هذه الأسطر موجهة إلى مسئولى وإلى وزارتى «التربية والتعليم» و«التعليم العالى» واستهلها بحديث رسولنا الكريم «ص» (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء)، ولا جدال أن كل الأديان السماوية تدعو إلى الرحمة، وفى القوانين الأرضية التشريعية، يلتمس القضاة الرحمة ما استطاعوا وهم يطبقون العدل، مستندين إلى روح القانون على أمل الإصلاح للمتهمين ومنحهم فرصة أخرى للحياة السوية، فما بالنا والرحمة التى يحتاجها المرضى!.
هل هناك من يحتاج إلى الرحمة والمساعدة أكثر من مريض بمرض عضال؟، فما بال هذا المريض لو كان يحاول بكل ما تبقى لديه من قوة وطاقة ألا يستسلم لليأس ولبراثن المرض لتقضى عليه، ويحارب قسوة الحياة وآلامه من أجل صناعة مستقبل علمى ومهنى لنفسه، حتى لو كان هذا الأمل باهتًا وشاحبًا كصحته، لكنه يجاهد ليشعر أنه شيء فى الحياة حرمته من صحته ولكن لم تسلب إرادته.
إسلام، صبى يافع، النظرة فى وجهه تساوى الدنيا وما عليها بالنسبة لوالديه، كان يستعد لدخول امتحانات الثانوية العامة، وفى لحظة فجائية قست فيها الحياة، سقط إسلام مغشيًا عليه بعد نوبات صداع عنيف وقيء، اعتقد والديه إنها نزله برد أو فرط إجهاد من المذاكرة، أو أى عرض مرضى بسيط، وتم عرضه على طبيب انف أذن وحنجرة، ثم طبيب باطنة، غير أن كم الأدوية التى وصفت له لم تثمر عن أى تحسن، وإذا ببصره يضعف أيضاً فجأة، ويصاب بازدواج فى الرؤيا مع استمرار الصداع، وهنا اكتشف طبيب العيون إصابة إسلام بورم فى المخ وطالب والديه بسرعة التوجه إلى أخصائى مخ وأورام، وبالفعل تم حمله من المنصورة حيث تقيم الأسرة وجاءوا به للقاهرة، وكانت الصدمة التى كشفتها الأشعة أن الورم خبيث وبحجم برتقالة، وفى المرحلة الرابعة، أى مرحلة متأخرة، ويجب إجراء جراحة خلال ساعات تتكلف 70 ألف جنيه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه خلال، كانت كلمات الطبيب صادمة أيضاً، بأن نتيجة الجراحة غير مضمونة، ويمكن معها أن يتوفى أو يصاب بالشلل أو بالعمى.
رفض الأب والأم الانصياع لكلام الطبيب الذى أنبأهم بمخاطر الجراحة، وتوجهوا به إلى مستشفى 57، وهناك تقرر إجراء جراحة له فى اليوم التالى استغرقت 16 ساعة، حيث تم استئصال الورم، وتركيب صمام لشفط المياه الزائدة على المخ، ولعدم توافر غرفه ليحتجز بها باقى فترة العلاج بالمستشفى، تم تحويل المنزل إلى مستشفى معقم، وقد انتقلت أسرته للقاهرة تاركة كل حالها فى المنصورة لأجله.
وأعفى القارئ من المتاعب التى بذلتها الأم لتعقيم البيت وغرفته، والتعامل معه من مسافة بعيدة من خلال كمامات وملابس معقمة وأدوات خاصة، مع أنواع مخصصة من الطعام والشراب، إلخ.
وتم بعدها إجراء جراحة أخرى لاستئصال باقى الورم، وأعقب ذلك 32 جلسة إشعاع، بمعدل خمسة جلسات فى الأسبوع بجانب جلسة كيماوى، وكان إسلام يضطر للعودة للمنزل عقب كل جلسة لعدم توافر مكان بالمستشفى، وكان لكل هذا أثارًا جانبية عنيفة من ألام بشعة، التهابات بالفم والجلد والبول وغيرها، فكانت مسكنات الترامادول هى الوحيدة التى تجعله يحتمل كل تلك الآلام، وتم بعدها مواصلة جلسات أخرى للكيماوى مما اثر سلبًا على مناعته الطبيعية وأصيب جسده بالضعف العام، حتى اضطر الطبيب لتوقيف جلسات الكيماوى بعد أن بات مهددًا بالموت.
بين كل هذا كان إسلام لحكمة قدرية مصرًا على استكمال مذاكرته لخول امتحانات الثانوية العامة، عله شعور خفى لديه بالرغبة فى أن يجلب لوالديه لمسة فرحة بنجاحه، عسى أن يهون عليهم رحلة العذاب التى يخوضانها معه، كان مدمرًا نفسيا وجسديًا، لكنه يصارع ليصنع لنفسه أملًا فى الحياة، وتم عمل لجنة خاصة له فى مستشفى 57 مع تسعة آخرين من المصابين بهذا المرض الخبيث وخلال أيام الامتحان، توفى طالبان من رفاقه فى المرض والمأساة، وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ارحموهم 1 فكرية أحمد التعليم العالى
إقرأ أيضاً:
في اليوم العالمي.. وكيل الأوقاف: الطبيب البيطري حارس على بوابة صحة الإنسان
شهد الدكتور أيمن أبو عمر وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة احتفالية النقابة العامة للأطباء البيطريين باليوم العالمي للطبيب البيطري، برئاسة الدكتور مجدي حسن نقيب عام الأطباء البيطريين، بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحت شعار: "منظومة متكاملة لتنمية مستدامة"، بحضور الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، والدكتورة رولا شعبان نقيب الأطباء البيطريين بالإمارات.
وفي كلمته، نقل الدكتور أيمن أبو عمر تحيات الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف وتقديره البالغ لهذه الدعوة الكريمة ولهذا الجمع المبارك الذي نحيي فيه مهنة شريفة تستحق التقدير والتكريم، هي مهنة الطبيب البيطري، التي تجسد في جوهرها معنى الرحمة والإحسان العملي .
وأكد أن من يتأمل في كتاب الله - عز وجل -، يجد أن الحيوان ليس كائنا مهمشا في المنظور القرآني، بل هو جزء أصيل من البنية الكونية التي خلقها الله بحكمة بالغة، فيكفي أن نعلم أن من أسماء السور في القرآن: سورة البقرة، سورة النحل، سورة النمل، سورة الفيل، سورة العنكبوت، سورة العاديات… وغيرها، مما يشير إلى حضور رمزي ومعنوي للحيوان ككائن له مكانته، ودلالاته، وفاعليته في التوازن البيئي، بل وفي الهداية الإيمانية.
كما أن القصص القرآني احتوى مشاهد مؤثرة؛ كقصة هدهد سليمان الذي جاء بخبر يقود إلى هداية أمة، ونملة خاطبت قومها بلغة الوعي: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم}، وغيرها من القصص.
وأشار إلى أن التنبيه الإلهي جاء صريحا في قوله تعالى:{وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم}، فإذا كان الحيوان أمة، فكيف لا يكون للطبيب الذي يخدمه شرف الرسالة.
وأضاف وكيل وزارة الأوقاف قائلا: "إن الطبيب البيطري ليس مجرد اختصاصي أو خبير في صحة الحيوان، بل هو حارس على بوابة صحة الإنسان، وركيزة من ركائز الأمن الغذائي، ومفتاح من مفاتيح التوازن البيئي، وأن ما يبذله من جهد في مكافحة الأمراض، أو حماية الثروة الحيوانية، أو تأمين الغذاء، هو عبادة وعمل وطني ورسالة إنسانية في آن واحد".
وأوضح أن الحضارة الإسلامية عرفت الطب البيطري باكرا، واعتنت به عناية كبيرة، فكانت له مكانة في دواوين الدولة، وكان يعرف المشتغل به بلقب البيطار.
وأشاد بهذا اليوم والاحتفال به، حيث قال: "وإننا اليوم إذ نحيي ذكري اليوم العالمي لهذه المهنة الرفيعة، نحيي معها قيمة عظيمة وركنا من أركان ضمير الأمة، فإن من رحم الحيوان رحمه الرحمن، وعلم أن لهذه المخلوقات حقا على من مكنه الله من علاجها، كما أن لها لسانا صامتا يشكو إلى ربه من يهملها".
وفي ختام كلمته أكد وكيل وزارة الأوقاف، أن الوزارة بقيادة الدكتور أسامة الأزهري تؤمن بأن بناء الوعي لا يكتمل إلا إذا أحسنا تكريم أصحاب الرسالات الصامتة، أولئك الذين يسهرون على حياة من لا ينطقون، ولكن أثرهم ينطق في الميدان، في الاقتصاد، في صحة المجتمع، بل في ميزان الله جل جلاله.
وأنهى فضيلته حديثه قائلا: "كل التحية للطبيب البيطري، فما من ألم تخففونه إلا ويشهد لكم، وما من حياة تنقذونها إلا ويكتب لكم أجرها، وما من كبد تروى على أيديكم إلا وتكون شاهدة لكم أمام الله يوم القيامة، بارك الله فيكم، وسدد خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".