عربي21:
2025-05-18@19:07:52 GMT

استقالة هاليفا في اليوم 200 من الحرب.. نظرة استراتيجية

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

استقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، أهارون هاليفا، متحمّلا مسؤولية شعبته عن فشلها في التنبّؤ بعملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، وقد جاءت الاستقالة سريعة بعد الضربة الإيرانية لـ"إسرائيل" في 14 نيسان/ إبريل 2024 ردّا على قصف هذه الأخيرة للقنصلية الإيرانية في دمشق في الأوّل من نيسان/ إبريل 2014، والتي أسفرت عن مقتل 16 شخصا، من بينهم محمد رضا زاهدي، القائد الكبير في "فيلق القدس"، وعدد آخر من الضباط الإيرانيين.



بعد الضربة الإيرانية، استُدعي الفشل الاستخباراتي العسكري في السابع من أكتوبر مجدّدا، وجرى الحديث تحديدا عن شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، والوحدة 8200، وهي الوحدة الأكبر في "أمان" والمسؤولة عن جمع المعلومات وتحليلها.

تكشف الاستقالة عن عجز المؤسسة الإسرائيلية عن إرجاء انقساماتها إزاء الواقع الاستراتيجي الجديد الذي أوجدته حماس بعمليتها "طوفان الأقصى" إلى ما بعد انتهاء الحرب، إلا أنّ أهمّ ما تدلّ عليه الاستقالة حالة "الانكشاف الاستراتيجي" الذي وضعت فيه عملية حماس "إسرائيل" وبنحو غير مسبوق طوال تاريخها.

تكشف الاستقالة عن عجز المؤسسة الإسرائيلية عن إرجاء انقساماتها إزاء الواقع الاستراتيجي الجديد الذي أوجدته حماس بعمليتها "طوفان الأقصى" إلى ما بعد انتهاء الحرب، إلا أنّ أهمّ ما تدلّ عليه الاستقالة حالة "الانكشاف الاستراتيجي" الذي وضعت فيه عملية حماس "إسرائيل" وبنحو غير مسبوق طوال تاريخها
لقد اعتادت "إسرائيل" على تحويل الفشل إلى فرصة، لكنّها هذه المرّة والحرب في يومها 200، لم تتمكن بعد من الخروج من المعضلة الاستراتيجية التي وجدت نفسها فيها. حتى التدمير الكامل والممنهج لقطاع غزّة، وهو ما يمكن أنّ تُرى فيه فرصة لـ"إسرائيل"، ينطوي في عمقه على نقيض كلّ المكاسب التي حققتها "إسرائيل" منذ توقيع اتفاقية أوسلو وإلى اليوم، فإمّا أن تنهي الحرب وتنسحب "إسرائيل" من القطاع بما يعني من جهة ما هزيمة واضحة، أو الاستمرار غرقا في حقائق القضية الفلسطينية المتجددة بعدما سعت في طمسها طوال العقود الماضية مستثمرة في مشروع التسوية.

يمكن الحديث في اليوم 200 من الحرب العدوانية الإسرائيلية على غرة، عن ثلاث قضايا أساسية تعانيها "إسرائيل" وبنحو غير مسبوق، وبما جعلها غير قادرة على إرجاء التلاوم وتدفيع الأثمان وتصفية الحسابات.

القضية الأولى.. هي الفشل المركب، ابتداء من الفشل بقراءة نوايا حماس، ثمّ الفشل في تحقيق سريع لأهداف الحرب، ففي اليوم 200 من الحرب الأطول في تاريخ "إسرائيل" لم تتمكن من تفكيك حماس أو القضاء عليها، ولا من استرجاع الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة أحياء، والمعركة تدور أساسا في جغرافيا بالغة الصغر، ضدّ تنظيم صغير ومحاصر يقاتل بأسلحة خفيفة مصنعة محليّا، يفترض أن الاحتلال خطط وتدرب طويلا للقتال معه.

القضية الثانية.. أنّ هذا الفشل المركب عمّق من الانكشاف الاستراتيجي للاحتلال، فجذر هذا الانكشاف بما أظهرته عملية حماس من ضعف ذاتي إسرائيلي، ومن إمكانية الانتصار على "إسرائيل" في حال توفرت الإرادة وحسن التخطيط، وفي هذا الإطار. ينضمّ الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي الذاتي إلى الاجتراء الفلسطيني عليها، ثمّ تأتي بعد ذلك الضربة الإيرانية، التي ترى فيها بعض القراءات الإسرائيلية، أنّها ما كانت لتأتي لولا عملية "طوفان الأقصى". أمّا الفشل المركب، من طول الحرب في مواجهة تنظيم صغير وبما لا يقبل المقارنة أصلا، فهو من العناصر الإضافية للانكشاف الاستراتيجي، وبما يعمّق من المعضلة الاستراتيجية.

القضية الثالثة.. هي المعضلة الاستراتيجية، فالخيارات الإسرائيلية بالقراءة السياسية المجردة صعبة. فالانسحاب والانكفاء عن الحرب يمكن تصويره بالهزيمة الواضحة، والاستمرار فيها يعني الانتقاص من المكاسب التي حققتها "إسرائيل" طوال العقود الماضية في سبيل طمس القضية الفلسطينية وتجاوزها إلى الأبد، وتكريس نفسها قائدة لتحالف يضعها على رأس عدد من الدول العربية.

لا يمكن الاستثمار في الفشل الإسرائيلي دون وجود طرف آخر يملك الإرادة والمبادرة. فعملية "طوفان الأقصى" لم تكشف عن فشل "إسرائيلي" فحسب، بل وعن موات عربيّ عميق باعث على اليأس. وأمّا "محور المقاومة" وبالرغم من إسهامه في التأكيد على الانكشاف الإسرائيلي وإسناد غزّة، فإنّه من جهة لم يكن مؤثّرا بالقدر الكافي على مجريات الحرب في غزة وكبح عملية الإبادة الجماعية فيها، ومن جهة ثانية تبدو إرادته غارقة في الحسابات السياسية الثقيلة مما قد يفوّت هذه الفرصة التاريخية
لا يمكن فصل هذه القضايا الثلاث عن الظرف الإسرائيلي الذاتي، فتحميل المسؤولية للمستويات العسكرية والاستخباراتية يتجاوز عن كون متخذ القرار النهائي، سواء بكيفيات التعامل مع الواقع في غزة، بما في ذلك حركة حماس أو في ضرب القنصلية الإيرانية، هو المستوى السياسي، فالعامل الفني هو عنصر واحد فقط في هذه الحالة التي هي سياسية بامتياز.

لا شكّ أنّ "إسرائيل" أمام تحدّ كبير، فهي ليست في مسار واحد، أي مسار التراجع والتفكك، فثمّة مسار آخر تسابق ليكون هو المسار الغالب، أي مسار مراجعة أسباب الفشل ومحاولة تجاوزه وتحويله إلى فرصة، وهي بوصفها دولة قوية معززة بالإرادة الغربية وتملك حتى اليوم مجتمعا فيه مظاهر مبادرة واضحة وقدرا من الحيوية اللافتة، تستطيع أن تدخل في سباق ذاتيّ مع النفس.

يبقى في عناصر ضعف العامل الذاتي، أنّ غلبة الانتهازية السياسية ما تزال قائمة ممثلة في الفساد السياسي الذي يجسده نتنياهو، عقدة "إسرائيل" المستعصية منذ عقدين، ثم يبقى العقل الخلاصي الذي تمثله قوى الصهينوية الدينية التي لا تقيم وزنا للحسابات الاستراتيجية والسياسية، مما قد يجعل المراجعات الإسرائيلية قاصرة عن التكيف الصحيح مع الوقائع الجديدة، والعودة بالمراجعة فقط إلى العوامل الفنية والتقنية.

أمّا موضوعيّا.. فلا يمكن الاستثمار في الفشل الإسرائيلي دون وجود طرف آخر يملك الإرادة والمبادرة. فعملية "طوفان الأقصى" لم تكشف عن فشل "إسرائيلي" فحسب، بل وعن موات عربيّ عميق باعث على اليأس. وأمّا "محور المقاومة" وبالرغم من إسهامه في التأكيد على الانكشاف الإسرائيلي وإسناد غزّة، فإنّه من جهة لم يكن مؤثّرا بالقدر الكافي على مجريات الحرب في غزة وكبح عملية الإبادة الجماعية فيها، ومن جهة ثانية تبدو إرادته غارقة في الحسابات السياسية الثقيلة مما قد يفوّت هذه الفرصة التاريخية التي يُسابق فيها مجتمع الاحتلال وداعموه لتحويل الفشل إلى فرصة من جديد.

twitter.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيرانية إسرائيل حماس غزة إيران إسرائيل حماس غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى الحرب فی من جهة

إقرأ أيضاً:

سقوط 32 شهيدا في غزة على خلفية توسيع إسرائيل هجومها رغم تزايد دعوات الهدنة

أفاد الدفاع المدني في قطاع غزة بمقتل 32 شخصا على الأقل، مع إعلان الجيش الإسرائيلي توسيع نطاق هجومه رغم الدعوات الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بعد 19 شهرا من الحرب المدمرة في القطاع الفلسطيني المحاصر.

في غضون ذلك، أعلن مسؤول في حماس بدء جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة مع وفد إسرائيلي في الدوحة « بدون شروط مسبقة » بوساطة مصرية قطرية.

وبعيد اختتام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جولة خليجية، قال الجيش الإسرائيلي إنه شن الجمعة « ضربات مكث فة » وأرسل « قوات للسيطرة على مناطق في قطاع غزة »، واضعا ذلك « في إطار المراحل الأولية لعملية عربات جدعون وتوسيع المعركة في قطاع غزة بهدف تحقيق كل أهداف الحرب، بما فيها إطلاق سراح الرهائن وهزيمة حماس ».

وللمرة الثانية في غضون ثلاثة أيام، أعلنت الخارجية الأمريكية أن الوزير ماركو روبيو بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الوضع في قطاع غزة.

وناقش المسؤولان « الوضع في غزة وجهودهما المشتركة لتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين »، بحسب المتحدثة باسم الوزارة.

وفي مقابلة مع شبكة « سي بي اس » تبث الأحد، كرر روبيو الدعوة إلى الهدنة.

وقال « نحن نؤيد إنهاء النزاع، ووقف إطلاق النار. لا نريد أن يعاني الناس كما عانوا، ونلوم حماس على ذلك، ولكن الحقيقة تبقى أنهم يعانون »، مؤكدا أنه « في غياب مثل هذا الاتفاق (على وقف إطلاق النار)، نتوقع أن تواصل إسرائيل عملياتها »، من دون التعليق مباشرة على توسيع الهجوم الإسرائيلي.

واستأنفت إسرائيل في 18 آذار/مارس ضرباتها وعملياتها العسكرية في غزة إثر هدنة هشة استمرت نحو شهرين. وهي قامت منذ الثاني من الشهر ذاته بمنع دخول المساعدات الإنسانية الى القطاع.

وأعلنت حكومة نتانياهو مطلع أيار/مايو خطة « للسيطرة » على القطاع، ونقل معظم سكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، واضعة ذلك في إطار الضغط على حركة حماس للإفراج عن الرهائن.

ميدانيا، أفاد الدفاع المدني في القطاع أن حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي السبت بلغت 32 على الأقل.

وقال المتحدث باسم الجمعية محمود بصل لفرانس برس « نقلت طواقم الدفاع المدني 32 شهيدا على الأقل، أكثر من نصفهم من الأطفال وعدد من النساء، وعشرات المصابين… جراء سلسلة من الغارات الإسرائيلية العنيفة والدموية منذ فجر السبت في مناطق مختلفة في قطاع غزة ».

وفي دير البلح (وسط) حيث تعرضت خيم النازحين للقصف، تساءلت جمالات وادي « لمن نشكو يا عالم يا أمة؟ لمن نقول؟ يكفي مجازر، يكفي قتل، يكفي قصف ».

وبعد الغارات، نزح الكثير من سكان جباليا سيرا، بينما تكدس آخرون مع بعض ممتلكاتهم الشخصية في سيارات أو في عربات صغيرة، بحسب لقطات فرانس برس. واصطف آخرون ممن بقوا، من بينهم أطفال، وسط الدمار للحصول على وجبة طعام أعدتها إحدى الجمعيات الخيرية.

وكما كل سبت، تظاهر مئات الإسرائيليين في تل أبيب ضد حكومة نتانياهو، حاملين لافتات تطالب بإنهاء الحرب وإبرام اتفاق للإفراج عن الرهائن.

واحتلت إسرائيل غزة بين العامين 1967 و2005 حين انسحبت من جانب واحد وفككت المستوطنات. وعقب اندلاع الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023، أطبقت الدولة العبرية حصارها المفروض منذ أكثر من 15 عاما على القطاع. وبينما بقي دخول المساعدات ممكنا بكميات متفاوتة، منعت إسرائيل بالكامل اعتبارا من الثاني من آذار/مارس.

(وكالات)

كلمات دلالية اعتداء شهيد غزة هجوم

مقالات مشابهة

  • إسرائيل “منفتحة” على إنهاء الحرب في غزة بشروط
  • إسرائيل منفتحة على إنهاء الحرب في غزة بشروط
  • خط أحمر لحماس.. مصدر إسرائيلي يكشف شرط إسرائيل لـإنهاء الحرب في غزة
  • ‏رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي كبير: لا يوجد تقدم يُذكر في محادثات غزة التي تتضمن إنهاء الحرب
  • عاجل- الوفد الإسرائيلي يواصل مفاوضات الدوحة وسط تعثر التقدم ومقترحات لإنهاء الحرب وتجريد غزة من السلاح
  • سقوط 32 شهيدا في غزة على خلفية توسيع إسرائيل هجومها رغم تزايد دعوات الهدنة
  • "عربات جدعون": هل يمكن لخطة إسرائيل لاحتلال قطاع غزة أن تقضي على حركة حماس؟
  • إسرائيل تعلن تكثيف الهجوم على غزة.. بـ"عربات جدعون"
  • مفاوضات الدوحة : إسرائيل ترفض وقف حرب غزة ولا تقدم بالمحادثات
  • إسرائيل أمام مفترق طرق - يديعوت: لا تقدم حقيقي في المفاوضات إلا أنها مستمرة