بعد اتهامه بتهريب الآثار .. محمود عباس يحيل المحافظ نظمي مهنا للتقاعد
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
بعد اتهامه بتهريب الآثار .. محمود عباس يحيل المحافظ نظمي مهنا للتقاعد.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
أنسنه الآثار واستنطاق النقوش والأحجار
أمضيت مدة يومين مستمعا لمحاضرات ثقافية وأوراق علمية غنية بالمعرفة والمعلومة عن المكتشفات الأثرية في الجزيرة العربية، خلال الندوة التي نظّمتها مجلة «أثيرت» التابعة لمركز حسن بن محمد للدراسات بالعاصمة القطرية الدوحة.
تناولت أوراق العمل كافة مناطق الجزيرة العربية من العراق وبادية الشام شمالًا، إلى اليمن وعُمان جنوبًا، كما تناولت أيضا العصور الزمنية منذ العصر البرونزي حتى العصر التاريخي.
كشف المتحدثون عن العديد من الكشوفات الأثرية المتعلقة بالحيوانات، أهمها المصائد الصحراوية وأشكالها وطريقة بنائها في بطون الأودية، كما قدّم الباحثون تفاصيل مهمة عن الحيوانات في شبه الجزيرة العربية مثل الوعول والثيران والخيول في النقوش الصخرية.
ونظرًا للمكانة الاقتصادية والدينية لتلك الحيوانات، وما مثلته من قيمة معنوية لدى مالكيها، فقد خُصّصت لها مدافن ومقابر خاصة بها، إذ كشفت العديد من الدراسات عن وجود مقابر للخيول والإبل في عدة مناطق من شبه الجزيرة.
كما استعرضت بعض الأوراق المنشآت الحجرية في عدد من المواقع الأثرية، أهمها منطقة العلا في المملكة العربية السعودية، حيث تمتد الأشكال الحجرية إلى عشرات الكيلومترات.
كدّرتنا بعض المداخلات التي أظهرت آثار الحروب والأزمات السياسية على الآثار، إذ أدّت الحروب في العراق واليمن إلى تحطيم بعض التماثيل، كما حدث عند دخول تنظيم داعش إلى الموصل وتحطيم متحف المدينة، إضافة إلى تهريب الآثار والحفر في المواقع الأثرية. فالحروب لا تؤذي البشر فحسب، بل الحجر أيضًا.
قدّمت ورقة بعنوان «الحيوانات في ظفار: دراسة لغوية وأنثروبولوجية»، استعرضت فيها الحيوانات الأسطورية في الميثولوجيا مثل: فهدت، شِرك، جُوش، سِيلول، جِذوب، بعفيرور، إضافةً إلى ورود الحيوانات الناطقة في الحكايات القديمة، إذ سُردت القصص على ألسنة الحيوانات، أبرزها الثعالب والضباع والحمير والأرانب.
كما عرضت بعض الأمثلة على أهمية الحيوانات في ظفار، وفي مقدمتها الإبل التي شكّلت العمود الفقري للنقل والحركة في ظفار. ونظرًا لتلك المكانة لدى أصحابها، فقد قُبرت الإبل في مناطق تُسمّى «بقور أييت» أي قبر الناقة، كما يُحتفظ بجماجمها في الكهوف. ولا تزال الإبل مؤثرة في الحياة الاجتماعية والثقافية في ظفار، والدليل على ذلك عادة الخطلة، التي تُمارس في جبال ظفار بداية كل موسم الصرب، إذ تنطلق قطعان الإبل من السهول إلى المراعي والغابات والمعاطن المتعارف عليها منذ القدم.
أشرتُ قبل استعراض الورقة إلى وجود مكتشفات حديثة لحيوانات منقرضة في عُمان تعود إلى ملايين السنين، مثل عظم الفك المتحجّر الذي عُثر عليه في محافظة ظفار بمنطقة عيدم عام 2018، حيث يعود العظم إلى نوع من الفيلة البدائية الضخمة يُدعى (عُمانيثيريوم ظفارينسِس)، التي عاشت على أرض عُمان قبل حوالي 35 مليون عام. كانت هذه الفيلة من أوائل الثدييات ذات الخراطيم التي ظهرت على سطح الأرض، وهي قريبة الصلة بالماموث والماستودون.
يُعرض الفك الحجري في متحف عُمان عبر الزمان، الذي يوجد به أيضا نسخة مطابقة لقبر جمل على شكل دائري، مما يدل على أن عادة قبر الجمال كانت موجودة في عُمان.
إن ما يُميّز ندوات الآثار والنقوش القديمة أنها تحاول أنسنة الجماد والمناطق الأثرية، وإعادة الاعتبار للإنسان المثقف الذي لجأ إلى الفن لتسجيل قرابينه الطقسية ومعتقداته الدينية، تلك الآثار والشواهد التي تُغري بالمشاهدة والتفرج والاطلاع عليها، إضافةً إلى كونها مادة ثقافية يمكن استثمارها بطرق عدة.
ونظرًا لوجود مكتشفات حديثة حول الحيوانات المنقرضة في سلطنة عمان، فإننا نأمل إبراز هذه المكتشفات عبر الندوات والمؤتمرات الدولية، واستضافة علماء الآثار والخبراء للاطلاع على المكتشفات العُمانية، لتُشكّل عناصر جذب سياحية وثقافية لسلطنة عمان.
محمد الشحري كاتب وروائي عُماني