الطاقة المتجددة: مستقبل مستدام واستثمار واعد
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
تعتبر الطاقة المتجددة محورًا حيويًا في السعي نحو مستقبل مستدام وصديق للبيئة. تقوم هذه الأشكال المتجددة من الطاقة، مثل الطاقة الشمسية والرياح والمائية، بتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية وتحقيق تحول هائل نحو نظم طاقية أكثر استدامة. في هذا السياق، يظهر استثمار الأفراد والشركات في الطاقة المتجددة كخطوة ضرورية لتحقيق التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
أهمية الطاقة المتجددة:
حماية البيئة: تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة والتلوث البيئي هو أحد أهم تأثيرات استخدام الطاقة المتجددة. تعزز هذه الطرق البديلة للطاقة الاستدامة البيئية وتقليل التأثيرات السلبية على الكوكب.
توفير الموارد الطبيعية: بينما يعتمد الكثيرون على الوقود الأحفوري، يمكن للطاقة المتجددة توفير مصدر بديل يقلل الاعتماد على موارد طبيعية نفيسة وغير متجددة.
تعزيز الاستقلال الطاقي: يسهم التحول إلى الطاقة المتجددة في تحقيق استقلال أكبر عن الوقود الأحفوري، وبالتالي، تعزيز أمان الطاقة وتقليل التبعية على مصادر الطاقة الخارجية.
خلق فرص العمل: يشجع الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة على خلق وظائف جديدة في مجالات مثل تصنيع الألواح الشمسية وتركيب محطات الرياح، مما يساهم في تحفيز الاقتصاد.
استثمار الأفراد في الطاقة المتجددة:
تركيب الألواح الشمسية للاستخدام المنزلي: يمكن للأفراد تركيب الألواح الشمسية على أسطح منازلهم لتوليد الكهرباء الخاصة بهم، مما يقلل من فواتير الطاقة ويساهم في حماية البيئة.
المشاركة في برامج الطاقة الشمسية المجتمعية: تقدم بعض الشركات والمنظمات فرصًا للأفراد للاستثمار المشترك في مشاريع الطاقة الشمسية، مما يتيح لهم الاستفادة من الطاقة المتجددة دون الحاجة إلى تكلفة تركيبها.
استخدام أجهزة استهلاك طاقة منخفض: يمكن للأفراد تقليل استهلاك الطاقة عبر اختيار أجهزة كهربائية فعّالة من حيث الطاقة وتطبيق سلوكيات يومية لتوفير الطاقة.
دور الشركات في الاستثمار في الطاقة المتجددة:
تبني مبادرات الاستدامة: يمكن للشركات تبني مبادرات الاستدامة وتوليد الطاقة المتجددة لتحقيق أثر إيجابي على البيئة وصورتها الاجتماعية.
الاستثمار في البحث والتطوير: يعزز الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الطاقة المتجددة التطور التكنولوجي ويساهم في تحسين كفاءة الأنظمة وتقنيات الطاقة المتجددة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الطاقة المتجددة مستقبل الطاقة المتجددة أهمية الطاقة المتجددة الطاقة المتجددة الاستثمار فی
إقرأ أيضاً:
الصين والجزائر.. علاقات تاريخية ومستقبل واعد
ديما دعبول **
علاقات مميزة تجمع الصين والجزائر تعود جذورها إلى تاريخ كانت فيه الصين أول بلد يعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة التي أُعلن عن تشكيلها خلال حرب التحرير الجزائرية في عام 1958، وجاء هذا الاعتراف قبل أي دولة عربية أخرى.
وتوالت الأيام ومع حلول عام 2016 أصبحت الصين هي المصدِّر الأول والرئيسي للجزائر متجاوزة بذلك دولاً أوروبية مثل فرنسا، والتي استولت لفترة طويلة على واردات الجزائر لأسباب تاريخية وسياسية.
إلا أن الجزائر عمدت إلى الانسحاب تدريجياً من سيطرة الدول الأوروبية على الاقتصاد وسعت لتنويع شراكاتها وابتعدت عن سياسة التحالفات فتمكنت من الحصول على سيادة دولية واستقرار في القرار السياسي، وتبنّت توجهات جديدة، ركزت على التعاون والانفتاح على أسواق عالمية وأبرزها الصين.
بكين والجزائر.. تاريخ من النضال
الرؤية السياسية والموقف من النظام الدولي القائم من أهم الأمور المشتركة بين الطرفين، خاصة أنهما يسعيان لتغييره باعتباره نظاماً لا يعبّر عن رؤيتيهما وتطلعاتهما.
أما معاداة الاستعمار والتضحية فهما عاملان مشتركان بين بكين والجزائر، فالتاريخ كان شاهداً على تشابه كبير في المعاناة المتمثلة في مقاومة الاستعمار وتقديم التضحيات الكبيرة في سبيل التحرر وتأسيس الدولة الوطنية، وتقديس السيادة التي عمّدت بدماء الشهداء.
فبلد المليون شهيد يمتلك تاريخاً نضالياً مشرفاً للشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، ولم يكن الثمن أقل من ذلك لدى الشعب الصيني خلال تاريخه الطويل وسعيه للخلاص من الاحتلالين البريطاني والياباني اللذين جسّدا أبشع الجرائم بحقه، في حين سعى الاحتلال البريطاني لتحويل الشعب الصيني إلى مدمن على المخدرات وذلك ضمن حرب الأفيون.
تاريخ البلدين النضالي جعلهما يؤسسان علاقات قوية ومتينة وتحمل طابعاً خاصاً ومختلفاً عن أي علاقة أخرى بين دولتين، فالصين التي اعترفت بجبهة التحرير الجزائرية سعت إلى تقديم المساعدات لها ودعمها في عملية التحرر من الاستعمار وذلك في خمسينيات القرن العشرين.
وبعد الاستقلال عام 1962 عمدت الصين إلى تقديم قروض لمساعدة الجزائر في تأسيس دولة وطنية ذات استقلالية وسيادة، وأرسلت أكثر من 3000 طبيب صيني لمساعدة الشعب الجزائري خلال فترة ما بعد الاستقلال.
الجزائر بدورها عمدت إلى دعم الصين لاستعادة مقعدها في الأمم المتحدة وذلك في عام 1971، كما استمرت بنهج سياسي واضح نحو الاعتراف بالصين كدولة واحدة والامتناع عن إقامة علاقات مع تايوان.
تطور العلاقات السياسية والدبلوماسية
على مدار العقود الماضية، حافظت الصين والجزائر على علاقات سياسية مستقرة، تقوم على مبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وفي عام 2014، تم رفع مستوى العلاقات إلى شراكة استراتيجية شاملة، مما فتح آفاقاً جديدة للتعاون في مجالات متعددة، ولتصبح الجزائر أول دولة عربية تعقد مثل هذه الشراكة مع الصين.
تعززت هذه الشراكة من خلال تبادل الزيارات الرسمية والتنسيق المستمر في المحافل الدولية، حيث يتفق البلدان على دعم القضايا العادلة والمصالح المشروعة للدول النامية.
تتشارك بكين مع الجزائر في وجهات نظر عديدة حول المشهد الدولي والقضايا الإقليمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، كما أن هناك تطلعاً مشتركاً لتقديم مساهمات أكبر في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
في حين يلتزم كلا الطرفين بميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، كما يعارضان أحادية القطب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ويتفقان ويدعمان التعددية.
وتؤكد الحكومة الجزائرية بشكل مستمر على تمسكها بسياسية دولة الصين الواحدة ومعارضة أي شكل من أشكال انفصال واستقلال تايوان، في حين تؤكد الصين بشكل دائم أيضاً على وحدة أراضي الجزائر.
وخلال زيارات رسمية متبادلة بين الطرفين تم نقل تلك الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين البلدين إلى حيز التطبيق الفعلي.
كما سعت الجزائر إلى الانضمام إلى مجموعة دول "البريكس" خاصة أنها تمتلك مؤهلات وإمكانيات تسمح لها بذلك، ومن أبرز هذه المؤهلات هو الموقع الجغرافي والإمكانيات الاقتصادية والموارد الطبيعية وعلى رأسها النفط والغاز والحديد وغيرها من الموارد، ومساعي الجزائر للانضمام لمجموعة البريكس نابع من رغبتها في تطوير البنى التحتية وإنجاز المشاريع الكبيرة ولا سيما مع الصين التي دعمت انضمام الجزائر.
التعاون الاقتصادي والتجاري
شهد التعاون الاقتصادي بين الصين والجزائر نمواً ملحوظاً، حيث أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للجزائر منذ عام 2019، مستحوذة على نسبة 17% من واردات الجزائر، بما يعادل 9 مليارات دولار سنوياً.
كما أن رصيد الاستثمارات الصينية في الجزائر شهد نمواً وتطوراً أيضاً بشكل متسارع، حيث ارتفعت قيمة الاستثمارات الصينية من 1.9 مليار دولار أمريكي ما بين عامي 1979 و2002 إلى 22 مليار دولار أمريكي بين عامي 2005 و2016.
تتجلى هذه الشراكة الاقتصادية بوضوح في تنفيذ مشاريع استراتيجية، مثل الطريق السريع شرق-غرب والذي وصلت قيمته إلى 20 مليار دولار أمريكي، وجامع الجزائر بقيمة تصل إلى مليار دولار، كذلك ميناء شرشال، بالإضافة إلى استثمارات في قطاع الفوسفات بقيمة 7 مليارات دولار، وذلك لإنتاج 5.4 مليون طن من المخصبات الزراعية، فضلاً عن استثمارات في الحديد والطاقة المتجددة.
وإن أكثر ما يثير الاهتمام في العلاقات الصينية الجزائرية من الناحية الاقتصادية هي أنها علاقات معتدلة ومتوازنة، فلا ميزان تجاري خاسر فيها. وعلى الرغم من أن الصين تعتبر من أكبر القوى الاقتصادية في العالم، إلا أنها لا تسعى إلى استغلال الدول الأخرى أو تدمير اقتصاد الدول والاستحواذ على أمنها الاقتصادي.
بل إن الصين تؤمن بمبدأ التنمية المشتركة، وذلك وفقاً لمقولة صينية شهيرة وهي "حيث توجد التنمية يوجد الأمان"، وهذا يؤكد على أن الصين تهدف في شراكاتها إلى تحقيق الفائدة المشتركة لمختلف الأطراف.
مبادرة الحزام والطريق
انضمت الجزائر إلى مبادرة الحزام والطريق في عام 2018، مما عزز من التعاون الثنائي في مجالات البنية التحتية والطاقة والتجارة، وتعد هذه المبادرة منصة لتعميق الشراكة الاقتصادية، حيث تسعى الجزائر للاستفادة من الاستثمارات الصينية في تطوير الموانئ والطرق والسكك الحديدية، مما يساهم في تعزيز موقعها كمركز لوجستي في المنطقة.
ففي عام 2018، أعلنت الجزائر رسمياً انضمامها إلى مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين، وهي خطوة استراتيجية تعكس رغبتها في تعزيز مكانتها الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة.
هذا الانضمام لم يكن مجرد إجراء رمزي، بل مثّل بداية مرحلة جديدة من التعاون العميق مع بكين، حيث شرعت الجزائر في الاستفادة من هذه المبادرة العالمية لتطوير بنيتها التحتية وتعزيز قدراتها اللوجستية.
وانخرطت الجزائر ضمن هذه المبادرة عبر عدد من المشاريع الكبرى، منها تطوير موانئ حيوية مثل ميناء الحمدانية في شرشال، وتوسيع شبكة النقل والمواصلات، ما يمهد لجعل البلاد مركزاً إقليمياً للتجارة والاستثمار.
يتجاوز هذا التعاون الجانب المادي، حيث ترتكز الشراكة الصينية الجزائرية ضمن المبادرة على مبدأ المنفعة المتبادلة، مما يمنح الجزائر فرصة الوصول إلى التمويلات والخبرات الصينية من دون فرض شروط سياسية.
كما تتطلع الجزائر إلى تحويل موقعها الجغرافي إلى نقطة وصل بين إفريقيا وأوروبا وآسيا، مستفيدة من التجربة الصينية في التنمية السريعة، ومن التمويل والتكنولوجيا اللذين توفرهما بكين.
كما أن انضمام الجزائر إلى الحزام والطريق لا يُعد مجرد تقارب اقتصادي، بل هو امتداد لعلاقة سياسية تاريخية تتعزز اليوم في سياق عالمي جديد متعدد الأقطاب.
ومنذ انضمامها إلى مبادرة الحزام والطريق، اتخذت الجزائر خطوات ملموسة لترجمة هذا الانخراط إلى مشاريع واقعية ذات أثر استراتيجي، وفي مقدمة هذه المشاريع يأتي ميناء الوسط بمنطقة الحمدانية، الذي يُنظر إليه باعتباره أحد أكبر وأهم المشاريع البحرية في إفريقيا.
ولا يقتصر دوره على تسهيل التبادلات التجارية، بل يُخطط له أن يكون منصة لوجستية ضخمة تربط الجزائر بالأسواق الآسيوية والأوروبية والإفريقية، في انسجام تام مع أهداف المبادرة الصينية الرامية إلى خلق شبكة تجارية عابرة للقارات.
وعلى صعيد البنية التحتية، ساهمت الشركات الصينية في تعزيز شبكة الطرق الوطنية الجزائرية، لاسيما من خلال ربط الموانئ الكبرى بالمناطق الداخلية، الأمر الذي يرفع من كفاءة النقل ويساهم في خفض تكاليف الشحن.
كذلك شهد قطاع السكك الحديدية دفعة جديدة من التعاون، تمثلت في تحديث بعض الخطوط القديمة ومدّ خطوط جديدة في مناطق استراتيجية، لتسهيل حركة البضائع وربط مراكز الإنتاج بمرافئ التصدير.
التعاون في مجال الطاقة والبيئة
في مجال الطاقة والبيئة، دخلت الصين بقوة عبر استثمارات موجهة نحو الطاقة المتجددة، وبخاصة الطاقة الشمسية، مستفيدة من المناخ الجزائري الملائم. كما ظهرت شراكات صناعية في قطاعات التكنولوجيا والتحويل الرقمي، ضمن رؤية الجزائر لرقمنة الإدارة وتطوير الاقتصاد الرقمي.
تجسد هذه المشاريع توجه الجزائر نحو اقتصاد متنوع ومفتوح، يرتكز على شراكات استراتيجية مع قوى عالمية صاعدة.
وفي هذا السياق، لم تكن الصين مجرد ممول، بل شريك تنموي يراعي الأولويات الوطنية الجزائرية، ويقدم بديلاً متوازناً للأنماط التقليدية من التعاون الدولي.
التعاون الثقافي والإنساني
تُولي الصين والجزائر أهمية للتبادل الثقافي والإنساني، حيث يتم تنظيم فعاليات ثقافية وفنية لتعزيز التفاهم المتبادل بين الشعبين.
كما يتم التعاون في مجالات التعليم والبحث العلمي، من خلال تبادل الطلاب والأساتذة، وتقديم منح دراسية، مما يسهم في تعزيز العلاقات على المستوى الشعبي.
مستقبل العلاقات الثنائية
تسعى الصين والجزائر إلى تعزيز شراكتهما الاستراتيجية من خلال تنفيذ الخطة الخماسية الثانية للتعاون للفترة 2022-2026، والتي تهدف إلى تكثيف التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والزراعة والعلوم والتكنولوجيا والفضاء والصحة والثقافة.
كما تدعم الصين انضمام الجزائر إلى مجموعة البريكس، مما يعكس التوافق في الرؤى حول أهمية تعزيز التعاون بين الدول النامية، وبناء نظام دولي أكثر توازناً وعدالة.
تُعد العلاقات بين الصين والجزائر نموذجاً فريداً للتعاون الدولي، حيث تمتد جذورها إلى مرحلة الكفاح التحرري، وتطورت لتشمل شراكة استراتيجية شاملة تغطي مختلف المجالات، وشهدت هذه العلاقات تطوراً ملحوظاً في العقود الأخيرة، مدفوعة بتقارب سياسي وتعاون اقتصادي متزايد، مما يجعلها محور اهتمام في سياق التغيرات الجيوسياسية العالمية.
** صحفية سورية
** يُنشر بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان