عربي21:
2025-10-08@15:14:59 GMT

في طور التكوين .. إسرائيل جديدة وفلسطين جديدة

تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT

من بين حقائق التاريخ العنيدة في منطقتنا، بداية ظهور "إسرائيل الجديدة" بعد جولة حرب إبادية على غزة استمرت تسعة أشهر، من دون أن تستطيع "إسرائيل القديمة" تحقيق أي من أهدافها المعلنة أو السرية.

حتى لو افترضنا أنها ستحقق أهدافها في القضاء المبرم المطلق على حماس، وتحرير رهائنها أمواتا أو أحياء، فإن هذا بحد ذاته لن يعد نصرا.

 

ربما سيفرحون يوما أو يومين، شهرا أو شهرين، لكن ليس أكثر من ذلك. سيقولون: كلفنا ذلك ثمناً باهظاً من قتلى الجيش وجرحاه، واستغرق الأمر وقتا طويلا و ثقيلا، وحتى القضاء على حماس والقسام، عشرين ألف مقاتل أو حتى خمسين ألفا، ومثلهم من المدنيين أو حتى ضعفهم، فإن هذا لن يشكل نصرا بالنسبة لإسرائيل التي سحقت جيوش ثلاثة دول وازنة في ستة أيام، لأن حماس ستعيد تشكيل نفسها من جديد، وقد يكون بأشكال جديدة، ومركز ثقلها سينتقل إلى الضفة والقدس والداخل، وفي مخيمات لبنان والأردن واليمن والعراق وربما سوريا، وستحصل على المزيد من الدعم متعدد الأوجه، بما في ذلك التسليح والتدريب والتصنيع الإيراني، وإذا كان لدى حماس إمكانية تنفيذ طوفان أقصى واحد، فسيصبح لديها أكثر من إمكانية وأكثر من طوفان، لأنها ببساطة ليست منقطعة الجذور ولا الفروع، فهل بهذا تكون إسرائيل قد انتصرت ؟
الانتصار الحقيقي، هو الانتصار على الذات، وعلى وحشيتها وحيوانيتها وأسلحتها ونزعاتها في القتل و التدمير والانتقام، وذلك بتحقيق السلام مع الأعداء.
إن الانتصار بمعناه الحقيقي الشمولي هو السيطرة على الأرض، وهذا ما لا تقوله إسرائيل، باستثناء بعض أحزاب اليمين المتطرف الفاشي، والذي لا يحظى بأي دعم دولي، بل يراه الكثير من الإسرائيليين أنفسهم إنه خطر على سمعة إسرائيل، بل وعلى وجودها. 

السيطرة على الأرض لكي يتحقق النصر الحقيقي، لا تقتصر على أرض غزة، بل يجب أن تمتد إلى الضفة الغربية، وبعدها إلى جنوب لبنان ثم إلى العراق وسوريا واليمن، فهذا هو محور المقاومة الذي تنتمي إليه حماس، تعد جزءاً أساسيا من مكوناته، بل الجزء القيمي والمعنوي المبدئي والعقائدي الذي يمثل فلسطين ومقدساتها. وهنا لن تظل إيران ساكتة تنتظر إسرائيل لاحتلالها كي يكتمل نصرها.


الانتصار الحقيقي، هو الانتصار على الذات، وعلى وحشيتها وحيوانيتها وأسلحتها ونزعاتها في القتل و التدمير والانتقام، وذلك بتحقيق السلام مع الأعداء. لقد سجلت إسرائيل انتصارا نوعيا عندما عقدت اتفاقية سلام مع منظمة التحرير بقيادة فتح، عدوتها آنذاك، والتي استخدمت كل الوسائل وخاضت العديد من المعارك للقضاء عليها، لكن إسرائيل التي قررت اغتيال رابين وتصدير نتنياهو لم تستغل جنوح الفلسطينيين للسلام خلال ثلاثين سنة، بل استغلت "سلاميتهم" للقضاء على ما تبقى من أرضهم وتطلعاتهم وأحلامهم في الحرية من نير احتلالها وبطشها وإذلالها وإقامة دولتهم المستقلة، فجاءتهم حماس، ومن خلفها محور قوي، تتركز قوته في صدقه وأخلاقه ومبادئه.

على "إسرائيل الجديدة"، سواء المنتصرة على حماس، أو المهزومة، ومعها محورها الإجرامي المتوحش التوسعي والمتخلف والمتسلط، أن تدرك أنه بعد الآن ستكون من الصعوبة بمكان أن تكون هناك سلطة فلسطينية غير مقاومة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة حماس فلسطين فلسطين حماس غزة الحرب مقالات مقالات مقالات سياسة من هنا وهناك سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

معاريف: كيف هزمت حماس إسرائيل؟

بعد عامين على هجوم طوفان الأقصى الذي شنته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يؤكد المحلل العسكري في صحيفة معاريف، آفي أشكنازي أن هزيمة إسرائيل أمام حماس لم تقع صباح السابع من أكتوبر 2023، بل قبل ذلك بتسع سنوات، وتحديدا في يوم 26 أغسطس/آب 2014، حين انتهى عدوان إسرائيلي على غزة استمر 50 يوما.

ويرى أشكنازي أنه منذ ذلك اليوم بنت إسرائيل حول نفسها أسطورة مضللة عن الردع والتفوق، وصدّقت روايتها الخاصة حتى لحظة الانهيار. أما حماس، فخرجت من تحت الأنقاض لتعيد بناء قوتها، وتنقل المعركة من الدفاع إلى الهجوم، لتتحول إلى ما يسميه المحلل العسكري "جيش حماس"، بينما غرقت إسرائيل في غطرسة القوة، متجاهلة كل إشارات الإنذار.

ويقدّم المقال، الذي يتأمل الذكرى الثانية للحرب، تشريحا صريحا لأوجه الفشل الإسرائيلي على المستويات العسكرية والاستخباراتية والسياسية والاجتماعية، محذرا من أن تجاهل الدروس سيقود إلى "7 أكتوبر جديد"، أكثر كارثية مما عاشته إسرائيل في 2023.

تاريخ الهزيمة

يبدأ أشكنازي روايته من لحظة ظنت فيها إسرائيل أنها خرجت منتصرة من حرب 2014 ضد حماس، حين روجت القيادة السياسية والعسكرية آنذاك لفكرة أن الحركة قد "رُدعت" وأن قدراتها تآكلت بفعل الضربات الجوية. لكن ما حدث في نظره كان العكس تماما.

يقول إن اليوم الذي سكتت فيه المدافع، كانت بذور الهزيمة تُزرع في وعي المؤسسة الإسرائيلية، فبينما انشغلت تل أبيب بتسويق نصرها، كانت حماس تراجع تجربتها، وتعيد تشكيل نفسها من الداخل على نحو إستراتيجي، تماما كما فعل حزب الله بعد حرب لبنان الثانية عام 2006.

يشير المحلل العسكري إلى أن قادة حماس، وعلى رأسهم يحيى السنوار ومحمد الضيف، استخلصوا الدرس ذاته الذي تعلّمه حسن نصر الله من تجربته مع إسرائيل: الصمود في وجه الجيش الإسرائيلي ليس هزيمة، بل هو بحد ذاته انتصار. من هذا الإدراك انطلقت مرحلة جديدة من بناء القوة: إنشاء نظام قيادة وسيطرة متماسك، وهيكلة تنظيمية أقرب إلى جيوش الدول، تضم ألوية وكتائب وفصائل نخبة، إلى جانب جهاز استخبارات متطور، وشبكة أنفاق ومنظومات اتصالات سرية.

إعلان

يقول أشكنازي "لقد تحولت حماس من منظمة مقاومة إلى جيش حقيقي"، مضيفا أن إسرائيل، في المقابل، "كانت تروي لنفسها قصة بطولية لا أساس لها من الواقع"، وتعيش في وهم الردع، دون أن تدرك أنها تواجه خصما تغير كليا.

أكبر إذلال عسكري لإسرائيل منذ قيامها

يرى أشكنازي أن جوهر المأساة لا يكمن في الفشل الميداني وحده، بل في فقدان القدرة على رؤية الحقيقة. فإسرائيل، كما يقول، "روت لنفسها قصة وصدّقتها".

تلك القصة مفادها أن حماس منظمة ضعيفة، محدودة القدرات، وأن الجيش الإسرائيلي يسيطر على الموقف، حتى إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد 7 أكتوبر، واصل التقليل من شأن الحركة، واصفا عناصرها بأنهم "مجرد بضعة عرب يرتدون شبشب ويحملون كلاشينكوف".

ويذكّر المحلل العسكري الإسرائيليين بمشاهد الإذلال التي تعرضت لها إسرائيل صباح السابع من أكتوبر، ويقول "بدأت الحرب بمفاجأة كاملة.. محرج ومهين.. منظمة إرهابية لا ينظر إليها حقا في إسرائيل وحول العالم على أنها منظمة كبيرة وقوية، أصبحت لديها القدرة التكتيكية على تغيير الواقع الإستراتيجي، ولديها القدرة على تهديد وجود دولة إسرائيل أو جزء منها.. يتذكر كل إسرائيلي صورة "تويوتا" المحملة بالإرهابيين بمدافع رشاشة في شوارع سديروت، وتخترق المظلات البلدات المحيطة بها وتهبط فيها".

ويضيف "ولو تم تنفيذ خطة حماس لتوحيد الساحات في الوقت المحدد، لكانت إسرائيل تواجه على الأرجح واقعا مختلفا تماما الآن"

ويمضي في شرح الصورة، ويقول "فمع أولى دقائق هجوم 7 أكتوبر، انهارت فرقة غزة بكاملها، وهي القوة التي أُوكلت إليها مهمة مواجهة حماس. سيطر المقاتلون الفلسطينيون على بلدات حدودية، وهددوا بالتوغل في العمق الإسرائيلي، فيما استغرق الجيش ساعات طويلة لاستيعاب حجم المفاجأة".

يصف أشكنازي تلك اللحظة بأنها "أكبر إذلال عسكري تتعرض له إسرائيل منذ قيامها"، مشبّها ما حدث بصدمة حرب عام 1973. لكنه يضيف "الفرق أن المفاجأة هذه المرة لم تأت من جيوش دول، بل من منظمة كانت إسرائيل تراها أقل من أن تحسب لها حسابا".

ويعلق على هذا المشهد قائلا "كانت إسرائيل تتباهى بتفوقها التكنولوجي من صواريخ القبة الحديدية إلى الطائرات المقاتلة الحديثة، كانت تغفل ما هو أعمق، وهو الخلل في الذهنية، والعطب في العلاقة بين القيادة والمجتمع".

يكتب المحلل العسكري أن "الفشل في المعركة ضد حماس لم يكن فقط عسكريا أو استخباراتيا، بل هو فشل في مفهوم إدارة الدولة والمجتمع"، إذ سادت في إسرائيل قناعة خطيرة بأنها قادرة على "التعايش" مع الخطر، وتحويل الأزمات إلى واقع يمكن التعايش معه، كما حدث مع الملف الإيراني أو الصراع الفلسطيني.

هذا التهاون، بحسب الكاتب، "كلف إسرائيل دماء 1954 مقاتلا، و255 أسيرا، وآلاف الجرحى، ولا تزال تداعياته مستمرة بعد عامين، سياسيا وأخلاقيا ومجتمعيا.

التحذير من هزيمة جديدة

بعد عامين على الحرب، يرى أشكنازي أن ما تحتاجه إسرائيل ليس مجرد مراجعة عسكرية، بل إعادة بناء شاملة للدولة والعقل الجمعي.

فالجيش -كما يقول- "يجب أن يُعِد نفسه لكل مفاجأة من كل جبهة: من الشمال والجنوب والشرق وحتى من الداخل"، لكنه حتى الآن "لم يصل إلى هناك". أما المجتمع الإسرائيلي، فعليه أن "يتوقف عن اتباع قيادة جوفاء فارغة، وأن يطرح الأسئلة الصعبة بدلا من ترديد الشعارات".

إعلان

يستدعي أشكنازي قصة "ملابس الملك الجديدة" التي كتبها هانز كريستيان أندرسن، بوصفها رمزا لخداع الجماعة لنفسها. فكما صدّق الناس أن الملك يرتدي ثوبا غير مرئي، صدّق الإسرائيليون أن دولتهم محصّنة من المفاجآت. "لكن الحقيقة ظهرت عارية في صباح السابع من أكتوبر".

وبينما تواصل الحكومة الإسرائيلية الحديث عن "الانتصار القادم"، يرى المحلل العسكري أن الانتصار الحقيقي الآن هو في الوعي. فحماس رغم الحصار والدمار "نجحت في حشد الرأي العام العالمي إلى جانبها"، كما تظهر التظاهرات والأعلام الفلسطينية في أوروبا والعواصم الغربية. أما إسرائيل، فقد دخلت مرحلة غير مسبوقة من العزلة الدولية، تجلت في مواقف الأمم المتحدة والاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين.

يخلص أشكنازي إلى أن "حماس انتصرت في الدقائق الأولى من الحرب"، وأن قدرتها على الصمود لعامين كاملين أمام آلة عسكرية ضخمة تؤكد أن إسرائيل "فقدت ميزة الردع"، وأنها أمام مأزق وجودي لا يُحلّ بالقوة وحدها.

وفي خاتمة مقاله، يطلق المحلل العسكري تحذيرا واضحا: إذا لم تُجرِ إسرائيل مراجعة جذرية، فستستيقظ ذات صباح على 7 أكتوبر جديد، يفوق ما حدث في 2023 مأساوية.

"حينها"، يقول، "سيبدو صباح السابع من أكتوبر كأنه مجرد مقدمة لكارثة أكبر، تماما كما طغت صدمة السادس من أكتوبر 1973 على كل ما قبلها".

يدعو أشكنازي إلى ما يسميه "التعديل العام" في المفهوم الإسرائيلي للقوة، بحيث لا تقتصر على التفوق العسكري، بل تمتد إلى المرونة السياسية والاجتماعية والقدرة على الفهم الذاتي. فالقوة ليست في عدد الصواريخ ولا في دقة القنابل، بل في "القدرة على رؤية الحقيقة قبل أن تفرض نفسها بالدم".

بهذا المعنى، يختتم مقاله قائلا "نعم، يمكننا أن نمتلك أقوى دبابة وأفضل طائرة وأدق صاروخ، لكن إن لم نفهم كيف نبني قوة قائمة على الوعي والمسؤولية، فسنجد أنفسنا نكرر الخطأ ذاته. وإن لم نستيقظ، فإن 7 أكتوبر آخر قادم لا محالة."

مقالات مشابهة

  • ليبرمان: جولة جديدة من الحرب بين إسرائيل وإيران تقترب
  • معاريف: كيف هزمت حماس إسرائيل؟
  • واضح: إدماج التكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في التكوين يعزز تنافسية الاقتصاد
  • محمد مندور يكتب : خالد العناني ورمزية الانتصار الثقافي في اليونسكو
  • غارة إسرائيليّة جديدة على جنوب لبنان... ماذا استهدفت إسرائيل؟ (صور)
  • ماجي الحلواني في ذكرى نصر أكتوبر: “حمادة إمام كان جندياً في المخابرات الحربية.. ويجب أن يفخر شباب مصر بهذا الانتصار العظيم”
  • الأردن وفلسطين يبحثان تعزيز التعاون في مجالات الأسرة وتمكين المرأة
  • إبراهيم عيسى: نصر أكتوبر حقيقة لا ينكرها إلا كارهو السادات ومتبنو الرواية الإسرائيلية
  • صحيفة بريطانية: إسرائيل تواجه جيلا جديدا من حماس
  • الله أكبر.. كانت سر الانتصار والعبور في حرب أكتوبر