وسائل الدبلوماسية في العصر الأول للإسلام
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية)_كان عقد المعاهدات وإبرام الاتفاقيات أحد أدوات الدبلوماسية في عصر النبي محمد صلي الله عليه وسلم، وأحد السُبل التي بها تعايش المسلمون مع غيرهم.
وفي ذلك يقول الأستاذ الدكتور علي جمعة “عرف الإسلام المعاهدات السلمية في السنوات الأولي من تأسيس الدولة الإسلامية الجديدة في المدينة، إذ عقد الرسول صلى الله عليه وسلم اتفاقيات سلمية مع الجماعات غير الإسلامية.
وقد اعتبرت معاهدة الحديبية قدوة ومثالًا لدى الخلفاء والفقهاء عند عقد الاتفاقيات، وإجراء المفاوضات، ومدة المعاهدة السلمية مع غير المسلمين”.
وهناك معاهدات كثيرة من تلك التي وقعت في هذا العصر، وكما يقول الدكتور علي جمعة ويوافقه الكثير من العلماء أن معاهدة صلح الحديبية كان دوما المثال الذي يحتذى به لدي في عقد المعاهدات وإبرام الاتفاقيات، لذا أعرضها على حضراتكم بشئ من التفصيل المناسب.
والبداية كانت من معاهدة صلح الحديبية التي أبرمت بين المسلمين وقريش، في شهر ذي القعدة عام سته هجريا، وسميت بهذا الإسم نسبة للمكان الذي أبرمت فيه، وهو مكان بالقرب من مكة يقال له الحديبية وبالمناسبة هذا التقليد موجود في القانون الدولي، أقصد أن تسمى المعاهدة أو المؤتمر وفقا للمكان الذي انعقد فيه أو ابرمت فيه المعاهدة _.
وقد تمت هذه المعاهدة عن طريق الصحابي سلمان الفارسي، ولد عام 568 هجرية وتوفى عام 654 هجرية، والذي قال عنه النبي محمد صلي الله عليه وسلم في الحديث ( الجنة تشتاق لثلاثة علي وعمار وسلمان).
وبهذه المعاهدة تحقق السلام بين المسلمين وقبائل مكة. وفق للشروط والبنود المتفق عليها بين الطرفين ، وأستقر الحال هكذا لعدة سنوات حتى نقضت قريش المعاهدة وأخلت بالاتفاق.
وكان هذا هو نص المعاهدة :
(باسمك اللهم
هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو، وصالحا على وضع الحرب بين الناس عشر سنين يأمن فيهم الناس ويكف بعضهم عن بعض،
( على أنه من قدم مكة من أصحاب محمد حاجاً أو معتمراً، أو يبتغى من فضل الله فهو آمن على دمه وماله، ومن قدم المدينة من قريش مجتازاً إلى مصر أو إلى الشام يبتغي من فضل الله فهو آمن على دمه وماله)، وعلى أنه من آتى محمداً من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريش ممن مع محمد لم يردوه عليه.
وأن بيننا عيبة مكفوفة، وأنه لا إسلال ولا إغلال.
وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخله، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه.
وأنك ترجع عنا عامك هذا، فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثاً، معك سلاح الراكب السيوف في القرب ولا تدخلها بغيرها.
وعلى أن الهدى حيث ما جئناه ومحله فلا تقدمه علينا.
أشهد على الصلح رجال من المسلمين ورجال من المشركين.
ولم تكن علي الإطلاق هذه المعاهدة الوحيدة بين المسلمين وغيرهم، ولكن كان هناك العديد من المعاهدات والاتفاقيات الأخرى منها: الإتفاقية السلمية التي كانت بين المسلمين ونصارى نجران في العام العاشر هجريا، واتفاقية مع بني صخر من كنانة، وأخرى مع يهود فدك وأيلة وتيماء، وإتفاقات سلمية مع الحبشة … الخ
يسعدني التواصل وإبداء الرأي
[email protected]
مراجع للمقال:
المعاهدات وسياسة الإسلام الخارجية، مقال، الأستاذ الدكتور علي جمعة.
موسوعة السيرة النبوية للدكتور مصطفى الرفاعي
تاريخ الطبري
الرحيق المختوم للعلامة صفي الرحمن المباركفوري
ا/د بسيوني، محمود شريف، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، المجلد الثاني، دار الشروق، القاهرة، 2003.
Tags: الدبلوماسية في الإسلاماول معاهدة في الإسلام
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الدبلوماسية في الإسلام بین المسلمین
إقرأ أيضاً:
نسأل الله ان يحمي السودان في قادم الأيام من الاسلحة الكيميائية ما كذب علمها وما صدق
أعلام كيمائية كاذبة:
في عام ٢٠١٢ تقريبًا، قررت إدارة أوباما الإطاحة بنظام بشار الأسد السوري في عملية تدخل سرية أُطلق عليها علي ما اذكر اسم “عملية تيمبر سيكامور”.
إلا أن بعض المتطرفين المتسرعين بلا صبر دعوا إلى تدخل أمريكي فوري ومباشر لإسقاط النظام السوري. لكن إدارة أوباما رفضت، وقال أوباما إنه لن يأمر بالتدخل العسكري المباشر إلا إذا استخدم نظام الأسد أسلحة كيميائية ضد المعارضة.
بعد فترة، تم استُخدام أسلحة كيميائية في الحرب السورية، وبالطبع اتهمت وسائل الإعلام النظام السوري، وذكّرت أوباما بأنه وعد بالتدخل عسكريًا إذا استخدم النظام أسلحة كيميائية. وكالعادة، لم تذكر وسائل الإعلام أي شيء عن التدخل الأمريكي غير المباشر المكثف، والذي تجسد في فرض عقوبات اقتصادية خانقة، واحتلال حقول البترول السورية وتسليح وتدريب وتمويل المتمردين، بمن فيهم الفصائل الإسلامية المتطرفة.
لكن اتضح أن الأسلحة الكيميائية لم تُستخدم من قِبل النظام، بل من قِبل المتمردين ورعاتهم الذين كانوا يأملون في تسريع التدخل العسكري الأمريكي. وقد وثق تفاصيل كل هذا التدليس الصحفي الاستقصائي الامريكي الاعظم، سيمور هيرش.
وكانت الأسلحة الكيميائية قد استُخدمت ضد المناطق التي يسيطر عليها المتمردون لإضفاء مصداقية على الاتهامات الموجهة ضد النظام السوري. يُعرف هذا النوع من الخداع باسم “عملية العلم الكاذب” وهي عملية هدفها التضليل الذي ينسب مسؤولية الفعل زورًا إلى طرفٍ آخر بهدف تبرير اتخاذ إجراءاتٍ ضد المتهم أو زرع الفتنة. تاريخيًا، نشأ المصطلح في الحروب البحرية، حيث كانت السفن ترفع علم دولةٍ أخري لإخفاء هويتها الحقيقية.
المهم، نسأل الله ان يحمي السودان في قادم الأيام من الاسلحة الكيميائية ما كذب علمها وما صدق.
معتصم اقرع معتصم اقرع