“خطاب العرش… وثيقة وطنية تؤكد الثبات والعبور نحو المستقبل”
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
صراحة نيوز- بقلم/ د. بسام ابوخضير
في خطاب العرش السامي الذي ألقاه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم في افتتاح الدورة الثانية لمجلس الأمة العشرين، تجلّى عمق القيادة وصدق الانتماء، واتضحت ملامح الرؤية الملكية التي لا تتوقف عند تشخيص الواقع، بل تتجاوزه إلى رسم خارطة طريق لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للوطن.
هذا الخطاب لم يكن مناسبة بروتوكولية فحسب، بل وثيقة وطنية جامعة حملت في طيّاتها الرسالة، والرؤية، والتحفيز، والموقف؛ فكل جملة جاءت موزونة بالمعنى والدلالة، وكل عبارة مشبعة بروح الانتماء والثقة بالشعب ومؤسساته.
وقف جلالته أمام ممثلي الأمة، بعمق الرؤية وشمول في التوجيه. كما هي عادته في كل دورة برلمانية، متحدثًا من موقع القائد الأب، لا المتفرج أو الموجّه من بعيد، بل المشارك في الهمّ الوطني والراصد لتفاصيله.
وقد حمل مستهل الخطاب بعدًا وجدانيًا حين قال جلالته:
> “يتساءل بعضكم كيف يشعر الملك؟ أيقلق الملك؟ نعم، يقلق الملك، لكن لا يخاف إلا الله…”
في هذه العبارات العميقة نلمس صدق القيادة الإنسانية وعلاقة الثقة المتبادلة بين القائد وشعبه. فالملك لا يتحدث من برجٍ عالٍ، بل من قلب الوطن وبين أبنائه، فيكشف ما يعتمل في صدره من قلق على الوطن، واعتزاز بشعبه الاباة الصيد وتاريخ الهاشميين التليد.
لم يُخفِ أن طريق الإصلاح لا يزال طويلاً، لكنه أكد بلهجة الحزم والمسؤولية أن الإنجاز ممكن بالإرادة والعمل، داعيًا إلى مواصلة مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري.
وهنا، تتجلى الواقعية السياسية للخطاب الملكي، إذ لم يكتفِ بالإشادة بما تحقق، بل وضع الإصبع على الحاجة إلى “العمل المنقطع النظير” واستثمار الوقت وعدم التراخي.
لقد كان الخطاب بمثابة خارطة طريق متجددة، تربط بين تحديث الدولة وتطوير الخدمات والتعليم والصحة والنقل، وتضع المواطن في قلب العملية الإصلاحية لا على هامشها.
أبرز ما ميز الخطاب هو التمجيد الصادق للأردني الإنسان، وتأكيد الثقة بالاردنيين: العامل والمزارع والمعلم والجندي، بوصفه عماد الدولة وسرّ بقائها.
قال جلالته:
> “الأردني الذي تعلم فعلم، الذي زرع فأطعم، الذي تميز فرفع رؤوسنا بين الشعوب”
بهذا المعنى، فإن الخطاب لا يخاطب المؤسسات فقط، بل يحتفي بالإنسان الأردني ذاته، الذي يواجه الصعاب ويصنع الإنجاز رغم الأزمات، مجسّدًا روح العزيمة التي قامت عليها الدولة منذ نشأتها.
في الموقف القومي والإنساني وفي الشق الإقليمي من الخطاب، عبّر جلالته عن موقف أردني ثابت وأصيل تجاه القضايا العربية، وفي مقدمتها مأساة غزة.
قال جلالته بوضوح وحزم:
> “سنقف إلى جانب أهلنا في غزة بكل إمكانياتنا… ولن نقبل باستمرار الانتهاكات في الضفة الغربية.”
تلك العبارات تختصر الهوية الدبلوماسية الأردنية: إنسانية في نهجها، ثابتة في مواقفها، وعادلة في بوصلتها.
كما أعاد جلالته التأكيد على الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلانية والمسيحية في القدس الشريف، باعتبارها مسؤولية تاريخية وشرفًا قوميًا لا يحيد عنه الأردن مهما تبدلت الظروف.
وجاء في خاتمة الخطاب نبرة الثقة والالهام اذ لم تخل من جرعة معنوية عالية حين أكد جلالته أن “خدمة الوطن واجب مقدس علينا جميعًا، فلا خوف على الأردن القوي بشعبه ومؤسساته.”
هذه الجملة، بقدر ما تحمل من ثقة وثبات، فإنها تشحن الهمم وتغرس في النفوس الاطمئنان بأن الأردن، رغم كل ما يحيط به من تحديات، سيبقى صامدًا ما دام شعبه موحدًا خلف قيادته.
إن خطاب العرش الأخير ليس مجرد نص سياسي، بل بيان وطني شامل يجمع بين الحكمة والعزم، بين الواقعية والطموح، وبين العمق الإنساني والصلابة في الموقف.
وقد جسّد جلالة الملك عبدالله الثاني من خلاله نهج الدولة الأردنية الحديثة: دولة تستمد قوتها من وحدتها، وتواجه التحديات بالإيمان والعزيمة والعمل.
في هذا الخطاب، رأى الأردنيون صورتهم في مرآة قائدهم، وسمعوا صوت الوطن الذي لا يعرف الانكسار، بل يعرف طريقه نحو الغد بثقة وثبات واقتدار .
> والأردنيون، وهم يتشربون خطاب جلالته بكل مضامينه ومنطلقاته ودلالاته، يمضون بكل معاني الوفاء والولاء على عهدهم الراسخ الذي عاهدوا عليه، عهدٍ لم يعتْره وهنٌ ولم ينتبه هزال، مؤكدين بيعتهم المتجددة بُكرةً وأصيلًا، مستمدّين مؤونة عزمهم من اعتزازهم بمواقف قيادتهم الهاشمية الرائدة وتاريخها المشرّف الممتد من جذور العروبة والإسلام. ويؤكد الأردنيون أنهم ماضون على النهج ذاته، يحيطون العرش بالأرواح والمهج، ويمضون بثباتٍ وإيمان.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة توظيف وفرص عمل ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام
إقرأ أيضاً:
أكاديميون وقانونيون: خطاب العرش يجسد إرادة التحديث والإصلاح
صراحة نيوز- أكد أكاديميون وقانونيون أن خطاب العرش السامي الذي ألقاه جلالة الملك عبدالله الثاني في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة، يمثل خريطة طريق واضحة للمستقبل الأردني وموقفا ثابتا في مواجهة التحديات، ويجسد إرادة الدولة في الاستمرار بتنفيذ رؤية التحديث الشامل.
وأشاروا الى أن جلالته جدد التأكيد على ثوابت الأردن في دعم القضية الفلسطينية، وتعزيز صمود أهل غزة، والتمسك بالوصاية الهاشمية على المقدسات، مؤكدا الدور الذي تضطلع به المملكة على المستويين الإقليمي والديني.
وقال أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بالجامعة الأردنية الدكتور محمد معاقبة، إن جلالة الملك ركز في خطاب العرش على مرحلة جديدة من العمل الجاد والمستمر، عنوانها التحديث والكفاءة وخدمة المواطن، مؤكدا أن الوقت ليس في صالح المتراخين، ولا مكان للتردد في مسيرة البناء الوطني.
وأضاف، إن الخطاب الملكي جاء بمضامين واضحة تجسد إرادة الدولة في الاستمرار بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وصولا إلى نمو شامل ومستدام، ينعكس مباشرة على حياة المواطنين من خلال فرص عمل حقيقية، ومشاريع كبرى، واستثمارات نوعية، وتحسين مستوى المعيشة.
وأشار معاقبة إلى أن إصلاح القطاع العام يشكل محورا أساسيا في هذه الرؤية، ليشعر المواطن بأثر التطوير والارتقاء بالخدمات، إلى جانب دعوة جلالة الملك الحازمة للنهوض بالتعليم، وتطوير النظام الصحي، وتحديث قطاع النقل، وبما يعزز تنافسية الاقتصاد ويحسن نوعية الحياة في مختلف المحافظات.
وبين أن خطاب جلالته أكد أن الموقف الأردني كان واضحا وثابتا، إذ جدد جلالة الملك التأكيد على وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء في غزة بكل الإمكانات، ومواصلة إرسال المساعدات والإغاثة الطبية، كما شدد على رفض الانتهاكات المتكررة في الضفة الغربية، وأن موقف الأردنيين راسخ لا يلين.
ولفت إلى أن القدس الشريف لم يغب عن الخطاب، حيث أعاد جلالته التأكيد على الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، التي يضطلع بها الأردن بشرف وأمانة ومسؤولية دفاعا عن هوية المدينة ومكانتها.
وأكد معاقبة أن خطاب الملك جدد الثقة بقدرة الأردنيين على حماية وطنهم وصون إنجازاتهم، وأن الأردن القوي بشعبه ومؤسساته سيبقى، بعون الله، نموذجا في الصمود والعزة والكرامة، معتبرا أن الإنجاز هو الرد الحقيقي على التحديات، وأن الأردن ماض في طريقه بثبات نحو المستقبل.
ولفت أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية، الدكتور مشعل الماضي، إلى أن خطاب جلالته، أكد نهج الدولة الأردنية الثابت في التحديث والإصلاح الشامل، ضمن رؤية اقتصادية وإدارية متكاملة تهدف إلى رفع كفاءة مؤسسات الدولة وتحسين معيشة المواطن.
وأضاف، إن الخطاب يعكس إدراك القيادة الهاشمية لأهمية الوقت والحزم في تنفيذ برامج التحديث، خصوصا في قطاعات التعليم والصحة والنقل.
وأشار إلى أن جلالة الملك جدد التأكيد على ثوابت الأردن في دعم القضية الفلسطينية، وتعزيز صمود أهل غزة، والتمسك بالوصاية الهاشمية على المقدسات، مؤكدا الدور الذي تضطلع به المملكة على المستويين الإقليمي والديني.
وبين أن الخطاب أبرز روح المسؤولية الوطنية والتلاحم بين القيادة والشعب والجيش، مؤكدا أن قوة الأردن ومنعته تكمن في صلابته واستمراره رغم الأزمات التي رافقت الوطن منذ تأسيس إمارة شرق الأردن ولغاية اليوم.
وأكد، أستاذ القانون العام الدستوري والنظم السياسية، الدكتور معاذ أبو دلو، أن خطاب العرش جسد وحدة المواطن والقيادة، وركز على التلاحم الوطني، موجها رسائل معنوية تؤكد اهتمام جلالة الملك بالمواطن الأردني في مختلف القضايا السياسية والخدمية والاقتصادية.
وأشار أبو دلو إلى أن الخطاب شدد على ضرورة مواصلة السلطتين التنفيذية والتشريعية عملية التجويد والتحسين، خصوصا في الملف الاقتصادي، لما له من أثر مباشر على حياة المواطنين من خلال جذب الاستثمارات، وتخفيض معدلات البطالة، وتنشيط العجلة الاقتصادية.
ولفت إلى أن خطاب جلالته أكد أهمية أن يلمس المواطن نتائج ملموسة في تطوير القطاع العام، وتمكين السلطة التشريعية من أداء دورها في مراقبة السلطة التنفيذية وتشريع القوانين التي تخدم الصالح العام.
وبين أن الخطاب تناول الرسائل الداخلية في ظل واقع إقليمي متوتر، مؤكدا ضرورة تحصين الوطن وتعزيز وعي المواطن بالتحديات الخارجية، إلى جانب توجيه رسائل للخارج أكد فيها حرص الأردن على حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية وترسيخ دوره الثابت في الدفاع عنها.
وأوضح أن الخطاب جاء شاملا للملفات الداخلية والخارجية، داعيا السلطات الثلاث إلى العمل بشكل تكاملي لما فيه مصلحة الوطن والمواطن، وتعزيز مسيرة بناء الدولة وتحسين أدائها بما ينعكس إيجابا على المجتمع.