بقلم: كمال فتاح حيدر ..
شيء محزن والله، فما نراه أمام أعيننا هذه الايام لم يطرأ على بال غزاة الحرب العالمية الأولى الذين استباحوا الارض العربية بالطول والعرض، وعملوا فيها العمايل. ومع ذلك هنالك تناقضات كثيرة بين سلوك الناس في القرن الماضي وسلوكهم الآن ونحن في عام 2024. .
ماذا لو عاد سعد زغلول ومصطفى النحاس إلى الحياة.هل يصدقون ما تفعله الجيوش المصرية التي تفرض حصارها الآن على غزة، وتدعم أمن دولة طغيانيل، وتوفر لها الغطاء اللوجستي، بينما تنشر طغيانيل قوتها الصاروخية حول سد النهضة تحسباً لأي هجوم مصري على إثيوبيا ؟. . هل نسيتم ما قاله الارهابي (بايدن) قبل بضعة أسابيع حول محاولاته اقناع السيسي بفتح معبر رفح وفك الحصار عن غزة ؟. . حاول إقناعه لكنه لم يقتنع. ثم خرج السيسي ذات نفسه بتصريح قال فيه: (لا صحة لقول البعض ان المعبر مغلق). عاد بعدها وارسل طائراته لإنزال المساعدات الجوية. فإذا كان المعبر مفتوحا فلماذا الإنزال الجوي ؟. ولماذا أفرغت الطائرات حمولتها في البحر ؟. . قبل 100 عام كان اجدادنا يأكلون التمر وخبز الشعير، ويشربون حليب البقر ولبن البعير، لكن فرائصهم كانت ترتعد من الخوف كلما سمعوا قوله تعالى: ((ثم لتسألن يومئذ عن النعيم)) بينما ترى القوافل الأردنية تنهب الطريق نحو تل أبيب بعيون مبحلقة، وكأنها في سباق محموم مع الزمن لنقل ما لذ وطاب من الطعام الشهي والفاكهة الطازجة حتى لا يجوع الحاخامات، وأهل غزة يتساقطون من الجوع والعطش. ويُقتلون بدم بارد من اجل حفنة من الطحين. .في غزة لا يعيش المحاصرون يومهم. بل ينجون منه فقط. . قبل 100 عام. وفي الزمن الذي لم تكن فيه صادراتنا من النفط والغاز بهذا الكم الهائل وبهذه الإيرادات المليارية، كانت المستحيلات المتداولة وقتذاك: (لا احد يموت من الجوع. . لا احد ينام في الشارع. . الدم ما بيصير ميه. . الرجال لا يبكون). أما الآن فقد تحققت المستحيلات العربية كلها. . قبل 100 عام كانت القواعد الحربية البريطانية في الشرق الأوسط قليلة وخجولة ومنزوية، ولا تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة. لكنها تكاثرت الآن بالانشطار. وظهرت فوق ارضنا قواعد أمريكية وألمانية وفرنسية وصينية وروسية. في الأردن وحدها 16 قاعدة أمريكية، اما في العراق فالطائرات الأمريكية المسيرة تحلق في الليل والنهار لتقتل ما تشاء من الناس، وحيثما تشاء، وكيفما تشاء. .
كلمة اخيرة نوجهها إلى المسلمين الذين يشاهدون المجاز اليومية في غزة ويغضون عنها الطرف: بأي وجه ستستقبلون شهر رمضان ؟. وبأي وجه تلقون الله ؟. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
هل كانت مسرحية؟
الحديث عن الحرب وتداعياتها، وتحليل مساراتها ومآلاتها ما زال زاد المجالس والمقاهي وحتى الصحف ومراكز البحوث الاستراتيجية والنقاشات السياسية، والحق ألا يمكن الحديث عن شأن آخر ما دامت رياح الحرب تلوح في الأفق العربي، لكن عن أي الحروب نتحدث؟ أعن حرب قديمة بين إسرائيل (مكونا طارئا على الشرق الأوسط ووجعا دائما مهما كانت تشكلاته السياسية والاقتصادية) وبين العرب؟ أم بينها كذلك (إسرائيل أعني) وبين إيران (الدولة الصديقة والجارة القريبة من الخليج والمشتركة مع العرب دينا وعلاقات تاريخية مشتركة مهما التبست تلك العلاقات أو تعقدت)؟ الآن وقد هدأت رياح الحرب الأخيرة بين إيران من جهة وإسرائيل وأمريكا من جهة أخرى تعالت أصوات ساخرة وأخرى ناقمة تتناول تفاصيل أيام الحرب بكل ما فيها على أنها مسرحية متفق عليها على مستويات مختلفة.
بعد 12 يوما من المواجهة العسكرية مع إسرائيل -وبدعم مباشر من الولايات المتحدة- دخلت إيران مرحلة «هدنة غير مستقرة» كما يصفها مراقبون، بينما أعلنت القيادة الإيرانية أن الحرب انتهت بـ «نصر تاريخي» في حين لا تزال أصداء القصف والدمار والهواجس الاقتصادية حاضرة في الشارع الإيراني، ومع هذه الحرب التي اندلعت في 13 يونيو شهدت إيران موجة من الهجمات الجوية والصاروخية استهدفت ليس فقط مواقع عسكرية، بل مراكز مدنية حساسة بينها مستشفى وسجن ومؤسسة إعلامية ومراكز علمية بحثية، وأحياء سكنية مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية، حتى أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة أن نحو 90% من الضحايا من المدنيين.
بعد أيام من الهدنة المعلنة بين الطرفين، شيعت إيران 60 من كبار قادتها العسكريين وعلمائها النوويين الذين اغتالتهم تل أبيب خلال حرب استمرت 12 يوما، في مشهد مهيب أرادت له الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن يكون «بيعة للمستقبل» وأن يؤسس لمرحلة جديدة «تربك حسابات الأعداء» هل يمكن لكل تلك الجثامين وكل تلك الدماء أن تكون مشهدا من مشاهد المسرحية المتفق عليها بين أطراف أحكمت وثاقها على الواقع السياسي في المنطقة؟!
وفي الجانب الإسرائيلي قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر: «إن الهجوم الأخير على إيران حقق كل أهدافه، إسرائيل تكبدت خسائر بشرية مؤلمة في المواجهات، لكنها كانت أقل بكثير مما توقعناه» وقد أشارت المعطيات التي سمح الجيش الإسرائيلي بنشرها إلى أنه تم إطلاق أكثر من 1050 طائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، منها 570 تمكنت من اختراق المجال الجوي، وإطلاق 591 صاروخا، وأفادت التقارير بتحطم أكثر من 62 موقعا في مناطق مختلفة داخل إسرائيل، هل يمكن لكل ذلك أن يكون مشهدا من مسرحية سياسية عسكرية؟!
مشهد تعطيل الحركة الجوية في مجموعة من دول المنطقة، تأثير الحرب على الحركة الاقتصادية والسياحية والاجتماعية في الخليج والشرق الأوسط، إن كانت تلك بعض مشاهد المسرحية فلصالح من تقرر عرض هذه المسرحية، وهل اكتملت المسرحية ببلوغ أهدافها؟ أم أن لها تسلسلا لمّا ينته بعد سعيا لمصالح أكبر وانتصارات خفية لمّا تنجز بعد؟ تعددت روايات العامة والخاصة من المحللين الدوليين وباحثي الشأن السياسي بين قائل بأن كل تلك الإثارة المتضمنة رعبا وحربا وضروبا من تعطيل المصالح ما هي إلا استعراض أمريكا لقوتها في المنطقة بعد نجاح الرئيس الأمريكي في جمع ثروات من زيارة قصيرة نجح خلالها في تحصيل ما لم يتم تحصيله خلال عقود حسب تصريحاته شخصيا بعد الزيارة، تتضمن هذه الرواية فائدة مزدوجة، فإن كانت هذه الحرب تستعرض قوة اللاعب الرئيس «أمريكا» إلا أنها استرضاء للحليف الدائم «إسرائيل» المرخص له بأن يكون اللاعب الأول والرئيس حتى دخول أمريكا في المشهد الختامي لتعزيز بطولة إسرائيل عبر ضرب المواقع النووية الإيرانية، ثم لحمل راية السلام بالقوة داعية لإيقاف الحرب وإعلان الهدنة!، ماذا عن إيران؟ هل كانت شريكا في هذه المسرحية؟ وهل تخلت عن قادتها وعلمائها الذين تعرضوا للتصفية في هذه الحرب «المسرحية» مقابل وعود غير معلنة بالبقاء في السلطة وتخفيف العقوبات؟ هل يمكن تخيل أن كل ذلك ممكن الحصول فعليا؟ هل أرادت أمريكا بهذه الحرب العرضية المفاجئة تعزيز «مسمار جحا» المبرر وجودها العسكري، والمحفز تسويق بضاعتها «خردة الحروب» بين دول المنطقة عبر تفعيل «فزاعة الحرب والعدو الإيراني» لتحميل دول الخليج خصوصا فواتير حروب أمريكا وإسرائيل (معا) عسكريا واقتصاديا؟!
ختاما: لا يمكن التيقن من صدق كل تلك الروايات عن مسرحية الحرب إن كانت فعلا مسرحية، لكن اليقين الذي لا يقبل الشك هو دماء الأبرياء التي أريقت في هذه الحروب، المصالح التي تعطلت، تفشي حالتي الفزع والحزن معا بين شعوب المنطقة، لم تكن حالة الترقب المصحوبة بالرعب وهما، وكذلك الأمر مع تذبذب وتلاشي الأمان أوان إدراك اقتراب الخطر أو حتى وقوعه لحظة قرار أو فرار من أمريكا التي تقبض بين أصابع ساستها أطراف اللعبة، سواء كانت مسرحية أم واقعا هي المؤلف فيه والمخرج والآخذ بكل التفاصيل، غير أنه من المؤسف المحزن أن نكون نحن، شعوب المنطقة، ضحاياه الواقع عليهم عبء التراجيديا وتكاليف إنتاج المسرحية معا!.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية