RT Arabic:
2025-10-27@14:13:12 GMT

هل تجوز الرحمة على كارل ماركس؟

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

هل تجوز الرحمة على كارل ماركس؟

‍‍‍‍‍‍

بين سكب القمح على قضبان السكك الحديدية على الحدود البولندية الأوكرانية ومواطن غزاوي يحاول جمع ما تيسر من الطحين من بين التراب لا يسع المرء سوى أن يتذكر كارل ماركس.

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مشهدان الأول من بولندا والثاني من قطاع غزة بفلسطين، الأول يسكب فيه أحد المحتجين، ممن أغلقوا نقاط التفتيش بين بولندا وأوكرانيا، القمح على الأرض، احتجاجا على عبور القمح الرخيص من أوكرانيا إلى أوروبا، بدعوى "العبور" إلى دول ثالثة، بينما يتم بيعه بأرخص الأسعار في أوروبا، ما يضر بمصالح المزارعين من بولندا وسلوفاكيا وهنغاريا، التي عارضت قرار الاتحاد الأوروبي برفع الحظر عن الحبوب الأوكرانية.

في المشهد الثاني يحاول مواطن فلسطيني جمع دقيق مطحون من بين التراب، بينما تبعثر أحد أكياس الدقيق، وهو شحيح في ظل الحرب والقتل والدمار والإبادة الجماعية التي تنتهجها إسرائيل ضد قطاع غزة.

لكن القضية أعقد من ذلك..

فعقب بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، ونظرا لظروف العمليات العسكرية أغلقت الموانئ الأوكرانية، ثم توسّطت تركيا بين البلدين، وتم التوصل إلى "صفقة الحبوب" التي تؤمن بموجبها روسيا فتح الموانئ الأوكرانية لتصدير الحبوب والأسمدة من الجانبين، أوكرانيا وروسيا، وكانت الصفقة برعاية الأمم المتحدة.

كان الجزء الثاني من الصفقة يسمح لروسيا بتصدير أسمدتها ويسمح باستيرادها للمعدات الزراعية وغيرها، إلا أن ذلك الجزء ظل محل شد وجذب، ولم ينفذ، فالموانئ مغلقة، والبنوك الروسية معزولة عن نظام "سويفت"، ولا تستطيع روسيا التصدير، بينما تصدر أوكرانيا حبوبها لا إلى إفريقيا والدول المحتاجة كما نصت الصفقة، وإنما إلى أوروبا، حيث الأسعار مرتفعة، والأموال حاضرة، والـ "سويفت" مفتوح على مصراعيه.

إقرأ المزيد احتجاجات المزارعين في أوروبا مرحلة من انهيار الاتحاد الأوروبي وبروفة لثورات الدول النامية

حذرت روسيا مرارا وتكرارا من أن الجزء الروسي من الصفقة لا يتم تنفيذه، وهددت بالخروج من الصفقة، ثم خرجت. فلم يتبق لأوكرانيا سوى الطرق البرية، عن طريق حدودها من بولندا الصديقة الشقيقة التي لا تضن على أوكرانيا بالأسلحة والعتاد والأموال. إلا أن الحبوب التي يفترض أنها "عابرة"، كانت تستقر في أوروبا، وتخلق وضعا غير مقبول بالمرة للمزارعين البولنديين، فقامت الاحتجاجات والمظاهرات ولم تنفض حتى وقت كتابة هذه السطور.

أعود للمشهدين اللذين دفعا بي دفعا نحو تحليل المفكر والفيلسوف الألماني كارل ماركس لمشكلة الاقتصاد الرأسمالي الذي يراها ماركس في "غزارة الإنتاج وسوء التوزيع". وبرغم أن الحديث لم يعد يدور هنا عن أي "اشتراكية" أو "شيوعية" لا سمح الله، إلا أن المشهدين يدعوان للتأمل في مدى تعقيد وتشابك لا الأزمة الأوكرانية فحسب، وإنما المشهد العالمي برمته، في ظل أفول نظام القطب الواحد لصالح التعددية القطبية، وتداعيات هذا الزلزال.

إقرأ المزيد المزارعون البولنديون يعربون عن استعدادهم لمواصلة الحصار على الحدود مع أوكرانيا

فلا يمكننا في هذين المشهدين أن نقف ضد المحتج البولندي الذي يجري على قوت يومه، مدافعا عن رزقه ومصلحته الشخصية المباشرة، فيسكب القمح على أراض أوروبية، ولا في صف المزارع الأوكراني "المدلل"، الذي أتيحت له، بفضل قرارات الاتحاد الأوروبي، والتسهيلات من جانب نظام كييف، أن يستغل الموقف لصالحه، ولا بإمكاننا أن نقف في صف أي من قادة ودول أوروبا التي فقدت الحد الأدنى من الإرادة السياسية لتقف أمام الولايات المتحدة بينما كانت تزحزح على مدار خمسة وثلاثين عاما الخطوط الحمراء للأمن القومي الروسي من جدار برلين عام 1989، وحتى حدود أوكرانيا في 2014، متجاهلين طوال عقود التحذيرات الروسية بمغبة ما يحدث من تمدد لـ "الناتو" نحو الحدود الغربية لروسيا.

إلا أن هذين المشهدين ليسا المشهدان الوحيدان، وغيرهما ملايين المشاهد التي لا نعلم عنها شيئا والتي تؤكد مقولة العجوز كارل ماركس بشأن "غزارة الإنتاج وسوء التوزيع"..

ألا تجوزإذن الرحمة على العم كارل ماركس؟

محمد صالح

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: قطاع غزة العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا الأزمة الأوكرانية الأمم المتحدة الاتحاد الأوروبي الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حلف الناتو عقوبات اقتصادية عقوبات ضد روسيا مؤشرات اقتصادية وزارة الدفاع الروسية إلا أن

إقرأ أيضاً:

قوات الاحتلال تعتقل القيادي في حماس جمال الطويل وتعتدي على عائلته

اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الإثنين، القيادي في حركة حماس جمال الطويل (61 عامًا) من مدينة البيرة قرب رام الله، بعد اقتحام منزله والاعتداء على أفراد عائلته، في أحدث حملة اعتقالات طالت عدداً من الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن قوة خاصة إسرائيلية تسللت إلى الحي الذي يقيم فيه الطويل بواسطة مركبة مدنية من نوع "مرسيدس"، قبل أن تقتحم منزله وتقوم بتقييد أبنائه والاعتداء عليهم بالضرب، ثم تعتقله وتنقله إلى جهة مجهولة.

ويعدّ الطويل من أبرز قادة حركة حماس في مدينة رام الله، وهو أسير محرر أمضى ما مجموعه 18 عامًا في سجون الاحتلال على فترات متقطعة، كان آخرها حتى شباط/ فبراير الماضي حين أُفرج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، المعروفة بصفقة "طوفان الأحرار".

وبعد الإفراج عنه في الدفعة الخامسة من الصفقة، ظهر الطويل في مقطع مصوّر أثناء تلقيه العلاج في أحد مستشفيات رام الله، متحدثًا عن اعتداء عنيف تعرض له قبيل الإفراج عنه، بعدما رفض ترديد عبارة توراتية تتضمن تهديدًا للفلسطينيين، قائلاً حينها إن الجنود الإسرائيليين انهالوا عليه بالضرب المبرح حتى عجز عن الوقوف.

وكان الطويل قد اعتقل عام 2023 وتم تحويله إلى الاعتقال الإداري لمدة 15 شهرًا، قبل الإفراج عنه في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي رافق تنفيذ الصفقة.

وتواصل قوات الاحتلال تنفيذ حملات دهم واعتقال يومية تستهدف كوادر وناشطين وأسرى محررين في مختلف محافظات الضفة الغربية، في ظل تصاعد التوتر الأمني وتوسّع الاعتقالات منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتلال تعتقل القيادي في حماس جمال الطويل وتعتدي على عائلته
  • هل تجوز الصلاة أثناء الأذان؟.. الإفتاء تجيب
  • لافروف: أوروبا تحاول إبعاد ترامب عن نهجه الواقعي في حل الأزمة الأوكرانية
  • حكم قتل القطط والكلاب الضالة المؤذية.. 3 خطوات للتخلص معهم
  • الحرب الروسية – الأوكرانية.. هل تفرض موسكو سيطرتها وتُجبر أوكرانيا على الرضوخ؟
  • إعلان حوثي بنفاد مخزون القمح رغم إمدادات روسية مسروقة من أوكرانيا
  • برشلونة يستعد لعرض ضخم لضم جوليان ألفاريز من أتلتيكو مدريد
  • مبعوث بوتين إلى واشنطن: روسيا مهتمة بإنهاء الصراع في أوكرانيا بسرعة
  • يسري جبر: الرحمة والرفق في التعامل مع العصاة والمنحرفين السبيل الحقيقي للإصلاح
  • ما تداعيات قواعد الاستدامة الأوروبية على صادرات الغاز التي حذرت منها قطر وأميركا؟