روح التراب الذي يوشك أن ينقرض
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
ترجمة: أحمد شافعي
حينما اشتريت أنا وشريكتي بيتنا في بورتلاند بولاية أوريجون قبل أربع سنوات، بدأنا على الفور في تصميم حديقة أحلامنا، عازمين على أن نستبدل بالمرج العشبي المهجور أحواضا واسعة من النباتات المعمرة المورقة التي تزهر لفترات طويلة. غير أنه سرعان ما تبين لنا أن التربة عندنا عنيدة ثقيلة الطين مليئة بالحصى.
ولما تعلمت القيام بذلك تغير لدي ما هو أكثر كثيرا من حديقتنا، فقد غير ذلك تماما من الطريقة التي أفكر بها في التربة، بل وفي الكوكب بأكمله. فبت الآن لا أرى التربة محض وسيط للحياة، وإنما أراها كيانا حيا في حد ذاته، وفي طريقه بسرعة إلى الانقراض.
في بعض أجزاء العالم، تعمل الزراعة المكثفة والرعي الجائر وإزالة الغابات على تدمير التربة بسرعة تتجاوز ألف مرة سرعة معدل التآكل الطبيعي. وفي حال استمرار هذا المعدل فإن 90% من مناطق الأرض الصالحة للسكنى سوف تتدهور تدهورا كبيرا بحلول عام 2050، فتنخفض من جراء ذلك عائدات المحاصيل بمتوسط 10% ـ تصل إلى 50% في بعض المناطق ـ ويرجح أن يرغم ذلك ملايين البشر على الهجرة.
وقد يصل تآكل التربة إلى الذروة بانهيار الحياة الأرضية المركّبة، ما لم نعد التفكير في علاقتنا بالعالم الذي تطؤه أقدامنا.
التربة هي نتيجة عصور من التطور الكوكبي، أي مليارات السنين من العناصر التي تعمل على تآكل الصخور وأكثر من أربعمئة وخمسة وعشرين مليون سنة من التفاعلات القائمة داخل الحياة المعقدة، بحيث أن بوصة واحدة من التربة السطحية الخصبة تحتاج إلى مئات السنين لكي تتكون.
تقوم الميكروبات والفطريات والنباتات والحيوانات بتكوين التربة والحفاظ عليها عبر عمليات لا حصر لها، وذلك عن طريق تفتيت الصخور بالجذور والأحماض التي يتم إفرازها، ثم تقوم هذه الكائنات باستعمال بقاياها ومنتجاتها الثانوية في تخصيب الصخور المفتتة، ومن خلال تدويرها للهواء والماء والعناصر الغذائية عبر تحركاتها بالزحف والسعي والحفر.
وبرغم أن العلم لم يصل بعد إلى إجماع على تعريف الحياة، فإن الكتب المرجعية تبرز معايير تعد على نطاق واسع الفاصل بين الحي وغير الحي. وتتحقق في التربة كثير من هذه المعايير: فهي ذات بنية عالية التنظيم. وهي تنمو. وهي تتنفس. ويمكن أيضا أن تموت. وجميع أشكال الحياة هي عبارة عن أنظمة من المكونات الحية وغير الحية المترابطة في ما بينها. وتأملوا شجرة على سبيل المثال، وهي في الغالب تتألف من خشب ميت مخلوط بشرائح من أنسحة حية. وبهذا الاعتبار لا نرى التربة مختلفة. ثم إن التربة تظهر ما يتفق كثير من الخبراء على أنه الخصيصة الجوهرية من خصائص الحياة: أي القدرة على المحافظة على الذات بفعالية. فالتربة تحافظ على بقائها على قيد الحياة. بل إن الجمعية الأمريكية لعلوم التربة ووزارة الزراعة الأمريكية تصنفان التربة باعتبارها حية.
يعيد الاعتراف بالتربة بوصفها شكلا من أشكال الحياة تأطير فهمنا لنظام آخر مترابط ومنظم ذاتيا، هو كوكب الأرض. ونحن مدينون لكوكب الأرض بالعديد من السمات المميزة للحياة ـ ومن تلك غلافها الجوي الذي يسمح بالتنفس، وسماؤها الزرقاء، والتنوع المعدني، وكيمياء المحيطات، وحرائق الغابات. بمرور الزمن، شكلت الأرض والحياة ـ شأن التربة والكائنات التي تحافظ عليها ـ نظاما تطوريا واحدا دام لمليارات السنين. فالأرض الحية من تحت أقدامنا تعكس صورة كوكبنا الأكبر الحي.
وإذن فإن التحدي الذي يواجهنا لا يقتصر ببساطة على إصلاح تربة الأرض، وإنما يتمثل في إعادة إحيائها قبل أن تضيع إلى الأبد. لا بد للزراعة الحديثة أن تحترم التربة وتقدر إعجازها وتقدر أيضا أنها كيان ضعيف. وبوسع مبدأين جوهريين أن يكونا هاديين في هذا التحول: تقليل إزعاج الأرض والتأكيد على تنوعها الحيوي. ويقتضي هذا عمليا تقليلا كبيرا للحرث، ومناوبة بين المحاصيل، وإعطاء الأولوية للمدخلات العضوية على الأسمدة المركبة والدمج بين المحاصيل والأشجار والماشية، وحماية التربة من التآكل عن طريق المحاصيل وغيرها من العوامل.
لقد حاولت أنا وشريكتي أن نطبق هذه الطرق في حديقتنا. ففي المناطق التي لم يكن فيها من قبل غير العشب، حفرنا بركة، وأقمنا حديقة صخرية ومرجا من الزهور البرية، وزرعنا مجموعات من النباتات المعمرة المزهرة المقاومة للجفاف، وأقمنا أحواضا للخضراوات. قمنا بتركيب نظام للري بالتنقيط وصندوقا للتسميد. وصرنا نزرع محاصيل الغطاء الشتوي ونترك الخضراوات تذبل وتتحلل في مكانها. وجئنا بتنويعة كبيرة من النباتات التي تقي التربة من عوامل التعرية وتعيد تنشيط أوساطها البيئية.
في الشهر الماضي، قررت نقل نبات مزهر يسمى البنستيمون بعد أن كبر كثيرا على المساحة المخصصة له. كانت التربة في هذا الجزء من الحديقة من قبل مضغوطة للغاية لدرجة أنني كنت بحاجة إلى معول للحفر فيها. فإذا بي أجدها مفككة ولينة. وفيما كنت أرفع النبات، ظهرت شتى أشكال الحياة، فتدلت الديدان الأرضية من الجذور، وسارعت حشرة تجري إلى الأمان، ولمحت أسفل النبات شبكة بيضاء دقيقة من الفطريات.
وفيما أخذت أمرر أصابعي في التربة، فهمت، على نحو أوضح مما كنت أفهم من قبل، أنها لم تكن قط محض طبقة تقع أعلى سطح الكوكب، ولكنها جزء من الأرض نفسها وامتداد للكوكب، فهمت أن التربة شأن الحياة كلها ليست محض مقيمة في الكوكب بقدر ما هي تعبير عن العالم الحي.
• فيريس جابر مؤلف الكتاب حديث الصدور بعنوان "أن نتحول إلى الأرض: كيف جاء كوكبنا إلى الحياة".
** خدمة نيويورك تايمز
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ما حكم تغطية الميت بالتراب دون حائل؟ 10 معلومات فقهية عند دفن المتوفى
ما حكم تغطية الميت بالتراب دون حائل؟ دفن الميت واجب شرعاً للميت ، وللسقط -وهو الجنين الذي يسقط من بطن أمه قبل تمام أشهر الولادة- إذا ظهر فيه مبدأ خلق الآدمي، ويسنّ للسقط إذا لم يظهر فيه مبدأ خلق آدمي، وأقل قدر واجب للدفن حفرة تستر رائحة الميت وتمنعه من السباع، وأكمله حفرة قدر قامة وبسطة، أي قامة الرجل المعتدل قائماً مع بسط يديه إلى الأعلى، وتقدر بأربعة أذرع ونصف، أي مترين تقريباً بالقياسات الحالية، ويستحبّ أن يوسع قدر ذراع وشبر؛ لما روى الترمذي في [سننه] عن هشام بن عامر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قتلى أحد: «احْفِرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا».
حكم تغطية الميت بالتراب دون حائلأكد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الدفن الشرعي للميت يكون إما في "شق" أو "لحد" في باطن الأرض، اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، مراعاةً لكرامة الإنسان حياً وميتاً، كما قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم".
حماية جسد الميت من السباعوأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الهدف من الدفن في الأرض هو حماية جسد الميت من السباع، ومنع إيذاء الأحياء بالروائح، وتحقيق التكريم الإلهي للإنسان حتى بعد موته.
حكم وضع التراب مباشرة على جسد الميتوعن حكم وضع التراب مباشرة على جسد الميت داخل القبر، بيّن أن المذاهب ومنها الشافعية ترى أنه لا ينبغي وضع التراب مباشرة على جسد الميت، بل يجب وضع حاجز بين الجسد والتراب، كقطعة قماش أو الطوب اللبن غير المحروق، أو دفنه في تجويف معزول داخل القبر، وذلك تجنباً لما قد يُعد نوعاً من الإهانة أو التقصير في التكريم.
وأضاف أنه في بعض القرى يتم وضع قطعة قماش مؤقتة أثناء الدفن، ثم تُسحب برفق بعد تغطية الميت، منعًا لسقوط التراب عليه مباشرة، وهذا من حسن الفهم والحرص على السنة.
حكم دفن الموتى في مقابر فوق سطح الأرضوفيما يتعلق بدفن الموتى في مقابر فوق سطح الأرض كما هو الحال في بعض البلاد أو القرى، أوضح أن هذا جائز شرعًا عند الحاجة والضرورة، بشرط أن يتحقق المقصود من الدفن، وهو ستر الميت وحمايته من الاعتداء والعبث والروائح، وأن يُراعى وجود فاصل يحفظ الجسد.
ونوه بأن من سبق وفعل غير ذلك بدون قصد أو علم، فلا إثم عليه، وقد عفا الله عما سلف، لكن المطلوب مستقبلاً هو مراعاة أحكام الشريعة في الدفن، حفاظاً على كرامة الإنسان التي لا تسقط بموته.
كيفية الدفنوأما كيفية الدفن: إذا كانت الأرض صلبة استحب أن يكون القبر لحداً، وهو أن يحفر حفرة قدر قامة الميت، ومن ثم يحفر بجانب القبر باتجاه القبلة قدر ما يسع الميت ثم يصف عليه اللبن.
وأما إذا كانت الأرض رخوة استحب أن يكون القبر شقاً، وهو أن يحفر شقاً في وسط القبر يوضع فيه الميت ثم ينصب عليه اللبن.
والأولى عدم استعمال أي مادة مسّتها النار في مكونات القبر، كالإسمنت والحديد، واستعمال الحجارة والطين ونحوها من المواد.
جاء في [مغني المحتاج 3/ 37]: "واللحد... والمراد أن يحفر في أسفل جانب القبر القبلي مائلاً عن الاستواء قدر ما يسع الميت، ويستره أفضل من الشق بفتح المعجمة بخط المصنف، وهو أن يحفر قعر القبر كالنهر أو يبنى جانباه بلبن أو غيره غير ما مسته النار، ويجعل بينهما شق يوضع فيه الميت، ويسقف عليه بلبن أو خشب أو حجارة وهي أولى، ويرفع السقف قليلاً بحيث لا يمس الميت إن صلبت الأرض؛ لقول سعد بن أبي وقاص في مرض موته: (الْحَدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه مسلم".
وذهب الحنفية والحنابلة إلى كراهة استعمال ما مسّته النار، إلا أنّ الحنفية قد استثنوا حالة كون الأرض رخوة، أو إذا استعمل فوق الميت لا حوله، فلا كراهة في استعمال ما مسته النار كالآجر ونحوه.
جاء في [حاشية ابن عابدين على الدر المختار 2/ 236]: "ويسوى اللبن عليه، أي على اللحد بأن يسد من جهة القبر ويقام اللبن فيه... لا الآجر بمد الهمزة والتشديد أشهر من التخفيف مصباح، وقوله: المطبوخ صفة كاشفة، قال في البدائع: لأنه يستعمل للزينة ولا حاجة للميت إليها؛ ولأنه مما مسته النار، فيكره أن يجعل على الميت تفاؤلاً، كما يكره أن يتبع قبره بنار تفاؤلاً، قوله: لو حوله إلخ، قال في الحلية: وكرهوا الآجر وألواح الخشب، وقال الإمام التمرتاشي: هذا إذا كان حول الميت، فلو فوقه لا يكره، لأنه يكون عصمة من السبع، وقال مشايخ بخارى: لا يكره الآجر في بلدتنا للحاجة إليه لضعف الأراضي".
وجاء في [شرح منتهى الإرادات 1/ 373]: "يكره أن يجعل فيه، أي القبر حديد ونحوه، ولو أن الأرض رخوة تفاؤلاً بأنْ لا يصيبه عذاب؛ لأنه آلته".
الإفتاء تكشف أفضل دعاء للميت أوصى به النبي
أفضل دعاء للميت.. بـ12 كلمة تعايده الملائكة وتجعل عيده في الجنة أجمل
ويكره دفن الميت في تابوت، وإنْ أوصى بذلك فلا تنفذ وصيته، إلا إذا كانت الأرض رخوة أو ندية يخاف انهيار التراب على الميت، أو كان جسد الميت مهترئاً، أو خيف عليه من نبش السباع، فيجوز دفنه بالتابوت بلا كراهة.
جاء في [مغني المحتاج 2/ 53]: "ويكره دفنه في تابوت بالإجماع؛ لأنه بدعة إلا في أرض ندية بسكون الدال وتخفيف التحتية أو رخوة وهي بكسر الراء أفصح من فتحها: ضدّ الشديدة فلا يكره للمصلحة، ولا تنفذ وصيته به إلا في هذه الحالة، ومثل ذلك ما إذا كان في الميت تهرية بحريق أو لذع بحيث لا يضبطه إلا التابوت أو كانت امرأة لا محرم لها كما قاله المتولي؛ لئلا يمسّها الأجانب عند الدفن أو غيره، وألحق في المتوسط بذلك دفنه في أرض مسبعة، بحيث لا يصونه من نبشها إلا التابوت".
كيفية إدخال الميت في قبرهوأمّا كيفية إدخال الميت في قبره، فتكون على النحو الآتي :
1. يوضع الميت على جهة مؤخر القبر، ثمّ يستحب أن يسلّ من جهة رأسه.
2. يوضع الميت على جنبه الأيمن، ويجب جعله مستقبلاً القبلة بصدره، ويحرم جعل ظهره للقبلة أو وضعه على بطنه أو ظهره.
3. يكون وجه الميت جهة جدار القبر، ويستحب أن تثنى قدماه ليكون على هيئة الراكع.
4. ويسن أن يتولى إدخال الميت في القبر أقرب الناس إليه من الذكور، وأن يذكر الدافن الدعاء: (بسم الله وعلى ملة رسول الله وعلى آله وسلم).
5. وتحلّ العصائب عن الكفن، ويسنّ أن ينحى الكفن عن خده الأيمن ويوضع على التراب، ويسند بلبنة إن احتيج لذلك.
6. يوضع نحو لبن أو خشب على القبر، ويسنّ لمن حضر عند الدفن أن يحثو حثيات على القبر، ثم يهال التراب، ويحرم إهالة التراب على الميت مباشرة من غير حائل.
جاء في [مغني المحتاج 2/ 39]: "ويحثو ندباً بيديه جميعاً من دنا من القبر ثلاث حثيات تراب من تراب القبر، ويكون الحثي من قبل رأس الميت؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «حثا من قبل رأس الميت ثلاثاً» رواه البيهقي وغيره بإسناد جيد، ولما فيه من المشاركة في هذا الفرض...، ويندب أن يقول مع الأولى {منها خلقناكم} [طه: 55]، ومع الثانية: {وفيها نعيدكم} [طه: 55]، ومع الثالثة: {ومنها نخرجكم تارة أخرى} [طه: 55]، ولم يبين الدنوّ وكأنه راجع إلى العرف، وعبارة الشافعي في الأم: من على شفير القبر، وعبارة الروضة: وأصلها كلّ من دنا، وقال في الكفاية: إنه يستحب ذلك لكل من حضر الدفن وهو شامل العبد أيضاً، وهو كما قال الولي العراقي ظاهر، ثم يهال من الإهالة وهي الصب: أي يصبّ التراب على الميت بالمساحي؛ لأنه أسرع إلى تكميل الدفن، والمساحي بفتح الميم جمع مسحاة بكسرها، وهي آلة تمسح الأرض بها، ولا تكون إلا من حديد بخلاف المجرفة، قاله الجوهري... وظاهر أنّ المراد هنا هي أو ما في معناها، وإنما كانت الإهالة بعد الحثي؛ لأنه أبعد عن وقوع اللبنات وعن تأذي الحاضرين بالغبار".
7. يسنّ وضع جريد أخضر على القبر.
8. يسنّ أن يمكث جماعة بعد دفن الميت مدة من الزمن يسألون الله تعالى له التثبيت ويستغفرون الله له.
9. يسنّ تلقين الميت بعد دفنه، والدعاء له بالتثبيت والرحمة، سواء كان الدعاء سراً أو جهراً.
يقول الخطيب الشربيني رحمه الله تعالى: "يسنّ تلقين الميت المكلف بعد الدفن، فيقال له: يا عبد الله، ابن أمة الله، اذكر ما خرجت عليه من دار الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأنّ الجنة حق، وأنّ النار حقّ، وأنّ البعث حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، وأنك رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وبالقرآن إماماً، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين إخواناً. لحديثٍ ورد فيه، قال في الروضة: والحديث وإن كان ضعيفاً، لكنه اعتضد بشواهد من الأحاديث الصحيحة، ولم تزل الناس على العمل به من العصر الأول في زمن من يقتدى به، وقد قال الله تعالى: {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}، وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير في هذه الحالة، ويقعد الملقن عند رأس القبر، أما غير المكلف وهو الطفل ونحوه ممن لم يتقدم له تكليف فلا يسنّ تلقينه؛ لأنه لا يفتن في قبره" انتهى من [مغني المحتاج].
10. لا مانع شرعاً من تمييز القبر بصف اللبن على حدوده ووضع الشاهد عليه.
أوقات الدفن المنهي عنهاأوقات الدفن المنهي عنها ثلاث ساعات وردت في عقبة بن عامر، وهي: عند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، وعند قيامها قبيل الظهر حتى تزول قبل الظهر بقليل، وعند غروبها عند انحدارها للغروب، وتضيفها للغروب واصفرارها.
دفن الميت قبل المغربأكدت دار الإفتاء أن صلاة الجنازة ودفن الميت قبل المغرب جائز شرعًا، مشددة على أن يكره تعمد تأخير الدفن إلى هذا الوقت، منوهة بأن عقبة بن عامر الجهنى رضى الله عنه قال: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّى فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ -أى تميل- الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ" رواه مسلم.
وعرضت قول الإمام النووى قال فى "شرح صحيح مسلم: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا"، وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْرِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تُكْرَهُ فِى هَذَا الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ بِمَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الدَّفْنِ إِلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، ويُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ بِلَا عُذْرٍ، وَهِيَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، فَأَمَّا إِذَا وَقَعَ الدَّفْنُ فِى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِلَا تَعَمُّدٍ، فَلَا يُكْرَهُ".
حكم بناء القبر دورينوقال الشيخ علي فخر، مدير إدارة الحساب الشرعي وأمين بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز بناء مقبرة ثانية فوق المقبرة الأولى في حال الضيق بشرط وضع الكثير من التراب، لامتصاص الرطوبة، ولكن هذا الأمر لا يجوز في حالة السعة والاختيار وجود الكثير من الأراضي.
وأوضح «فخر» في إجابته عن سؤال: «ما حكم بناء دور ثاني في المقابر؟ وهل يجوز بناء دور ثاني بمقبرة لتجميع العظام بها؟»، أنه من الأفضل في هذه المسألة قول يجوز ولا يجوز، فكلاهما صحيح بين حالتي السعة والضيق، بمعنى أنه إذا كانت الحالة فيها سعة واختيار، فلا ينبغي بناء دور ثاني للمقبرة.
ولفت إلى أنه في حال امتِلاء القبور يجب الدفن في قبور أخرى؛ لأنه لا يجوز الجمع بين أكثر من ميتٍ في القبر الواحد إلَّا للضرورة، ويجب الفصل بين الأموات بحاجِزٍ حتى ولو كانوا مِن جِنْسٍ واحد.
حكم بناء دور ثان للمقبرةونبه على أنه إذا حصلت الضرورة فيُمكِن عملُ أدوارٍ داخل القبر الواحد إن أمكن، أو تغطيةُ الميت القديم بقَبْوٍ مِن طوبٍ أو حجارةٍ لا تَمَسُّ جسمه ثم يوضع على القَبْو الترابُ ويُدفَن فوقَه الميتُ الجديد, وكذلك العظَّاماتُ، لا يُلجأ إليها إلَّا عند الضرورة التي لا تَندَفِع بغيرها، وذلك كلُّه بشرط التعامل بإكرامٍ واحترامٍ مع الموتى أو ما تَبقَّى مِنهم؛ لأن "حُرمة المسلم ميتًا كحُرمته حيًّا".
حكم دفن الرجال مع النساء في مقبرة واحدة عند الضرورةأكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه يجب أن يُفرَد كلُّ ميت بقبر لا يشترك معه فيه غيره، إلا إذا ضاقت بهم المقابر؛ فقد صح أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يجمع بين الرجلين والثلاثة من شهداء أُحد في قبر واحد، وكذلك يجب أن يكون للرجال مقابرهم وللنساء مقابرهن، فإذا لم يتيسر ذلك واقتضت الظروف أن يدفن الرجال مع النساء في مقبرة واحدة فيجب أن يكون هناك حاجز من الطوب أو ساتر من التراب بين الرجال والنساء.
كيفية دفن الميتأفادت دار الإفتاء المصرية، بأنه مِن المُقَرَّرِ شرعًا أنَّ دَفنَ الميت فيه تكريمٌ للإنسان؛ لقول الله تعالى في مَعرِض الِامتِنان: «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» (المرسلات: 25-26)، وقد حَثَّ الإسلامُ عليه، وأَجمَعَ المسلمون على أنَّ دَفن الميت ومُوَارَاةَ بَدَنِهِ فرضُ كِفَايَةٍ؛ إذا قام به بَعضٌ مِنهم أو مِن غيرهم سَقَط عن الباقين.
وأضافت الإفتاء فى فتوى لها، أن المأثور في كيفية دَفن الميت أنه بعد دخوله القبرَ يُوضَع على شِقِّهِ الأيمن استِحبابًا، ويجب أن يُوَجَّه وَجهُهُ إلى القِبلة، وهذا باتِّفاق الأئمة الأربعة، ويَحرُمُ تَوجيهُ الوَجهِ لغير القِبلة؛ كما هو حاصلٌ مِن بعض مَن يدفن في هذا الزمان.
وتابعت: «ويُدخَل بالميت مِن فتحة القبر؛ بحيث يُدفَن تِجاه القِبلة مُباشَرةً مِن غير حاجَةٍ إلى الدَّوَران به داخل القبر، وذلك حسب فتحة القبر؛ إذ المطلوب شرعًا هو وضعُ الميت في قبره على شِقِّه الأيمن وتوجيهُ وَجهِهِ لِلقِبلة كما سَبَق، ولا يَضُرُّ أن يكون الدَّفن على الرَّمل أو التُّراب، فكُلُّ ذلك جائز».
خطأ شائع أثناء غسل الميتكشف الشيخ محمد أبو بكر، الداعية الإسلامي، عن خطأ شائع منتشر بين الناس أثناء غسل الميت، قائلًا: «إن بعض الغرباء هم من يتولون أمر الغُسل، وهذا مُخالف للأصل، فلابد أن يعلم الأب أبناءه الغسل لأنه هم الأحق بذلك.
وأفاد «أبوبكر» بأن أولى الناس بغسل الميت الرجل: الأب، ثم الجد، ثم الابن، ثم ابن الابن، ثم الأخ، ثم ابن الأخ، ثم العم، ثم ابن العم؛ لأنهم أولى الناس بالصلاة عليه.
حكم غسل لزوجته لزوجها المتوفىألمح إلى أنه يجوز للزوجة أن تغسل زوجها؛ لما روت عائشة رضي الله عنها: «أن أبا بكر رضي الله عنه أوصى أسماء بنت عميسٍ زوجته أن تغسله».
حكم غسل الميتوشدد على أن غُسل الميت فرض على الكفاية -إذا فعله البعض سقط عن الباقين؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحاج الذي سقط من بعيره ومات: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا» رواه مسلم.
كيفية غسل الميتوذكر أنه يغسل الميت أولًا بماء مطلق، فيعمم جميع جسده بالماء بعد عصر بطنه لإخراج ما فيها، وإزالة ما علق بجسمه من نجاسات، ينوي المغسل عند غسله غسل الميت، ويستحب أن يوضع الميت على مكان مرتفع ليسهل غسله، وأن تستر عورته إن لم يكن صبيًّا صغيرًا، وينبغي أن يغسله أمينٌ كاتمٌ للسر حتى لا يفضح أمره إن رأى فيه ما يعاب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ليغسل موتاكم المأمونون» رواه ابن ماجه.
وواصل: ثم يغسله ثلاثًا بالماء والصابون، أو بالماء المطيب، مبتدئًا باليمين، وله أن يغسله أكثر من الثلاثة، بحيث تكون الغسلات وترًا: خمسًا أو سبعًا، وذلك إن رأى ما يدعو إلى الزيادة؛ ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال للنسوة اللاتي جئن يغسلن زينب ابنته رضي الله عنها: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن» رواه البخاري، وبعد الغسل يُطَيِّبُ جسمه بشيء من الطيب مثل الكافور أو ما يقوم مقامه.
كيفية صلاة الجنازة
قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن صلاة الجنازة فرض كفاية إذا فعلها البعض سقطت عن الباقين الذين لم يصلوها على الميت، وتكون عبارة عن أربع تكبيرات.
وأوضح «شلبي»، في إجابته عن سؤال: «ما كيفية الصلاة على الجنازة»، أن يكبر المصلي التكبيرة الأولى ويستفتح ويقرأ الفاتحة، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية التي نقرؤها في الصلاة التشهد، ثم يكبر الثالثة ويجتهد في الدعاء للميت بالمغفرة ورفع الدرجات وأن يبدله الله خيرًا من أهله وأن يخلفه في أهله بخير، ثم يكبر الرابعة ويدعو لجميع المسلمين أحياء وأمواتًا.