تقع كنيسة الصعود على إحدى أعلى مناطق القدس بجبل الزيتون في الجهة الشرقية من المسجد الأقصى، وترتفع 850 مترا عن مستوى سطح البحر الأبيض المتوسط.

يرجع تاريخ بنائها إلى القرن الرابع الميلادي في عهد الملك قسطنطين سنة 390 ميلادية، وتروي هذه الكنيسة أحد فصول الإيمان في العقيدة المسيحية، وهو صعود المسيح للسماء في اليوم الأربعين بعد قيامته من بين الأموات في اليوم الثالث، بعد صلبه في تل الجلجثة، حسب الرواية المسيحية.

وقف إسلامي

وقد دمرت الكنيسة في القرن الحادي عشر من قبل السلطان الفاطمي الحاكم بأمر الله، وبعد هزيمة الصليبيين في معركة حطين أصبحت الكنيسة وقفا إسلاميا، إذ يسمح لكافة الطوائف المسيحية حسب اتفاقية الستاتيكو منذ القرن التاسع عشر بإقامة الصلوات في احتفال عيد الصعود في مسجد كنيسة الصعود.

ويقول الباحث "غوردن رايان" في دراسة بعنوان "هندسة المعالم التاريخية المسيحية المبكرة في فلسطين" إن "الاحتفال المسيحي على جبل الزيتون كان ثنائيا، حيث تتجمع الذاكرة حول الكهف الذي علّم يسوع فيه أتباعه الصلاة في كنيسة باتر نوستر، والقمة التي صعد منها إلى السماء في كنيسة الصعود. في القرن الرابع، بُني هذان المبنيان على قمة جبل الزيتون ويفصل بينهما أقل من 100 متر".

كنيسة الصعود تضم ما تقول الرواية المسيحية إنها آثار أقدام المسيح عليه السلام (شترستوك)

تتكون كنيسة الصعود من مجمع دائري يتميز بهيكل مقبب، وقد سمح المخطط المركزي لكنيسة الصعود بتحديد مكان معين في وسط الهيكل، وكان هذا -بحسب المصادر- هو المكان الذي تحدثت فيه الرواية المسيحية عن صعود يسوع وعن آثار أقدام المسيح الموجودة داخل كنيسة الصعود مثلما كتب باولينوس أسقف نولا.

تحولت الكنيسة إلى مسجد عقب حصار المسلمين للمدينة المقدسة، وأعيد بناؤها في بداية القرن الثاني عشر حسب تصميمها الأصلي مع إضافة بعض التغييرات، لتتحول بعد أن فتح صلاح الدين الأيوبي القدس في أكتوبر/تشرين الأول من عام 1187 ميلادي إلى مسجد مرة أخرى، لكن استمر مع ذلك المسيحيون في الحج إلى ذلك المكان في عيد الصعود، ويخضع الموقع لإشراف دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.

قبة كنيسة ودير الصعود في القدس (الجزيرة) سياحة وحج

شكل الكنيسة مثمن الأضلاع، في وسطها يوجد مبنى مثمن صغير يشبه قبة الصعود في مسجد قبة الصخرة، في وسطه توجد ما تقول الرواية المسيحية إنها آثار قدم، ويوجد أمامها محراب، وفي الأعلى قبة كانت مفتوحة وأغلقها المسلمون.

يجذب الموقع زوارا من جميع أنحاء العالم لأغراض الحج والسياحة الدينية، ويستقبل أفواجا من السياح المسيحيين الذين يأتون للصلاة والتأمل.

تم بذل جهود كبيرة للحفاظ على الكنيسة ومحيطها، مع مشاريع ترميم مستمرة للحفاظ على الموقع. وتُعد كنيسة الصعود نقطة تجمّع روحية وثقافية تجمع بين التاريخ العريق والأهمية الدينية العميقة، ما يجعلها واحدة من أبرز معالم القدس.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

توراة يمنية من القرن الخامس عشر تُعرض للبيع في نيويورك

أعلن دار المزادات الشهيرة سوثبي (Sotheby's ) في نيويورك عن عرض واحدة من أندر لفائف التوراة اليمنية المعروفة حتى اليوم، وهي مخطوطة مؤكدة بالكربون المشع تُعد الأقدم بين النسخ الكاملة التي خرجت من اليمن ووصلت إلى الأسواق الدولية. 

الباحث المتخصص في شؤون الآثار اليمنية عبدالله محسن كشف في منشور على صفحته في فيسبوك أن اللفيفة المعروضة، التي ستُطرح للبيع في 17 ديسمبر 2025، تحمل قيمة تاريخية وعلمية استثنائية، إذ تعود أقدم رقوقها إلى ما بين عامي 1425 و1450م إبان أواخر حكم الدولة الرسولية، ما يجعلها سابقة لجميع النسخ اليمنية الكاملة المعروفة، بما فيها تلك المحفوظة في مكتبات عالمية كالمكتبة البريطانية.

تتألف اللفيفة من 76 رقّاً جلدياً مكتوباً بالعبرية بخط يمني مربع مميز، وتضم 227 عموداً نسخها خطاطون يمنيون على مدى قرون. يشير وصف المزاد إلى أن المخطوطة تمثّل “سجلاً بصرياً لتطور الخط العبري اليمني”، إذ يمكن تمييز ثلاث طبقات من تطور الخط: المرحلة القديمة التي يظهر فيها حرف الشين والقاف بأشكال نادرة مبكرة، والمرحلة المتوسطة التي بدأت فيها الحروف بالتطور، والمرحلة الأحدث التي تضم الرقوق المضافة أثناء أعمال ترميم لاحقة.

ومن السمات الفريدة للغاية في هذه اللفيفة وجود نقطة حبر صغيرة تحت الكلمة الواقعة في منتصف كل آية، وهو تقليد حصري اشتهر به يهود اليمن ويهدف لتسهيل التلاوة. وتؤكد دار سوثبي أن ثلاث لفائف فقط في العالم معروفة بهذا الأسلوب، إحداها هذه القطعة المعروضة في المزاد. كما يظهر في المخطوطة أسلوب هندسي مميز في ترتيب آيات نشيد البحر (خروج 15) ونشيد موسى (تثنية 32) بطريقة تشبه "الطوب المرصوص"، وهو أسلوب زخرفي اشتهر به النسّاخ اليمنيون عبر العصور.

ويعيد هذا الإعلان إلى الأذهان حدثاً مماثلاً في مزاد سوثبي عام 2024، حين عُرضت لفيفة توراة يمنية أخرى من القرن السادس عشر، مؤكدة أيضاً بالفحص الكربوني. لم تكن تلك النسخة أقل أهمية، إذ وصفتها دار المزاد بأنها واحدة من أقدم النسخ اليمنية الكاملة المعروفة اليوم، وتميزت بدقة نصية صارمة تعكس التقاليد التي حافظ عليها يهود اليمن والتزامهم بأحكام ابن ميمون. كما كشفت بيانات المزاد وجود رقوق مستبدلة وحديثة وأخرى أقدم، ما يظهر تاريخاً طويلاً من الاستخدام والترميم.

وفي الشق القانوني، يوضح الباحث عبدالله محسن أن عرض هذه اللفائف في المزادات الأمريكية يتم رغم وجود اتفاق ثقافي بين اليمن والولايات المتحدة، لكنه اتفاق يعاني من ثغرات قانونية واسعة. فالقيود الأمريكية تمنع دخول وبيع القطع الأثرية اليمنية التي تُصنف ملكاً للدولة فقط، إضافة إلى ضرورة تقديم أدلة واضحة على أن القطعة خرجت من اليمن بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ وبطريقة غير مشروعة. 

غير أن لفائف التوراة تُصنف في القانون الأمريكي باعتبارها ممتلكات دينية خاصة ليهود اليمن، وليست جزءاً من التراث الوطني للدولة اليمنية، ما يتيح بيعها دون أن يشملها الحظر. ويشير محسن إلى أن اليمن لم يقدم حتى الآن اعتراضات رسمية حول هذه اللفائف، وهو ما يسمح للمزادات بالتعامل معها كملكية خاصة قابلة للبيع.

ويرى محسن أن هذه الحالة تكشف عن أزمة حقيقية في منظومة حماية التراث اليمني، خاصة في ظل استمرار تهريب وبيع المخطوطات والتحف النادرة في الأسواق العالمية، دون تحرك رسمي يعترض على ذلك أو يطالب باستعادتها. ويطرح الباحث سؤالاً جوهرياً: من سيدافع عن الذاكرة المكتوبة لليمن إذا لم تقم الدولة بمسؤولياتها؟ فالعشرات من المخطوطات والوثائق النادرة، بحسب تقارير محلية ودولية، خرجت من اليمن خلال سنوات الحرب، وانتهى المطاف ببعضها في مزادات كبرى أو مجموعات خاصة يصعب استعادتها لاحقاً.

وبينما تستعد دار سوثبي لطرح هذه التوراة اليمنية النادرة أمام جمهور المشترين من حول العالم، تتجدد المناشدات بضرورة تحرك الجهات الرسمية والمنظمات الدولية المختصة لحماية ما تبقى من التراث اليمني المكتوب، وإعادة النظر في الثغرات القانونية التي تسمح بخروج هذا الإرث العريق من بيئته الأصلية، وسط مخاوف من أن يؤدي استمرار هذا النزيف إلى فقدان اليمن جزءاً لا يُعوّض من ذاكرته التاريخية والثقافية.

مقالات مشابهة

  • بالتعاون بين وزارة الشباب والسكة الحديد.. انطلاق أولى رحلات قطار الشباب لزيارة معالم مصر التاريخية
  • في يومها العالمي.. قصة عشق عالمي لحلوى "الكوكيز"
  • أربيل.. الأوقاف الكوردستانية تدين الاعتداء على المقابر المسيحية في كويسنجق
  • توراة يمنية من القرن الخامس عشر تُعرض للبيع في نيويورك
  • البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق يستقبل سهيل لاوند الأكاديمي المتخصص في تاريخ المسيحية الباكرة
  • الكنيسة القبطية تحيي ذكرى شهيدها الشجاع مرقوريوس أبو سيفين
  • الذهب يواصل الصعود.. وعيار 21 يتجاوز 5 آلاف جنيه
  • انخفاض نفط البصرة رغم الصعود العالمي
  • أحمد عبد الفتاح ينضم للجهاز الفني لفريق الداخلية
  • عُمره 2000 عام.. أول كمبيوتر في التاريخ يذهل العلماء