إلى أين يتجه مؤشر بوصلة الحرب فى الشرق الأوسط؟ وهل ستؤدى إلى مواجهة شاملة بين إيران وأمريكا وحلفائهما فى المنطقة كما يريدها «نتنياهو»، لضمان استمرار حكومته؟ أم سنرى سيناريو مختلفاً برد إيرانى محدود، ولكنه أقوى من ردها «المسرحى الهزلى» على قتلى القنصلية الإيرانية فى سوريا؟ فيما يقوم وكلاء حروبها وخاصة ميليشيات حزب الله فى لبنان والحوثيون فى اليمن بالرد خلف شعار دعم المقاومة الفلسطينية ونصرة أهل غزة؟
أحداث كثيرة متلاحقة ومتسارعة تقود المنطقة إلى خط الاشتعال، بدءاً بسلسلة الاغتيالات التى نفذتها إسرائيل فى كبار قيادات حماس وحزب الله، مروراً بالرد القوى والسريع من قبل حماس باختيارها يحيى السنوار «عدو إسرائيل اللدود» رئيسا لمكتبها السياسى خلفا لإسماعيل هنية الذى اغتالته يد الموساد فى عقر ديار إيران بالعاصمة طهران.
كل السيناريوهات باتت ممكنة ومتاحة من قبل أطراف الصراع الذى اقترب من فوضى عسكرية تريدها حكومة تل أبيب، للتغطية على جرائمها البشعة فى غزة، وفرض سيطرتها على القطاع، ومن ثم فرض شروطها فى تحديد خطة «اليوم التالى»، إذا ما نجحت مساعى وقف إطلاق النار وصفقة الأسرى والرهائن التى تعمل على تنفيذها إدارة «بايدن» وهو يستعد للرحيل.
ورغم إصرار «نتنياهو» على جنونه، ورفضه للصفقة، والتحريض على اغتيال «السنوار» الذى سيستمر عنصرا أساسيا فى المفاوضات، نجد فى المقابل ضغوطا أمريكية وأوربية وروسية من أجل عدم التصعيد وضبط النفس مع منح إيران حق الرد المحدود.
وبينما يثير تأخير الرد الإيرانى الكثير من علامات الاستفهام.. متى وكيف وأين؟ فإن كل المؤشرات تؤكد أن إيران لن تتراجع كما أعلن مرشدها خامئنى عن الرد، ولكنها ستدعم ميليشياتها فى جنوب لبنان واليمن والعراق لمعاقبة إسرائيل على قيامها بضرب ميناء الحديدة واغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر العقل المدبر لعمليات حزب الله، ولا يستبعد كثيرون أن يقوم الحرس الثورى الإيرانى بعمليات انتقامية (اختطاف واغتيال شخصيات أمريكية وإسرائيلية وتفجير سفارات وقنصليات وغيرها من العمليات التى تهدد مصالح أمريكا وحلفائها).
من الواضح الآن أن نظام «الملالى» بتأخيره فى الرد يرغب فى عدم توسعة دائرة الحرب وتفويت الفرصة على نتنياهو من جر إيران إلى حرب سوف تخسرها لا محالة عند مواجهتها أمريكا وحلفائها، وبالتالى سيكتفى بممارسة لعبة توزيع الأدوار على ميليشيات محوره فى منطقة «سنية» يريدها دائما ملتهبة ومشتعلة وغير مستقرة لتنفيذ مخططه وهدفه الأكبر وهو قيام دولة دينية تقضى تماما على أية دولة وطنية فى المنطقة، تبدأ بتفكيك جيوش المنطقة العربية واستبدالها بحرس ثورى تكون له الكلمة الأولى والأخيرة، كما يحدث حاليا فى لبنان وفى سوريا واليمن ولو بشكل محدود، حيث يأتى القرار دائما من طهران.
إن قراءة متأنية فى الخطاب الأخير لحسن نصرالله الأمين العام لحزب الله (الذراع القوية والوكيل الاول لإيران فى المنطقة) سيدرك هذا الهدف، والدليل أن إيران لم تقصف إسرائيل منذ اغتصابها للأراضى العربية ولا مرة، إلا فى إبريل الماضى بعد تفجير قنصليتها فى سوريا، والدليل الثانى إعلان نصر الله عن تحييد إيران وسوريا ولبنان الجريح فى وسائل الرد على عمليات القصف والاغتيالات؟!
عموما.. كل دول الشرق الأوسط تدفع الآن ثمن تأخير الرد الإيرانى الذى ربما لا يأتى قريبا، وحتى حدوثه، سيبقى خطر وكلاء الحروب وميليشياتهم فى المنطقة قائما، طالما لم تحل القضية الفلسطينية، وهو ما سبق وأن حذرت منه مصر فى كافة المحافل الدولية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ميليشيات حزب لبنان نفذتها إسرائيل فى المنطقة
إقرأ أيضاً:
تقرير: إسرائيل تستعد لضرب إيران بشكل منفرد
أفادت شبكة "سي.إن.إن" الأميركية، الثلاثاء، نقلا عن مسؤولين أميركيين مُطلعين، بأن معلومات استخبارات جديدة حصلت عليها الولايات المتحدة تشير إلى أن إسرائيل تُجهز لضرب منشآت نووية إيرانية.
وأضافت الشبكة نقلا عن المسؤولين أنه لم يتضح بعد ما إذا كان القادة الإسرائيليون قد اتخذوا قرارا نهائيا.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه إدارة ترامب إلى إبرام صفقة دبلوماسية مع طهران، حسبما أفاد عدة مسؤولين أميركيين مطلعين على أحدث المعلومات لشبكة "سي.إن.إن".
وقال المسؤولون الأميركيون إن مثل هذه الضربة ستكون خروجًا صارخًا عن سياسة الرئيس دونالد ترامب، كما يمكن أن تؤدي إلى اندلاع صراع إقليمي أوسع في الشرق الأوسط وهو ما تحاول الولايات المتحدة تجنبه منذ أن أثارت الحرب في غزة التوترات في 2023.
وحذر المسؤولون من أنه ليس من الواضح ما إذا كان القادة الإسرائيليون قد اتخذوا قرارًا نهائيًا، وأن هناك خلافات عميقة داخل الحكومة الأميركية بشأن احتمال قيام إسرائيل بالتحرك في نهاية المطاف.
ومن المرجح أن يعتمد توقيت وطريقة الضربة الإسرائيلية على تقييم إسرائيل للمفاوضات الأميركية مع طهران بشأن برنامجها النووي.
وقال شخص آخر مطلع على المعلومات الأميركية بشأن القضية: "ارتفعت فرص الضربة الإسرائيلية على منشأة نووية إيرانية بشكل كبير في الأشهر الأخيرة".
الولايات المتحدة وإيران
وأضاف: "احتمالية التوصل لاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران برعاية ترامب لا يزيل كل اليورانيوم الإيراني تجعل احتمال الضربة أكبر".
وترجع المخاوف المتزايدة ليس فقط إلى الرسائل العلنية والخاصة من كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين يدرسون مثل هذه الخطوة، بل وأيضًا إلى الاتصالات الإسرائيلية التي تم اعتراضها ومراقبة تحركات الجيش الإسرائيلي التي قد توحي بضربة وشيكة، وفقًا لعدة مصادر مطلعة على المعلومات الاستخباراتية.
ومن بين التحضيرات العسكرية التي رصدتها الولايات المتحدة، حركة ذخائر جوية وإنهاء تمرين جوي، حسبما قال مصدران.
لكن هذه المؤشرات نفسها قد تكون ببساطة محاولة إسرائيل للضغط على إيران للتخلي عن نقاط رئيسية في برنامجها النووي من خلال إرسال إشارة بالعواقب في حال عدم التراجع، مما يبرز التعقيدات المتغيرة التي تواجهها إدارة البيت الأبيض.
مهلة ترامب
وقد هدد ترامب علنًا باتخاذ إجراء عسكري ضد إيران إذا فشلت جهود إدارته في التفاوض على اتفاق نووي جديد للحد من أو القضاء على البرنامج النووي الإيراني، لكنه وضع أيضًا حدًا زمنيًا لمدة المفاوضات الدبلوماسية.
وفي رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي في منتصف مارس، حدد ترامب مهلة 60 يومًا لنجاح تلك الجهود، حسب مصدر مطلع على الرسالة.
والآن مرت أكثر من 60 يومًا منذ تسليم الرسالة، و38 يومًا منذ بدء الجولة الأولى من المحادثات.
وقال دبلوماسي غربي رفيع التقى بالرئيس في وقت سابق من هذا الشهر إن ترامب أوضح أن الولايات المتحدة ستمنح هذه المفاوضات بضعة أسابيع فقط قبل اللجوء إلى ضربات عسكرية، لكن حتى الآن، سياسة البيت الأبيض هي الدبلوماسية.
وضع إسرائيل
وقال جوناثان بانكوف، مسؤول استخباراتي سابق متخصص في المنطقة: "هذا وضع إسرائيل بين المطرقة والسندان".
وتابع: "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتعرض لضغوط لتجنب اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران لا يعتبره مرضيًا، وفي نفس الوقت عدم إغضاب ترامب، الذي سبق وأن اختلف مع نتنياهو في قضايا أمنية رئيسية في المنطقة".
وأضاف بانكوف: "في نهاية المطاف، سيكون قرار إسرائيل مبنيًا على تحديدات السياسة الأميركية والإجراءات، وعلى ما يوافق عليه أو لا يوافق عليه الرئيس ترامب مع إيران".
وأوضح أنه لا يعتقد أن نتنياهو سيكون مستعدًا لخوض مخاطرة بتفكيك العلاقة مع الولايات المتحدة تمامًا عبر شن ضربة دون موافقة ضمنية على الأقل من واشنطن.