ما آفاق الاقتصاد الجزائري بعد تصنيفه ثالثا في أفريقيا؟
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
الجزائر- وضع صندوق النقد الدولي الجزائر في المرتبة الثالثة، ضمن أهمّ اقتصادات أفريقيا، برسم عام 2024، بعد جنوب أفريقيا ومصر، متجاوزة نيجيريا التي جاءت هذه المرة بالمرتبة الرابعة.
وقدّر الصندوق الدولي الناتج الداخلي الخام الجزائري هذا العام بنحو 266.78 مليار دولار، متوقعًا نسبة نمو بحوالي 3.8% خلال 2024.
ويأتي ذلك في وقت رجّح فيه الرئيس عبد المجيد تبون، في آخر حوار للإعلام المحلي، أن يفوق الناتج الإجمالي 400 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2026، مع نسبة نموّ فوق 4% على الأقلّ، وهو ما يعتبره مختصون توقعًا متفائلا جدا.
من جهتها، أعلنت الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار تسجيل 6600 مشروع حتى نهاية مارس/آذار الماضي، بقيمة مالية تقارب 3200 مليار دينار (24 مليار دولار)، مؤكدة أن الرقم سيتضاعف مستقبلا بفضل وفرة العقار الاقتصادي في البلاد.
وفي تفسيره لقفزة الاقتصاد الجزائري، قال خبير الاقتصاد والماليّة عبد المجيد البركة قدّي إن الجزائر تتوفّر على مصادر للنمو بالتوازي مع مسار مرتفع دخل فيه الاقتصاد مع بداية التعافي من تداعيات جائحة كورونا، مثلما تبيّنه الأرقام التالية:
2020: -5.1% 2021: 3.4% 2022: 3.2% 2023: 3.8% 2024: 4.2% 2025: 3.9% 2026: 4.0%وأشار الخبير -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن معدل تراكم الأصول الثابتة في الجزائر يتراوح بين 30 و40% في حين أن المتوسط العالمي يبلغ 27%.
وذكر أن الوتيرة المتزايدة للإنفاق العمومي خاصة منذ 2023، تبلغ 43.7% من الناتج المحلي الخام، بعدما كان عام 2022 عند 31%، وسيستمر في الارتفاع عاميْ 2024 و2025 ليبلغ 43% و41.9% على التوالي، من الناتج المحلي الخام.
ومن عوامل التقدم كذلك، تحسّن أداء قطاعات ذات تشابك كبير مثل الصناعة التي سوف تنتقل مساهمتها في الناتج المحلي الخام من 7.5% سنة 2024 إلى 9.3% سنة 2026، والأمر نفسه بالنسبة للفلاحة التي تفوق مساهمتها 5% كما يقول الخبير قدّي.
وأكد المتحدث "وجود إرادة جادة في محاربة الفساد، مما أسفر عن ارتقاء الجزائر ضمن مؤشر مدركات الفساد سنة 2023 بـ8 درجات مرة واحدة".
وركزّ الخبير على "الاهتمام باقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة، عبر إنشاء حاضنات الأعمال في الجامعات وخارجها، والتكوين في مجالات الذكاء الاصطناعي، فضلا عن الانخراط في مسار الرقمنة بشكل جدي في جميع المجالات".
كما ثمّن قدّي "دخول الجزائر في منطق موازني جديد ابتداء من يناير/كانون الثاني 2023، يقوم على النتائج بدلا من الوسائل. مما سمح بإعادة النظر في أساليب تعيين المسؤولين ومحاسبتهم على الأداء، فضلا عن رفع الكفاءة والتقليص من هدر الموارد العمومية".
وتفاءل الخبير الجزائري بإصدار قانون جديد للاستثمار مصحوبا بكل نصوصه التنظيمية، معتبرا أنه "يتميز بالكثير من المرونة، ويتجاوز الإشكالات التي طرحتها القوانين السابقة، مما يعزز من جاذبية الاستثمار".
تصاعد الإنتاج الفلاحي والبناء والخدماتمن جهته، اعتبر خبير الاقتصاد الصناعي عمار تُو أن مؤشر صندوق النقد الدولي يثبت مرحلة الانتعاش الهامة بين 2022 و2024، ليس فقط من خلال انتعاش سوق المحروقات، ولكن بصفة أهمّ بتصاعد الإنتاج الفلاحي والبناء والخدمات.
وأبرز هذا الخبير، وهو وزير سابق على رأس عدة قطاعات حكومية، ظهور بوادر مشجعة في الصناعة الموجهة للسوق الداخلية وللتصدير المتزايد إلى الأسواق الخارجية في ميدان السلع عالية القيمة المضافة، مثل الحديد والصلب والإسمنت.
وأوضح تو -في تصريح للجزيرة نت- أن تلك المؤشرات انعكست بالإيجاب على تسارع نمو الناتج الداخلي الإجمالي والفردي، مثلما تترجمه معطيات أعوام 2022 و2023 و2024.
عام 2022:
الناتج الداخلي الإجمالي: 195.0 مليار دولار
الناتج الداخلي الفردي: 4299.9 دولارا
عام 2023:
الناتج الداخلي الإجمالي: 224.1 مليار دولار
الناتج الداخلي الفردي: 5074.7 دولارا
عام 2024:
الناتج الداخلي الإجمالي: 266.78 مليار دولار
الناتج الداخلي الفردي: 5799.6 دولارا
ويظهر من خلال مؤشر تطور الناتج الداخلي الإجمالي تحقيق قفزة بأكثر من 42 مليار دولار في سنة واحدة بين 2023 و2024، مثلما يوضحه الخبير.
400 مليار دولار بأفق 2026من جهة أخرى، يتفق الخبيران على أنّ بلوغ 400 مليار دولار كناتج داخلي إجمالي في أفق 2026 ليس مستحيلا، إذا ما تغلّب الاقتصاد الجزائري على التحديات في طريقه.
وبهذا الصدد، يقدّر الوزير السابق تُو مخزونات الجزائر من خام الفوسفات بحوالي 22 مليار طن، في المرتبة الثالثة عالميّا، وبفضل استغلال المنجم الجديد شرق البلاد ابتداء من 2026، ستصبح من البلدان الثلاثة الأولى في تصدير هذه المادة ومختلف المخصّبات.
ويمكن كذلك لمنجم الزنك والرصاص بمحافظة بجاية استخراج مليونيْ طنّ من معدن الزنك الخام سنويّا، لإنتاج 470 ألف طن من تركيز الزنك و30 ألف طن من تركيز الرصاص، ابتداء من 2026.
كما ستبلغ الصادرات السنوية من منجم الحديد في منطقة جبيلات بين 10 و14 مليار دولار بدءًا 2026، مع مضاعفة طاقات مركب الحديد القطري/الجزائري في محافظة جيجل، لينتقل إلى 4 ملايين طنّ في غضون 24 شهرا، مثلما يؤكده الخبير نفسه.
وأشار أيضا إلى رفع إنتاج الإسمنت إلى 45 مليون طن بدخول مصنع محافظة الجلفة حيز الخدمة.
وفي الصناعات التحويلية الغذائية، ذكر الوزير السابق تدشين مُركّب كُتامة للزيت، الأكبر عربيّا، مرحلة الإنتاج خلال 2024، وكذلك دخول مصنع السكر بمحافظة بومرداس طور الإنتاج الشهر المقبل بمليوني طن سنويّا.
وشدّد الخبير على أهمية جني ثمار استصلاح الأراضي في الجنوب الكبير، لا سيما تحقيق موسمين لزراعة الحبوب (القمح والذرة) في السنة الواحدة، وتحقيق مشروع إنتاج الحليب المجفف بالشراكة مع القطريين.
تحديات اقتصاديةبالمقابل، أكد المتحدث على توسيع الرقمنة للتقليص من الاقتصاد الموازي، والذي بلغ وفق تقديرات رسمية 10 آلاف مليار دينار جزائري (90 مليار دولار) حيث نصح بدراسة التجارب الأوروبية في إدماجه ضمن الناتج الداخلي الإجمالي.
من جانبه، شدّد الخبير قدّي على تحسين مناخ الأعمال أكثر، ذلك أن موقع الجزائر في تصنيف بيئة الأعمال خلال الفترة 2020-2024 يعتبر متأخرًا، إذ بلغ 76 من أصل 82 دولة.
بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بـ "الحرية الاقتصادية" حيث إن مركز الجزائر على مؤشرها سنة 2023 كان 173 من أصل 184 دولة، والكلام للخبير نفسه.
ونبّه كذلك إلى ضعف الإنتاجية الكلية في الجزائر، مُوجّهًا السلطات إلى مراجعة أنماط التسيير والحوكمة، وتكييف الخيارات التكنولوجية مع واقع وخصوصيات البيئة الجزائرية.
وحذر المتحدث من تفاقم عجز الموازنة بسبب الارتفاع في مستوى الإنفاق العام، مؤكدا بهذا الصدد على التحكم في تحصيل الإيرادات واعتماد سياسة نقدية تقييدية، لامتصاص الآثار التضخمية.
واختتم الخبير قدّى بأنّ نتائج اقتصاد المعرفة لا يمكن أن تظهر إلا بتحسين مركز الجزائر على مؤشر الابتكار العالمي، حيث وصل سنة 2022 إلى 115 من أصل 132 دولة، مع ضرورة زيادة الانفاق على البحث والتطوير، خاصة على مستوى المؤسسات الاقتصادية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الناتج الداخلی الإجمالی الناتج المحلی ملیار دولار ی الجزائر
إقرأ أيضاً:
تقدير عجز الميزانية السعودية لعام 2026 بـ 44 مليار دولار
أقرت السعودية ميزانيتها العامة لعام 2026 متوقعة عجزا ماليا أقل مع تحويل الإنفاق إلى قطاعات ذات أولوية مثل الصناعة والخدمات اللوجستية والسعي لزيادة الإيرادات غير النفطية.
وتتوقع المملكة عجزا 165 مليار ريال (44 مليار دولار) في ميزانيتها لعام 2026، أو نحو 3.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يقل عن 245 مليار ريال (65.33 مليار دولار) التي تقدرها الآن لهذا العام مع انخفاض أسعار النفط والإنتاج الذي أثر على الإيرادات.
ويذكر أن الإنفاق السعودي تجاوز المستوى المقدر في الميزانية بنحو أربعة بالمئة، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز".
وقطعت السعودية، أكبر مُصدّر للنفط في العالم، أكثر من نصف الطريق في تنفيذ مخطط رؤية 2030 للتحول الاقتصادي، وتدعو هذه الاستراتيجية، التي قدمها الحاكم الفعلي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في عام 2016، إلى استثمارات حكومية بمئات المليارات من الدولارات.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن الأمير محمد قوله عقب إقرار الميزانية "ما حققته المملكة من تحول هيكلي منذ إطلاق رؤية 2030 أسهم في تحسين معدلات نمو الأنشطة غير النفطية واستمرار احتواء التضخم عند مستويات أدنى من نظيراتها العالمية وتطوير بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص ليكون شريكا فاعلا في التنمية، وترسيخ مكانة المملكة مركزا اقتصاديا واستثماريا عالميا".
وتصف ميزانية 2026 في بيانها العام المقبل بأنه بداية "المرحلة الثالثة" من رؤية 2030 والتحول من إطلاق الإصلاحات إلى "مضاعفة جهود التنفيذ". وتركز هذه المرحلة على "تسريع وتيرة الإنجاز وزيادة فرص النمو لتحقيق الأثر المستدام لما بعد 2030".
ويأتي هذا التغيير في اللهجة في الوقت الذي تتحرك فيه الرياض لتحويل تركيز صندوق الاستثمارات العامة الذي تبلغ قيمته 925 مليار دولار، بعيدا عن مشروعات عقارية ضخمة مؤجلة، باتجاه قطاعات مثل الخدمات اللوجستية والمعادن والذكاء الاصطناعي والسياحة الدينية.
وقال وزير المالية محمد الجدعان لرويترز في إفادة قبل إصدار الميزانية إن مستوى إنفاق المملكة في الدورات الثلاث الأخيرة للميزانية كان ثابتا لكن الأمر الآن يتعلق بالقطاعات التي تنفق المملكة عليها وليس حجم الإنفاق، مشيرا إلى التركيز على الصناعة والسياحة والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية والنقل.
ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الإنفاق 1.31 تريليون ريال (349 مليار دولار) في 2026، أي أقل من 1.34 تريليون ريال (357 مليار دولار) المقدر هذا العام، في حين من المتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات 1.15 تريليون ريال (306 مليار دولار)، بزيادة طفيفة عن 1.1 تريليون ريال (293 مليار دولار) المقدر العام الحالي.
ومن المقدر أن يقفز عجز الميزانية في 2025 إلى 245 مليار ريال (65 مليار دولار)، أو 5.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي أكثر من مثلي المستهدف في الميزانية البالغ 101 مليار ريال (26 مليار دولار)، أو 2.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتشير التقديرات إلى أن الإيرادات ستقل عن المستهدف في الميزانية بنحو 7.8 بالمئة، وإلى ارتفاع الإنفاق أربعة بالمئة.
وقال الجدعان في إحاطة إعلامية أمس الاثنين إن هذا العجز "مستهدف"، موضحا أنه سيستمر حتى 2028.
وقالت مونيكا مالك كبيرة خبراء الاقتصاد في بنك أبوظبي التجاري "مستوى الدين الحكومي الذي لا يزال منخفضا يوفر هامش مناورة لهذا الموقف المالي، على الرغم من أنه عرضة لمزيد من الانخفاض في سعر النفط".