تبدو حكومة بنيامين نتنياهو عازمة على تحقيق هدفها النهائي المتمثل في احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه، لكنها تحاول تحقيق هذا الهدف على مراحل حتى لا تنجر إلى حرب استنزاف أكبر، كما يقول خبراء.

فقد صدق نتنياهو على قرار توسيع العملية العسكرية في القطاع بعد عدة جلسات عقدها مجلس الوزراء المصغر "الكابينت"، وشهدت مناكفات ومشادات وصلت إلى الشجار في بعض الأحيان بين السياسيين والعسكريين.

ووفقا لما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فسوف يجري توسيع العملية درجة إضافية وبقوة أكبر، لكنها لن تكون واسعة النطاق، وسيستمر هذا التوسع ما لم تفرج حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن الأسرى.

وتقوم هذه العملية الجديدة، حسب الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، على القضم المتدرج وإخراج السكان من مناطق معينة حتى يتم تمشيطها بحثا عن أسرى أو مقاتلين للمقاومة.

"غزة الصغيرة"

وبناء على ما تم تسريبه لوسائل إعلام إسرائيلية، سيكون اسم العملية الجديدة "غزة الصغيرة"، وهو ما يعني، حسب ما قاله الدويري في برنامج "مسار الأحداث"، أن الجيش الإسرائيلي سيقيم تجمعات سكانية صغيرة بين محوري صلاح الدين (فيلادلفيا) وموراغ، لحشد السكان فيها.

ومن المقرر أن يتخذ المجلس المصغر اليوم الأحد قرارا بالتعبئة الواسعة لقوات الاحتياط، وفق ما نقلته صحيفة معاريف التي أكدت أن جنود الاحتياط الذين سيجري استدعاؤهم سيشاركون في الهجوم داخل قطاع غزة، بينما سيعمل آخرون على تبديل القوات النظامية.

إعلان

وكان ضباط ميدانيون كشفوا عن أن نحو نصف جنود الاحتياط لم يلتزموا بالعودة للقتال بسبب الحرب التي تحصد مزيدا من أرواحهم كلما اتسعت.

ومع تزايد رفض الاحتياط تلبية أوامر الاستدعاء، توقع الدويري أن يتم الدفع بمن سيلبون طلبات الاستدعاء إلى الحدود مع سوريا ولبنان، وذلك من أجل الدفع بالقوات النظامية الموجودة في هاتين الجبهتين نحو غزة.

وعن الطريقة التي يمكن للمقاومة أن تستخدمها للتعامل مع هذا التطور الجديد للحرب، قال الدويري إن المقاومة بالفعل بدأت نهجا جديدا بعد استئناف القتال يقوم على حرب العصابات، وهو ما حصل في الشجاعية وبيت لاهيا ورفح خلال الأيام الأخيرة.

وقامت هذه العمليات -حسب الخبير العسكري- على الانتقائية وإيقاع خسائر كبيرة في صفوف الاحتلال دون الإبلاغ عن خسائر في صفوف المهاجمين، وهي طريقة يخشى جيش الاحتلال التورط فيها بشكل أكبر.

احتلال دائم للقطاع

وتهدف العملية المرتقبة إلى إجبار حماس على تسليم الأسرى ثم احتلال القطاع بشكل دائم، لأن هذا هو معنى الانتصار الذي يتحدث عنه نتنياهو وحكومته، برأي الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى.

ولكي يتمكن من تنفيذ مخطط الاحتلال، سيكون على نتنياهو عقد صفقة لاستعادة الأسرى أولا قبل أن يضطر للاختيار بينهم وبين احتلال القطاع لأنه سيختار الثانية دون تردد، كما يقول مصطفى.

ومع ذلك، يعتقد مصطفى أن غرق الجيش في حرب استنزاف أكبر سيحدث أزمة داخل المجتمع والجيش الإسرائيليين، لأن الخسارة اليوم أصبحت أكثر إيلاما لهما حتى لو كانت أقل مما كانت عليه قبل عام.

والسبب في ذلك، كما يقول المتحدث، هو أن الضباط والجنود والإسرائيليين أنفسهم باتوا يدركون أنهم يخوضون حربا من أجل الحكومة وليس من أجل إسرائيل أو أسراها.

وخلص مصطفى إلى أن احتلال غزة "سيكون أصعب بكثير من احتلال لبنان ومن الضفة الغربية، لأنه سيكبد إسرائيل خسائر فادحة وسيجعلها دولة احتلال وفق قانونها الداخلي، وهو أمر سيلقي بمسؤولية سكان القطاع على عاتق الجيش".

إعلان

وهذا هو ما يجعل نتنياهو متمسكا بتهجير السكان، لأنه لا يريد أن يصبح الجيش مسؤولا قانونيا عن توفير سبل العيش لهؤلاء السكان، كما يقول مصطفى.

نتنياهو صادق السبت 3 مايو/ أيار 2025 على خطط توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة (الجزيرة) محاولة لتعويض الفشل

ولن تختلف العملية المرتقبة كثيرا عن العمليات السابقة التي نفذها الاحتلال في غزة، برأي المحلل السياسي إياد القرة، لأن السكان كانوا يواجهون النزوح في كل مرة.

كما أن توسيع العملية -برأي القرة- لن يقلل من خسائره، لأنه يتعرض لضربات في المناطق الآمنة الخالية من السكان مما يعني أنه سيكون أكثر تعرضا لهجمات المقاومة إن توغل في المناطق السكنية.

ورغم القلق الذي ينتاب الناس من أخبار توسيع القتال، فإنه قد يعزز رفضهم أي أوامر إخلاء جديدة خصوصا أنهم لم يجدوا مكانا واحدا آمنا في القطاع خلال الحرب، كما يقول القرة، الذي أشار إلى أن المواصي التي صنفتها إسرائيل منطقة آمنة كانت الأكثر تعرضا للقصف خلال فترة الحرب.

وختم المحلل السياسي بالقول إن نتنياهو لن يتمكن من تحقيق أهدافه التي فشل في تحقيقها خلال 18 شهرا من الحرب، بدليل أنه أعلن تفكيك كتائب حماس التي تقاتلها اليوم، مضيفا أن الإعلام الإسرائيلي نفسه يتحدث عن إعادة المقاومة بناء قوتها.

وفسَّر القرة حديث نتنياهو عن تفكيك حماس سياسيا بأنه محاولة لتعويض فشله في تفكيكها عسكريا، وقال إن الاحتلال يحاول إطالة أمد الحرب من خلال تغيير الأهداف، لأن المقاومة لم تغير مواقفها ولم تسلم أسيرا واحدا دون تفاوض.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات توسیع العملیة کما یقول

إقرأ أيضاً:

أمجد الشوا: آلية إدخال المساعدات إلى غزة محاولة إسرائيلية لتجويع السكان

أكد أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن الآلية التي تقترحها إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة تُعد "مخالفة صريحة لكل مبادئ العمل الإنساني الدولي"، وتُستخدم كأداة إضافية في سياسة تجويع الفلسطينيين ودفعهم نحو النزوح القسري.

وأشار  إلى أن هذه الآلية تتم بإشراف شركات أمنية أمريكية ورقابة مباشرة من جيش الاحتلال، وتشمل توزيع صناديق غذائية لا تتجاوز 20 كيلوجرامًا للعائلات أسبوعيًا، وفق قوائم يحددها الاحتلال نفسه، ما يعني حرمان آلاف العائلات من حقها في المساعدات.

لفتة إنسانية.. سيارة البابا فرنسيس عيادة متنقلة لعلاج أطفال غزة| ما القصة؟تصريحات نتنياهو بإنهاء الحرب في أكتوبر.. فكيف يبرر التصعيد الجديد على غزة؟

وأوضح الشوا خلال مداخلة عبر شاشة "القاهرة الإخبارية" مع منى عوكل، أن إسرائيل تسعى من خلال هذه السياسة إلى إجبار السكان على التوجه جنوبًا، خاصة أن نقاط توزيع المساعدات المقترحة تقع حصريًا في جنوب قطاع غزة، قائلا: "هذه ليست مجرد عملية توزيع مساعدات، بل خطة مبيتة للإخلاء القسري وتفريغ شمال ووسط القطاع من سكانه، في ظل غياب أي ضمانات للحماية، واستمرار عمليات القتل والاعتقال بحق المدنيين".

كما حذّر من خطورة استثناء وكالات الأمم المتحدة والمنظومة الإنسانية الدولية من هذه الآلية، مشيرًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمّد إقصاء كل المؤسسات التي عملت بشفافية ونزاهة خلال الأشهر الماضية، في محاولة للسيطرة الكاملة على توزيع المساعدات وتوقيت دخولها، مما يُعمّق الأزمة الإنسانية ويزيد من معاناة الفلسطينيين.

وأضاف الشوا أن الاحتلال يمنع دخول أكثر من 13 ألف طن من المساعدات المخزنة على المعابر، وبعضها مهدد بانتهاء صلاحيته. وأشار إلى أن هذه السياسة تعني عمليًا تقنين الغذاء والتحكم به كوسيلة ضغط، إلى جانب منع دخول تطعيمات الأطفال والمستلزمات الطبية، وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا لبقاء السكان على قيد الحياة، خاصة في ظل توقف عمل معظم المخابز والمراكز الطبية ونفاد مخزون المواد الغذائية.

طباعة شارك إسرائيل الاحتلال غزة

مقالات مشابهة

  • البرلمان العربي يرفض خطة نتنياهو.. الاحتلال يخطط لابتلاع غزة والعالم يتفرّج
  • وزير التربية والتعليم يعرض التحديات التي تواجه العملية التعليمية وماتم اتخاذه من قرارات وخطوات للتعامل مع هذه التحديات
  • ترامب :العملية العسكرية التي شنتها الهند على باكستان أمر مخز
  • بين إعادة الإعمار والاحتلال الكامل.. نتنياهو يصعد ويدفع غزة نحو سيناريو العزل التام
  • محللون: اتفاق ترامب والحوثيين لا منتصر فيه لكنه يضع نتنياهو في مأزق
  • عاجل- وزير إسرائيلي يدعو صراحةً إلى احتلال غزة وتطهيرها: "سندمرها بالكامل وسيرحل سكانها"
  • أمجد الشوا: آلية إدخال المساعدات إلى غزة محاولة إسرائيلية لتجويع السكان
  • نتنياهو تردد طويلاً قبل الموافقة على العملية.. تفاصيل جديدة تُكشف عن كواليس اغتيال نصر الله
  • برلين تعلن رفضها خطة احتلال غزة.. ملك للفلسطينيين
  • محللون: احتلال غزة يضع إسرائيل في مواجهة مع القانون الدولي