"قبور فوق قبور" وحفارون منهكون في غزة
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
في مقبرة السويد في دير البلح بقطاع غزة، يضطر الحفارون لبناء « قبور فوق قبور » بسبب عدد القتلى الكبير جراء النزاع المتواصل منذ عشرة أشهر، وتعكف مجموعة منهم على تهيئة حفر مستطيلة متراصة لتؤوي الضحايا المقبلين.
يعمل الحفارون تحت إشراف سعدي حسن بركة البالغ 63 عاما وهو يركز نشاطه الآن في هذه المقبرة الممتدة على حوالى 5 هكتارات ونصف الهكتار، بعدما أضحت مقبرة أنصار (حوالي ثلاثة هكتارات ونصف الهكتار) « مليئة بالشهداء ».
وتقع المقبرتان في مدينة دير البلح، وسط القطاع المعرض لقصف تشنه إسرائيل منذ أكثر من عشرة أشهر، بعد الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر.
يقول بركة لوكالة فرانس برس « قبل الحرب كنا ندفن حالة أو حالتين أو حتى خمسة في الأسبوع، بينما ندفن اليوم ثلاثمئة أو مئتين… شيء لا يتصوره العقل ».
ويؤكد أنه لا يتوقف عن العمل « من السادسة صباحا حتى السادسة مساء كل يوم ».
يتقدم بركة الذي غطى الغبار جلبابه الأسود بفعل الغبار الذي يثيره الحفر طوال اليوم، فريقا من 12 عاملا، يعمل بعضهم على الحفر، فيما ينقل آخرون الحجارة لتهئية المدافن.
ويتابع بأسى « المقبرة مليئة… أضع قبورا فوق قبور، ثلاثة قبور فوق بعض. أصبحنا نبني طوابق للشهداء ».
ويؤكد « أنا أحفر قبورا منذ 28 سنة، مرت علينا حروب 2008 و2012 و2014… لكن لم أشهد مثل جرائم هذه الحرب ».
لا تنتهي محنته بانتهاء عمله اليومي إذ تلازمه صور الموتى ليلا طاردة النوم من عينيه. ويؤكد « لا أعرف النوم بسبب مشاهد الأطفال المقطعين والنساء ».
ويروي قائلا « دفنت 47 امرأة من عائلة الطباطيبي، ضمنهم 16 كن حوامل. أي ذنب اقترفن؟ ».
اندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1198 شخصا استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وأسفرت الغارات والقصف والهجمات الإسرائيلية في غزة عن مقتل 40,005 أشخاص على الأقل، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
منذ بدء الحرب يؤكد بركة أنه دفن « اثنين أو ثلاثة تابعين لحماس »، بينما الباقون « كلهم أطفال ونساء ».
ويتابع بغضب « إذا كانت لإسرائيل مشكلة مع السنوار ومع هنية الله يرحمه، فلماذا يقتلون الأطفال؟ ».
وهو مقتنع « أنهم (الإسرائيليون) يريدون القضاء على الشعب الفلسطيني كله ».
ويواصل مساعدو بركة تهيئة حفر جديدة، في المساحات القليلة التي لا تزال شاغرة متصببين عرقا تحت الشمس، تحيط بهم شواهد قبور بيضاء.
وينقل زملاء لهم شكلوا سلسلة الحجارة الخرسانية، التي تضاعف سعرها بحسب بركة « من شيكل واحد قبل الحرب إلى 12 شيكل اليوم »جراء توقف مصانعها عن العمل لغياب الكهرباء والمواد الأولية.
تشهد أكوام الأتربة الطرية على عمليات دفن تمت في الأيام القليلة الماضية، جنازات باتت تقتصر على عمال الحفر.
ويقول بركة « قبل الحرب عندما يموت أي شخص كان يحضر الجنازة نحو ألف » آخرين.
أما اليوم « إذا جاء 30 أو 300 شهيد لا يكون معهم سوى 20 شخصا… شيء مؤسف »، على ما يوضح بينما تضج الأجواء فوقه بطنين المسيرات، كأنما لتذكره أن الموت يتربص بغزة.
كلمات دلالية إسرائيل حرب غزة قبور لاجئون مدنيونالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: إسرائيل حرب غزة قبور لاجئون مدنيون
إقرأ أيضاً:
هل ننتظر أن تُهدى الوزارة جائزة جديدة لا يعرف المواطن قيمتها، بينما يمشي فوق أرصفة متهالكة؟ هل نحتاج إلى لجنة دولية تذكّرنا بأن شارع الملك عبد الله الثاني يجب أن يُزيَّن لا أن يُنسى؟! نعم، شارع الملك عبد الله الثاني لا بد أن يكون: ممرًا أخضرًا بالأشجار وا
صراحة نيوز- بقلم: الدكتور عصام الكساسبه
بينما كنت أستقبل صديقًا عزيزًا من دولة شقيقة في المغرب العربي، وبعد أن خرج من مطار الملكة علياء الدولي متجهًا إلى منزلي، سلك طريقه عبر شارع الملك عبد الله الثاني بن الحسين، هذا الشارع الذي يُفترض أن يكون المدخل الحضاري الأبرز للعاصمة عمّان.
وبعد وصوله، وبعفوية الزائر الصادق، بادرني صديقي بسؤال موجع: “هل يعقل أن هذا الشارع هو ما يُطلق عليه اسم جلالة الملك؟! لا أشجار، لا أعلام، لا إنارة لائقة، لا لمسة جمالية واحدة تعكس اسم الملك الذي يحمل هذا الطريق!”
في لحظتها، شعرت أن كلماته تمسّ قلب الانتماء في داخلي، فأجبت مدافعًا أن “الشارع جميل”، لكنه بكل هدوء أجاب: “الشارع فقير بصريًا، وينقصه الكثير ليحمل هذا الاسم العظيم…!”
خرجتُ في اليوم التالي، تمعّنت في المشهد، وأعدت النظر بعين الناقد المحب، فإذا بالمشهد كما قال وأكثر:
■ يمين الشارع المؤدي إلى وزارة الأشغال العامة والإسكان بحاجة إلى إعادة تنظيم وتجميل.
■ الجزر الوسطية خالية من الأشجار أو الورود أو أي لمسة حضارية.
■ أرصفة مهمَلة، نفق مهترئ، جسر باهت، وغياب تام للهوية البصرية الوطنية.
والأدهى أن هذا الشارع يمر به:
جميع أركان الدولة، من الوزراء إلى كبار الموظفين.
سفراء الدول العربية والأجنبية.
ضيوف المملكة من سياسيين ومستثمرين وسياح.
آلاف المواطنين يوميًا.
فكيف يكون هذا هو المشهد الذي يستقبل الزوار؟!
أين الإعلام؟ أين الإنارة؟ أين التخطيط العمراني الذكي؟ أين أنت يا معالي وزير الأشغال؟!
معالي الوزير، الولاء والانتماء ليس أقوالًا تُلقى في احتفالات أو تُزيّن بها التقارير الصحفية، بل أفعال تُرى على الأرض. فهل يُعقل أن وزارتكم تطلّ يوميًا على هذا الشارع ولا تلتفت إليه؟!شارع_الملك_عبدالله