"النمساوية" تنضم إلى "لوفتهانزا" في عدم استخدام الأجواء الإيرانية حتى 18 الجاري
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
أعلنت الخطوط الجوية الألمانية "لوفتهانزا" وفرعها "أوستريان إيرلاينز" تعليق رحلاتهما من وإلى طهران حتى 18 أبريل ضمنا "بعد تقييم دقيق للوضع" وأنهما لن تستخدما المجال الجوي الإيراني.
وبرر متحدث باسم شركة الخطوط الجوية الألمانية هذا القرار "بسبب الوضع الحالي مع التوترات في منطقة الشرق الأوسط" مشيرا إلى أن "شركة الطيران لم تعد تستخدم المجال الجوي الإيراني".
ويأتي قرار "أوستريان إيرلاينز" أمس الجمعة في خطوة مماثلة لـ"لوفتهانزا" وقالت الأولى في بيان: "سلامة ركابنا وطاقمنا هي أولويتنا القصوى"، مضيفة أنها "تقيم باستمرار الوضع في الشرق الأوسط".
وكانت إيران قد تعهدت بالرد على استهداف إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل وأدت إلى مقتل 7 من عناصر الحرس الثوري بينهم ضابطان رفيعا المستوى.
من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة الجمعة إرسال تعزيزات إلى الشرق الأوسط في حين أن إسرائيل في حالة تأهب لهجوم إيراني محتمل.
المصدر: أ ف ب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار إيران أخبار سوريا الجيش الإسرائيلي الجيش الإيراني الحرب على غزة الشرق الأوسط برلين تل أبيب دمشق شركات طائرات طهران فيينا قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ترامب يوقف حرب غزّة.. خطة سلام أم فخّ لإعادة رسم الشرق الأوسط؟
مقدمة: بين هدنةٍ إنسانية ومشروعٍ سياسيٍّ مموّهبعدَ عامين من انطلاقِ طوفانِ الأقصى، وعام كاملٍ من الحربِ المدمِّرة في قطاعِ غزّة، خرجت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب لتطرح ما وُصف بأنه خطة شاملة لوقف الحرب.
الخطة التي كشفت عنها قناة الجزيرة تتضمّن بنودا تنفيذية دقيقة تبدأ بوقف إطلاق النار خلال 72ساعة، وتنتهي بتسليم الأسرى وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية، لكنها في الجوهر تتجاوز البعد الإغاثي لتلامس قلب المعادلة السياسية في المنطقة.
فهذه الخطة ليست مجرّد مبادرة إنسانية عابرة، بل مشروع لإعادة ترتيب البيت الشرق أوسطي وفق الرؤية الأمريكية الجديدة التي يسعى ترامب إلى ترسيخها كإرثٍ سياسيٍّ في ولايته الثانية والأخيرة.
أولا: ملامح الخطة ومضامينها العميقة
تقوم "خطة ترامب لوقف الحرب في غزة" على ثلاث ركائز رئيسة:
1- هدنة قصيرة الأمد تستمرّ 72 ساعة لتهيئة الانسحاب الإسرائيلي من محيط القطاع.
2- تبادل متزامن للأسرى والمعلومات بين حماس وإسرائيل، بإشراف الصليب الأحمر ووساطة مصرية وقطرية.
3- فتح شامل للمعابر وإدخال المساعدات بما لا يقلّ عن 600 شاحنة يوميا، وإطلاق مشاريع عاجلة لإزالة الركام وإعادة تشغيل محطات الكهرباء والمياه.
ظاهريا، يبدو الأمر إنسانيا بحتا؛ غير أنّ المتعمق في نصوص الوثيقة يلحظ أنّها تمهّد لمرحلة جديدة من إدارة الصراع لا إنهائه، عبر تدويلٍ مدروس للقطاع، يُمكّن واشنطن من إعادة الإمساك بخيوط اللعبة الإقليمية بعد سنواتٍ من الارتباك في عهدَي أوباما وبايدن.
ثانيا: خلفيات القرار الأمريكي ودلالاته
يُدرك ترامب أنّ استمرار الحرب أضعف صورة الولايات المتحدة عالميا، وعمّق الفجوة بين واشنطن وحلفائها العرب، كما زاد من نفوذ محور موسكو-بكين-طهران في الشرق الأوسط، لذلك سعى إلى تثبيت حضور أمريكا كقوة ضابطة، ليس عبر السلاح بل عبر إدارة ما بعد الحرب.
فهو لا يسعى إلى "سلامٍ دائم" بالمعنى الكلاسيكي، بل إلى هدوءٍ قابلٍ للتحكم، يسمح له بإعادة بناء التحالفات العربية على قاعدة المصالح الأمنية والاقتصادية المشتركة، مع إبقاء السيطرة الأمريكية على مفاتيح التمويل والإعمار.
بهذا، تحاول واشنطن أن تُظهر نفسها كمنقذٍ من الأزمة، بينما تُبقي جذور الصراع حيّة لتظلّ المنطقة بحاجةٍ دائمةٍ إلى إشرافها السياسي والعسكري.
ثالثا: إسرائيل بين انسحابٍ ميدانيٍّ وفشلٍ استراتيجيٍّ
من الجانب الإسرائيلي، تمثل الخطة اعترافا غير معلنٍ بالعجز عن تحقيق الحسم العسكري.
فبعد عامين من طوفان الأقصى، لم تتمكّن تل أبيب من القضاء على البنية العسكرية للمقاومة، رغم الدمار الهائل الذي خلّفته في القطاع.
الانسحاب التدريجي من محيط غزة ليس نصرا تكتيكيا، بل إعادة تموضعٍ اضطرارية تحت غطاء الاتفاق الأمريكي.
إسرائيل خرجت من الحرب مثقلة بالخسائر البشرية والاقتصادية وبانقسامٍ داخليٍّ متفاقم، وهي اليوم تبحث عن مخرجٍ يحفظ ماء وجهها دون أن تعترف بالهزيمة صراحة.
رابعا: الدور العربي والإقليمي في إدارة ما بعد الهدنة
الخطة أعادت رسم الأدوار الإقليمية بوضوح:
- مصر استعادت موقعها المحوري كوسيطٍ رئيسيٍّ، مع ضماناتٍ أمريكية بإدارة مشتركة لمعبر رفح وتشغيله في الاتجاهين.
- قطر عادت إلى واجهة التمويل الإنساني والسياسي للقطاع.
- تركيا تترقّب مساحة المشاركة في الإعمار وفي ترتيبات الأمن البحري والجوي، خصوصا في ظلّ تزايد ثقة واشنطن بقدراتها في ضبط التوازنات.
لكنّ الأهم هو أنّ الشعوب العربية والإسلامية لم تعد متلقية صامتة؛ فالمزاج الشعبي الرافض للاعتداءات المتكررة على الفلسطينيين قد يشكّل ضغطا متزايدا على الأنظمة الرسمية، وربما يمهّد لمرحلة جديدة من الصحوة السياسية والإيمانية تعيد ترتيب أولويات المنطقة.
خامسا: المقاومة الفلسطينية.. الرقم الصعب في كل المعادلات
رغم الحصار والدمار، أثبتت المقاومة أنّها الرقم الذي لا يمكن تجاوزه. فهي لم تنهزم عسكريا، بل نجحت في استنزاف الجيش الإسرائيلي وفرض معادلة "الردّ بالردّ" حتى اللحظة الأخيرة. كما أنّها اليوم أمام اختبارٍ جديد: كيف تُحافظ على تماسكها العسكري والسياسي داخل هدنةٍ قد تُستغلّ لإعادة هندسة القطاع؟
ومهما كان حجم الضغوط، يبقى أنّ أيّ اتفاقٍ لا يضمن سيادة الشعب الفلسطيني على أرضه ومقدّراته سيكون هشّا ومؤقتا، ذلك لأن المقاومة لا تستمدّ شرعيتها من رعاية الخارج، بل من نبض الشارع ودماء الصمود الممتدّة منذ عقود.
سادسا: الاحتمالات المستقبلية
1- تهدئة قابلة للتمديد: إذا نجح تنفيذ الاتفاق الإنساني، قد تتحوّل الهدنة إلى مسارٍ سياسيٍّ جديد يعيد ترتيب العلاقة بين الفصائل الفلسطينية والمجتمع الدولي.
2- عودة التصعيد: أيّ خرقٍ إسرائيلي أو محاولةٍ لتقويض المقاومة قد تُعيد إشعال الميدان بسرعة أكبر.
3- إدارة دولية للقطاع: احتمال تشكيل قوّة رقابية أو عربية- دولية لإدارة غزّة مؤقتا، وهو خيارٌ يحمل في طيّاته الكثير من الحساسية.
4- صحوة شعبية عربية وإسلامية: الاحتمال الأكثر تفاؤلا، حيث تُعيد الجماهير فرض القضية الفلسطينية على جدول السياسات الإقليمية، وتكسر احتكار القوى الكبرى لرسم مستقبل المنطقة.
خاتمة: الهدنة ليست قدرا مقدورا
إنّ خطة ترامب لوقف حرب غزة لا ينبغي أن تُقرأ كقَدَرٍ محتومٍ لا يُمكن دفعه، بل كاختبارٍ جديدٍ لإرادة الشعوب وقدرة المنطقة على صياغة مستقبلها بيدها. فما يجري في فلسطين ليس مسألةَ "سلامٍ عادل" ولا "تسويةٍ مقبولة"، بل نضالٌ طويلٌ من أجل التحرير الشامل للأراضي الفلسطينية المحتلة.
الشعب الفلسطيني لا يقبلُ بأقلّ من استعادةِ كامل حقوقه الوطنية والسيادية، ويؤمنُ أنَّ الكيانَ المحتلَّ مصيره إلى زوالٍ لا محالة. والهدنةُ، إن وُفِّقَت، يجب أن تكون بوابة لإطلاقِ مسارٍ يضمنُ الكرامةَ والعودةَ والحريةَ، لا حصارا سياسيا يمهّد لإدارةٍ مؤقتةٍ تُبقي الاحتلال في صورٍ أخرى. فالتاريخ لا يُكتَب باتفاقياتِ الورق، بل بإرادة الشعوب وصمودِها.