالات الأمنية التي انضمت إلى برنامج التسريح الطوعي الذي أطلقه ترامب مطلع العام الجاري، بهدف إعادة هيكلة الجهاز الحكومي وتحقيق وفورات في الميزانية.

مقالات مشابهة

  • محسن رضائي يؤكد: إيران مستعدة لكل السيناريوهات وعواقب المواجهة كارثية على واشنطن
  • القوات الأميركية تخلي قاعدتين شرقي سوريا
  • واشنطن بوست: إدارة ترامب تعتزم تقليص عدد موظفي الاستخبارات الأميركية
  • لا لـالطاقة الإيرانية.. هكذا أنهت واشنطن فن طهران المتقن عبر بغداد
  • لماذا لا يتفق ترامب مع نتنياهو في موضوع إيران؟
  • إيران ترد بعد عقوبات أميركية وواشنطن تتوقع محادثات جديدة
  • ملف التبادل كوردستان - طهران يتصدر مباحثات محافظ أربيل في إيران
  • توقعات بتأجيل المحادثات الأميركية الإيرانية المقررة السبت
  • أول تعليق من إيران على العقوبات الأمريكية الجديدة
  • واشنطن تتوعد طهران: ستدفعون ثمن دعم الحوثيين في الوقت والمكان الذي نختاره