عن عمر ناهز الـ 88 عاماً ، وفي شهر يناير 2024 م، غادر عَالمنا المؤقت العابر إلى عالم الخلود، الأديب والمثقف الجميل العدني المولد والمنشأ واليماني الهوى والهوية ، وأستاذ الأجيال المتعاقبة / أحمد محفوظ عمر ، غادرتنا هذه الشخصية جميلة الروح بعد أن أثرى المكتبة اليمنية بالعديد من القصص والروايات والمقالات الأدبية الرصينة التي خلّدته وستخلده ذاكرة الأجيال اليمانية المتعاقبة أجيال متعاقبة.


كيف لا وعدد من كُتبه وقصصه القصيرة الشيقة قد اعتمدتها وزارة التربية والتعليم في الشطر الجنوبي من الوطن قبل الوحدة اليمنية المباركة، كمقرر أدبي تعليمي إلزامي يدرّس في المدارس الابتدائية والثانوية ، هذه المقررات التربوية الرصينة ظلت وستظل ترسم معالم ثقافة الأجيال اليمنية القادمة جيلاً بعد جيل ، وستكون جزءاً من ذاكرتهم التربوية والثقافية.
وهنا نودُ أن نُورد جُل أعمالهِ القصصية المنشورة وهي :
الإنذار الممزق
الناب الأزرق
يا أهل هذا الجبل
الأجراس الصامتة
مرضعة الأطفال
القبر التائه
فجيعة أبي
أبونا علي
جريرة العدل
خطيئة زينب
لعنة الكأس
وهناك 14 قصة ورواية قصيرة نُشرت في الصحف المحلية في عدن وتعز وصنعاء، وهناك أعمال أدبية وكُتب لم تُنشر بعد.
وعدد من المقالات المنشورة في الصحف اليمنية والعربية ، لكنها للأسف لم توثق بعد.
أتذكر كنّا ونحن من بين من تتلمذَ وقرأ الكثير من تلك الكتب والقصص القصيرة، والمقالات في زمن المراحل الدراسية المُبكّرة من أعمارنا ، وحينها لم ندرك بأننا قد نلتقيه ذات يوم أو قد تجمعنا بهِ الأيام لِنتَحاور حول هموم ومستقبل التعليم في اليمن الواحد ، لكن القدر والحظ السعيد الجميل قد جمعنا ، واجتمعنا به مرات عِدّه في مدينة النور عدن والذي ( يتعمد بعض الأوباش الجَهلة في أيامنا هذه تخريب سمعة مدينة عدن الجميلة وهذا المسمى الجميل ، بتصرفاتهم الشاذةِ والمُشينةِ عن مظاهر مدينة عدن ) ، تصرفاتهم الرَعناء تجاه عدن باعتبارها إحدى مُدن اليمن الزاهية ، نعم ألتقيت بهِ مراتٍ في جلسات مطولة وأحياناً عابرة حينما كُنت مسؤولاً قيادِياً بِوزارة التربية والتعليم ، التقينا وتحدثنا في لِقاءات مَقيل أو مقايل محترمة في عدد من منتديات عدن الثقافية ، وذكّرته أنني كنت واحداً من تلاميذهِ وقرأت له كتبه بشغف وقصصه الجميلة المقرّرة علينا كتلاميذ وطلاب في زمن سابق ، ولا شك أنه قد فَرِحَ وسُرَّ في ذلك اليوم الذي التقينا فيه ، وبأن أحدَ تلامذته وطلابه قد أصبح مسؤولا قيادياً في وزارة التربية والتعليم الذي كرّمته بإقرار عدد من قصصه الأدبية كمُقرر للطلاب.
فالمعلم كالأب تماماً لا يَغِيْرَ أو يحسِد طلابه حينما يصعدون على سُلّم الترقّي الوظيفي والعلمي في قادم أيامهم ، لأن المعلم يرى ذلك الارتقاء العلمي هو جزء من مسيرته المهنية والعملية والثقافية التي وظّف في هؤلاء الأبناء الطلاب جزءا من حياته وثقافته ولياليه الماضيات الحالكات حينما كان يعدُّ العدّة التحضيرية للدروس والمحاضرات قبل إلقائها على طلابه ، هذا الحال ينطبق على الأب تماماً فهو يفرح ويَسعَد حينما يرى ابنه يرتقي سُلّمَ المجد الوظيفي والعلمي والمهني لأن نجاح الابن هو من نجاح الأب والمعلم على حدٍ سوى ، وهذا الأمر يعرفه علماء النفس التربوي وهم بالآلاف في يَمننَا الحبيب.
تكرّرت الِلقاءات به عند عودتي إلى مدينة عدن لترأُس جامعتها في العام 2008م ، وطلبت من عدد من اللجان العلمية بأن لا تنسى في أنشطتنا القادمة يوم ذاك في جامعة عدن، لا ننسى فئة المبدعين اليمنيين وبالذات من ينتمون لمدينة عدن باعتبارها مجتمعا ومدينة حاضنة لِأَنبل فِئةٌ من المبدعين كالفنانين والمثقّفين العُقلاء والشُعراء والكتّاب والفنانين التشكيليين وغيرهم ، وكنت أنصح زُملائي عُمداء الكليات بجامعتنا بالاهتمام بهذه الشريحة الثقافية من طُلاب الكليات ، ومن المجتمع العدني المثقّف ، وهم المنتجون للفكر والثقافة والإبداع ، ندعوهم للمشاركة بفعالية في الفعاليات والأنشطة العلمية والإبداعية والتنويرية ، إيمانا ً منّا بأن هذه الفئة من البشر هم حَامِلو قَناديلُ التنوير الثقافي والعلمي والفلسفي والإنساني وإن إنِتاجاتهمُ الإبداعية والفنية سيخلّدها التاريخ .
أتذكر بأنه كان في إحدى الفعاليات في جامعة عدن فقيدنا الغالي / أحمد محفوظ عمر، كان حاضراً ومشاركاً في فعاليتها وتحدثت عنه في كَلِمتي الترحيبية بتلك المناسبة وأثنيت عليه شخصياً، كما أشدتُ به كأديب متميز تعلّمنا منه ، أنا وزملائي الطلاب الكثير من المفاهيم والأفكار والدروس ، وأتذكر أنه كان سعيداً في تلك اللحظات وأنا أذكر مَحاسِنهُ وخِصَالهِ الثقافية المميزة ، رحمة الله عليه وأسكنه الجنة الواسعة.
في جميع أنحاء العالم من دول الشمال الاستعمارية الاحتلالية ودول الجنوب الفقيرة المظلومة يهتم المجتمع بمؤسساته الثقافية بشريحة المبدعين من فئة الأُدَباء ، والكتّاب ، المفكرين ، الشعراء ، الفلاسفة ، والرسامين والعلماء كل مجتمع بحسب قدراته وإمكاناته ، والمُهِمُ هنا أن الجميع يهتم بهؤلاء لأنهم رُموز مضيئة وحاملو قَناديلَ النور والتنوير ونُهوض المجتمعات وليس هناك فئة غيرهم تستطيع أن تحمل على عاتقها هذه المسؤولية.
كما هو الحال في الدول الأجنبية التي سبقتنا من دول الشمال والجنوب معاً نَستّشفُ من الأمثلة الآتية أسماء مشاعل التنوير الثقافي والعلمي والفلسفي ، على سبيل المثال : ـــ
تتباهى الحضارة الروسية العريقة بفكر الفلاسفة والأدباء والشعراء أمثال : ــــ دستويفسكي وتولستوي وبوشكين ، ولينين ، وجوركي.
وتتباهى الأمة الصينية العظيمة بالقادة والمفكرين أمثال : فلاسفة المدرسة الكونفوشيوسية ، والمدرسة الفلسفية الطاوية ، ويعتز الصينيون اليوم كثيراً بما خلّفه لهم مؤسس الصين الحديثة من أفكار فلسفية وهو الرئيس مآو تسي تونج وصديقه الرفيق / تنج هيساو بنج ، وسار على نهجهم الرئيس الحالي للصين العُظمى / شي جين بينج.
وتتباهى الأمة الألمانية الآريّة بالعديد من الفلاسفة والشعراء أبرزهم / جوته ، هيردر ، شيلر وهيجل وبيتهوفن ونيتشه.
وتتباه فرنسا ( التنوير ) بالعظماء من المفكرين أبرزهم فولتير ، وجان روسو ، ومونتسيكو ، وفيكتور هوجو.
كما تفتخر بريطانيا العجوز ( العظمى ) بآباء فكر النظام الرأسمال القائم حتى اليوم أبرزهم : إسحاق نيوتن ، آدم سميث ، وديفد هيوم ، أرنولد توينبي ، بن ثام.
وفي إيطاليا البابوية يُفاخرونَ بالعالم جاليلو جالي ليه ، جوتو فلورنتيني، نيكولا ميكافيلي وأنطونيو غرامشي.
وفي اليمن العظيمة يتباهى المجتمع اليمني بالكُتّاب والعلماء والفلاسفة والمثقفين أمثال : ـــ أبو محمد الحسن بن أحمد الهَمداني ، و العلّامة المحقِق / عبدالرزاق الصنعاني ، العلامة / محمد إبراهيم الوزير اليماني ، العلامة المجتهد / إبن الأمير الصنعاني ، والعلّامة الكبير / محمد بن علي الشوكاني الخولاني ، والعالِم المجاهد / نَشوان بن سَعيد الحِميري ، والعلّامة الشاعر / محمد بن سالم البيحاني ، والشاعر الجَهْبَذ /عبدالله البردوني ، والشاعر الحبيب / حسين المحضار ، والروائي الأديب / علي أحمد باكثير ، والشهيد القائد الثائر العلامة / حسين بن بدرالدين بن أمير الدين الحوثي ، والشاعر الأديب البروفيسور/ عبدالعزيز صالح المقالح ، و الشاعر الأنيق الجميل / عبدالله عبدالوهاب نعمان ( الفضول ) .
ومن شعراء وفقهاء مدينة عدن الشاعر المفكر / أبوبكر العَنَدي وهو ينتمي إلى قرية العَنَدَ بِلحج الواقعة شمال مدينة حَوطةُ لحج ، الشاعر التكريتي العدني ، الإمام الشاعر الفقيه / شرف الدين إسماعيل بن محمد الجرداني ، الإمام الفقيه الشاعر / جمال الدين محمد بن يحيى التهامي ، والعلامة المفكر / أبو بكر العدني المشهور ، الشاعر / أحمد فضل القمندان ، الشاعر / محمد سعيد جرادة ، الشاعر / لطفي جعفر أمان ، القَاصْ والمُؤرّخ / سعيد عولقي .
ويحق لنا أن نضيف اسم الأديب المثقف / أحمد محفوظ عمر إلى هذه الكوكبة من العلماء والشعراء والأُدباء اليمانيين.
وللتّذكير هنا بأن الدكتور الشاعر المثقف / عبدالولي الشميري أصدر موسوعةٌ ضخمةٌ حول شخصيات وأعلام اليمن ومؤلفيه ، وهو بحق أفضل وأشملُ موسوعة جُمعت فيها شخصيات اليمن الموثّقة منذ بِدايات الحضارات اليمنية الخالدة وحتى يومنا هذا ، وهو جهد علمي توثيقي عظيم قام به المجتهد / الشميري ومؤسسته الثقافية ، ويمكن لجميع المثقفين اليمنيين وطلاب العلم ومؤلفيه ، في كل الاختصاصات أن يَنهلوا منه ما طاب لهم من عُمق معارف التاريخ وشخصياته المؤثرة في حركة التاريخ اليمني حتى يومنا هذا ، عن الشخصيات اليمنية في جميع الحقول والاختصاصات ، ووصل عدد المجلدات للموسوعة عشرين مجلدا، بطباعة نوعية ممتازة تَليق بالعمل الاستثنائي الذي أنجزه الدكتور / عبدالولي الشميري حفظه الله ورعاه .
في الأخير نقول ، رحم الله الفقيد الأديب أحمد محفوظ عمر ، وأسكنه فسيح جناته ، وألهم أهله وأصدقاءه وطُلابهِ ومُرِيدِيه ومحبيه الصبر والسلوان ، إنا لله وإنا إليه راجعون..
بسم الله الرحمن الرحيم
((يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي))
صدق الله العظيم
الخلاصة :
هُنا أوَدُّ تِكرار الفكرة المعروفة بأن الأمم الحيّة والمثقّفة والمحترمة تُمجّد وتَعلي شأن عُلمائها وَمُثقّفيها وكتّابها وَمُفكّريها وَفنّانيها وَفَلاسِفتها ، وَنحنُ في اليمن العظيم من بين أعظم شُعوب الأرض والدنيا التي قدّمت خَدَمات جليلة للحضارة الإنسانية كُلها من خلال بِناء أجدادنا لحضارات سبأ وحِمير وَحَضْرَموت وَأُوسان وقَتبان وَمعَين مِصْرَاً ، كُل هَذا التُراث التاريخي الإنساني كان ما قبلُ الإسلام وخلاله وما بعده ، لذا علينا الاهتمام كجهات مسؤولة ومجتمع مدَني ، بهذه الشريحة المُبدِعة تَحَديداً ، وَمِنهم تُراث صديقنا وأُستاذَنا الفقيد أحمد محفوظ عمر .
[وَفَوْقَ كُلْ ذِيْ عِلْمٍ عَلَيَم]
*رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال في الجمهورية اليمنية/ صنعاء

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: أحمد محفوظ ع مدینة عدن عدد من

إقرأ أيضاً:

رعد وبرق وأمطار غزيرة وكرات من الثلج تتساقط على مدينة الغردقة

تشهد مدينة الغردقة منذ الصباح الباكر غيوم وعدم سطوع لأشعة الشمس وبرق ورعد وأمطار غزيرة . 

 

وكانت الهيئة العامة للأرصاد الجوية قد حذرت من تعرض  محافظة البحر الأحمر، لحالة من عدم الأستقرار في الأحوال الجوية حيث تتكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة  ويصاحبها سقوط أمطار متوسطة الشدة إلى غزيرة.
 

لذا اهابت محافظة البحر الأحمر، بتوخى الحيطة و الحذر واتخاذ التدابير اللازمة للمواطنين وعلى السائقين أخذ الحيطة وتوخى الحذر .
 

كما أصدر اللواء عمرو حنفى محافظ البحر الأحمر، تعليمات لجميع رؤساء المدن باتخاذ التدابير اللازمة والتواصل مع غر عمليات المحافظة .

 

وفى سياق آخر شهد السكرتير العام لمحافظة البحر الأحمر كمال سليمان، نيابة عن اللواء عمرو حنفي محافظ البحر الأحمر، الحفل الختامي للنسخة الخامسة عشر من معرض مصر للعلوم والهندسة بالبحر الأحمر 2025 بمركز الإعلام بالغردقة، بمشاركة 50 مشروعًا، وذلك تحت إشراف مديرية التربية والتعليم بالبحر الأحمر فايزة أحمد أبو الحسن، وبحضور  المستشار العسكري للمحافظة، ومدير مركز التطوير التكنولوجي .

 

بدأت الفعاليات بالسلام الجمهوري وتلاوة آيات من القرآن الكريم، تلتها كلمة مدير مركز التطوير التكنولوجي أحمد سعد عامر، ثم كلمة مدير مديرية التربية والتعليم فايزة أحمد أبو الحسن أعقبها كلمة السكرتير العام للمحافظة.

 

حيث نقل السكرتير العام خلال كلمته تحيات اللواء عمرو حنفي محافظ البحر الأحمر، وتمنياته بالتوفيق لجميع الطلاب المشاركين، مشيرًا إلى أهمية بناء أجيال مبتكرة قادرة على المنافسة عالميًا، وأن العديد من الدول تعتمد في اقتصادها على ما تنتجه عقول أبنائها من تطبيقات وبرامج تعد من أهم مصادر الدخل القومي، وأكد أن النهضات التكنولوجية الكبرى بدأت باختراعات بسيطة داخل البيوت، لتتحول لاحقًا إلى منتجات عالمية بعد دراسة احتياجات الأسواق.

 

وأشار إلى أن الطالب المصري يمتلك قدرات تنافسية عالية، مستشهدًا بنماذج العلماء والمبتكرين المصريين في مختلف المجالات، مؤكدًا اهتمام الدولة والقيادة السياسية بالبحث العلمي باعتباره ركيزة أساسية للتنمية ورفع مستوى الدخل.

 

وأوضح أن محافظة البحر الأحمر، تشارك في معرض العلوم والهندسة منذ عام 2014، حيث تأهل حينها 36 مشاركًا صعد منهم 8 مشاريع على مستوى الجمهورية، مشددًا على أهمية استمرار الجهود لتصعيد أبناء المحافظة إلى المنافسات العالمية، مع الإشارة إلى سفر مشروع إلى الولايات المتحدة عام 2019/2020، ثم سفر ثلاثة مشاريع أخرى في 2021/2022.

مقالات مشابهة

  • في العدد الجديد من مجلة سلاف الثقافية:الدكتور المقالح.. وجه اليمن الثقافي
  • أحمد مجاهد: جائزة نجيب محفوظ مفتوحة للمبدعين المصريين والعرب دون قيود عمرية
  • عماد محمد يعلن تشكيلة المنتخب الأولمبي أمام نظيره العُماني
  • حكاية انتحال قصيدة تتغنى بالتراب العُماني
  • رعد وبرق وأمطار غزيرة وكرات من الثلج تتساقط على مدينة الغردقة
  • رئيس الجمهورية اليمنية الأسبق يكشف تفاصيل وتداعيات اغتيال «الغشمي»
  • رئيس الجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية الأسبق يتحدث عن اغتيال "الغشمي" وتداعياته السياسية
  • علي ناصر محمد: التجربة اليمنية الديمقراطية الشعبية واجهت تحديات بسبب نقل التجارب الخارجية
  • رئيس الجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية الأسبق: ما حدث بحق "الشعبي" حماقة.. وأجندات خارجية وراء الصراعات
  • رئيس الجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية الأسبق: معلومات مغلوطة أدت لوضع "الشعبي" تحت الإقامة الجبرية