شيطنة المقاومة تزداد ضراوة.. لماذا الآن ولصالح مَنْ؟
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
دأبت وسائل إعلام عربية، بعد عملية طوفان الأقصى، وما تبعها من عدوان صهيوني وحشي على غزة، على مهاجمة المقاومة في غزة، وتحميلها مسؤولية الدمار الهائل، والجرائم والمجازر المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال على مدار أيام الحرب والعدوان خلال الشهور الستة الماضية.
ووفقا لمراقبين فإن حملة مهاجمة المقاومة ازدادت ضراوة وشراسة في الآونة الأخيرة، وتوسعت دائرتها وانضم إليها كتاب وصحفيون ومحللون باتوا يهاجمون المقاومة بصورة مباشرة، ويحذرون منها ويؤلبون بعض الدول العربية ضدها بذريعة أنها باتت تشكل خطرا يتهدد السلم المجتمعي في تلك الدول.
تواصل تلك الحملة واشتدادها في هذه المرحلة الصعبة من الحرب على غزة يثير تساؤلات عديدة حول دوافعها ومحركاتها وأهدافها، ويضع علامات استفهام وتعجب كثيرة على تلك الأصوات التي باتت تهاجم المقاومة بقوة وشراسة، فما الذي طرأ واستجد حتى تحذر تلك الأصوات من المقاومة وتصفها بالخطر الداهم الذي بات يهدد السلم المجتمعي في بعض الدول العربية كما تروج في كتاباتها ومنشوراتها؟
في رصده ومتابعاته الحثيثة للتقارير والتغطيات التي تنشرها قناة العربية، لفت الأكاديمي السعودي، أستاذ الإعلام السياسي، الدكتور أحمد بن راشد بن سعيّد إلى ما أسماه "فضيحة جديدة مدوّية: حاولت مذيعة العربية استدراج سمير الحباشنة (وزير داخلية أردني سابق)، لإدانة حركة حماس وتخوينها، والإيحاء بخطرها على الأمن الأردني، غير أنه خيّب كل آمالها، وأفشل كل محاولاتها.." على حد قوله.
وأضاف عبر صفحته على موقع (إكس): "الأسئلة التي طرحتها المذيعة على الضيف كانت سهاما موجهة إلى صدر المقاومة الفلسطينية، ونابعة من أيديولوجية التصهين، والعجيب أنها ترمي (حماس) بما تسميه (التحريض)، ومع ذلك فالعناوين التي واكبتها على الشاشة تحرض جميعها على (حماس) وهي عادة النفاق التي لخصها قول العرب "رمتني بدائها وانسلت".
فضيحة جديدة مدوّية: حاولت مذيعة #العربية استدراج سمير الحباشنة (وزير داخلية أردني سابق)، لإدانة حركة #حماس وتخوينها، والإيحاء بخطرها على الأمن الأردني، غيرَ أنّه خيّب كلّ آمالها، وأفشل كل محاولاتها، حدَّ أنها صارت بعد انتهاء المقابلة تصيح مدافعةً عن موقفها وموقف القناة، في مشهد… pic.twitter.com/NJ4ywDAZp8
— أحمد بن راشد بن سعيّد (@LoveLiberty_2) April 2, 2024في سياق الرد على تلك الحملات الرامية إلى شيطنة المقاومة، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان، في رده على سؤال بشأن الحملة التي تُشن على الحركة بسبب دعوتها الشعب الأردني للتضامن مع غزة "أدعو أصحاب المعارك الدنكشوتية الوهمية أن يتوقفوا عن مثل هذه التصرفات التي لا تخدم إلا الاحتلال، إن من يطلق هذه الحملات يجد نفسه تلقائيا في مربع الاحتلال، وعليه أن يجيب عمّا إذا كان يوافق على جرائم الاحتلال أو يدعمها".
فضيحة مدوّية جديدة:
وقعت قناة #العربية في فضيحة جديدة، فقد نزعت #المقاومة_الفلسطينية القشور التي كانت تستر سوأتها، فظهرت عاريةً تتلوّى. في سياق الحملة التي تشنّها على دعوة حركة #حماس جماهير الأمّة وأحرار العالم إلى التظاهر أمام السفارات الإسرائيلية والأميركية، احتجاجاً على… pic.twitter.com/lhCPwjlSU8
في هذا الإطار رأى الباحث الفلسطيني في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور منصور أبو كريم أن "الهدف من حملات شيطنة المقاومة هو التستر على العجز العربي الرسمي في ظل استمرار العدوان، وتواصل المعركة لستة شهور، وعدم تحميل الدول العربية أية مسؤولية سياسية أو أخلاقية عما يجري بحق الشعب الفلسطيني في غزة".
وردا على سؤال "عربي21" إن كانت المقاومة الفلسطينية باتت تشكل خطرا على السلم الأهلي في بعض الدول العربية، نفى أبو كريم أن تكون كذلك، مستدركا "لكن في المقابل حتى نكون موضوعيين، هناك دعوات إقليمية تصدر من بعض الأطراف الإقليمية تحاول زعزعة الاستقرار في الدول العربية، مثل الدعوة لتشكيل ميليشيا مساندة للمقاومة الفلسطينية في الأردن، وهذا بالطبع يشكل خطرا على الأمن الأردني".
وأضاف "بالتالي هناك محاولة إقليمية للاستفادة من حالة الصراع، وتصعيده في المنطقة، لا سيما أن الصراع في الشرق الأوسط على أوجه، فهناك صراع ما بين إسرائيل وإيران بالوكالة سواء في سوريا أو لبنان أو غزة، وهذه الحالة تشكل تهديدا للاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، وتسعى بعض الأطراف الإقليمية للاستفادة منها لزعزعة الاستقرار في الدول العربية".
وأرجع أبو كريم اشتداد حملة شيطنة المقاومة في الآونة الأخيرة إلى "وصول الأوضاع إلى حافة الانفجار، وصعوبة الوصول إلى تهدئة، وإصرار إسرائيل على استمرار العدوان مع عدم قدرة الأطراف العربية والدولية لكبح جماح القوة الإسرائيلية، لذا تظهر حملات ومحاولات تحميل المقاومة الفلسطينية تبعات ما يحدث من قتل وتدمير للشعب الفلسطيني بما يصب في شيطنتها".
د. منصور أبو كريم، باحث فلسطيني في الشؤون السياسية والعلاقات العامة
من جانبه لفت الكاتب والمحلل السياسي الأردني، حلمي الأسمر إلى أن "شيطنة المقاومة كانت منذ عملية طوفان الأقصى، لكنها ازدادت شراسة في الأيام الأخيرة، وغايتها حرف بوصلة "الطوفان"، التي كانت من أجل الأقصى والتي يجب أن تبقى كذلك، وهنا يجب الحذر الشديد من الوقوع في مخططات الكيان الصهيوني، الذي يسعى في إطار تصدير أزماته للخارج إلى افتعال الفتن في العالم العربي وتأجيجها، لحرف البوصلة عن فلسطين والأقصى ونصرة غزة ودعمها".
وأضاف "ولا يخفى أن اشتداد حملة شيطنة المقاومة يرجع إلى صمودها البطولي وصلابتها في مواجهة العدوان والاحتلال، وفاعليتها في أرض الميدان، وثباتها في مناجزة العدو خلال أشهر الحرب التي تقترب من شهرها السابع، وأما دوافع المنخرطين في تلك الحملة فتستهدف إضعاف المقاومة بكل الطرق وكشف ظهرها، وتسعى ثانيا، إلى حرمانها من قطف ثمار النصر، وهذا هو الهدف الأسمى والأهم لهم".
وواصل الأسمر حديثه لـ"عربي21" بالقول "يتمثل قطف ثمار نصر المقاومة بترسيخ نهجها المقاوم، وإعادة رسم خارطة المنطقة، وتغيير البيئة الاستراتيجية للمفاعيل التي توجه الأحداث وترسم السياسات، لذا فإن الجهود كلها الآن تتركز للحيلولة دون تمكين المقاومة من قطف ثمار نصرها، مع أنها انتصرت فعلا بصمودها وثباتها وتصديها البطولي للعدوان".
وعن اتهام المقاومة بإشعال الفتن الداخلية، وتهديد السلم الأهلي في الدول العربية، بدعوة الشعوب لنصرة غزة والتضامن معها، أوضح الأسمر أن مثل هذه التوجهات ما هي إلا "ترسيخ لذهنية سايكس بيكو التي قسمت المنطقة إلى جزئيات صغيرة لا تتوافر لديها مقومات الدولة، وترتب على هذا مصالح عديدة وطبقات من المستفيدين الذين رأوا في الزلزال الذي ضرب المنطقة خطرا يهدد مصالحهم ومكتسباتهم التي أحرزوها في المدة السابقة، ما حركهم بشراسة لمهاجمة المقاومة ونهجها".
وتابع "تلك الطبقات والنخب المستفيدة من تقسيمات سايكس بيكو ترى أن خط التحرير والمقاومة يتناقض مع مصالحها التي تحققت لها من قبل، ومع أنها كانت تتحدث كثيرا عن الوحدة العربية، والمصير المشترك، والأمة العربية الواحدة، إلا أننا حينما اقتربنا من أن نكون بالفعل أمة عربية واحدة حركتها المقاومة، وجعلت مشاعرها تتجه إلى الأقصى كنقطة مركزية جامعة انكشفت عورة تلك الطبقات والنخب، بما تقوم به من حملات شيطنة المقاومة ومحاربة نهجها".
حلمي الأسمر، كاتب ومحلل سياسي أردني
بدوره أكدّ الكاتب والباحث المغربي في العلوم السياسية، الدكتور عبد الرحمن الشعيري منظور أن دوافع حملات شيطنة المقاومة، وتحريض بعض الأنظمة العربية لقمع الفعاليات الداعمة لها "نابعة من الاصطفاف السياسي لمموّليها وتحالفهم مع دولة الاحتلال، وهي من استحقاقات توجهاتها في استئصال إرادة الشعوب في الوحدة والاستقلال والتحرر من الاستبداد السياسي، ومن هيمنة الاستكبار الغربي الذي تعد "إسرائيل" عنوانه الأبرز في المنطقة العربية".
وتابع في حواره مع "عربي21": "المقاومة الفلسطينية في صيغتها الإسلامية نأت بنفسها منذ التأسيس عن التدخل في الشأن الداخلي للدول العربية، ودعوات قادة المقاومة الشعوب العربية للمزيد من الحراك والضغط السياسي لإيقاف اتفاقيات التطبيع مع دولة الاحتلال تذكير لهذه الدول والشعوب بواجبهم تجاه فلسطين المحتلة، وثوابتها التاريخية المجمع عليها عربيا وإسلاميا".
وأردف: "لكن الحملات الإعلامية المغرضة تحاول استغلالها لتحريض الحكومات لقمع التظاهر السلمي لفلسطين، تماهيا مع تحالفها السياسي المطلق مع دولة الاحتلال بخلاف دول مثل المغرب والأردن اللذين توجد فيهما قوى سياسية مناهضة تاريخيا للتطبيع والاحتلال، وفيهما تقاليد سياسية تعد التظاهر السلمي من عناوينه البارزة رغم محاولات المنع والتضييق".
وأرجع منظور اشتداد حملة شيطنة المقاومة، وتوسع دائرة مهاجمتها إلى "صمود المقاومة والشعب الفلسطيني أمام وحشية جرائم الاحتلال، التي كشفته أمام شعوب العالم، وأظهرت هزيمته الأخلاقية، وكذلك إلى فشل خيارات الضغط السياسي لتصفية القضية الفلسطينية عبر المفاوضات الأخيرة، ثم انكشاف مخططات هذه الدول المتحالفة مع (إسرائيل) في القضاء على المقاومة، وفي استئصال القوى السياسية العربية المناهضة للاستبداد السياسي والاحتلال الإسرائيلي".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير غزة المقاومة الاحتلال الفلسطينية احتلال فلسطين مقاومة غزة تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة شیطنة المقاومة الدول العربیة أبو کریم
إقرأ أيضاً:
إرادة المقاومة سلاح فلسطين الأبدي
تبرز في قلب الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، المقاومة الفلسطينية كظاهرة سياسية وأيديولوجية معقدة، تتشابك فيها الأبعاد التاريخية والإنسانية مع الروايات الإعلامية.
اختارت المقاومة لأكثر من سبعة عقود، الاحتفاظ بسلاحها كخيار استراتيجي للدفاع عن الأرض والكرامة، في مواجهة احتلال متفوق عسكريا وسياسيا. يُثير موضوع تسليم السلاح جدلا عميقا: هل هو بوابة للسلام أم تنازل قد يُطيح بالقضية الفلسطينية؟
سأحاول أن أقوم بعرض معمق من الناحية السياسية والأيديولوجية والصحفية، لنكشف معا كيف يُشكل صمود المقاومة وعدم تسليم سلاحها للصهاينة سر قوتها، ولماذا يُمثل التخلي عنه تهديدا وجوديا للنضال الفلسطيني، ومخاطر التنازل، لنختتم بتأكيد أهمية الصمود كضرورة استراتيجية.
فلنبدأ معا هذه الرحلة مع:
1- الجذور التاريخية: بناء صمود المقاومة
لنفهم صمود المقاومة الفلسطينية، يجب أن نعود إلى نقطة البداية مع ظهور خطورة المشروع الصهيوني والتي نادى به قادة الرأي في العالم العربي، نتج عن هذا الوعي ثورة البراق والثورة الفلسطينية في عام 1936 وجهود الكثير من قادة العمل الميداني مثل الشيخ عز الدين القسام ومن تلاه من قادة الحركات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي، ثم أتت النكبة عام 1948 وتهجير أكثر من 700,000 فلسطيني وإعلان قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي على أراضيهم، وهذا وضع الأساس لنضال طويل. منذ ذلك الحين، تطورت المقاومة من احتجاجات شعبية إلى حركة مسلحة منظمة، مُثبتة قدرتها على الصمود في وجه تحديات هائلة، وهناك الكثير من الكتب التي تحدثت عن المقاومة التي أحدثت أثر في القضية الفلسطينية، مثل كتائب المتطوعين من الإخوان المسلمين في مصر وسوريا والعراق والأردن تحت قيادة أحمد عبد العزيز ومصطفي السباعي ومحمد الصواف ومصطفي الزرقا، مع حفظ الالقاب لهؤلاء القامات.
- تأسيس منظمة التحرير (1964):
أعلنت المقاومة الفلسطينية حمل السلاح كاستراتيجية لتحرير الأرض، مما جعل السلاح جزءا من الهوية النضالية.
- حرب 1967 (النكسة):
دفع احتلال الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية المقاومة لتكثيف عملياتها النوعية على ساحات الأراضي الفلسطينية المحتلة.
- الانتفاضتان (1987 و2000):
تجسدت انتفاضة الحجارة في عام 1987 وانتفاضة الأقصى في عام 2000 في مقاومة شعبية وعسكرية، وأكدتا أن السلاح ليس خيارا عابرا بل ضرورة مستمرة، كما نتج عن الأولى تأسيس حركة حماس وجهازها العسكري، والثانية بكثرة الأعمال النوعية التي أجبرت الاحتلال لأول مرة الانسحاب من قطاع غزة في عام 2005.
التحديات
لم تنثن المقاومة أو تحيد عن مسارها رغم التفوق العسكري للاحتلال والحصار الاقتصادي على غزة منذ 2007، والضغوط الدولية.
هذا الصمود ليس مجرد رد فعل، بل استراتيجية متجذرة في إرادة شعب يرفض النسيان والتفريط في أرضه عبر عقود من الزمن تقترب الآن من العقد الثامن للاحتلال.
2- البعد السياسي: السلاح كورقة قوة
يشكل السلاح في المشهد السياسي أداة تفاوضية لا غنى عنها، وفي عالم تحكمه توازن القوى، يمنح السلاح المقاومة حضورا لا يُمكن تجاهله، مما يجعلها لاعبا رئيسا في أي حوار سياسي، حيث إن هذا العالم لا يعرف إلا لغة القوة وما المقاومة في فيتنام والصومال وجنوب أفريقيا عنا ببعيد.
المفاوضات: دروس من التاريخ
تظهر مخاطر اتفاقية أوسلو (1993) في التنازل دون ضمانات، حيث وافقت السلطة الفلسطينية على الاعتراف بإسرائيل مقابل وعود بإقامة دولة، فتنازلت منظمة التحرير أولا عن سلاحها ثم عن 77 في المئة من الأرض مقابل 23 في المئة، فتفاجأت بتفاوض الاحتلال على المساحة التي رضيت بها منظمة التحرير وأبو عمار ياسر عرفات حينها بالإضافة إلى مواصلة الاحتلال في التوسع الاستيطاني. هذا الواقع يُبرز أن السلاح يُعزز الموقف التفاوضي، بينما غيابه قد يُحول الفلسطينيين إلى طرف ضعيف يسهل تهميشه، وهذا ما حدث فيما يسمى باتفاقية أوسلو.
الضغوط الدولية
تضغط الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، على المقاومة لنزع سلاحها، وهذا ما تظهره وسائل الإعلام العربية والعالمية إنهاء الحرب مقابل السلاح وإدخال المساعدات الإنسانية وفتح المعابر، لكن هذه الضغوط تُقابل برفض فلسطيني بغض النظر عن موقف السلطة الفلسطينية المخزي المتمثل في التنسيق الأمني مع أجهزة الاحتلال وتتبع المقاومين في الضفة.
ويعد السلاح آخر خطوط الدفاع في مواجهة الاحتلال المدعوم عالميا بكل سبل الدفاع وأحدثها.
سياسيا، يُعد الاحتفاظ بالسلاح ردا على اختلال موازين القوى، وتأكيدا على أن السلام لا يُمكن أن يُبنى على الاستسلام.
استراتيجية الردع
لا يعد إطلاق الصواريخ من غزة، كما في حروب 2008 و2014، وما تلاها من حروب على القطاع حتى الطوفان، مجرد عمل عسكري، بل رسالة سياسية فحواها أن أي عدوان إسرائيلي سيكون له ثمن. هذا الردع يُجبر إسرائيل على التفكير مرتين قبل كل هجوم، مما يُعزز من مرونة المقاومة في المفاوضات غير المباشرة.
3- البعد الأيديولوجي: السلاح كرمز للكرامة
يتجاوز السلاح دوره العسكري أيديولوجيا ليُصبح رمزا للهوية والكرامة، في ظل مساعي احتلال يسعى دائما إلى طمس الوجود الفلسطيني، فيأتي هنا دور السلاح فيمثل تعبيرا عن الرفض والأمل.
السلاح في الوعي الجمعي
يُمجَد السلاح في الثقافة الفلسطينية، كأداة للتحرير والدفاع عن الأرض والعرض، فتجد في الأغاني "موئيل الهوارة" والشعارات الشعبية تُصور المقاومين كرموز للعزة. هذا البعد الأيديولوجي يُغذي الروح المعنوية، مُلهما الأجيال لمواصلة النضال.
رفض التنازل: مسألة مبدأ
تتفق فصائل المقاومة، سواء القومية كفتح أو الإسلامية كحماس والجهاد، على أن تسليم السلاح يُعادل الخيانة. أيديولوجيا، السلاح ليس مجرد خيار تكتيكي، بل تجسيد لمبدأ "المقاومة حتى التحرير". التخلي عنه قد يُفسر كتخلٍ عن الحلم بفلسطين المستقلة من النهر الى البحر.
الصراع على الهوية
تسعى إسرائيل لفرض رواية تُلغي الهوية والرواية الفلسطينية مع محاولة الاحتلال فرض سردية منافسة للسردية الفلسطينية التي نجحت في فرض نفسها بعد بداية الطوفان.
يشكل السلاح درعا ضد هذا المسعى، ويعزز الاحتفاظ به الإحساس بالسيادة، حتى في ظل الاحتلال، ويُرسخ فكرة أن الفلسطينيين ليسوا ضحايا فقط، بل مقاتلون من أجل حقهم.
4- البعد الإعلامي: الإعلام وتشكيل الرواية
يلعب الإعلام دورا محوريا في الصراع، حيث تتصارع الروايات على كسب الرأي العام. والتغطية الصحفية للمقاومة تتراوح بين الشيطنة والتمجيد، مما يؤثر على صورتها ودعمها.
الرواية الغربية
يركز الإعلام الغربي، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، على العمليات المسلحة للمقاومة دون سياقها، مُصورا إياها كـ"إرهاب"، في حين أنه يتجاهل الوجه الآخر للاحتلال فيتجاهل آلة القتل والتنكيل والحصار في حق الشعب الفلسطيني.
هذا التحيز يتجاهل جذور الصراع -الاحتلال والنكبة- ويُبرر الدعم الغربي لإسرائيل. على سبيل المثال، تغطية حرب 2014 ركزت على الصواريخ الفلسطينية، بينما قللت من تأثير القصف الإسرائيلي على المدنيين.
الرواية العربية
في المقابل، يُظهر الإعلام العربي تعاطفا مع المقاومة، مُبرزا صمودها كرمز للنضال العربي. قنوات مثل "الجزيرة" والقنوات الأخرى التي تُسلط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية وفضح الاحتلال وممارساته ضد الشعب الفلسطيني المحتل على مدار ما يقرب من 8 عقود من الزمن.
التأثير على الدعم الدولي
تشكل التغطية الصحفية الرأي العام، وبالتالي السياسات الدولية. فالرواية الغربية تُضعف التعاطف مع الفلسطينيين، بينما الرواية العربية تُعزز التضامن الإقليمي. لكن غياب تغطية متوازنة يُعيق فهم الصراع بعمق، مما يُقلل من فرص الضغط لإيجاد حل عادل.
الحاجة إلى صحافة موضوعية
نحتاج إلى صحافة تلك التي تتجاوز الاستقطاب، مُقدمة تحليلا يُبرز تعقيدات الصراع: لماذا تحتفظ المقاومة بالسلاح؟ ما هي مخاطر التخلي عنه؟ هذا النهج قد يُساهم في تغيير النظرة العالمية للقضية.
5- تسليم السلاح: تهديد سياسي وأيديولوجي
تسليم السلاح للصهاينة قد يكون كارثة وجودية للقضية الفلسطينية، سياسيا وأيديولوجيا.
الضعف السياسي
تفقد المقاومة بدون سلاحها القدرة على المواجهة، مما يُعزز سيطرة الاحتلال. يظهر التاريخ أن إسرائيل لا تُقدم تنازلات إلا تحت الضغط، كما في انسحابها من لبنان عام 2000. فتسليم السلاح يُتيح لإسرائيل فرض حلول تُلغي الحلم بالدولة الفلسطينية.
الانهيار الأيديولوجي
يمثل السلاح شعبيا شعورا بالأمل والتخلي عنه قد يُشعر الفلسطينيين بالعجز، مُهددا التضامن الداخلي.
أيديولوجيا، سيُنظر إليه كاستسلام يُناقض مبادئ النضال، مما قد يُضعف الروح المعنوية ويُلهم الانقسامات.
التأثير الدولي
يعتمد الدعم الإقليمي من دول مثل إيران ولبنان واليمن على صورة المقاومة كقوة صامدة. ويعد تسليم السلاح تقليلا من هذا الدعم، مُعرضا الفلسطينيين لمواجهة أحادية في مواجهة إسرائيل وحلفائها.
6- الدعم الدولي والإقليمي: شبكة الصمود
يشكل الدعم الخارجي رافعة للمقاومة، لكنه يعتمد على قوتها المسلحة.
- إيران: تُقدم دعما عسكريا لحماس والجهاد، مُعززة قدراتها في مواجهة إسرائيل.
- تركيا والشعوب العربية: تُظهر تضامنا سياسيا وشعبيا، يتغذى على صورة المقاومة الصامدة.
تسليم السلاح قد يُضعف هذه الشبكة، حيث ستفقد المقاومة جاذبيتها كقوة نضالية.
7- الصمود كضرورة حتمية
في النهاية، صمود المقاومة الفلسطينية وعدم تسليم سلاحها للصهاينة ليس خيارا، التنازل عنه دون السعي لاستراتيجيات سياسية تُكمل هذا المسار لتحقيق العدالة والحرية؛ قد يُنهي النضال.