بوابة الوفد:
2025-05-19@00:57:40 GMT

هيجل.. والحب الحقيقى

تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT

هيجل من الفلاسفة القلائل الذين شغلوا العالم منذ نهايات القرن الثامن عشر حتى الآن بفلسفة مثالية غامضة مليئة بالمصطلحات والآراء المثيرة للجدل، لكن بعيداً عن كل ذلك كانت شذرته الاستثنائية عن الحب التى كتبها فى أواخر عام 1797 م وعرض لها د. محمود رجب، رحمه الله، فى كتابه الاستثنائى أيضاً عن «الاغتراب»، حيث كان اهتمام هيجل فى هذه الشذرة موجهاً نحو تحقيق وحدة حقيقية بين الأفراد بعضهم وبعض من ناحية، وبين الفرد والعالم من ناحية أخرى، حيث كان يرى أن هذه الوحدة بين الأفراد لن تتحقق إلا من خلال الحب الذى وصفه بأنه شعور «بالواحدية» أى أن الاثنين– المحب والمحبوب – يصيران واحداً!

وفى هذا الإطار ينتقد هيجل صور الحب الأخرى، وخاصة ذلك النوع الآخر من الحب الأنانى الذى يقوم على إقامة علاقة مع الآخر بغرض المنفعة الشخصية وأطلق عليه «الحب مدفوعاً بما هو ميت» ويقصد به الحب الذى تدفعه وتستثيره موضوعات أو أشياء مادية تتيح للمرء الذى يمارسه إشباع رغبته فى السيطرة والسيادة والامتلاك! ويرى هيجل أن المحب الذى ينظر إلى محبوبه على أنه صاحب فكر لا بد أن يشعر بأن فرديته تقف حجر عثرة فى طريق اتحاد حياتهما وهى فردية تتمثل فى ارتباطه بأشياء ميتة يمتلكها الآخر.

. وأن كل محب ينظر إلى محبوبه على أنه آخر «غيره» وصاحب «ملكية»، فإن هذه الغيرية والآخرية وهذه الملكية تحول دون اتحادهما! ويعتبر هيجل أن هذا الحب يمثل نوعاً من الاغتراب الذى لن يتم تجاوزه إلا باستشعار الحياة وما فيها من وحدة، ولا يكون ذلك إلا من خلال ما يسميه هيجل بتجربة «الحب الحقيقى» أى الحب مدفوعاً بما هو حى، فهنا لا ينظر المحب والمحبوب إلى كل منهما على أنه «موضوع» بل على أنه هو «الكل» أو هو الحياة ذاتها، فالحب الحقيقى من شأنه استبعاد كل ألوان التناقض والتضاد القائمة بين الأفراد، ويتطلب «تسليماً» تاماً، أى أن يسلم كل من المحب والمحبوب ذاته إلى الآخر ويتجاوز فرديته حتى يتحقق الاتحاد الكامل! وينبغى ألا يفهم أحد أن هيجل يتحدث هنا عن الحب الإلهى كما عند فلاسفة الصوفية، إذ إن ما يقصده هيجل هنا أن تجاوز الفردية فى تجربة الحب الحقيقى معناه إعلاء الفردية والتسامى بها– إن صح التعبير- إلى نطاق أعلى فتكتسب ثراء وخصوبة كانت تفتقر إليهما فى حال الانفصال والانعزال، فالفردية إذن تظل باقية وموجودة فى تجربة الحب الحقيقى لا من حيث هى شىء منفصل ومنعزل عن الآخرين بل من حيث هى متحدة مع آخر «حيث تثرى كل منهما الأخرى»!

وبعيداً عن لغة هيجل الفلسفية العميقة، يحدثنا هنا عن نوع من الحب الحقيقى الذى يسمو بعاطفة الأفراد المحبين إلى درجة العشق الذى تختفى فيه الماديات والمنافع، ولا يبقى إلا عشق كليهما للآخر لدرجة أن يصبحا أشبه بكيان واحد أو على حد تعبير الحلاج «أنا من أهوى ومن أهوى أنا.. نحن روحان حللنا بدنا»!

والسؤال الآن هو: هل هذا النوع من الحب الحقيقى بهذا المعنى المثالى الهيجلى يمكن أن يكون له وجود فى عصرنا؟! وهل يمكن أن يتحقق التوافق بين فردين لدرجة فناء ذات أحدهما فى ذات الآخر وكأنك أمام فرد واحد وليس بين فردين كل منهما له مطالبه وحاجاته وطموحاته الفردية المختلفة؟! أم أن هذا المعنى للحب اختفى من الوجود إلى غير رجعة منذ أن طغى التقدم التكنولوجى على كل قيمة إنسانية مجردة من الأطماع والأهواء والمنافع؟!

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحب الحقيقي نحو المستقبل على أنه

إقرأ أيضاً:

اليوم العالمي للمتاحف.. حكاية متحف مطار القاهرة صالة 3

يحتفل العالم اليوم بـ اليوم العالمي للمتاحف الذى يوافق 18 مايو من كل  عام ، لإلقاء الضوء على أهمية ذلك الإرث والكنز الثقافي الذى تركه لنا الأجداد .


وفى إطار ذلك يلقي “صدى البلد”، الضوء على متحف مطار القاهرة صالة 3 ، الذى يحتوي على حضارة عظيمة عاصرتها مصر ، ليجسد تاريخا عملاقا من القطع الاثرية الرائعة.


وتعود فكرة إنشاء متحف مطار القاهرة صالة 3، إلى عام 2016 والى جاء نتاج تعاون بين وزارتى السياحة والآثار والطيران ، ليكون بوابة حضارية لإستقبال السائحين .
ويثري المتحف زواره بعرض أبرز القِطَع في مختلف عصور مصر المتتابعة ، وهو مايشرحة سيناريو العرض المتحفي الثري بـ طرق الإبهار.

ويمكنك خوض تجربة رائعة مرورا بتاريخ المصرى القديم وصولا إلى العصرين اليوناني والروماني بالإضافة إلى الفن القبطي ليتوقف أخر محطات العرض عند العصر الإسلامي والحديث.

ويحتوي المتحف على 60 قطعة أثرية، وتقوم فكرة سيناريو العرض على تناول أوجه الحضارة المصرية المختلفة من خلال عرض بعض القطع والتى تنتمى كل منها لعصر من العصور المصرية وترتيبها ترتيباً زمنياً.


يضم المتحف قطع أثرية رائعة ، أبرزها صلاية على هيئة ظبى ،تمثال الكاتب" برسن " ،مومياء لرجل من عصر الدولة الحديثة، شقفة مصور عليها الملكة حتشبسوت ،بردية جنائزية ،تمثال للمعبودة افروديت ،ايقونة للشهيد مارجرجس ،مشكاه من العصر المملوكى للسلطان حسن.
 

طباعة شارك مطار القاهرة متحف المطار

مقالات مشابهة

  • بنك الشمول يفتتح فرعه الجديد في سيتي ستار مول لتعزيز الشمول المالي
  • بودكاست يوسف السنوسي
  • مشاجرة بين شخصين تنتهي بذبح أحدهما الآخر جنوبي العراق
  • ريهانا تعود للغناء بعد غياب عبر فيلم «السنافر»
  • اليوم العالمي للمتاحف.. حكاية متحف مطار القاهرة صالة 2
  • اليوم العالمي للمتاحف.. حكاية متحف مطار القاهرة صالة 3
  • وسط دموع المهندسين وأغنية "ست الحبايب".. "نقابة بورسعيد" تكرم 42 أمًا مثالية في مشهد إنساني رائع من العرفان والحب
  • المتحدث بإسم الإتحاد الأوروبي يصفع كبرانات العالم الآخر بالتأكيد على عدم إعتراف أي عضو بجمهورية الخيام
  • جستنيه بعد تعادل النصر : مين بيعاقب الآخر
  • ماذا يجري فى نيالا؟