باتريك بوشرون وأنطوان ليلتي، وألف مؤرخ فرنسي آخرين

ترجمة: أحمد شافعي

للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، يقف اليمين المتطرف على أعتاب السلطة في فرنسا. وبوصفنا مؤرخين ننتمي إلى شتى الخلفيات السياسية ونشترك في ارتباطنا بالقيم الديمقراطية وسيادة القانون، لا يمكننا أن نبقى صامتين في مواجهة احتمال منذر بالخطر لا يزال بإمكاننا أن نقاومه.

برغم تغيير سطحي، يظل حزب (التجمع الوطني) في جوهره خليفة ووريثا للجبهة الوطنية التي أسسها في عام 1972 أشخاص يدفعهم الحنين إلى فيشي والجزائر الفرنسية.

فقد ورث برنامج الجبهة، والهواجس المسيطرة عليها، وأشخاصها. وله جذور عميقة ضاربة في تاريخ اليمين الفرنسي المتطرف الذي تشكل بقوة رهاب الأجانب والوطنية العنصرية ومعاداة السامية والعنف وازدراء الديمقراطية البرلمانية. فلا ينبغي أن تخدعنا الحصافة الخطابية والتكتيكية التي يتهيأ بها حزب (التجمع الوطني) للاستيلاء على السلطة. هذا الحزب لا يمثل اليمين المحافظ أو الوطني، وإنما يمثل أكبر تهديد على الجمهورية والديمقراطية.

إن سياسة المواطنة الخاصة بحزب (التجمع الوطني) والمعروفة بـ«التفضيل الوطني»، والتي أعيدت تسميتها فباتت «الأولية الوطنية»، تبقى القلب الأيديولوجي لمشروعه. وهي تناقض قيم جمهورية من قبيل المساواة والأخوة، ويتطلب تنفيذها تعديل الدستور الفرنسي.

وفي حال فوز حزب (التجمع الوطني) وتنفيذه برنامجه المعلن، سيكون إلغاء حق الحصول على الجنسية لمن يولدون في فرنسا انقطاعا عميقا عن مفهومنا الجمهوري للجنسية، لأن المولودين في فرنسا، أو الذين عاشوا فيها على الدوام، لن يكونوا فرنسيين، ولن يكون أبناؤهم فرنسيين كذلك.

وبالمثل، سوف يؤدي استبعاد مزدوجي الجنسية من بعض الوظائف العامة إلى تمييز متعصب بين فئات عديدة من الشعب الفرنسي. ولن يظل مجتمعنا الوطني قائما على الالتزام السياسي بمصير مشترك، أو على «الاستفتاء اليومي» الذي أشار إليه مؤرخ القرن التاسع عشر إرنست رينان، وإنما على مفهوم عرقي لفرنسا.

وفيما يتجاوز ذلك، يتضمن برنامج حزب (التجمع الوطني) تصعيدا لإجراءات أمنية من شأنها أن تقوض حرياتنا المدنية. ولا داعي للغوص في الماضي البعيد لكي نعي الخطر، ففي كل مكان، عندما يصل اليمين المتطرف إلى السلطة من خلال صندوق الاقتراع، فإنه يرغم العدالة والإعلام والتعليم والبحث على الانصياع له، والحكومات التي تبدي مارين لوبان وجوردان بارديلا الإعجاب بها جهارا، من قبيل حكومة فيكتور أوربان في المجر، تتيح لنا صورة لمشروعهما: وهو الشعبوية الاستبدادية التي تضعف في ظلها سبل المحاسبة وتكمَّم المعارضة، وتحّد حرية الصحافة.

وما من ديمقراطية دونما فضاء عام ديناميكي حر، ودونما معلومات دقيقة، واستقلال عن التدخل السياسي أو المالي.

وإن من شأن خصخصة الإعلام العام، وهي متضمنة في برنامج حزب (التجمع الوطني) أن تقوض جزءا أساسيا من حياتنا العامة. فهل يمكن أن نتخيل [الملياردير وعملاق الإعلام] فينسنت بولور ـ المعروف بمناصرته لليمين المتطرف ـ أن يدمج (فرانس كولتور) و(فرانس إنتر) (وفرانس 2) في إمبراطوريته الإعلامية، مثلما فعل مع (لو جورنال دي دي مانش) و(أوروبا 1) و(هاشيت) بكل العواقب التي نعلم جميعا أنها سوف تترتب على ذلك؟

لالتزامنا بالممارسة البحثية للتاريخ، لا نملك إلا أن نشعر ببالغ القلق من استغلال الماضي والهجمات على حرية البحث التي يمكن أن نتوقعها الآن. فبيان حزب (التجمع الوطني) الخاص بالتعليم تركز كلية على إعادة تدريس التاريخ بوصفه منهجا وطنيا، بل وطنيا متطرفا قوامه الحنين، وذلك نقيض ما يتطلبه البحث التاريخي القائم على المنهج النقدي وروح الانتباه إلى الدقائق الفارقة، والتعاون الدولي.

وأخيرا، لم تخفِ قط قيادة حزب (التجمع الوطني) افتتانها بفلاديمير بوتين، فقد وصل ذلك بالفعل إلى حد الظهور علنا وجهرا بجانبه في الكريملين سنة 2017. وفي حين أن الرئيس الروسي يمثل خطرا قاتلا على أوروبا ولا يزال يؤكد عداءه الخبيث للمجتمعات الديمقراطية الغربية، هل يمكن أن نسمح لحزب يحظى بتأييده أن يصل إلى السلطة؟ كيف يمكن أن نتصور إضعاف أوروبا على هذا النحو في وقت تحتاج فيه أشد الاحتياج نقيض ذلك وتأكيد وحدتها وعزمها؟

لا بد أن ترجع فرنسا إلى تاريخها. حتى الآن، لم يصل اليمين المتطرف إلى السلطة إلا في ظل هزيمة عسكرية واحتلال أجنبي سنة 1940. ولسنا عازمين على أن نسلم أنفسنا لهزيمة جديدة، هي هزيمة للقيم التي تمثل منذ عام 1789 أساسا لاستقرار فرنسا السياسي وتضامنها الوطني.

هذه ليست انتخابات عادية، فالمحك فيها هو الدفاع عن الديمقراطية والجمهورية في مواجهة أعدائهما في لحظة فاصلة من تاريخنا. في الجولة الأولى، لم نصوت جميعا للمرشحين أنفسهم، ولا للأحزاب نفسها. وفي يوم الأحد، ندعو إخواننا المواطنين في كل دائرة إلى التصويت لضمان الانتصار على مرشح حزب التجمع الوطني.

نشرت المقالة أصلا في «لوموند الفرنسية» وتحمل توقيعات ألف من المؤرخين الفرنسيين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التجمع الوطنی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

سعادة بين طلاب الثانوية بجنوب سيناء من أسئلة امتحانات مادة اللغة الفرنسية

أعرب طلاب الشهادة الثانوية العامة بجنوب سيناء، عن فرحتهم بسهولة أسئلة امتحانات اللغة الأجنبية الثانية "الفرنساوي"، التي انطلقت اليوم الثلاثاء، لمدة ساعتين بداية من الساعة 9 حتى 11 صباحًا.
وأكدت الطالبة ملك عبد الواحد، أن أسئلة الامتحانات جاءت سهلة ومباشرة، ومناسبة لجميع المستويات.
وأضافت الطالبة منة الله محمود، أن الأسئلة جاءت من المقرر، ومناسبة للوقت.

بينما أكد الطالب محمد إبراهيم، أن الأسئلة كانت تتضمن بعض النقاط  التي تقيس مستوى الطلاب المتفوقين، لكنها كانت في المجمل مناسبة لكافة المستويات.

وأكد عادل عتلم، وكيل وزارة التربية والتعليم بجنوب سيناء، إن لجان الامتحانات كانت تسودها أجواء هادئة، وتسير في انتظام ولم يجري رصد أي مخلفات داخل اللجان، مؤكدا أن غرفة العمليات الرئيسية بالمديرية لم تتلقى أي شكاوى.

جدير بالذكر، أن عدد لجان الامتحانات بجنوب سيناء بلغ 8 لجان على مستوى الإدارات التعليمية بالمحافظة، بواقع 2 لجنة بمدينة الطور، ولجنة بمدينة شرم الشيخ، ولجنة بمدينة دهب، ولجنة بمدينة نويبع، ولجنة بمدينة رأس سدر، ولجنة بمدينة أبورديس، ولجنة بمدينة أبوزنيمة، وبلغ إجمالي عدد الطلاب المنتظمين بالصف الثالث الثانوي العام ولهم حق دخول الامتحانات بلغ 1424 طالب وطالبة.

ويوجد مركزان رئيسيان لتوزيع أسئلة الامتحانات إحداهما بمدينة الطور، والآخر بمدينة دهب، إضافة إلى 5 مراكز فرعية بمدن "رأس سدر، أبوزنيمة، شرم الشيخ، أبورديس، نويبع".

طباعة شارك جنوب سيناء الثانوية الفرنساوي سهل اليوم

مقالات مشابهة

  • أداء اليمين القانونية لموظفي مصلحة الليطاني المكلفين بمهام الضابطة العدلية المائية
  • المتطرف "ايهودا غليك" يقود اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى
  • وفاة الطاهية والكاتبة الفرنسية آن بوريل في ظروف غامضة
  • أبي رميا عرض مع وزير الداخلية الفرنسية التطورات في المنطقة وتداعياتها على لبنان
  • أمام المقام السّامي، سفيرُ سلطنة عُمان لدى بنجلاديش يؤدّي قسم اليمين
  • أمام المقام السّامي.. سفير سلطنة عُمان لدى بنجلاديش يؤدي قسم اليمين
  • «التعليم العالي» تعلن فتح باب التقدم لـ منح الدكتوراه المصرية الفرنسية
  • القرآن الأوروبي: ما حقيقة هذا المشروع الذي يهاجمه اليمين المتطرف؟
  • سعادة بين طلاب الثانوية بجنوب سيناء من أسئلة امتحانات مادة اللغة الفرنسية
  • طلاب الثانوية العامة بقنا: امتحان اللغة الفرنسية في مستوى الطالب المتوسط