أكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في تحليل جديد له أن مصر قد استطاعت خلال بضع سنوات أن تخطو خطوات واسعة نحو دعم تنمية القارة الأفريقية انطلاقًا من إيمان راسخ بأن تلك التنمية لا تتحقق إلا عبر التكامل الأفريقي، وهو ما برهن عليه القرار الرئاسي الأخير رقم 212 لسنة 2023 بشأن الموافقة على نشر قوائم التخفيضات الجمركية والملاحق الخاصة باتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية AFCFTA بالجريدة الرسمية، ويُعد ذلك التزامًا سياسيًّا بتنفيذ مواد الاتفاقية التي تقضي بإعداد جداول التخفيضات الجمركية.

أخبار متعلقة

«معلومات الوزراء» يستعرض أفضل 10 تقنيات ناشئة سيكون لها تأثير متنامٍ عالميًّا

«معلومات الوزراء» يستعرض أبرز نتائج استطلاعات مراكز الفكر والاستطلاعات العالمية

«معلومات الوزراء» يناقش التحولات الديموجرافية فى مصر وأثرها على النمو

وأشار المركز إلى أن ما يميز القرار المصري أنه جاء منسجمًا مع اختيار الاتحاد الأفريقي خلال قمته في مارس الماضي لعام 2023 ليكون عام منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية وتسريع تنفيذها، وذلك بهدف تفعيل الالتزام السياسي نحو تفعيل منطقة التجارة الحرة، بما يصب في صالح تعزيز العلاقات الاقتصادية الدولية والتكامل الأفريقي وتعزيز القدرة التنافسية والتنمية المستدامة لكامل دول القارة.

وأضاف تحليل المركز إلى أن وجود منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية يعني قدرة القارة السمراء على خطو خطوة أساسية في طريقها نحو التكامل الاقتصادي الأفريقي، بل وقدرتها على تشكيل أكبر منطقة تجارة حرة في العالم من حيث حجم السوق عبر تخفيض التعريفات الجمركية على 90% من البضائع المتداولة بين دول المنطقة حتى يتم إلغاؤها في غضون 5 سنوات بالنسبة للبلدان غير الأقل نموًّا و10 سنوات لأقل البلدان نموًّا، وتقليل الحواجز أمام التجارة في الخدمات، وذلك تنفيذًا لاتفاقيَّة أبوجا التي بمقتضاها يتم إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية كخطوة في طريق إنشاء الجماعة الاقتصاديَّة الأفريقيَّة بحلول عام 2028، وبالتالي تمهيد الطريق لتعزيز التجارة البينية، والوصول إلى حلم التكامل الاقتصادي الذي يعزز القدرة التنافسيَّة للقارة، من خلال استغلال الفرص وإعادة تخصيص الموارد بشكلٍ أفضلَ.

وذكر التحليل أنه رغم ضخامة موارد القارة الأفريقية وكبر عدد دولها، فإنها تتسم بتدني مستوى التجارة البينية بين دولها الذي وصل معدله إلى أقل من 18%، مقارنة بوصول معدل التجارة البينية إلى نحو 50% و70% بين الدول الآسيوية والأوروبية على التوالي؛ لذا تستهدف منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية زيادة مستوى التجارة القارية إلى نحو 25% في غضون عقد من الزمن.

وأشار التحليل إلى أهم مراحل إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية بدءًا من المفاوضات وحتى الآن، حيث مرت بتدشين اتفاقية التجارة الحرة القارية في مارس 2018 مع توقيع 44 دولة من بينها مصر إلى أن دخلت حيز التنفيذ في مايو 2019 مع اكتمال نصاب الدول المصدقة عليها، وإطلاق المرحلة التشغيليَّة لمنطقة التجارة الحرة القاريَّة في يوليو 2019، وخلال قمة استثنائية للاتحاد الأفريقي في ديسمبر 2020 تم إعلان وصول عدد الدول الموقعة عليها إلى 54 دولة، وإيداع 34 دولة وثائق تصديقها وتقديم 41 دولة/اتحادًا جمركيًّا عروضها التعريفية، مع الإشارة إلى تسليم حكومة غانا في أغسطس 2020 رسميًّا مبنى الأمانة العامة لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.

وبعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ تم تعزيز الجهود لتسريعه، ومن ذلك مشاركة ثماني دول في فبراير 2022 في مبادرة التجارة الموجهة لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (GTI)، والتي تسعى إلى تسهيل التجارة بين الدول الأطراف التي استوفت الحد الأدنى من متطلبات الاتفاقية، وذلك كخطوة نحو تفعيل عمل المنطقة، وفي فبراير 2023، قدمت الدول الأعضاء، بما في فيها (4) من الاتحادات الجمركية، (46) جدولًا مؤقتًا لامتياز التعريفة الجمركية.

وذكر تحليل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أنه يمكن التعرف على واقع التكامل الاقتصادي الأفريقي من خلال الاطلاع على ما جاء في مؤشر التكامل الإقليمي الذي يصدره الاتحاد الأفريقي بالتعاون مع الجماعة الاقتصادية الأفريقية وبنك التنمية الأفريقي؛ حيث يعتمد المؤشر في قياسه لمستوى التكامل على خمسة أبعاد أساسية، وفقًا لدرجات من صفر (غير متكامل على الإطلاق) إلى 1 (متكامل تمامًا)، وبناءً عليه، نجد أن حرية حركة انتقال الأفراد والتكامل التجاري بين دول القارة هما الأفضل، بينما كان الأداء غير جيد بأبعاد الإنتاج والبنية التحتية.

وأفاد التحليل أن إنشاء مِنطقة التجارة الحرة القاريَّة يتيح مجموعةً واسعة من الفُرص أمام الدول الأفريقيَّة، يأتي في مقدمتها دمج جميع الدول الأفريقيَّة في سوق تجاريَّة واحدة تضمُّ 1.3 مليار نسمة بإجمالي نَاتِج محلي يبلغ 3.4 تريليونات دولار، بجانب دفع القارة نحو تحقيق طموحها للتكامل الاقتصادي، وتمهيد الطريق إلى إنشاء مؤسسات لعموم أفريقيا، مثل: الجماعة الاقتصاديَّة الأفريقيَّة والاتحاد الجُمركي والاتحاد النقدي الأفريقي، وفتح آفاق جديدة؛ للربط بين دول القارة السمراء، وتمهيد الطريق إلى اندماج القارة في مُؤسَّسات وآليَّات الاقتصاد العالمي، وتعزيز الموقف التفاوضي للقارة على الساحة الدوليَّة، وفي هذا الشأن أوضح تقرير للبنك الدولي بعنوان «تحقيق الاستفادة القصوى من منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية» المكاسب الاقتصادية والاجتماعية المتحققة للقارة جراء إنشاء منطقة التجارة الحرة القاريَّة الأفريقية، وأنها ستكون بحلول عام 2035 على النحو التالي:

- خلق فرص عمل جديدة تقدر بنحو 18 مليون وظيفة جديدة مع انتقال 2.5% من العمال في القارة إلى صناعات جديدة.
- خروج نحو 50 مليون شخص من دائرة الفقر المدقع.
- توقع زيادة أجور العمال المهرة، خاصة من النساء؛ حيث يتوقع البنك الدولي أنه بحلول 2035 سيكون هناك زيادة لأجور العاملات بنسبة 11.2% مقارنة بحالة غياب اتفاق منطقة التجارة الحرة.
- تحفيز التصنيع وهيكل الإنتاج وبالتالي زيادة صادرات القارة وخاصة المصنعة، لا سيما المنسوجات والملابس الجاهزة، والكيماويات، والصناعات الغذائية؛ حيث يتوقع وصولها إلى 32% بحلول عام 2035، مع نمو الصادرات البينية بنسبة 109%، وذلك مدفوعًا بالتأثير الإيجابي لمنطقة التجارة على جذب الاستثمارات المباشرة للقارة، بجانب تعزيز الصادرات من القطاعات الخدمية، لا سيما في أنشطة النقل والسفر والاتصالات والضيافة.

وعن المكاسب المصرية المتوقعة من التنفيذ الفعلي لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، فإن مصر تأتي ضمن الدول الأفريقية الأعلى على مستوى أداء التكامل الأفريقي وفقًا لمعايير مؤشر التكامل الأفريقي الصادر عن بنك التنمية الأفريقي، ولا شك في أن تفعيل مصر لتلك المنطقة سيحقق لها العديد من المكاسب التي يمكن تلخيص أهمها فيما يلي:

- فتح سوق واسعة ومتعددة الأذواق أمام الصادرات المصريَّة التي يُستهدَف وصولها إلى نحو 100 مليار دولار.
- زيادة فوائض موازين التجارة التي تحقِّقها مصر مع الدول الأفريقيَّة، خاصةً وأن حجم التبادل التجاري بين مصر والدول الأفريقية آخذ في التزايد، وقد بلغ 7.5 مليارات دولار للعام 2022.
- خفض تكلفة الإنتاج للمنتجات المصرية، من خلال إتاحة الفرصة للحصول على المواد الخام والسلع الأولية من الدول الأفريقية بدون تعريفة أو بتعريفة جمركية أقل.
- فتح فرص كبرى أمام التعاون الاستثماري، خاصةً في ظل إنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار في أفريقيا.

وفي ظل المكاسب المتعددة المتوقع تحقيقها نتيجة تطبيق منطقة التجارة الحرة، يتطلب الأمر العمل على تسريع تدشين البنية الأساسية القارية المشتركة؛ لتسهيل حركة سلاسل التوريد. وفي هذا الشأن أكدت مصر خلال مشاركتها في قمة داكار، التي عُقِدت مؤخرًا لتمويل البنية التحتية في أفريقيا، أهمية تعبئة التمويلات لمشروعات الربط القاري في إطار برنامج تنمية البنية التحتية الأفريقية PIDA PAP 2، لا سيما في ظل احتياج القارة إلى ما يقارب 100 مليار دولار سنويًّا لسد عجز تمويلات مشروعات البنية التحتية بها، وذلك وفقًا للبنك الدولي.

وأكد التحليل أنه لا يتوقف تعظيم الاستفادة القارية من تفعيل منطقة التجارة على البنية التحتية وحسب، بل لابد من دفع التعاون في تطبيق قواعد المنشأ، وتحقيق التناغم بين السياسات الوطنيَّة للدول الأفريقيَّة، بما لا يعوق حركة التكامل والحرية التجارية بين دول القارة، وفوق كل ذلك الاهتمام بالاستثمار في رأس المال البشري، والتَّعاون بين الدول الأفريقيَّة في تعزيز مهارات العمالة بها، مع تحسين إدارة الاقتصاد الكلي وزيادة التنويع وتحسين بيئة الأعمال التجارية، مع وضع آلية واضحة لفض المنازعات.

مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار مجلس الوزراء اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية

المصدر: المصري اليوم

كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين مجلس الوزراء زي النهاردة التکامل الأفریقی معلومات الوزراء البنیة التحتیة الدول الأفریقی ة الأفریقیة دول القارة ة الأفریقی بین دول

إقرأ أيضاً:

رئيس وزراء صربيا: اتفاقية التجارة الحرة صفحة جديدة في العلاقات مع مصر

اعرب ﭼورو ماتسوت، رئيس وزراء جمهورية صربيا، عن خالص الشكر لحُسن الاستقبال وكرم الضيافة، الذي لمسه من جانب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال زيارته إلى الدولة الصديقة مصر، مشيراً إلى سعادته بالحديث اليوم في هذا المحفل، بعد أن أصبحت الجهود المتبادلة لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين حقيقية ماثلة بفضل دعم الرئيسين؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والصربي ألكسندر فوتشيتش، بما يُمهد الفرص لإقامة علاقات ثنائية متميزة بين البلدين، بما يُحقق مصلحة الشعبين الصديقين. 

وأشار رئيس وزراء جمهورية صربيا في كلمته خلال منتدى الأعمال المصري ـ الصربي، الي أن علاقات الصداقة بين مصر وصربيا قديمة وراسخة، حيث يحتفل البلدان اللذان كانا من مؤسسي حركة عدم الانحياز؛ بمرور 117 سنة على تأسيس العلاقات بينهما، كما أسفرت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، إلى بلجراد في عام 2022 عن تأسيس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين بثقة متبادلة وتعاون واسع، كما تم تأكيد هذه الشراكة خلال زيارة الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش إلى القاهرة في يوليو 2024، حيث شهدت توقيع مُسودة اتفاقية التجارة الحرة، معرباً عن سروره بهذه الاتفاقية معتبراً أنها تمثل صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، كما يتم العمل على تنفيذ بنودها، لتحقيق الاستغلال الأمثل للفرص الممكنة لزيادة التبادل التجاري ودفع الاستثمارات، لكي ندعم التعاون في المجالات المختلفة، وزيادة فرص المنافسة، وتحقيق النمو الاقتصادي بكل بلد، لخدمة صالح البلدين والشعبين.

وأضاف ﭼورو ماتسوت، أن هذه الاتفاقية تفتح فرصاً وامكانات للمستثمرين من كلا الطرفين مع تطلع الحكومتين لاستغلال هذه الفرص، مشيراً إلى أن الوفد التجاري الصربي كبير جداً، ولديه اهتمام عظيم بالتعاون مع المستثمرين المصريين في المستقبل.

ولفت رئيس وزراء جمهورية صربيا إلى أن الزيارة الحالية تشهد عقد منتدى الأعمال المصري الصربي الثالث، وذلك بهدف دعم التعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة بالإضافة إلى قطاعات أخرى مهمة لتعزيز الشراكة وتحقيق المصالح المشتركة، بحيث تقتح ومصر وصربيا الأبواب سوياً لمرور السلع والاستثمارات، مؤكداً أنه بالرغم من أن التبادل الاقتصادي بين مصر وصربيا قد بلغ نحو ١٢٢ مليون دولار، إلا أن هناك إمكانات لزيادته بشكل أكبر. 

وأضاف أن صربيا بها نحو ٤٠ شركة مملوكة لمصريين، كما بدأت مشاريع في السوق المصرية للتصنيع المشترك بين مصر وصربيا، مشيراً إلى أن المؤشرات تعكس كون صربيا دولة مستقرة اقتصادياً آمنة للاستثمارات، وذلك بفضل الموقع الجغرافي الجيد، والاتفاقات المُبرمة، ودعم الحكومة الصربية، والأيدي العاملة الماهرة، حيث تُمثل صربيا موقعاً استثمارياً متميزاً، خاصة في صناعة البرمجة، وصربيا تحاول دائما دفع الخطوات لإقامة مبادرة البلقان المفتوح، لتصبح دول غرب البلقان مجموعة حرة لنقل البضائع.

كما أعرب ﭼورو ماتسوت عن تطلعه بشكل خاص لمشاركة مصر في معرض الإكسبو في بلجراد عام 2027، ومشاركة عددٍ كبير من المستثمرين المصريين للتعرف على الإمكانات والفرص للتعاون، ليمثل منصة لتعزيز التبادل التجاري والتعاون بين البلدين والشعبين، كما أعرب عن تمنياته بان تجد الشركات الصربية والمنتجات الصربية مكانها في السوق المصرية، مختتما كلمته: "نتطلع إلى شراكة جديدة ومزيد من التعاون".

طباعة شارك رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي مجلس الوزراء

مقالات مشابهة

  • لتوسيع آفاق الاستثمار.. سفراء الدول الأفريقية في ضيافة الهيئة العربية للتصنيع
  • الوزراء يوافق علي إنشاء منطقة جرجوب الاقتصادية الخاصة
  • سفراء الدول الأفريقية الشقيقة في ضيافة الهيئة العربية للتصنيع
  • تقرير: أسواق الكربون حل زائف لأعباء القارة الأفريقية المناخية
  • "مدبولي": اتفاقية التجارة الحرة مع صربيا ستلغي الرسوم الجمركية
  • سالة مفتوحة لرئيس مجلس الوزراء.. ترشيح لحكومة الكفاءات المنتظرة
  • رئيس وزراء صربيا: اتفاقية التجارة الحرة صفحة جديدة في العلاقات مع مصر
  • مدبولي: اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وصربيا سيتم بموجبها إلغاء الرسوم الجمركية
  • وزيرتا البيئة والتنمية المحلية تتابعان تطورات آخر مراحل إنشاء المدينة المتكاملة لمعالجة المخلفات
  • اليوسف يستعرض استراتيجية التجارة وترويج الاستثمار