حذر  نائب رئيس مجلس السيادة الانقلابي مالك عقار، من مخاطر انهيار السودان، وشدد على أنها لن تقتصر على البلد وحده، ولكن ستمتد تأثيراتها إلى دول الجوار وأبعد من ذلك، وقال إن مجلس السيادة يتمسك بخطته للحل أمام تعدد المبادرات التي فشلت إلى غاية الآن في التوصل لاتفاق.

الخرطوم ــ التغيير

وبعد نحو 15 شهرا من الحرب، تتواصل المعارك في جبهات مختلفة من السودان دون أي بوادر لاتفاق ينهي الصراع الذي أسفر عن عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وتسبب في أزمة إنسانية كبيرة.

وتعد تصريحات عقار هذه تحولاً في موقفه بشأن الحرب، وسبق أن أدلى بتصريحات خلال الفترة الماضية رفض فيها التفاوض مع قوات الدعم السريع أكد فيها رفضهم الذهاب إلى منبر جدة التفاوضي، و أعلن رفض دعوة وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، التي قدمها إلى رئيس مجلس السيادة الانقلابي، الجنرال عبد الفتاح البرهان، بالذهاب إلى منبر جدة، و اعتبر أن بها استخفافٌ واحتقارٌ للسودان لا يمكن قبوله.

وقال في تصريح شهير :«أنا عاوز أقول لكم نحن لا ماشين جدة ولا ماشين جدادة!، العاوز ينتهي مننا يجي يقتلنا، ويجي يشيل رفاتنا إلى جدة».

ورسم مالك عقار مشهدا قاتما أمام أي احتمال لنهاية الحرب بتفكك الدولة أو انهيارها، وقال إن السودان بموقعه الجغرافي وامتداداته الديمغرافية قد يكون بوابة لدوامة من الفوضى في المنطقة إن حدث الانهيار.

وفي حديث مع مجموعة من الإعلاميين الأحد في مدينة بورتسودان شرق البلاد، شرح عقار رؤيته قائلا إن الفوضى المحتملة في المنطقة ستعني خلق بؤر توتر وستجعل المنطقة أرضا خصبة للجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر مع زياد كبيرة لأنشطة القرصنة البحرية في المنطقة.

ولتجنب ذلك السيناريو، أكد نائب رئيس مجلس السيادة الانقلابي أن الجميع مطالب بالعمل على توفير الظروف المناسبة لإنهاء الحرب والتوصل لاتفاق سلام بين الفرقاء.
طريق الحل

ورغم تعدد المبادرات من جدة إلى جنيف مرورا بكامبالا والقاهرة، أكد عقار أن مجلس السيادة يتبنى خارطة طريق لم تطرح بعد في أي مباردة.
وأشار إلى أن الخطة تتضمن 3 مراحل، تبدأ الأولى بوقف الأعمال العدائية والفصل بين القوات المتحاربة، ولتحقيق ذلك يجب الاتفاق على آليات محددة تخص انسحاب القوات ومواقع تمركزها والجهة التي ستشرف على العملية.

وتركز المرحلة الثانية على الجانب الإنساني، ويتم العمل خلالها على الاستجابة للحاجات المستعجلة ومواجهة حالات سوء التغذية التي تحدق بملايين السودانيين.

وفي المرحلة الثالثة -وهي المرحلة الأصعب وفقا لعقار- سيتم بحث مصير دمج القوات وهي النقطة التي توقع أن تستغرق وقتا طويلا في ظل وجود عدد كبير من الأجانب ضمن قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مما يطرح صعوبات بشأن فرز السودانيين من غيرهم في تلك القوات ومدى تجاوب الدول التي قدموا منها من أجل استعادتهم.

وتنتهي تلك المرحلة بتوافق سياسي، يرى نائب مجلس السيادة الانقلابي أنه يجب أن لا يقع في الأخطاء التي ارتكبت في 44 اتفاقا سياسيا عبر تاريخ السودان الحديث، وخاصة ما تعلق منها بالدور الأجنبي والإملاءات الخارجية في صياغة بنود الاتفاق، وأكد أن الحل والتوافق لن ينجح سوى إن كان بين السودانيين دون أي دور لغيرهم يتعدى حدود الوساطة والدعم في التوصل للاتفاقات.

لا كلمة لحميدتي

من جانب آخر، يرى عقار أن حميدتي لا يملك السيطرة على قواته، واستدل بالتجاوزات التي ترتكبها قواته والتي لا يمكن أن تصدر عن جهة من المفترض أن تكون حريصة على أمن مواطنيها، وأشار إلى أن الكلمة الأخيرة تعود إلى الجهة الداعمة لحميدتي وهي دولة الإمارات.
وانتقد بهذا الخصوص دور الإمارات في الحرب الحالية وقال إن العديد من دول الجوار مقتنعة بضرورة إنهاء الحرب تجنبا لتداعياتها على دولهم، ولكنهم لا يجرؤون على التصريح علنا بذلك بسبب الاستثمارات والأموال الإماراتية التي تتدفق عليهم.

من جانب آخر، تحدث عقار عن ضرورة إنجاز تحول تاريخي في السودان ينقله من “سجن مفتوح لإثنيات مختلفة” إلى دولة تفرض احترامها على جميع المواطنين، ونبه إلى أن بعض التقارير تؤكد انتشار 36 مليون قطعة سلاح في السودان وهو ما يمثل قنبلة موقوتة قد تهدد مستقبل البلاد في أي لحظة.

الوسومانهيار السودان رؤية للحل مالك عقار منبر جدة نائب البرهان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: انهيار السودان رؤية للحل مالك عقار منبر جدة نائب البرهان

إقرأ أيضاً:

اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى

 

مثّلت الحرب الشاملة التي شُنّت على اليمن في مارس 2015، التدشين العملي والأخطر لمؤامرة دولية مركبة، حيكت خيوطها بعناية فائقة في الغرف المظلمة بين واشنطن وتل أبيب؛ فالموقع الجيوسياسي لليمن، الحاكم على رئة العالم في باب المندب، جعل منه هدفاً دائماً لأطماع قوى الاستكبار التي ترى في استقلال هذا البلد تهديداً وجودياً لمشاريعها في المنطقة، ولعل المتأمل في مسار الأحداث يدرك بيقين أن ما يجري هو عقاب جماعي لشعب قرر الخروج من عباءة الوصاية.

إن القراءة المتأنية للرؤية الأمريكية والإسرائيلية تجاه اليمن تكشف تحولاً جذرياً في التعامل مع هذا الملف، فمنذ نجاح الثورة الشعبية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، أدرك العقل الاستراتيجي في البيت الأبيض والكيان الصهيوني أن اليمن قد غادر مربع التبعية التي كرسها “سفراء الدول العشر” لسنوات طويلة، وأن القرار اليمني لم يعد يصاغ في السفارات الأجنبية. لقد كانت تلك اللحظة بمثابة زلزال سياسي دفع بنيامين نتنياهو مبكراً للتحذير من أن سيطرة القوى الثورية الوطنية على باب المندب تشكل خطراً يفوق الخطر النووي، وهو ما يفسر الجنون الهستيري الذي طبع العدوان لاحقاً. وقد تجلت هذه الرؤية بوضوح صارخ في المرحلة الحالية، وتحديداً مع انخراط اليمن في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، حيث سقطت الأقنعة تماماً، وانتقلت أمريكا من إدارة الحرب عبر وكلائها الإقليميين إلى المواجهة المباشرة بالأساطيل وحاملات الطائرات، بعد أن أدركت أن أدواتها في المنطقة عجزت عن كبح جماح المارد اليمني الذي بات يهدد شريان الحياة للاقتصاد الصهيوني.

وعند النظر إلى الخارطة العملياتية للمؤامرة، نجد أن العدو اعتمد استراتيجية خبيثة تقوم على تقسيم الجغرافيا اليمنية وظيفياً، والتعامل مع كل جزء بأسلوب مختلف يحقق غاية واحدة هي “التدمير والإنهاك”. ففي المناطق والمحافظات الحرة التي رفضت الخضوع، لجأ التحالف الأمريكي إلى استراتيجية “الخنق والتجويع” كبديل عن الحسم العسكري المستحيل؛ فكان قرار نقل وظائف البنك المركزي في سبتمبر 2016 الضربة الاقتصادية الأخطر التي هدفت لضرب العملة الوطنية وتجفيف السيولة، مترافقة مع حصار مطبق على الموانئ والمطارات، في محاولة بائسة لكسر الإرادة الشعبية عبر لقمة العيش، ومؤخراً محاولة عزل البنوك اليمنية عن النظام المالي العالمي، وهي ورقة ضغط أخيرة تم إحراقها بفضل معادلات الردع الصارمة التي فرضتها صنعاء.

أما في الجانب الآخر من المشهد، وتحديداً في المحافظات الجنوبية والمناطق المحتلة، فتتجلى المؤامرة في أبشع صورها عبر استراتيجية “الفوضى والنهب”، حيث يعمل المحتل على هندسة واقع سياسي وعسكري ممزق يمنع قيام أي دولة قوية؛ فمن عسكرة الجزر الاستراتيجية وتحويل “سقطرى” إلى قاعدة استخباراتية متقدمة للموساد وأبو ظبي، وبناء المدارج العسكرية في جزيرة “ميون” للتحكم بمضيق باب المندب، إلى النهب الممنهج لثروات الشعب من النفط والغاز في شبوة وحضرموت، بينما يكتوي المواطن هناك بنار الغلاء وانعدام الخدمات. إنهم يريدون جنوباً مفككاً تتنازعه الميليشيات المتناحرة، ليبقى مسرحاً مفتوحاً للمطامع الاستعمارية دون أي سيادة وطنية.

وأمام هذا الطوفان من التآمر، لم يقف اليمن مكتوف الأيدي، بل اجترح معجزة الصمود وبناء القوة، مستنداً إلى استراتيجية “الحماية والمواجهة” التي رسمتها القيادة الثورية بحكمة واقتدار. لقد تحول اليمن في زمن قياسي من وضع الدفاع وتلقي الضربات إلى موقع الهجوم وصناعة المعادلات، عبر بناء ترسانة عسكرية رادعة من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والطائرات المسيرة التي وصلت إلى عمق عواصم العدوان، بل وتجاوزتها لتدك “أم الرشراش” وتفرض حصاراً بحرياً تاريخياً على الكيان الصهيوني، مسقطة بذلك هيبة الردع الأمريكية في البحر الأحمر. هذا المسار العسكري وازاه مسار اقتصادي يرفع شعار الاكتفاء الذاتي والتوجه نحو الزراعة لكسر سلاح التجويع، ومسار تحصين الجبهة الداخلية عبر ترسيخ الهوية الإيمانية التي كانت السد المنيع أمام الحرب الناعمة.

خلاصة المشهد، أن اليمن اليوم، وبعد سنوات من العدوان والحصار، لم يعد ذلك “الحديقة الخلفية” لأحد، بل أصبح رقماً صعباً ولاعباً إقليمياً ودولياً يغير موازين القوى، وأن المؤامرة التي أرادت دفن هذا البلد تحت ركام الحرب، هي نفسها التي أحيت فيه روح المجد، ليصبح اليمن اليوم في طليعة محور الجهاد والمقاومة، شاهداً على أن إرادة الشعوب الحرة أقوى من ترسانات الإمبراطوريات.

 

مقالات مشابهة

  • نائب أمير الشرقية يطلع على أرقام وإنجازات جمعية الرحمة الطبية
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى
  • الوزير الأول يترأس اجتماعا للحكومة.. وهذه الملفات التي تم دراستها
  • مجلس النواب يرفض تصريحات يونانية ويصفها تدخل بـ«السيادة الوطنية»
  • كان على بوتين أن يقبل صفقة ترامب قبل أن يهزمه انهيار الاقتصاد الروسي
  • إعفاءات وخصومات ضريبية للمستثمرين في إقليم البترا تشمل 2000 عقار
  • نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية الذوق العام
  • رأي.. حبيب الملا يكتب: هل حكومة عبدالفتاح البرهان في السودان شرعية فى نظر القانون الدولي؟
  • نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية الذوق العام
  • إزالة عدد من الغرف المخالفة التي جرى إنشاؤها دون أي تراخيص بمدينة بدر