لجريدة عمان:
2025-06-20@04:02:00 GMT

قلعة الميراني وأخواتها

تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT

«يـا روعـة المـاضـي البعـيـد المُسْتَسِرِّ المُبهـم

كيف انطلقت من (الغياهب) والعِقَـالِ المُحْكـم؟

أقبلـتِ فـالتفـتَ الزمـانُ تلفّـتَ المُتـوهـمِ

والمـوتُ دونـَكِ واقـفٌ فـي ذلـة المـستـسلـم»

خطرت ببالي هذه الأبيات للشاعر السوري عمر أبو ريشة في احتفائه بمدينة أوغاريت الأثرية التي عرفت أول أبجدية في التاريخ، كيف وقف الشاعر أمام انبعاثها بدهشة وفخر ليكتب قصيدته المتضمنة هذه الأبيات؟! ثم كيف يمكن لغموض الماضي وعراقته تشكيل دهشة الحاضر ولذة التعاطي مع كشف الغياهب وتجلي السر؟ كيف يمكن إعادة تشكيل جماليات المكان التراثي (مهما اختلفت موضوعاته) وفقا لمعطيات الحاضر وممكناته وأساليبه؟ وهل يمكن إنعاش مكان ثابت راسخ الجذور ليلمس وريد الحياة اليومية، ونشاطات البشر الواقعية؟

ما زلت على قناعة بأنه يمكن للحاضر مد جسور وثيقة مع الماضي دون أن يركن أهله للدعة، أو يستسلمون للحادث العريق دون محاولة تحديثه أو بعثه خلقا آخر لا يكتفى معه بالتحسر والاسترجاع، لكن يستعاد معه مجد بدايات ثبات ومقاومة، وخطوط انطلاقات فخر وصمود، وخطوات أولى لتاريخ تليد، لا بأس من تبدل الأدوار مع تبدل القرون والعقود والمتغيرات، بل إن السر هنا في ذكاء إعادة الإحياء وإنعاش المكان، والتصالح مع تاريخية المواقع وسردية الأحداث.

كنت قد كتبت من قبل حول ضرورة العناية بالمواقع الأثرية وإحيائها، ولا يكون ذلك عبر ترميمها وصيانتها وحسب، ولا يتحقق عبر زيارات موسمية رسمية، ولا يكتفى به محلّا لزيارات سياح قلائل، بل يتأتى عبر تفعيل تواصلية هذه المواقع التاريخية برفدها أركانا وزوايا تنشط من حركة الزوار وتعزز مكانتها السياحية المرتبطة بقيمتها التراثية، وقيمة إنسانها الملتصق بها، ومن هنا لا يمكن أن يمر حدث كافتتاح قلعة الميراني التاريخية دون احتفاء بها مبادرة طيبة لاستغلال موقعها الرائع بوابة للبحر، وتسويقا لمكانتها الضاربة في التاريخ مع تبدل الأدوار وتنوع الحقب.

حري بالاحتفاء والكتابة انتقال المواقع الأثرية من صفحات الكتب والزيارة العابرة لأجواء التواصل الإنساني والحراك التفاعلي اليومي، حيث يلمس الزائر التاريخ ويحاوره ويتشارك معه أنشطة يومية تجد مكانها في الذاكرة الفردية، وأماكن في الذاكرة الجمعية.

أما أهمية «الميراني» نقلا عن المصادر التاريخية فإنها قلعة بنيت بشكل برج كبير قبل قدوم البرتغاليين إلى عمان، وفي عام 1588م أعاد البرتغاليون بناء القلعة وذلك على أنقاض المبنى القديم وأضافوا لها منصات للمدافع ومخازن وسكنا للقائد ومكانا للعبادة، وتم توسيع القلعة وإيصالها إلى حجمها الحالي في عهد كل من الإمام أحمد بن سعيد مؤسس الدولة البوسعيدية في القرن الثامن عشر وحفيده السيد سعيد بن سلطان في بداية القرن التاسع عشر، وقد بنى البرتغاليون عند قاعدة صخرة الميراني حوضًا للسفن ومعقلا على مستوى البحر سنة 1019هـ - 1610م وزودوه ببطارية مدافع على مستوى منخفض للحيلولة دون وقوع هجوم من المراكب التي تبحر قرب الشاطئ تحت مستوى المدافع الموجودة في قلعة الميراني.

قلعة الميراني التي كانت مدافعها هي التي تسمح أو تمنع مرور السفن من دخول الميناء، وكانت قطعه المدفعية هي التي رعدت عند شروق الشمس وغروبها، مُعْلمًا السكان بفتح وإغلاق بوابات المدينة، وها هي اليوم تفتح أبوابها للزائرين من كل مكان ممكنة زائرها (الساعي للمعرفة، الباحث عن الجمال) من كثير ليس أقله إطلالتها البحرية الرائعة التي يتطلع زائرها -يقينا -إلى كثيرها متضمنا جماليات المكان من فنون شعبية متصلة بأهلها، وأنشطة حياتية يومية تعكس إنسان هذا المكان بأنشطته وتقاليده في الأزياء والطعام.

ختاما: أهلا بافتتاح الميراني من جديد مع تبدل أدوارها بين منطلق عسكري ثم مزار سياحي ثم معقل عسكري لتقرر اليوم عودة للتواصل الإنساني اليومي الذي نرجو أن يكون دعوة مفتوحة لأخواتها من قلاع وحصون ومواقع أثرية، وقصور عمان التي يرقبها المواطن بحب ويترقبها المقيم والسائح بكل فضول سعيا للمعرفة وإشباعا لفضول الغموض المتصل بالتاريخ وتفاصيله، والمرتبط بالمكان ومعطياته، ورغم ما قد يكون محلا لاتفاق أو اختلاف حول إمكانيات التطوير والتغيير في التصور الحالي فإن المتفق عليه هو أنها خطوة مأمولة رائعة لواقع نطلبه من تفعيل المواقع الأثرية تسويقا ثقافيا، واستثمارا سياحيا.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قلعة المیرانی

إقرأ أيضاً:

مصادرة 800 موقع إلكتروني احتيالي في ألمانيا

في إطار مكافحة الجريمة الاقتصادية الدولية عبر الإنترنت ومنصات الاحتيال، صادرت السلطات في ولاية بادن-فورتمبرغ الألمانية، ما يقرب من 800 موقع إلكتروني غير قانوني.

وجاء ذلك بالتعاون بين مركز مكافحة الجرائم الإلكترونية التابع للادعاء العام الاتحادي في مدينة كارلسروه، ومكتب التحقيقات الجنائية في الولاية والشرطة الأوروبية (يوروبول) والسلطات القضائية البلغارية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوقف "الاحتيال بالانتحال".. دول أوروبية تسعى لحماية الدفع الإلكترونيlist 2 of 2الرئيسة الأرجنتينية السابقة ستقضي عقوبة السجن في منزلهاend of list

وورد في البيان الصادر بهذا الخصوص "تمت إعادة توجيه النطاقات المصادرة إلى صفحة مصادرة مستضافة من مكتب التحقيقات الجنائية في بادن-فورتمبرغ، وعليه لم يعد بالإمكان استخدامها في ارتكاب الجرائم".

وأضاف البيان: "أسفرت هذه الإجراءات عن إضعاف كبير للجهات الإجرامية، بتعطيل بنيتها التحتية التقنية بشكل منهجي". وأفاد أنه منذ عملية إعادة التوجيه تم تسجيل نحو 616 ألف محاولة دخول إلى المواقع التي تمت السيطرة عليها خلال الأسبوعين الماضيين فقط.

ضغطة زر

وتتعلق هذه الإجراءات بنوع جديد نسبيا من الاحتيال يعرف باسم "الاحتيال في التداول الإلكتروني"، حيث يوهم المجرمون ضحاياهم الساذجين بإمكانية تحقيق أرباح كبيرة بضغط زر، خاصة في مجال العملات المشفرة. ووفقا لتقرير الأمان الصادر عن وزارة الداخلية، يتم الترويج لهذه العروض على مواقع تبدو موثوقة.

وعادة ما يطلب من المستخدمين تسجيل بسيط. وعقب التسجيل، يتلقى الضحايا اتصالات هاتفية من "وسطاء" مزعومين يطلبون استثمارا أوليا غالبا ما يبلغ 250 يورو. وتبدو هذه الاستثمارات ناجحة من الوهلة الأولى، بل تقدم أحيانا دفعات مالية صغيرة لتعزيز الثقة.

وكتب الخبراء "هذه النجاحات الظاهرية، إضافة إلى التأثير المكثف والمدروس من الوسيط المزعوم، تدفع الضحايا لاستثمار المزيد من الأموال". وغالبا ما يمارس المجرمون ضغوطا شديدة. لكن بمجرد أن يحاول الضحايا سحب أرباحهم المزعومة، تصبح المواقع الإلكترونية والأشخاص المعنيون غير متاحين.

إعلان

وبحسب تقرير الأمان لعام 2024، سجلت السلطات ارتفاع عدد حالات الاحتيال هذه إلى 1036 حالة، إضافة إلى ارتفاع بمقدار يزيد عن الضعف في عدد الجرائم المرتكبة من الخارج. وورد في التقرير: "من أسباب ذلك الانتشار الواسع للمنصات الإلكترونية، وأمل العديد من الضحايا في تحقيق أرباح كبيرة بضغط زر، إلى جانب سذاجتهم وحسن نيتهم".

ويجري مركز مكافحة الجرائم الإلكترونية ومكتب التحقيقات الجنائية في الولاية تحقيقات ضد مجهولين في هذه القضية. وقد كتبت بعض المواقع الـ796 المصادرة، باللغة الألمانية. وقالت السلطات، إن مشغلي هذه المواقع غير حاصلين على التصاريح اللازمة من الهيئة الاتحادية للرقابة على الخدمات المالية (بافين) لتقديم خدمات مالية أو مصرفية أو خاصة بالأوراق المالية.

ونصح مكتب التحقيقات الجنائية ومركز مكافحة الجرائم الإلكترونية المستهلكين بضرورة التحقق الدقيق من منصات التداول قبل التسجيل فيها أو تحويل الأموال إليها. وجاء في التحذير: "لا تسمحوا بأن يمارس عليكم ضغط، خذوا وقتكم الكافي لفحص العرض وتقييمه بهدوء".

مقالات مشابهة

  • الإطاحة بشبكة مختصة في المتاجرة بالقطع النقدية الأثرية بوهران
  • محافظ الجيزة يسلّم شهادات محو الأمية لـ 18 من العاملين بالمنطقة الأثرية بالهرم
  • محافظ الجيزة يسلم شهادات محو الأمية لـ 18 من العاملين بالمنطقة الأثرية بالهرم
  • مصادرة 800 موقع إلكتروني احتيالي في ألمانيا
  • الجيش الإسرائيلي: سنعمق الضربات داخل إيران ونستهدف المواقع النووية
  • وزارة الحج: 5 مواقع تستحق الزيارة في مكة المكرمة
  • شواطئ باليكسير وتشاناق قلعة ويالوا.. وجهات صيفية تركية تجمع بين النظافة والجمال
  • إنقاذ شبرابلولة قلعة الصناعة وتوريد الياسمين.. ما القصة؟
  • القصة الكاملة.. إنقاذ شبرابلوله قلعة الصناعة وتوريد الياسمين وانتظام التوريد|صور
  • إحداها في سوريا..إليكم 10 من أجمل القلاع حول العالم