كيف يقضي النازحون السودانيون رمضان في مصر؟
تاريخ النشر: 26th, March 2024 GMT
غادر أكثر من 10 ملايين منازلهم إثر اندلاع الحرب في السودان في أبريل/نيسان 2023 ونزحوا داخل البلاد وخارجها. وبحكم الجيرة شكلت مصر إحدى المحطات الأولى للفارين من القتال.
بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، لجأ إلى مصر نحو 460 ألف نازح من السودان، ويرتفع الرقم إلى أكثر من مليون في بيانات المجلس الأعلى للجالية السودانية في مصر، التي تذكر أن أعداد أفراد الجالية يصل إلى 4 ملايين.
وقد حرمت الحرب وأهوالها أغلب النازحين من الاندماج مع طقوس الشهر الكريم، وحاليا يعيش النازحون رمضانهم الثاني، الذي يلمح فيه بعضهم اختلافات بين رمضان في مصر وفي السودان، ويتذكرون تفاصيل ارتبطت بشهر الصوم في بلادهم.
لرمضان السودان طقوس خاصة تبدأ قبل بداية الشهر بأسابيع، بحسب نهى رضا في حديثها للجزيرة نت.
تقول السيدة الأربعينية إنه مع بداية شهر شعبان تنبعث من المنازل السودانية رائحة جميلة تصل إلى حدود السماء، وهي رائحة "الأبري" أو "الحلو مر"، وهو بمثابة المشروب الوطني على مائدة الإفطار في السودان.
تقول نهى إن تحضير "الحلو مر" يحتاج إلى أسابيع، وهو عبارة عن خليط من التوابل ونوع معين من العجينة وخليط من دقيق الذرة المخمرة وبعض الأعشاب.
بجانب "الحلو مر" هناك أنواع أخرى من العصائر السودانية مثل "العرديب" وهو مقابل عصير "التمر هندي" المصري، وكذلك عصير "التبلدي أو الجونجليز"، لكن نهى تؤكد أن العصير الأساسي الذي لا يمكن الاستغناء عنه طوال الـ30 يوما، هو عصير "الحلو مر".
تقول نهى، إن من أشكال الاستعداد لرمضان في السودان، أيضا، "تجفيف البصل والبامية واللحم بطريقة معينة لعمل أكلات تقليدية خلال الشهر الفضيل".
ووجدت نهى صعوبات في الحصول على المواد الأساسية لصنع عصائر وأكلات سودانية، وتقول: "بحثت كثيرا وتعبت، حتى وصلت إلى تاجر سوداني يبيع العجين والتوابل وكل الأشياء المخصوصة بطعامنا والعصائر السودانية".
تختلف مائدة الإفطار السودانية عن المصرية. وفي الوقت الذي تذكر فيه نهى أن الإفطار المصري يعتمد بصورة أكبر على اللحوم والدجاج والطبخ، فإن المائدة السودانية مميزة بأكلات لا تفارقها طوال شهر رمضان.
تقول نهى: "الفول والطعمية أطباق أساسية على مائدة الإفطار السودانية، في حين أن المصريين يتناولونهما في السحور، ومن المستحيل أن يتناولوهما في الإفطار".
وتذكر نهى أشهر الأكلات السودانية على مائدة الإفطار، منها "العصيدة" التي توجد على مدار 30 يوما على المائدة، وتؤكل بـالـ"ملاحات" وهي أنواع من "الصلصة". "ملاح النعيمية" أو "ملاح التقيلية" وهو عبارة عن لحم مفروم وبامية مجففة ومسحوقة مع صلصة الطماطم والبصل، و"ملاح الروب" يصنع من الزبادي والبصل والتوابل.
وتكمل نهى: "يجب أن يوجد أيضا اللحم أو الدجاج، والدمعة السودانية سواء كانت باللحم أو الدجاج وتطبخ بالبصل والطماطم والثوم والكزبرة".
كما تعد "البليلة" طبق رئيسي على مائدة الإفطار، ورغم تشابه اسمها مع "البليلة" المصرية المصنوعة من القمح المجروش، فإن "البليلة السودانية" هي فاصوليا حمراء ويطبخ معها الذرة و"التورة" أي الخبز الجاف والشمار والملح والليمون.
"القراصة" أيضا، طبق رئيسي على المائدة السودانية، وهو نوع من الخبز يصنع بعجينة تشبه عجينة "القطايف" لكنها أقل سمكا منها، إضافة إلى الحساء.
وبعد الإفطار بـ4 أو 5 ساعات يتناول السودانيون العشاء، تقول نهى: "قبل الساعة 12 مساء، نتناول العشاء وعادة ما يكون الطعام الفائض من مائدة الإفطار. وقبل الفجر نتسحر رقاق ولبن فقط".
على الرغم من افتقاد نهى، التي تسكن في حي التجمع الخامس بالقاهرة، الاجتماع بالأهل والجيران كما اعتادت في السودان، "لأن بعد الحرب تفرقت العائلة والأصدقاء إلى دول كثيرة، فصعبت علينا اللمة الحلوة التي كانت تميزنا في السودان"، فإنها تجد في مصر عوضا وتقاربا لم يشعرها بالغربة.
تقول: "رمضان في مصر جميل وفيه روحانيات عالية، أشياء كثيرة فيه تذكرنا بالسودان، مثل موائد الرحمن، والحقيبة الرمضانية لمساعدة الأسر المتعففة، وكذلك، مساعدة المساكين بالصدقات وأعمال الخير موجودة في مصر، وكذلك الفرحة والاحتفالات بقدوم رمضان من زينة معلقة على البيوت وفي الشوارع تذكرنا بالسودان، لكن زينة رمضان في مصر أحلى ومتنوعة أكثر".
وحتى تشعر المواطنة السودانية أنها تقضي رمضان في بلدها، تتناول الإفطار معظم الأيام مع أسرتها وأصدقائها الذين وصلوا إلى مصر، وتضيف: "بعد الإفطار نتجمع معا ونذهب إلى المسجد مع الأطفال نصلي العشاء والتراويح ونذكر النبي محمد عليه الصلاة والسلام كما كنا نفعل في حلقات الذكر في الجوامع في السودان".
وتتابع: "نفتقد السودان بشدة، لكننا نشعر أننا في بلدنا الثاني ونحاول نعوض ذلك من خلال تقديم المساعدات، والتراويح ولمة الأهل".
مائدة الرحمن، عنصر أساسي في رمضان مصر ورمضان السودان، على حد سواء. وهي عبارة عن مائدة إفطار تقام في الشوارع والميادين لإفطار العابرين والفقراء. لكن عبد العزيز هارون، تاجر أربعيني، يفتقد "البرش" الذي اعتادها في السودان.
يقول هارون، الذي يسكن في حي الرحاب في محافظة القاهرة، إن أكثر ما يفتقده هو الإفطار مع الأهل والجيران في "البرش"، ويحكي لـ"الجزيرة نت" أن "البرش" هو افتراش الأرض أمام البيوت بـ"السجاجيد" الكبيرة التي تصل بيت بآخر، حيث يتجمع الجيران والأهل للإفطار معا طوال شهر رمضان، و"في مصر التجمع محدود على نطاق الأسر الصغيرة أو الأقارب فقط".
ويذكر المواطن السوداني نهار رمضان في بلاده، وكيف يقصد الشباب ضفاف الأنهار، خصوصا قرب ملتقى النيلين عند جزيرة توتي التي تتوسط مدن العاصمة السودانية في الخرطوم وأمدرمان، للتخفيف من حرارة الطقس، "لكن الطقس في مصر بارد".
أما "المسيد" الذي يوجد طول العام، فيكون له نشاط أكبر في رمضان. ويصف هارون "المسيد" بأنه عبارة عن قطعة أرض كبيرة في أكثر من منطقة، تضم مسجدا، وفصولا للطلبة لتحفيظ القرآن وتعلم أمور الدين، ومضيفة للزوار، إضافة إلى "التكية"، وهي مطبخ كبير لصنع الطعام للوافدين والزوار والدارسين والشيوخ.
ويقول: "في شهر رمضان يكثر مدح النبي والذكر، ويقام في المسيد احتفاليات حفظ القرآن ومسابقات دينية وإطعام، فكان هو وجهتنا بعد الإفطار حتى صلاة التراويح".
ورغم افتقاد عبد العزيز قضاء رمضان في السودان التي يتمنى أن تستقر فيها الأوضاع حتى يعود مع أسرته، فإنه يصف رمضان مصر بـ"الغني، فالشوارع مستيقظة طوال اليوم، والإضاءات والزينة في كل مكان، حتى البرامج التلفزيونية والدراما المصرية أكثر بكثير من السودانية. رغم بعض الاختلافات، لكن رمضان في مصر شبيه برمضان السودان إلى حد كبير، يجعلك تشعر بالألفة حتى لو بعيدا عن الجيران والأصدقاء".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات على مائدة الإفطار رمضان فی مصر فی السودان شهر رمضان فی رمضان عبارة عن أکثر من
إقرأ أيضاً:
الجيزة تودع الفوضى.. سوق العياط الحضاري يقضي على العشوائية| شاهد
خطوة نوعية لا مثيل لها للقضاء على الفوضى والعشوائية، بدأت بها محافظة الجيزة من خلال تسكين الباعة الجائلين في سوق العياط الحضاري الجديد.
يمثل مشروع سوق العياط الحضاري، الذي يمتد على مساحة 3700 متر مربع، بديلا حضاريا للعشوائية التي كانت تنتشر في منطقة المزلقان، ويأتي ذلك تنفيذا لتوجيهات المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة.
ويأتي السوق الجديد لينهي سنوات طويلة من المعاناة في منطقة مزلقان السكة الحديد، التي ظلت لأكثر من عشرات السنوات مرتعا للفوضى والازدحام والعشوائية، مما عرقلت حركة المارة والسيارات، وإعاقة سيارات الإسعاف والمطافئ، مما يتسبب في تعطيل مصالح المواطنين بسبب الإغلاق التام للمزلقان بفروشات الباعة الجائلين.
تحول مروري وجماليصدى البلد إلتقى المهندس ياسين سيد ياسين، رئيس مركز ومدينة العياط، للحديث أكثر بكافة التفاصيل عن السوق الحضاري الجديد، والذي أكد أن الهدف من إنشاء السوق الحضاري هو توفير بيئة عمل كريمة ومنظمة للباعة الجائلين، مما يساعدهم على تقنين أوضاعهم وتوفير فرص كسب حلال ومشروع، كما تحسنت الصورة البصرية للمكان بشكل ملحوظ عقب تشغيل السوق الجديد وإخلاء منطقة المزلقان بالكامل ونقل الباعة، .
وأضاف رئيس مدينة العياط، أنه أصبح هناك سيولة مرورية غير مسبوقة، وأي سيارة، مهما كان كان نوعها، قادرة على الحركة والانتقال عبر المزلقان بكل سهولة ويسر،" مشددًا على أن هذا التحول جاء بفضل المتابعة المستمرة من محافظ الجيزة المهندس عادل النجار ونائب المحافظ إبراهيم الشهابي.
سوق متكامل يخدم الجميعصمم السوق الجديد ليكون متكاملا ومجهزا بجميع المرافق الأساسية اللازمة لأي سوق حضاري، بما في ذلك مياه الشرب، الصرف الصحي، والكهرباء، ويتكون السوق من ثلاثة قطاعات، اثنان منها يتكونان من دورين.
كما يضم الدور الأرضي (القطاع الأول والثاني) 227 فرشة موزعة على ستة أنشطة رئيسية وهم : الخضراوات والفواكه، الدواجن والأسماك، والملابس، بينما "القطاع الثالث" في الدور الأرضي فيحتوي على 35 محل جزارة. ويخصص الدور الثاني بالكامل لـ157 محل لأنشطة الملابس والأحذية.
وأختتم المهندس ياسين سيد ياسين رئيس مدينة العياط حديثه قائلا، أن أهالي العياط يشعرون الآن بفارق كبير، سواء في مستوى الخدمة المقدمة أو في المظهر الجمالي لمنطقة المزلقان، مع عدم السماح بأي حال من الأحوال بعودة العشوائية أو الإشغالات أو الباعة الجائلين إلى المنطقة، قائلا بطريقة حازمة: "لا مجال للبلطجة أو العشوائيات".