تترقب أم عمر الأيام الأخيرة من شهر رمضان لعلها تسمع خبرا عن زوجها خالد السياغي الذي لا يُعرف مصيره منذ أن اختطفته جماعة الحوثيين من مدينة تعز، جنوب غربي اليمن، قبل نحو 8 أعوام.

وتتقاسم أم عمر هذه المحنة مع مئات اليمنيات اللاتي يتمسكن بأمل عودة ذويهن وأقاربهن من سجون أطراف النزاع، وخلال السنوات الماضية كافحت لمعرفة مصير زوجها، لتعلم أنه قد قُتل في السجن، غير أن مسجونين أُفرج عنهم العام الماضي أخبروها أنه ما يزال حيّا.

وخلال الأسبوع الأخير من رمضان الماضي، تبادلت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وجماعة الحوثيين 887 أسيرا ومختطفا، من بينهم صحفيون محكوم عليهم بالإعدام ونشطاء وقادة عسكريون بارزون، إضافة إلى سعوديين وسودانيين.

خالد السياغي المُختطف لدى الحوثيين منذ 8 أعوام (الجزيرة) مصير مجهول

وتقول أم عمر للجزيرة نت إنها تأمل أن تسمع عن زوجها أخبارا خلال الأيام الأخيرة من رمضان، وتضيف "زوجي مواطن عادي، لم يكن سياسيا ولا عسكريا، ومنذ أن اختُطف يوم 14 فبراير/شباط 2016، يريد أطفاله أن يعرفوا مصيره".

وكان الطرفان قد تعهدا بإطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفيا والمخفيين قسرا والموضوعين تحت الإقامة الجبرية دون استثناءات أو شروط، غير أن مساعي التفاوض ما تلبث أن تفشل مجددا.

ويتهم المتحدث باسم وفد الحكومة في مفاوضات الأسرى، ماجد فضائل، جماعة الحوثيين بعرقلة التفاوض، ويقول إنها رفضت في اللحظات الأخيرة حضور الجولتين الأخيرتين اللتين كانتا مقررتين في جنيف وعمّان.

وقال فضائل للجزيرة نت إن ملف تبادل الأسرى متوقف عند العقبة الأساسية وهي الإفراج عن السياسي محمد قحطان، "فالحوثيون يرفضون الإفراج عنه أو المبادلة به ولم يسمحوا لأسرته الاتصال به أو زيارته، وهذا هو السبب الرئيسي في فشل إحراز أي تقدم".

وقحطان هو أحد أبرز قادة حزب الإصلاح، واعتقله الحوثيون في 4 أبريل/نيسان 2015، ومنذ ذلك الحين يرفضون الكشف عن مصيره، رغم الدعوات الدولية والحقوقية المتكررة.

وعقب توقيع اتفاق ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018، سلمت أطراف النزاع قائمات شملت أكثر من 15 ألف مختطف وأسير من الجانبين، وتضمنت لائحة الحوثيين 7 آلاف و587 اسما، ولائحة الحكومة 8 آلاف و576 اسما.

لكن الطرفين تبادلا الاتهامات بعدم دقة القائمات، إذ تتضمن أسماء ليسوا أسرى وأخرى وهمية ومكررة، وآخرين أُطلق سراحهم.

أطفال المختطفين لدى الحوثيين في وقفة تناشد الإفراج عن آبائهم بالعاصمة صنعاء (الجزيرة) ابتزاز وانتظار

ومع ذلك، نجحت الأمم المتحدة في إنجاز صفقتي تبادل، الأولى في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أُخلي فيها سبيل ألف و65 مختطفا وأسيرا من الجانبين، والثانية جرت في أبريل/ نيسان 2023، وأُفرج فيها عن 887 أسيرا ومختطفا.

في حي كلابة بمدينة تعز، تكابد هيام متاعب الحياة مع طفلتها، لكن أخبار إفراج الحوثيين والحكومة اليمنية عن نزلاء السجون الذين احتُجزوا على ذمة قضايا جنائية، حملت لها آمالا بالإفراج عن زوجها إبراهيم.

والأسبوعين الماضيين، أعلن الحوثيون إفراجهم عن أكثر من 2700 سجين في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتهم، وأفرجت الحكومة عن أكثر من 500 سجين، لكن إبراهيم لم يكن من بينهم.

وتقول هيام للجزيرة نت إنها دفعت أموالا كثيرة لوسطاء من أجل الإفراج عن زوجها الذي اختُطف قبل عام ونصف، لتكتشف لاحقا أن ذلك كان ابتزازا من أجل المال فقط.

وأضافت "في الأيام الأولى من اختطافه، سُمح له بالاتصال، وأخبرني بأنه نُقل إلى سجن بمحافظة صعدة (أقصى شمالي اليمن)، وأنهم سيفرجون عنه في عملية تبادل أسرى، وبقيت أنتظر مع طفلته التي لم يراها حتى نكون معا خلال رمضان".

وتغض أطراف النزاع الطرف عن المآسي والندوب التي خلفتها عمليات الاختطاف والإخفاء، والأربعاء الماضي بعثت أمهات وزوجات المختطفين رسالة إلى الحوثيين تطالب بالإفراج عن ذويهن بمناسبة رمضان، وبفوانيس مطفأة أشرن فيها إلى انطفاء الفرحة في ظل غياب أحبائهن.

9سنين واحنا بنناشدكم تخرجوا عيالنا
نناشدكم بحق #الإسلام الإفراج عن عيالنا ????#شاهد| مناشدة ام مختطف في سجون مليشيات #الحوثي تناشدهم الافراج عن أبنها وجميع المختطفين الذي مضى على كثير منهم اكثر من 9 سنوات في سجون الحوثيين دون اي ذنب ..!#اليمن#Yemen#الحرية_للمختطفين#صنعاء pic.twitter.com/iSh5q4If2e

— مجاهد السلالي #غزة (@m_alsallaly) March 28, 2024

وتأمل الأمهات -وفق الرسالة التي اطّلعت عليها الجزيرة نت- أن تلقى رسالتهن آذانا صاغية، وأن يحين الوقت لتخفيف عذاباتهن ورفع المظلمة عنهن. وناشدن فيها "بأعمق درجات الألم والحنين الذي في قلوبنا لأبنائنا، وبأعمق درجات الإنسانية والرحمة، نحن نعاني معهم كل يوم، نشتاق لأصواتهم وضحكاتهم وننتظر بفارغ الصبر لحظة اللقاء المنتظرة خاصة في رمضان".

وأضفن "تضامنكم مع أهل غزة ومصابهم دعانا لأن نلتمس منكم بكل إنسانية ورأفة الإفراج عن أبنائنا المختطفين، وجعل هذا الملف أول ملفات السلام مع أبناء شعبكم".

كنّا نتمنى أن يشهد شهر رمضان المبارك هذا العام صفقة تبادل للأسرى مماثلة لصفقة التبادل في العام الماضي،
لكن للأسف تعنت مرتزقة العدوان ورفضهم تنفيذ الاتفاق الموقع من الطرفين حال دون ذلك.
وبدلاً من تنفيذ الاتفاق يروجون وينشرون أخباراً غير صحيحة بأن هناك عفواً عن كل أسراهم لدينا،…

— عبدالقادر المرتضى (@abdulqadermortd) March 14, 2024

سجناء دون محاكمة

وفي تغريدة على منصة إكس، قال رئيس وفد الحوثيين في مفاوضات الأسرى عبد القادر المرتضى، إن جماعته جاهزة للدخول في صفقة تبادل شاملة وكاملة لجميع الأسرى خلال رمضان الجاري، "غير أن الحكومة اليمنية هي من أفشلت إنجاز الصفقة".

في مدينة عدن، تقضي أم الصحفي أحمد ماهر رمضانا ثانيا وهي تترقب الإفراج عن ولدها الذي اعتقلته قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسيطر على المدينة.

وتدخل أم أحمد في نوبات بكاء تفاقم من وضعها الصحي المنهار، فولدها الأقرب إلى قلبها ما يزال محتجزا منذ أغسطس/آب 2022، ورغم توجيه السلطات الرسمية بمحاكمته فإن النيابة ترفض ذلك، كما يقول شقيقه للجزيرة نت.

ويضيف "تهمته نشر بيانات تهدد الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي، ومع ذلك ليس لديهم أي دليل، ومؤخرا خطفوا محاميه وزجوا به في السجن".

وقبل اعتقاله، نشِط ماهر في معارضة المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، في حين ما يزال 60 شخصا مخفيين قسرا لدى تلك القوات وفق بيان لرابطة أمهات المختطفين، وهي منظمة معنية بالدفاع عن المختطفين المدنيين والمخفيين قسرا.

وفي حين يتردد صدى نداء أهالي المختطفين والمخفيين قسرا من أجل عودة أحبائهم، يتوقع المسؤول الحكومي ماجد فضائل استئناف جولات التفاوض للإفراج عن الأسرى، ويقول "احتمال تكون هناك اجتماعات وتحركات بعد عيد الفطر".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الحکومة الیمنیة للجزیرة نت الإفراج عن عن زوجها

إقرأ أيضاً:

الأحداث الأخيرة في حضرموت والمهرة.. ومصير الوحدة اليمنية

 

خلال الأسبوعين الماضيين ، شهدت محافظتا حضرموت والمهرة مشاهد ميدانية لم تكن مألوفة من قبل. فقد تمددت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، ومعها مليشيات “درع الوطن”، وسيطرتها على المحافظتين دون مقاومة تُذكر من مليشيات الإصلاح التي كانت تهيمن على تلك المناطق لسنوات.

هذا التحول السريع أثار كثيرًا من الأسئلة حول ما يجري خلف الكواليس، خصوصًا أن الأمر جاء منسّقًا وبصورة تدل على أنه لم يكن مفاجئًا لمن يقفون خلفه.

من يتابع تفاصيل الانتشار يدرك أن ما حدث لم يكن نتيجة فراغ أمني أو خلافات محلية فقط. الانتشار تم بسلاسة، وبخطوات متتابعة، ما يشير إلى وجود تفاهم سعودي وإماراتي مسبق يقضي بإعادة توزيع السيطرة في الجنوب والشرق.

لم تعد هذه المناطق ساحة تنافس بين الرياض وأبوظبي كما كان يبدو في السابق، بل تحولت إلى مساحة عمل مشتركة لهما، الهدف منها ترتيب الوضع بما يخدم مشروعًا سياسيًا أكبر.

تشكيل مليشيات “درع الوطن” نفسه يوضح كثيرًا من الصورة. هذه القوة ظهرت عام 2022م، وصُممت لتكون بديلة عن ألوية العمالقة. أغلب أفرادها ينتمون إلى التيار السلفي الذي تربّى ودرس في دماج، ما يجعلها قوة عقائدية جاهزة للقتال ضد القوات المسلحة اليمنية «أنصار الله»، ومن السهل توجيهها دون اعتراض.

القيادة الموالية للتحالف وصفتها بأنها “قوات احتياط”، لكن الواقع أثبت أنها قوة يتم إعدادها لتكون صاحب الكلمة في الجنوب، ولتحل محل مليشيات الإصلاح التي انتهى دورها ولم تعد مرغوبة لدى صانعي القرار الخارجيين.

في الوقت نفسه، شهدت منصات الإعلام الموالية للسعودية والإمارات موجة تحريض مناطقي وطائفي. الرسائل الإعلامية ركّزت على خلق شرخ اجتماعي بين أبناء المحافظات، وخاصة أبناء المحافظات الشمالية، وكأن الهدف هو تمهيد الأرض لواقع جديد يتم فيه فرض سلطة واحدة باعتبارها تمثّل الجنوب، وهي السلطة التي يُراد لها أن تكون جاهزة في أي مفاوضات قادمة كـممثّل مفروض بالأمر الواقع.

ويبدو واضحًا أن تشكيل هذا الكيان ليس من أجل خدمة حضرموت أو المهرة، ولا لاستعادة دولة ولا شرعية، بل لإيجاد صوت واحد يتم الدفع به لاحقًا للمطالبة بالانفصال أو “تقرير المصير”.

وهكذا تستطيع السعودية أن ترفع الحرج عن نفسها أمام المجتمع الدولي الذي وعدته مرارًا بالحفاظ على الوحدة اليمنية.

فالانفصال وفق هذه الترتيبات لن يظهر كقرار سعودي مباشر، بل سيبدو كخيار شعبي تقوده قوى محلية.

خلاصة القول، ما حدث في حضرموت والمهرة لم يكن حدثًا عابرًا ولا تحركًا عسكريًا غير محسوب. نحن أمام إعادة صياغة كاملة لمشهد الجنوب.

المجلس الانتقالي ومليشيات “درع الوطن” يجري تثبيتهما كأمر واقع، ليكونا الكيان الجاهز لتمثيل الجنوب سياسيًا، ولخوض أي معركة عسكرية مستقبلية ضد أنصار الله.

هذه التشكيلات العقائدية السلفية، المطيعة لقادتها بلا اعتراض، ليست سوى أداة ضمن مشروع أكبر:

تفكيك الوحدة اليمنية خطوة خطوة، وإعداد الجنوب ليظهر أمام العالم وكأنه يطالب بالانفصال من تلقاء نفسه، بينما الحقيقة أن الأمر لا يعدو كونه مخططًا خارجيًا مُحكمًا، تريد السعودية من خلاله التخلص من التزاماتها الدولية تجاه وحدة اليمن، وإعادة رسم خارطة النفوذ بما يتناسب مع مصالحها ومصالح أبوظبي وأسيادهم أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.

 

 

مقالات مشابهة

  • تفاصيل اليوم الذي غيرت فيه القبائل اليمنية كل شيء
  • «أمهات مصر»: 93% من أولياء الأمور يؤيدون منع السوشيال ميديا للأطفال أقل من 16 عامًا
  • اعتداء وحشي على أسرى مُفرج عنهم قرب القدس
  • الأحداث الأخيرة في حضرموت والمهرة.. ومصير الوحدة اليمنية
  • غوتيريش يندد بإحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى محكمة خاصة ويدعو إلى الإفراج الفوري عنهم
  • الأمم المتحدة تدعو الحوثيين للتراجع عن احتجاز موظفيها    
  • إصابة 3 أسرى فلسطينيين إثر اعتداء العدو الإسرائيلي فور الإفراج عنهم
  • توسع الانتقالي الجنوبي وتماسك الحوثيين وتراجع الحكومة.. هل يعود اليمن إلى مشهد ما قبل 1990؟
  • الحكومة اليمنية تتقدم بشكوى دولية ضد المجلس الانتقالي الجنوبي بدعم سعودي
  • كيف قادت سيطرة الانتقالي على حضرموت والمهرة الحكومة اليمنية لمغادرة عدن؟