وول ستريت: استمرار ارتفاع الديون الأميركية يهدد بزوال إمبراطوريتها
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
تغامر الولايات المتحدة باستمرارها في زيادة الديون الفدرالية وتجاوزها لحجم الناتج المحلي الإجمالي، حيث يبدو عامة الناس غير مبالين، والحكومة غير قادرة على عكس هذا الاتجاه.
وتفيد صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن دين الولايات المتحدة سيتجاوز ناتجها المحلي الإجمالي هذا العام، وهو وضع له أوجه تشابه تاريخية تنذر بنتائج قاتمة بالنسبة للدول التي تتراكم التزاماتها في دفع الفائدة على ديونها متجاوزة الإنفاق على الدفاع.
وتشير الصحيفة أنه وفي السنوات الأخيرة، أشرف كل من الرئيس السابق دونالد ترامب والرئيس الحالي جو بايدن على زيادات مماثلة في الدين الوطني – حوالي 7 تريليونات دولار لكل منهما خلال فترة ولايتهما.
وعلى الرغم من هذه الأرقام المرعبة وفق وصف الصحيفة، كانت الاستجابة الوطنية سلبية إلى حد كبير، مع عدم معالجة أي من الطرفين بشكل كبير للتحدي المالي الذي يلوح في الأفق.
وسلط المؤرخ نيال فيرغسون مؤخرا الضوء على "قانون الأحوال الشخصية للتاريخ"، الذي ينص على أن "أي قوة عظمى تنفق على أقساط الديون (أقساط الفائدة على الدين الوطني) أكثر مما تنفق على الدفاع لن تظل عظيمة لفترة طويلة".
وأشار فيرغسون أن ذات الأمر حدث في الإمبراطورية الإسبانية، والنظام القديم في فرنسا، والإمبراطورية العثمانية، والإمبراطورية البريطانية، وهي تلوح الآن فوق الولايات المتحدة.
ويتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO)، أنه بسبب ارتفاع أسعار الفائدة جزئيا، ستنفق الحكومة الفدرالية 892 مليار دولار في هذه السنة المالية الحالية على مدفوعات الفائدة للدين الوطني البالغ 28 تريليون دولار، ومبلغ الفائدة هذا يتجاوز الآن الإنفاق الدفاعي المحدد في الميزاني بـ816.7 مليار دولار، ويكاد يطابق نفقات الرعاية الصحية على ما ذكرته الصحيفة.
طفرة في الميزانيةوتذكر الصحيفة أنه وفي السنوات الأخيرة فإن واشنطن تراكم الديون بشكل شديد الحدة، وللمقارنة ففي أواخر التسعينيات، أظهرت الميزانية الفدرالية فائضا لفترة وجيزة، بينما يتوقع أن يصل العجز هذا العام إلى 1.9 تريليون دولار.
وقبل عشرة أعوام، كان الدين الحكومي يعادل نحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يتطابق هذا العام مع الناتج المحلي الإجمالي ومن المتوقع أن يصل إلى 106% بحلول عام 2028. وبحلول عام 2034، من المتوقع أن يصل إلى 122% من الناتج المحلي الإجمالي.
العواقب الاقتصاديةويتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس أن عبء الدين سوف يؤدي إلى انخفاض نمو الدخل بنسبة 12% على مدى العقود الـ3 المقبلة، مع مزاحمة أقساط الديون للاستثمارات الأخرى.
ورغم أن قانون المسؤولية المالية الذي تعرض لانتقادات شديدة ساعد في خفض العجز هذا العام، فإن التحذيرات التاريخية بشأن أزمات الديون المتصاعدة تظل قوية على ما ذكرته الصحيفة.
وتفترض النظرية النقدية الحديثة أن البلدان التي تسيطر على عملاتها يمكنها دائما خلق المزيد من المال وتجنب العجز عن السداد، ولكن التاريخ يقدم دروسا أقل طمأنينة.
الصحة المالية الحاليةوقد تواجه الولايات المتحدة أزمة ديون ناجمة عن خفض التصنيف الائتماني أو رفض الممولين الدوليين الإقراض كما أشارت وول ستريت جورنال.
وتشير وزيرة الخزانة جانيت يلين إلى أن تثبيت الدين عند المستويات الحالية أمر معقول، لكنها تحذر من أن تمديد التخفيضات الضريبية قد يؤدي إلى تفاقم الوضع.
وقالت الوزيرة في مقابلة أجرتها معها شبكة سي إن بي سي مؤخرا: "إذا كان من الممكن تثبيت الدين عند المستويات الحالية، فنحن في وضع معقول". ومع ذلك، حذرت من أن المزيد من التخفيضات الضريبية دون زيادة مقابلة في الإيرادات أو خفض الإنفاق يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ديون البلاد كحصة من اقتصادها.
وعلى الرغم من التوقعات الكئيبة، هناك أمثلة لدول تمكنت بنجاح من تحقيق استقرار مواردها المالية. وقد تمكنت بريطانيا من تحقيق نجاح في هذا المجال قبل أن تعود إلى الديون، وخرجت كندا والدانمارك والسويد وفنلندا من أزمات الديون الأخيرة للعودة إلى الصحة المالية.
حلول السياسةوفي الثمانينيات، أدت المخاوف بشأن ارتفاع الديون إلى تغييرات في السياسات وفترة وجيزة من الفوائض في التسعينيات. ولكن اليوم، أصبحت الإرادة السياسية اللازمة لمعالجة العجز والديون غائبة على ما تقوله الصحيفة.
ويرتفع الدين بسبب ارتفاع أقساط الفائدة وعدم كفاية الإيرادات الضريبية لتغطية الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، مع عدم رغبة أي من الطرفين في معالجة برامج الاستحقاقات هذه.
وتؤكد الصحيفة أن الجمهوريين والديمقراطيين يستخدمون الدين كمبرر لتفضيلاتهم السياسية، متجاهلين الحاجة إلى العزم والانضباط بين الحزبين.
وتشير وول ستريت جورنال إلى أن الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك سيتطلب مستوى من الانضباط والتصميم من الحزبين، وهو ما تفتقر إليه واشنطن اليوم بشدة، رغم وجوده في بعض الأحيان في الماضي.
خبراء قلقونوأشار المؤرخ بول كينيدي، الذي ألف كتاب "صعود وسقوط القوى العظمى" من جامعة ييل، إلى أن مسار أميركا الحالي يعكس القوى العظمى الماضية التي أفرطت في التوسع.
وحذر كينيدي من أنه بحلول القرن الـ21، "سوف يؤدي تفاقم الدين الوطني ومدفوعات الفائدة إلى تحويل مجاميع غير مسبوقة من الأموال في هذا الاتجاه". وفي مقابلة أجريت معه مؤخرا، أعرب كينيدي عن قلقه بشأن قدرة أميركا على تحمل مستويات ديونها من دون مواجهة عواقب اقتصادية وخيمة.
فيما يسلط غيرالد إف سيب من صحيفة وول ستريت جورنال الضوء على هذه المخاوف، مشيرا إلى أن النظام السياسي الأميركي استجاب في السابق لأزمات الديون بتغييرات سياسية فعالة. ومع ذلك، فإن المناخ السياسي الحالي لا يُظهر دلائل تذكر على مثل هذا التعاون بين الحزبين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الناتج المحلی الإجمالی الولایات المتحدة وول ستریت جورنال هذا العام إلى أن
إقرأ أيضاً:
"هيئة الإحصاء": ارتفاع حصة الاقتصاد الرقمي 15.6% من الناتج المحلي
كشفت الهيئة العامة للإحصاء أن حصة الاقتصاد الرقمي من الناتج المحلي الإجمالي حققت ارتفاعًا بلغ 15.6%، بزيادةٍ نسبتها 1.6% مقارنة بعام 2022، وذلك وفقًا لنتائج نشرة إحصاءات الاقتصاد الرقمي لعام 2023، التي أصدرتها اليوم.
وأوضحت النشرة أن واردات سلع تقنية المعلومات والاتصالات سجَّلت نموًا ملحوظًا بـ54.9 مليار ريال في عام 2023 مقارنة بعام 2022، حيث كانت 45.8 مليار ريال، بمعدل نمو بلغ 19.9%.
وفي المقابل، حققت الصادرات والسلع المعاد تصديرها لذات التقنيات نموًا بلغ قدره 76.1%، حيث ارتفعت من 6.7 مليار ريال إلى 11.8 مليار ريال خلال الفترة نفسها.
وأظهرت النشرة أن نسبة المنشآت التي تستخدم أجهزة أو أنظمة ذكية مرتبطة بالإنترنت بلغت 71.6% من إجمالي المنشآت المتصلة بالإنترنت، ومن أبرز تلك التقنيات: أنظمة الإنذار الذكية، والعدادات الذكية، والمصابيح، وكاميرات المراقبة الذكية.
وفي ما يتعلق بالجوانب المالية للقطاع، بلغت الإيرادات التشغيلية لقطاع تقنية المعلومات والاتصالات في عام 2023 نحو 236.4 مليار ريال، مقابل نفقات تشغيلية بلغت 115.4 مليار ريال، كما بلغت تعويضات المشتغلين في هذا القطاع 27.5 مليار ريال.
وبحسب مستويات الاقتصاد الرقمي فإن مساهمة المستوى الأساس من الاقتصاد الرقمي بلغت 2.6%، الذي يشمل: الأنشطة المنتجة لسلع وخدمات تقنية المعلومات والاتصالات، في حين أن مساهمة المستوى الضيق بلغت 2.3%، الذي يشمل: المنشآت التي تعتمد على المدخلات الرقمية، بينما بلغت نسبة مساهمة المستوى الواسع 10.7%، الذي يشمل: المنشآت التي تُحسن منتجاتها وخدماتها بشكل كبير باستخدام المدخلات الرقمية.
يذكر أن هذا المسح يستند إلى المعايير الدولية الواردة في دليل إنتاج الإحصاءات في الاقتصاد الرقمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، بما يضمن قابلية المقارنة الدولية للمؤشرات الصادرة عن المملكة.