الجزائر – أعيد افتتاح أقدم مسجد جامع في مدينة بجاية شرق الجزائر الذي وصفه العلامة ابن خلدون بالأعظم، في الأيام الأولى من شهر رمضان الجاري.

ويعتبر جامع قصبة بجاية (تأسس للمرة الأولى عام 465هـ /1073م)، واحدا من التحف المعمارية التي تمت هندستها بطريقة فنية فريدة، في أعالي قصبة مدينة بجاية العريقة، قبالة البحر الأبيض المتوسط.

إمامة ابن خلدون

وقد تولى العلامة ابن خلدون ( 732 هـ / 1332م – 808 هـ / 1406م) منصب الإمام والفقيه في المسجد سنة 1365م.

ويقول الإمام بمسجد القصبة عمر الفاروق بن إسماعيل، للجزيرة نت، ان الجامع "تأسس في دولة الحماديين (حكمت اجزاء من المغرب الكبير بين 1014 إلى 1152م) ثم تم توسعته في عهد الموحدين، بعد ذلك جاء الاحتلال الاسباني وقد تهدم شطر منه وبعدها جاء عهد العثمانيين الذين أعادوا بعثه من جديد".

منظر داخلي لجامع قصبة بجاية بالجزائر (الجزيرة)

ويواصل بن إسماعيل "بعد ذلك أغلق المسجد سنة 1833، في عهد الاستعمار الفرنسي الذي كان يحاول طمس كل ماله علاقة بالهوية العربية والإسلامية لدى الجزائريين، خاصة ما تعلّق بالمعالم ذات الرمزية والمنفتحة على العالم".

وقد احتل مسجد القصبة مكانة مرموقة، لاسيما في العصور الوسطى عندما كانت هذه الولاية مسرحا لتطور فكري عالمي من الدرجة الأولى كونها كانت زاخرة بالعلماء في مجالات شتى.

جامع قصبة بجاية بالجزائر (الجزيرة) منارة عالمية

فبالإضافة إلى ابن خلدون، ضمت جنبات الجامع عددا كبيرا من العلماء البارزين، ومن بين هؤلاء عالم الرياضيات الإيطالي ليوناردو فيبوناتشي (1170-1250م) الذي أدخل، بعد إقامته للتعلم في بجاية، الأرقام العربية أولا في بيزا (إيطاليا) ثم في جميع أنحاء العالم الغربي.

وكذلك عرفت جنبات الجامع عالم الاجتماع الإسباني ريموند لول (1232 – 1315)، والفقيه والشاعر الأندلسي سيدي بومدين (509 هـ/ 1115 م، 594 هـ/1197 م) والعلامة الصوفي أحمد بن إدريس (1172 هـ / 1758م – 1253 هـ / 1837م)، والفقيه المالكي عبد الرحمن الوغليسي (702هـ /1303م – 786هـ 1384م)، وغيرهم الكثير من المشاهير الذين تركوا بصماتهم على هذا العصر الذي تميز بإنجازاته العلمية والفكرية.

من جهته يقول عمر الفاروق بن إسماعيل، إمام بمسجد القصبة المسجد الأعظم كما سماه ابن خلدون لـ"الجزيرة نت " بنى المسجد في القرن الـ12 وسط حدائق مبهرة.

ويواصل "يقع الجامع على ربوة ذات إطلالة ساحرة على البحر والجبال الخضراء"، ويبدو جليا أن المسجد فقد شيئا من روعته على مدار الحروب".

رواق بجامع قصبة بجاية (الجزيرة)

"وفي القرن الـ17، خلال العهد العثماني، حاول الوصي على الجزائر العاصمة، مصطفى باشا، إعادة ترميم مسجد البقصبة، لكن جهوده باءت بالفشل بعد أن أوقفها التدخل الاستعماري الفرنسي الذي استعمل البناية لأغراض أخرى غير دينية وعلمية.

وقد تم إنقاذ المسجد من خلال الترميمات التي أجريت عليه سنوات التسعينات، وأصبح يستعمل كملحقة للمكتبة الوطنية، قبل أن يستعيد مكانته الأصلية كمسجد للعبادة والصلاة خلال شهر رمضان الجاري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات ابن خلدون

إقرأ أيضاً:

المفتي يزور جامع الجزائر الكبير..ويؤكد: الدين دعوة لاتباع الحق على بصيرة

زار د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، جامع الجزائر الكبير، وذلك في إطار مشاركته في مؤتمر "التعارف الإنساني وأثره في ترسيخ العلاقات وتحقيق التعايش" ، الذي ينظمه المجلس الإسلامي الأعلى بالجمهورية الجزائرية، مشيدًا بما يتميز به هذا الصرح الإسلامي الكبير من عظمة معمارية، ورمزية حضارية، تُجسد رسالة الإسلام في الجمع بين الإيمان والعمران، وتجعل من الجامع منارةً دينية وعلمية تجمع بين بهاء العمارة وجلال المكان وقدسيته.

وأكَّد مفتي الجمهورية، خلال كلمته التي ألقاها في الجامع الكبير بالجزائر ، أن القرآن الكريم لم يقتصر في خطابه على تزكية النفس وتهذيب السلوك فحسب، بل صاغ منظومة متكاملة لبناء الإنسان بناءً متكاملًا في فكره ووعيه ومسؤوليته، على أساس من الاستقلال العقلي والتوازن السلوكي؛ فقد نهى الله تعالى عن التبعية والانقياد الأعمى، وانتقد التقليد الموروث الذي يعطل وظيفة العقل، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾، ودعا عباده إلى التفكر والتأمل قبل التصديق والاتباع، لا بعده، مبيِّنًا أن اتباع الحق بعد العلم به شرطٌ لفهم الهداية، وأن استعمال العقل واجبٌ في التبصر في الأمر، والنظر في عواقب القول والعمل، بعيدًا عن الانقياد أو الذوبان في الآخرين، وقد رفع الله عز وجل من شأن العقل، وجعل إعماله مناطًا للتكليف، فجاءت آيات كثيرة بصيغ متعددة كقوله ﴿أفلا تعقلون﴾، ﴿أفلا تتفكرون﴾، ﴿أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها﴾ مشيرًا إلى أن هذا الحضور المتكرر للعقل في سياق التنزيل يدل على أن الدين في جوهره وأساسه دعوة إلى الفهم والتمييز، واتباع الحق على هدىً و بصيرة، لا على تبعية وتقليد.

وأوضح  مفتي الجمهورية، أن مبدأ التوازن والاعتدال يُعدّ من الأسس التي أرساها القرآن الكريم في بناء الإنسان، فلقد جاء بمنهج شامل يُرسي دعائم التوسط في الفكر، والاعتدال في السلوك، والتوازن في العلاقة بين مطالب الروح واستحقاقات الجسد، بين الحقوق الفردية والواجبات المجتمعية، على نحو يُنتج إنسانًا سويًّا في نظرته، متزنًا في مواقفه، رشيدًا في قراراته، حيث وضع تصورًا دقيقًا للوسطية، فقال سبحانه ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾.

مفتي الجمهورية يصل الجزائر للمشاركة في مؤتمر المجلس الإسلامي الأعلىمفتي الجمهورية: العنف الأسري ناقوس خطر يهدد سلامة المجتمع.. صورأرقى معاني الفداء.. مفتي الجمهورية ينعى الشهيد خالد محمد شوقيمفتي الجمهورية: بناء الوعي لدى الشباب ليس خيارا بل ضرورة وطنية

وأشار إلى أن هذا المفهوم  يتجاوز المعنى المكاني أو الكمي، ليعبّر عن خصيصة منهجية تقوم على التوازن بين المتطلبات المتعددة للإنسان، دون إلغاء أو طغيان، فالقرآن يهذب الغرائز ولا يعطلها، ويحث على الرحمة دون تفريط في الحق، ويصوغ شخصيةً تميز بين الحزم واللين، وتفهم حدود القوة والرفق، ومن هنا تجلت الوسطية في الخطاب القرآني كأحد أركان البناء الإنساني القويم، إذ تُعدّ ضمانة لسلامة الفكر، واستقامة السلوك، وتحقيق التوازن في المواقف، بعيدًا عن مظاهر الغلو التي تشوه الدين، أو أنماط الانفلات التي تفسد القيم، وهو ما يجعل من المنهج القرآني أساسًا متكاملًا لإعداد الإنسان المعتدل الذي يعقل عن الله، ويفهم عن واقعه، ويسلك سبيل الرشد في القول والعمل.

رافق المفتي أثناء الزيارة سعادة السفير مختار جميل، سفير مصر لدى الجزائر، وفضيلة  الدكتور، مبروك زيد الخير، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر، ولفيف من السادة المسؤولين وكبار علماء الجزائر.

طباعة شارك مفتي الجمهورية جامع الجزائر الكبير بناء الإنسان

مقالات مشابهة

  • بن جامع: الشرق الأوسط على شفير الهاوية.. والدبلوماسية هي الحل
  • مصرع 3 مشجعين وإصابة العشرات بعد سقوطهم من مدرجات ملعب بالجزائر (شاهد)
  • لقاء بصنعاء يناقش الخطة الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم
  • رئيس الوزراء يدّشن الأعمال التحضيرية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم
  • تدّشين الأعمال التحضيرية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم
  • المفتي يزور جامع الجزائر الكبير..ويؤكد: الدين دعوة لاتباع الحق على بصيرة
  • ممثل الجزائر لدى الأمم المتحدة: العدوان الصهيوني على إيران انتهاك فاضح للميثاق الأممي
  • بن جامع: إعتداءات الكيان الصهيوني على إيران غير مبررة
  • أعادت افتتاح الحديقة بعد تأهيل شامل بالتنسيق مع أشغال.. «البلدية»: تجديد «دحل الحمام» وفقاً لأعلى المعايير العالمية
  • مهرجان كناوة بالصويرة يهين رموز المملكة بتغييب صورة جلالة الملك والعلم الوطني